• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : تفسير السور والآيات .
                    • الموضوع : المَشروعُ الإبراهيمي في القُرآن الكريم (1) .

المَشروعُ الإبراهيمي في القُرآن الكريم (1)

                                                السيّد: عبد الأمير علي خان

تمهيداً لإدراك مغزى ولاية أهل البيت (عليهم السلام) ، واستحضار خلفيّتها تاريخيّاً ، قبل أن يُخلقوا ، يجدر بنا أن نشير إلى أنّهم قمّة المشروع الإلهي المقدّس في هذه الأرض ، مشروع الهداية والقيادة الرّبانيّة للبشريّة ، فهم مصداق لقمّة المشروع الإبراهيمي (المشروع الإلهي في آل إبراهيم (عليهم السلام)).

والقرآن الكريم يعطي صورة واضحة عن هذا المشروع الربّاني المقدّس ، الذي يمثّل المرحلة الثالثة والأخيرة من المشروع الإلهي للخلافة في الأرض ، حيث تُمثل المرحلة الأولى من خلق آدم (عليه السلام) إلى دور نوح (عليه السلام)، والثانية من نوح (عليه السلام) إلى إبراهيم (عليه السلام) ، حيث تبدأ الثالثة وتستمر إلى يوم القيامة ، وتشمل أربعة أدوار رساليّة رئيسيّة لأربعة من أُولي العزم وهم : إبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، (عليهم السلام) ، ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (1).

(وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (2).

ومَن يتدبّر قصّة نوح (عليه السلام) ـ كما وردت في القرآن الكريم ـ يَدرك أنّه كان يُمثل مرحلة جديدة بالخلافة في الأرض تكون وارثة لمرحلة آدم (عليه السلام).

والقرآن الكريم يعطي تصوّراً واضحاً لهذه المراحل الثلاث في سياق عرضه لتاريخ البشريّة ، وتاريخ مسيرة الأنبياء في كثير من مقاطع القرآن الكريم ويجمع ذلك في الآية التالية:

(أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا) (3).

وبالجمع بين هذه الآية والآية 26 من سورة الحديد ـ السابق ذكرها ، وملاحظة كون إبراهيم (عليه السلام) من ذريّة نوح (عليه السلام) ـ يتّضح أنّ المشروع الإلهي يتشكّل من ذريّة نوح ، ثُمّ ومن ذرية إبراهيم (عليهما السلام) ، ومن ملاحظة ورود اسم لوط (عليه السلام) ضمن ذكر ذريّة إبراهيم (عليه السلام) ، يتّضح أنّ القرآن الكريم يوسّع معنى الذريّة أحياناً لتشمل القريب الملائم (4).

المشروع الإبراهيمي المقدّس يتألّف من ثلاثة فصول هامّة ، أوّلها : الفصل التأسيسي وهو الذي يمتد من ولادة إبراهيم (عليه السلام) إلى وفاته ، ويشاركه فيه ولَداه إسماعيل ، وإسحاق وأُمّاهما هاجر وسارة ، ثُمّ بعد وفاته استمّر إسماعيل وذرّيته في فصل ، وإسحاق وذرّيته في فصل آخر ، ولكن يكون دور إسحاق وذرّيته في قيادة البشريّة أكبر لمرحلة طويلة ثُمّ ينفرد فصل إسماعيل (عليه السلام) بالمهمّة إلى يوم القيامة (5).

والقرآن الكريم تارةً يذكر الدور الإبراهيمي مجملاً دون بيان ، كما في الآية 26 من سورة الحديد ، والآية 58 من سورة مريم السابقتين ، وكما في قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (6).

وقوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) (7).

وتارةً يبرز الدور الإسحاقي مع الإشارة إلى الدور الإسماعيلي كما في قوله تعالى : (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) (8).

وتارةً تجده يركّز على الدور الإسحاقي فقط:

(وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (9).

وتارةً تجده يذكر الشقّين معاً بوضوح:

(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) (10).

وتارةً أخرى تجد القرآن الكريم يذكر الشق الإسماعيلي منفرداً:

(وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (11).

وتارةً نجد القرآن الكريم يركّز على الشق الإسماعيلي مع الإشارة إلى الشق الإسحاقي:

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (12)

وفي كلّ سياق إشارة لها أبعاد ودلالات على جانب من المشروع ، وعلى علاقة الجانب به ستتجلّى أكثر فيما يأتي من أحاديث بعونه تعالى.

ومن الواضح أنّ المشروع بشقّيه كان واضحاً لإبراهيم (عليه السلام) ، وإنّ تقسيمه ذرّيته ـ التي انحصرت في إسماعيل وإسحاق ـ بين ذين المكانين المقدّسين ما هو إلاّ تأسيس للمشروع أو قُل تأسيس للمشروعين معاً.

ومن الواضح له أيضاً معالم كلّ من الدورين كما يتّضح أكثر إن شاء اللّه تعالى.

ولا شكّ أنّ كلاً من إسماعيل وإسحاق كان يدرك دوره ، ولمّا كان الدور الإسحاقي ينحصر في يعقوب وذرّيته أصبحَ التركيز على يعقوب مع إبراهيم وإسحاق ، كما اتّضح من الآيات المذكورة وكما في مثل قوله تعالى:

(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ* إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ) (13).

بينما نجد القرآن الكريم حينما يتحدّث فيما بذلَ من جهد ورعاية للمشروع الإبراهيمي هذا ، يؤكّد على دور يعقوب(14) بالنسبة للشق الثاني أكثر من إسحاق:

 (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (15).

نجده أيضاً يقتصر على ذكر إبراهيم ؛ لأنّه المُمهّد الأوّل للمشروع لا شطريه.

 (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (16).

أمّا الشق الإسماعيلي فتجد تأكيداً على إسماعيل في التمهيد ، ثُمّ ينتقل رأساً إلى آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؛ لأنّهم هم بيت القصيد في هذا الشق المقدّس ، وممّا يُلفت أنّ شقّ إسماعيل (عليه السلام) لم يكلّف بمهمّة لخدمة الدور اليعقوبي ، بينما نجد العكس من ذلك ، إذ نجد الشق اليعقوبي مكرّس لخدمة الدور المحمّدي كما سيتّضح إن شاء اللّه تعالى.

  مراحل المشروع الإبراهيمي وأدواره:

ومن القرآن الكريم يتّضح أنّ المشروع الإبراهيمي ككلّ مرّ بأربعة مراحل كما يلي:

1 ـ من مولد إبراهيم (عليه السلام) إلى هجرته.

2 ـ من هجرة إبراهيم (عليه السلام) حتى وفاته.

3 ـ من وفاة إبراهيم حتى المبعث النبوي الشريف.

4 ـ من المبعث النبوي إلى يوم القيامة.

والمرحلة الأولى : خاصّة بإبراهيم وحده.

 أمّا المرحلة الثانية : فإنّ العنصر الرئيسي المشترك فيها هو دور إبراهيم (عليه السلام) وهاجر وابنها إسماعيل ، شريكيه في الشق الإسماعيلي من جهة ، ومن جهة أخرى يكون لوط وسارة وابنها إسحاق وابنه يعقوب ، شُركاه في الشق الإسرائيلي.

أمّا المرحلة الثالثة : فيفترق فيها آل إبراهيم إلى فرقَتي عمل فرقة بني إسرائيل ، وفرقة بني إسماعيل ولكلّ منها مهمة ودور ، حيث إنّ مهمة هداية البشريّة العامّة وقيادتها عهدت إلى بني إسرائيل ، يضاف إليها دور التمهيد للدور المحمّدي الوريث والتبشير به ، بينما مهمّة بني إسماعيل هي : الاستقامة على ملّة إبراهيم وما في ذلك من دور هداية محدودة وكلّ ذلك يوظّف مباشرة في التمهيد للدور المحمّدي.

أمّا المرحلة الثالثة : فتكون الهداية العامّة وقيادة البشريّة للشق المحمّدي ، وتكون مهمّة بني إسرائيل خدمة هذا الشق وهذا الدور ، فهو الوارث وهو الغاية للمشروع الإبراهيمي المقدّس.

إبراهيم (عليه السلام) من مولده حتى هجرته:

ولِدَ إبراهيم (عليه السلام) في أرض بابل ، وهو من ذرّية نوح (عليه السلام) ، وقد تربّى في بيت عمّه آزر فهو أبوه بالتربية والتبنّي ، والقرآن الكريم واضح الدلالة على هذه الحقيقة ؛ فإنّ إبراهيم استغفرَ لأبيه آزر لموعدة وعَدها إيّاه ولمّا تبيّن له أنّه عدو منه تبرّأ منه ، ولا يجوز لنا تصوّر رجوعه بعد ذلك وترحّمه عليه ، فلابدّ أنّ الذي استغفرَ له إبراهيم الخليل بعد الهجرة لم يكن هو الذي تبيّن له أنّه عدو اللّه ، وقد أكّد إبراهيم هذا المعنى بتعبيره في الترحّم ـ كما يحكيه القرآن الكريم عنه ـ بعد أن أسكنَ هاجر وابنها إسماعيل في وادي مكّة حيث يقول في آخر فصل قرآني كريم:

(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (17).

وإبراهيم قبل الهجرة يبدأ دعوته بين قومه وفقَ السُنّة الإلهية في بعث الأنبياء وكانت فترة حافلة ، ويظهر أنّها استمرّت سنين طويلة عاشَ فيها إبراهيم (عليه السلام) كثيراً ، كما يظهر جلياً من القرآن الكريم:

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (18).

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) (19).

(وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ) (20).

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ) إلى قوله: (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ) (21).

(وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (22).

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) (23).

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ الحديد : 26

2 ـ الأنعام : 83 ـ 87

3 ـ مريم : 58

4 ـ لأنّ لوطاً (عليه السلام) ابن أخيه ، وليس من سلسلة أولاده ، ولكنّه قريب في نَسَبه وملائم لحمل الذرّية الصالحة ومن سنخ إبراهيم ، ذرّيته لأنّه نبي.

5 ـ ماعدا ما يكون من دورٍ لعيسى (عليه السلام) مع المهدي المنتظر (عليه السلام).

6 ـ العنكبوت : 27

7 ـ النساء :54 .

8 ـ مريم : 50 .

9 ـ الأنبياء : 70 ـ 73 .

10 ـ النساء : 163 ـ 164 .

11 ـ الحج : 26 ـ 27 .

12 ـ إبراهيم : 35 ـ 41 .

13 ـ ص : 45 ـ 47 .

14 ـ وهو إسرائيل ، واليه كانت نسبة بني إسرائيل لذلك صحّ لنا أن نطلق على الشق الإسحاقي بالشق الإسرئيلي ، كما يصحّ لنا أن نطلق على الشق الإسماعيلي بالشق المحمّدي.

15 ـ البقرة : 132 ـ 133 .

16 ـ الزخرف : 26 ـ 28 .

17 ـ إبراهيم : 40 ـ 41 .

18 ـ الأنعام : 74 .

19 ـ مريم : 41 ـ 48 .

20 ـ الأنبياء : 51 ـ 52 .

21 ـ الشعراء : 69 ـ 86 .

22 ـ التوبة : 114 .

23 ـ الزخرف : 26 ـ 27 .

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=737
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 10 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19