• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : القرآن والمجتمع .
                    • الموضوع : المرأة إنسان مكرم في القرآن .

المرأة إنسان مكرم في القرآن

قبل ظهور الإسلام مكتملا ، كانت المرأة توأد، فتساءل الإسلام (وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) (1)، وأكد على ما يوجد على أرض الواقع (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) (2)، ونبه من الانحراف عن العدل والعدالة (فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة) (3) ، فالذكر والأنثى كلاهما إنسان، وكلاهما من أبناء آدم، وأبناء آدم عند الله مكرمون بدليل قوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم)(4) .

وفي القرآن تصنيف أبناء آدم حسب الطيبة والخبث، لا فرق بين الرجل والمرأة، (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) (5)، والله سبحانه لا يميز بين الذكر والأنثى فيما يقدمانه من أعمال (أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) (6) فكلاهما إنسان، والإنسان كرمه الله، وجعل الصالحين من جنسه من المقربين، فكلمة "عامل" شاملة للذكر والأنثى بلا تفرقة في التذكير والتأنيث، وهذا غير غريب على لغة العرب أجمعين، لغة القرآن والمسلمين، فأول مثل جرى للعرب كما في مجمع الأمثال للميداني (المرأة من المرء وكل أدماء من آدم).

فالباحث في وضع المرأة قبل ظهور الإسلام سواء لدى الناطقين باللغة العربية، أو الناطقين بلغات أخرى متعددة، يجد أنها كانت مسلوبة الحقوق، مهانة مقهورة، ذليلة، معذبة، مهددة بالقتل والدفن حية فی بعض الشعوب. والنص القرآنی أكد أن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم أرسل للناس كافة، لجميع أبناء آدم (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (7)، وبين بوضوح وشفافية أن الأكرم من سائر الناس، سواء كان ذكرا أو أنثى، هو الأتقى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم)(8).

ولهذا أصوب رأی، هو رأی المتدبر في العاقبة، والمتوئد في قراره، تبعا لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أردت أن تفعل أمرا فتدبر عاقبته، فإن كان خيرا فأمضه، وإن كان شرا فانته) رواه ابن المبارك عن أبي جعفر عبد الله بن مسور الهاشمي. ووصيته الثانية (إذا أردت أمرا فعليك بالتؤدة حتى يريك الله منه المخرج) رواه البيهقي وأبو داود. لكن كما قال الله تعالى عن الصفات التی تجلب الشقاء، والعقاب الشديد (سيجنبها الأتقى)(9).

وعلى هذا الأساس لا شك أن أحسن زاد للذكر والأنثى هو التقوى (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)(10). وتبعا لمقولة خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام (إنما النساء شقائق الرجال) ووصية صاحب معجزة القرآن ((عليكم باللطف والرفق بنسائكم لا تظلموهن، ولا تضيقوا عليهن، فإن الله يغضب للمرأة إذا ظلمت كما يغضب لليتيم))، وأوامر الله تعالى الواضحة وضوح الشمس حين أمر بقوله جل وعلا (وعاشروهن بالمعروف) (11)  أي طيبوا قولكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحبون ذلك منهن.

انظروا معي إلى الخطاب الإلهي الذي لا يميز فيه بين الذكر والأنثى (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) (12)، وكيف وضع الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات في الإثم المفضوح (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا)(13).

تلك هي حقيقة وليست خيالا؛ لقد ورد في حديث صحيح عن علي بن أبي طالب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم)، وفي رواية عن أبي هريرة (خيركم خيركم لنسائه ولبناته)؛ وفي القرآن الكريم أكد على السكينة والمودة والرحمة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)(14).

لقد كشف القرآن الغطاء عن كل ما تعمد المحرفون كتمه وأهمها "فضل الأم"، ففي السنة النبوية لها مكانة هامة، روى البخاری عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ‏ ‏من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال ثم أمك. قال ثم من؟ قال ثم أمك. قال ثم من؟ قال ثم أبوك" ومقتضى الحديث أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وكل ذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع ثم الإرضاع. قال القرطبي إن الأم تستحق الحظ الأوفر من البرّ، وتقدم من ذلك على حق الأب عند المزاحمة؛ فالمرأة إنسان مكرم كرمها الله في القرآن الكريم.

إن الزواج في الإسلام نصف الإيمان، قال عليه الصلاة والسلام (من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان، فليتق الله في النصف الباقي) وفي حديث حسن عن أبي ذر (شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزّابكم)، والعزب من لا أهل له بالنسبة للرجل، ومن لا زوج لها بالنسبة للمرأة، ولهذا صح أن نقول العزاب هم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء، ويقال العانس من الرجال والنساء الذي يبقى زمانا بعد أن يدرك لا يتزوج، وأكثر ما يستعمل في النساء. والأسرة تعني القيد برباط؛ وفي القرآن استعمل لفظ "الأهل" بمعنى الأنس والمؤانسة والملاطفة، وإزالة الوحشة، وتوفير الراحة النفسية والسكينة والطمأنينة للرجل وللمرأة معا.

المصادر :

ــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ التكوير :  8-9 .

2 ـ النساء  : 129 .

3 ـ النساء : 3 .

4 ـ الإسراء : 70 .

5 ـ النور 26  .

6 ـ آل عمران : 195.

7 ـ سبأ : 28 .

8 ـ الحجرات  : 13 .

9 ـ الليل : 17 .

10 ـ البقرة : 197 .

11 ـ النساء : 19 .

12 ـ الأحزاب : 35 .

13 ـ الأحزاب : 58.

14 ـ الروم : 21.

منقول من وكالة الانباء القرآنية العالمية


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=541
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24