• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : القرآن عنوان حياة المسلم .

القرآن عنوان حياة المسلم

استهلّت مجلّة (حديث الدار) غرّة أعدادها بكلمات نيّرة تفضّل بها المشرف العام لدار السيّدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم سماحة الشيخ عبد الجليل المكراني (حفظه الله تعالى)، حيث توجّه من خلالها بوصايا نافعة وبيانات هادفة خاطبت طلاب القرآن الكريم وعموم القرّاء الكرام.

ولتعميم الفائدة، ارتأت دار السيّدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم جَمع هذه الافتتاحيات (البالغة ١٢ افتتاحية) ووضعها بين يدي القارئ الكريم وهي على عدّة موضوعات مختلفة، والتي منها هذه الافتتاحية.

القرآن عنوان حياة المسلم (*)

إنّ من أفضل النعم الإلهية على الأمّة المسلمة أن حباها الله تعالى القرآن الكريم، الكتاب الذي يحمل الخطاب الإلهي بكل مضامينه المقدّسة والعالية، وتشريعاته العظيمة إلى بني الإنسان كافّة.

وقد دعانا الله تعالى إلى معرفة هذه النعمة العظيمة وأداء شكرها، وهو ما يتمثل بحفظ القيمة المقدّسة والمنزلة العظيمة في حياة المسلم والمؤمن للقرآن الكريم ووحيه إلى نبيّه ورسالته لكل البشر.

ونحن عندما نتحدّث عن القرآن ودوره، فإنّنا ـ في الحقيقة ـ نتحدّث عن المرجعية العليا التي وضعها الله تعالى لبناء الإنسان وهدايته لما يصلحه، فهو القاعدة الأساسية لبناء الثقافة والوعي في مسيرة الحياة الدينية والإنسانية بكل أبعادها.

ولا شك أنّ استقاء الفكر والوعي من منابعه المعصومة والمقدّسة والانفتاح بعد ذلك على التجربة البشرية الطويلة لهو السبيل الواضح والطريق المستقيم الذي يحقّق الأهداف المنشودة التي يسعى لها المصلحون والحريصون على القيم الدينية والإنسانية من أبناء هذه الأمّة.

وانطلاقاً من الشعور بالمسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق كل مسلم التي دعانا لأدائها الباري عزّ وجلّ، فقد انطلقت هذه الدار بإمكاناتها المحدودة لنشر الثقافة القرآنية المقدّسة والدعوة للاهتمام بالقرآن الكريم الذي يمثّل العنوان الأهمّ في حياة المسلم في خطواته الدنيوية والأخروية، وقد بدأت خطواتها من خلال النشء الذين يحملون القلوب الرقيقة والأنفس الطاهرة والعقول المستعدّة للحفظ والتعلّم والفهم، مستلهمة ذلك من قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «العلم في الصغر كالنقش في الحجر» [كنز الفوائد، ج‏1، ص 319].

ولأنّ التربية القرآنية الصحيحة تنطلق من خلال معرفة القرآن والأُنس به وحفظه وتلاوته، خطت الدار خطوتها الأولى بإنشاء أكثر من مدرس يحضر فيه المتعلّمون للتلاوة والتجويد والحفظ لتكون هذه انطلاقة لحياة هؤلاء الشبّان مع كتاب الله ودستور الحياة، وهم في مستقبل الأزمان ـ إن شاء الله ـ رجال يحملون نور القرآن في قلوبهم، ومضامينه فهماً وفكراً.

وإنّ المتأمّل اليوم في المناهج التربوية في أكثر البلدان الإسلامية لا يجد فيها للقرآن إلاّ رسماً وكتابة، بل يجد أنّ المتداول في التربية المدرسية المعاصرة هو التأكيد على شكل القرآن وصورته دون المضمون واللبّ الذي أمرنا الله تعالى أن نتدبّر فيه ونستوحي معالمه العظيمة والشريفة في حياتنا ومسيرتنا. وهذا هو الهجر الذي شكاه الرسول الأعظم إلى ربّه جلّ وعلا في الآية الكريمة: ﴿قَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان: 30].

هذا من جانب. ومن جانب آخر نرى أنّ هناك أجندات كثيرة في ميدان التعليم في البلدان الإسلامية قد أفرغت التعليم القرآني عن مضمونه الحقيقي والإلهي، ممّا أسّس لظهور نمط من التعليم السطحي والظاهري للقرآن، وبروز لفيف من المرتّلين لآيات الكتاب العظيم وهم لا يعون منها شيئاً، وكانوا بذلك مصداقاً لقول رسول الله الذي أخبر الأمة الإسلامية بظهور هذه الفرقة المنحرفة عن القرآن رغم أنّها تتلفظ به صباحاً ومساءً، ولا يتدبّرون فيه.

قال (صلّى الله عليه وآله): «سيجيءُ من بعدي أقوامٌ يرجِّعون القرآن ترجيعَ الغناء والنوح والرهبانية، لا يجوز تراقيَهم، قلوبُهم مقلوبةٌ، وقلوبُ من يعجبه شأنهم» [الكافي، ج2، ص615].

وإيماناً بأهمية التربية والتعليم المبكّر للإنسان الذي يحدّد معالم شخصيته المعنوية والسلوكية، فإنّ هدف الدار المساهمة في تنشئة جيل إيماني يتغذّى من معين الوحي، ويستضيء بنوره، ليكون قرآنياً في انطلاقته وقرآنياً في ممارسته وسلوكياته في ميادين الحياة بشتى أشكالها.

وتزامناً مع انبثاق النور الإلهي على البشرية بالولادة الميمونة المقدّسة لرسول الإنسانية والرحمة الإلهية في شهر ربيع الأول المبارك، التي أنقذت البشرية من غياهب وظلمات الجهل إلى نور المعرفة والتديّن بالديانة الحقّة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية المقدسة، المستمدة تعاليمها من هذه الولادة العظيمة حتى صار العالم الإسلامي كلّه يبتهج فرحاً وسروراً بهذه المناسبة المقدّسة التي وحّدت جميع المسلمين وصار يعرف أسبوع الولادة بأسبوع الوحدة. رأت الدار أن تخطو خطوتها الثانية بتوسعة نشاطها القرآني رغبة في إيصال صوت الوحي الإلهي ورسالة القرآن المقدّسة إلى أفق جديد، فأصدرت هذه النشرة التي تعنى بأخبار الدار المتمحورة حول القرآن الكريم والنشاطات القرآنية، فكان صدور عددها الأوّل متزامناً مع الولادة الميمونة لرسول الإنسانية والرحمة، وهي مشاركة ومساهمة في نشر الثقافة القرآنية وإشاعة التوجّه التربوي والأخلاقي نحو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وهي خطوة من سيرة نراها طويلة، سائلين الله تعالى أن يجعلها منتجة وموفقة في شدّ النفوس واستقطاب أنظار الآباء والأمّهات والشبّان للاقتباس من النور المبين. وقد رأت الدار أن تجعل هذه النشرة رسالة القرآن لكل العائلة؛ لتكون محوراً وقطباً يجمع الآباء والأبناء لينهلوا من معين واحد وعين صافية، ألا وهو كتاب الله المجيد.

____________________

(*) حديث الدار (العدد الأوّل- ربيع الأوّل 1432 هـ).


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2443
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 01 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24