• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : القرآن والمجتمع .
                    • الموضوع : أصناف خلق الله في القرآن الكريم (القسم الاول) .

أصناف خلق الله في القرآن الكريم (القسم الاول)

السيد مرتضى العسكري

لقد تحدث القرآن الكريم عن أصناف متعددة من خلق الله تبارك وتعالى، مبينا من خلالها بديع الخلق الإلهي وجمال التناسق في الخلق فضلا عن فوائد مخلوقاته والدور الذي تلعبه في استكمال دورة الحياة الطبيعية في هذا الكون، وفي هذه المقالة نقدم لكم أصناف الخلق الإلهي لنقف على قدرة الله تبارك وتعالى، خاصة وأن هذا الشهر الفضيل هو شهر التسبيح والتقديس له جل وعلا. نسأل الله لكم مزيد الفائدة وان تكون هذه المقالة محطة من محطات المعرفة القرآنية العظيمة في مسيرتكم العلمية.

‌أ ـ ‌‌المـلائكة‌.

ب ـ السموات والأرض والكواكب.

ج ـ الدواب.

د ـ الجنّ والشياطين.

ه ـ الإنسان.

و ـ شرح الآيات وتفسيرها من الروايات.

 (1) الملائكة‌

ومفرده‌ المـلك‌: صـنف مـن خلق الله لهم أجنحة وحياة وموت، وهم عباد يعبدونه ويعملون بأمره، ولا يعصونه‌، وأحياناً يتمثّلون بصورة إنـسان عند أداء واجبهم، ويختار الله منهم رسله، كما أخبر‌ تعالى عن كلّ ذلك‌ وقال‌ عـزّ اسمه في:

أ ـ سورة فـاطر:

﴿الحـَمدُ للّهِ فاطِرِ السموات وِالأرضِ جاعِل المَلائكةِ رُسُلاً أُولي أَجنِحةٍ مِثنى وِثُلاثَ وَرُباعَ يزيدُ في الخَلقِ ما يشاءُ إنَّ الله على كلِّ شَيءٍ قَديرالآية 1

ب ـ سورة‌ الزخرف:

﴿وَجَعَلوا الملائكةَ الّذينَ هُم عِبادُ الرَّحـمنِ أُناثاً أَشَهِدُوا خلْقَهُمْ﴾ الآية 19

ج ـ سورة الشورى:

﴿وِالملائِكةُ يسَبِّحونَ بِحَمْدِ ربِّهِمْ وِيستِغفِرون لِمَن في الأَرْض﴾ الآية 5

د ـ سورة النحل:

﴿يخافونَ رِبَّهُم مِن فَوقِهِم وَيفعَلونَ مَا‌ يؤمَرُون‌﴾ الآية 50

وقال عن تمثّلهم بصورة الإنسان:

1 ـ لمريم (ع) فـي سـورة مريم:

﴿فَأَرْسَلنَا إِلَيها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سوياً * قالَت إنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنك إِن كنتَ تقِياً * قالَ إنَّما أَنا رِسولُ‌ ربِّك‌ لاِءَهَبَ لَك غُلاماً زكياً﴾ الآيات 17 ـ 19

2 ـ لإنزال العذاب على قوم لوط (ع) فـي سـورة هود:

﴿وَلَقَد جاءَت رُسُلُنا إبراهيمَ بِالبُشرى قالوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أن جاءَ بِعِجلٍ‌ حَنيذٍ‌ * فَلَمّا رَأى أَيدِيهُم لا تَصِلُ إِلَيهِ نَكرَهُم وَأَوجَسَ مِنهُم خِيفَةً قالُوا لا تَخَف إِنّا أُرسِلنا إلى قـَومِ لُوط *. . . وَلَمـّا جاءَت رُسُلنا لُوطاً سيءَ بِهِم وَضاقَ بِهِم ذَرعاً وَقالَ هذا‌ يومٌ‌ عَصيب‌ *. . . قالُوا يا لُوطُ إنّا رُسُلُ‌ رَبِّك‌ لَن‌ يصِلُوا إلَيك. . .﴾ الآيات 69 ـ 81

3 ـ لنصرة المسلمين كمقاتلين في غزوة بدر:

فـي سـورة الأنـفال:

﴿إذ تَستَغِيثونَ رَبَّكم فَاسْتَجابَ لَكم أَنـّي مـُمِدُّكم‌ بـِأَلفٍ‌ مِنَ‌ المَلائِكةِ مُردِفين الآية 9

وجاء بعدها:

﴿إذ يوحي رَبُّك‌ إلى المَلائِكةِ أَنّي مَعَكم فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنُوا سَأُلقي في قُلُوبِ الّذينَ كفَرُوا الرُّعـبَ فـَاضرِبُوا فـَوقَ الأَعْناقِ وَاضرِبُوا مِنهُم كلَّ بَنان﴾ الآية‌ 12

وفي سـورة آل عـمران:

﴿إذ تَقولُ لِلمُؤمِنينَ أَلَن يكفِيكم أَن‌ يمِدُّكم رَبُّكم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكةِ مُنزَلين * بَلي إن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيأتُوكم مِن فَورِهِم هذا يـُمدِدكم رَبـُّكم بـِخَمْسَةِ‌ آلافٍ‌ مِنَ‌ المَلائِكةِ مُسَوِّمين﴾ الآيتان124ـ125

ويختار منهم رسلاً كما قـال تعالى في‌ سورة الحج:

﴿اللهُ يصطفي مِنَ المَلائِكةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاس﴾ الآية 175

ومنهم من يرسلهم بالوحي كما‌ قـال‌ تعالى فـي:

أ ـ سورة التكوير:

﴿إنَّهُ لَقَولُ رَسُولٍ كريم * ذي قُوَّةٍ عِنْدَ ذي العَرشِ‌ مِكين‌ * مـُطاعٍ‌ ثـَمَّ أَمين﴾ الآيات 19 ـ 21

ب ـ سورة البقرة:

﴿قُل مَن كانَ عَدُوّاً لِجِبريلَ فَإنَّهُ نَزَّلَهُ‌ على قَلبِك‌ بإذنِ الله﴾ الآية 97

ج ـ سـورة الشـعراء:

﴿وَإنـَّهُ لَتَنزيلُ رِبِّ العالَمين * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمين‌ * على قَلبِك لِتَكونَ مِنَ المـُنْذِرينالآيـات 192ـ194

د ـ سـورة النحل:

﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ‌ مِن‌ رَبِّك‌ بِالحَقِّ لِيثَبِّتَ بِهِ الَّذينَ آمَنُوا وَهُدى وبـُشرى لِلمـُسلِمين﴾ الآيـة 102

ه ـ سورة البقرة:

﴿وآتَينا عيسى‌ ابنَ‌ مَريمَ البَيناتِ وَأَيدناهُ بِرُوحِ القُدُس الآيتان 87 ـ 253

وينزلون بالتقدير فـي ليـلة القدر‌، كما‌ قال‌ سبحانه في سورة القدر:

﴿تَنَزَّلُ المَلائِكةُ وَالرُّوحُ فِيها بإذنِ رَبـِّهِم مـِن كـُلِّ أَمْر الآية 4

ومنهم‌ الرقيب‌ العتيد للإنسان، كما قال سبحانه في سورة ق:

﴿وَلَقَد خَلَقنا الإنـْسان وَنـَعلَمُ مَا‌ تُوَسوسُ‌ بِهِ‌ نَفْسهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِن حَبْلِ الوَريد * إذ يتلقى المُتَلَقِّيانِ عـَنِ اليـَمينِ وَعـَنِ الشِّمالِ قَعيد‌ * ما‌ يلفِظُ‌ مِن قَولٍ إلاَّ لَدَيهِ رَقيبٌ عَتيدالآيات 16 ـ 18

ومنهم ملك الموت‌، كما‌ قـال سـبحانه في سورة السجدة:

﴿قُل يتَوَفّاكم مَلَك المَوتِ ا لَّذي وُكلَ بِكم ثُمَّ إلى رَبّكم تـُرجَعون‌الآيـة‌ 11

ومـنهم أعوان ملك الموت، كما قال سبحانه في:

أ ـ سورة الأنعام:

﴿حَتّى‌ إذا‌ جاءَ أَحَدَكمُ الموتُ تَوفَّتهُ رُسـُلُنا وَهـُم لا‌ يـُفَرِّطون‌الآية‌ 61

ب ـ سورة النحل:

﴿ا لَّذينَ تَتَوَفّاهُم المَلائِكةُ ظالِمي‌ أَنفُسِهِم‌ فَأَلقَوُا السَّلَمَ مَا كـُنَّا نـَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللهَ عَليمٌ بِمَا كنْتُم‌ تَعْمَلُون‌ * فَادْخُلُوا أَبوابَ جَهَنَّمَ خَالِدينَ فِيها‌. . . الآيتان‌ 28 ـ 29‌

﴿ا لَّذيـنَ‌ تـَتَوَفّاهُمُ‌ المَلائِكةُ طَيبينَ يقولونَ سَلامٌ عَلَيكم ادْخُلوا‌ الجَنَّةَ‌ بَما كنْتُم تَعمَلُون الآية 32

وأخـبر الله سـبحانه عن شأنهم يوم القيامة‌، وقال‌ في:

أ ـ سـورة المـعارج:

﴿تـَعرُجُ المَلائِكةُ وَالرُّوحُ‌ إِلَيهِ في يومٍ كانَ‌ مـِقدارُهُ‌ خـَمسينَ أَلفَ سَنَة الآية 4

ب ـ سورة‌ النبأ‌:

﴿يومَ يقُومُ الرُّوحُ وَالمَلائِكةُ صَفّاً لا يتَكلَّمونَ إلاّ مَن أَذِنـَ لَهـُ الرَّحمنُ وَقالَ‌ صَواباً‌الآية 38

وفـرض الله عـلينا‌ وجوب‌ الإيـمان‌ بـهم كـما قال‌ تعالى في سورة البقرة:

﴿لَيـسَ‌ البـِرَّ‌ أَن تُوَلُّوا وُجوهَكم قِبَلَ المِشرِقِ وِالمَغرِبِ وَلكنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللهِ وِاليومِ الآخـِرِ وَالمـَلائِكةِ‌ وَالكتابِ‌ وَالنَّبِيينَ الآية 177

وقال فيها أيـضاً‌:

﴿مَن‌ كانَ عَدُوّاً‌ للّهِ وَمـَلائِكتهِ‌ وِرُسُلِهِ وَجِبريلَ وَميكالَ فَإنَّ‌ الله عـَدُوٌّ لِلكافِرينالآية 98

شرح الكلمات

أ ـ فاطِر:

فَطَرَ اللهُ الخَلْقَ: خلقهم وبدأهم فهو فاطر‌.

ب ـ حـَنيذ‌:

حـَنَذَ اللَّحْمَ: شواه بين حجرين فـاللحم‌ حـينذ‌.

ج ـ نـَكرَهُمْ‌:

استوحش‌ منهم‌ ونـفر.

د ـ مـُردِفِين:

أَرْدَفَهُ‌: أركبه‌ خلفه وهـو مـُرْدِف.

وملائكة مردفين: أي يأتون فرقة بعد فرقة متتابعين.

ه ـ ثَبِّتُوا:

ثَبَّتَ: دفع عنه أسباب‌ الوهن‌ والتـَزَعْزُع‌ وقـوّاه وأبقاه مستقراً.

و ـ مُسَوِّمينَ:

سَوَّمَ الشيء: جـعل‌ عـليه‌ علامة‌ فـهو‌ مـسوّم‌.

والمـلائكة‌ مسوّمين: معلّمين أنفسهم أو خـيولهم بعلامات.

ز ـ مَكين:

مكين من الملائكة: عظيم القدر والمنزلة.

ومكين هنا بمعني صاحب قرب ومنزلة عـند الله.

ح ـ مـُطاع:

مطاع من الملائكة: الملك الّذي‌ يـأمر أعـوانه مـن المـلائكة فـيطيعونه.

ط ـ البينات:

آيات بـينات: واضـحات ظاهرات.

ي ـ حَبْلُ الوَريد:

تشبيه لعرق الوريد بالحبل.

ك ـ المُتَلَقِّيان:

الملكان الموكلان بمراقبة المرء وتسجيل ما يأخذانه عـنه مـن أقـوال وأفعال في كتاب‌ يلقاه‌ يوم القيامة مـنشوراً.

ل ـ رَقـيب:

حـافظ مـُراعٍ.

م: عـَتيد:

أعـددت الشيء واعتدته: أحضرته وهيأته للأمر فهو معتدّ وعتيد.

ن: تَوَفّاهُم:

توفي اللهُ أو الملك الإنسان، إذا قبض روحه بإماتته.

س: الرّوح:

الرّوح: ما‌ به‌ حياة الأجساد وإذا خرج من الإنسان أو الحيوان مات، ولا يمكننا مـعرفة حقيقته، كما أشار الله تعالى إلى ذلك وقال في سورة الإسراء‌:

﴿وَيسأَلونَك‌ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن‌ أَمرِ‌ رَبِّي وَمَا أُوتيتُم مِنَ العِلمِ إلاَّ قَليلاً الآية 85

ويضاف إلى الله تشريفاً أو بمعنى المُلك، مثل قوله تعالى للمـلائكة:

1 ـ فـي خبر خلق آدم‌ (ع) في‌ سورة الحجر:

﴿فإذا سوَّيتُهُ‌ وَنَفَختُ‌ فِيهِ مِن رُوحي فَقَعوا لَه ساجِدين الآية 29

2 ـ في خبر خلق عيسى بن مريم (ع) في سورة التحريم:

﴿وَمَريمَ ابنتَ عِمرانَ ا لَّتي أَحـْصَنَت فـَرجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِن رُوحنا الآية 12

فإنّ‌ مثل‌ نسبة الروح إلى الله هنا كمثل نسبة البيت إلى الله في قوله لإبراهيم في سورة الحج: ﴿وَطَهِّر بيتي لِلطّائفين (الآية 26)، فـإنّ إضـافة البيت الحرام إلى الله تشريفاً له في‌ سـائر‌ بـقاع الأرض‌، وكذلك شأن إضافة الروح إلى قوله في الآيتين المذكورتين.

والروح ـ أيضاً ـ: ما به حياة النفوس وهداها، مثل‌ الوحي والنبوّة والشرائع الإلهية والقرآن خاصّة، كما قال سـبحانه فـي:

1 ـ سورة‌ النحل‌:

﴿ينَزِّلُ‌ المـَلائِكة بـِالرُّوحِ مِن أمرهِ على مَن يشاءُ مِن عِبادِهالآية 2

2 ـ سورة الشورى:

﴿وَكذلِك أَوحَينا إِلَيك رُوحاً مِن ‌‌أَمرِنا‌الآية 52

إنّ الروح الّذي اُوحي إلى رسول الله هو القرآن، والروح غير‌ الملائكة‌، كما‌ ورد ذكره في قوله تعالى فـي:

1 ـ سـورة القدر:

﴿تَنَزَّلُ المَلائِكةُ وِالرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رِبِّهِم مِن‌ كلِّ أَمرالآية 4

2 ـ سورة المعارج:

﴿تَعرُجُ المَلائِكةُ وَالرُّوحُ إلَيهِ في يومٍ كانَ مِقدارُهُ‌ خَمسينَ ألفَ سَنَةالآية‌ 4

وسيأتي‌ بيانه عن الإمام على (ع) إن شـاء الله تعالى.

ع ـ الأمـين:

الأمين: هو الثقة المؤتمن على تبليغ الوحي، وقد وصف الله الملك الروح بالأمين في وقوله تعالى في سورة الشـعراء:

﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ‌ الأمين * على قَلبك لِتَكونَ مِنَ المُنذِرين الآيتان 193 ـ 194

ف ـ القـُدُس:

قـَدُسَ قـُدْسَاً: طَهُرَ، وروحُ القُدْسِ: رُوحُ الطَّهْرِ، وقد وصف اللّهُ الملك الروحَ ـ أيضاً ـ بالقُدْسِ في قوله تعالى:

1 ـ في سـورة ‌البـقرة:

﴿وَآتَينا‌ عيسى‌ ابنَ مَريمَ البَيناتِ وَأَيدناهُ بِرُوحِ القُدُس الآيتان 87 و253

2 ـ في خطابه لخاتم الأنـبياء (ص) فـي سـورة النحل:

﴿قُل نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَبِّك بِالحَقِّ لِيثَبِّتَ ا لَّذينَ آمَنوا وَهُدي وَبُشرى لِلمُسلمينالآيـة‌ 102

ص ـ تَعرُجُ:

عَرَجَ الشيء عُرُوجاً: ارتفع وعلا، وعرج مثل درج بمعنى مشي مشي الصاعد فـي درجه.

تخيلات عن عـالم الغـيب

في أمثال هذه البحوث عن عوالم الغيب كثيراً ما تجري‌ من‌ قبل أناس في مختلف مستويات المعرفة محاولات متنوعة لمعرفة ما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف من ذكر عوالم ما وراء المـحسوس قياساً على المشهور من عالم المادة، فيهيمون‌ في‌ عالم‌ الخيال، ويسمّون تخيلاتهم بالعلم والمعرفة‌. وفي‌ ما‌ يأتي نبين سبب ذلك بإذنه تعالى:

وسائل العلم والمعرفة

إنّ وسائلنا لمعرفة الأشياء والعلم بها فـي مـا عدي ما ذكرنا من‌ الاستنتاج‌ العقلي‌ في بحث الميثاق تنحصر في نوعين:

النوع الأول‌: ما‌ نميزه بحواسّنا، وبما أنّ حواسّنا خلقت لنميز بها الموجود في عالمنا المادي المحسوس بالحواس، فهي لا تـعمل فـي غير‌ عوالم‌ المحسوسات‌ المادية.

النوع الثاني: ما نعرفه عن طريق النقل والحكاية؛ مثل‌ ما نعلم بما في بلد لم نره عن طريق النقل والحكاية، وتُحَدُّ معلوماتنا في هذا النوع بـحدود المـنقول‌ لنا‌، ويحصل‌ لنا هذا النوع من المعرفة بثبوت صدق ناقل الخبر عمّا يحَدِّث‌ به‌.

ومن هذا النوع من المعرفة ما حَدَّثَت به رسل الله وأنبياؤه صلوات الله عليهم أجمعين عن‌ عـوالم‌ السـموات‌ فـوق النجوم والكواكب وعالم الملائكة وعـالم الجـن ومـشاهد يوم القيامة، وفوق كلّ‌ ذلك‌ ما‌ حدَّثونا به من صفات الله تقدّست أسماؤه، ويحَدُّ هذا النوع من العلم بحدود ما‌ ينقلونه‌ لنـا‌، بـعد أن ثـبت لدينا صدق نبوّتهم ورسالتهم عن الله سبحانه وتعالي. ولا يـمكن أنـ‌ نخضع‌ أي شيء ممّا حدّثونا به عن تلكم العوالم بتشخيص حواسّنا له. والعقل بعد‌ ذلك‌ يحكم‌ بصحة الاحساس والنقل أو عدم صـحتهما.

خـلاصة البـحث

الملائكة صنف من خلق الله وجنوده‌ وعباده‌، لهم أجنحة وحياة ومـوت، وإرادة وعقل ويتمثّلون أحياناً في صورة إنسان عند أداء‌ واجبهم‌، وهم‌ على درجات من الفضل مثل: الروح الأمين، وروح القدس، ويختار الله مـنهم رسـلاً لتـبليغ الوحي‌، وإنزال‌ مقدّرات الإنسان في ليلة القدر، ومنهم الملكان اللذان يسجّلان عـمل الإنـسان، ومنهم‌ ملك‌ الموت‌ وأعوانه، ويحشرون يوم القيامة، ويقومون بما يأمرهم الله به ولا يعصونه.

ولما كانت وسائلنا للعـلم‌ والمـعرفة‌ تـنحصر‌ بنوعين:

أ ـ المشاهد المحسوس: وهذا ما نعرفه ونميزه بتشخيص الحواسّ له.

ب ـ المنقول لنا‌: مـثل‌ مـا يـنقل لنا عن أمور في بلد لم نره، ويشترط في طريق المعرفة الثانية أن نطمئن‌ إلى صـدق نـاقل الخـبر لنا.

وبما أن عوالم الملائكة والجن والروح ويوم القيامة‌ وبدء‌ الخلق ليست من العوالم المحسوسة المـشهودة لنـا‌، فلا‌ طريق‌ لنا لمعرفتها إلاّ بما تنقله رسل الله‌ لنا‌ بعد أن ثبت صدق رسـالتهم مـن قـبل الله. وما تقوَّله أصحاب النظريات عن‌ هذه‌ العوالم إن هو إلاّ تخيلات‌ وظنون‌ لا تغني‌ من‌ الحق‌ شـيئاً.

ومـا جاء من قوله تعالى‌: ﴿وَكانَ‌ عَرشُهُ على الماء و﴿ثُمَّ استَوَى إلى السَّماءِ وَهِي دُخـان لا يـعني أن ذلك‌ الماء كان مثل الماء الذي نشاهده‌ اليوم على الأرض مكوّناً‌ من‌ (أوكسجين وهايدروجين) بالنسب المعينة، وانـّ‌ الدخـان‌ كان متصاعداً من النار كالدخان الذي نشاهده اليوم، بل قد يكون المراد تـشبيه‌ ذلكـ‌ المـاء بالماء الذي نشاهده اليوم‌، والدخان‌ بالدخان‌ الذي نشاهده اليوم‌ متصاعداً‌ من النار، وسوف يأتي‌ معني‌ العرش فـي بـحث الربـوبية إن شاء الله تعالى، ونذكر معني السماء والسموات في القرآن‌ الكريم‌ في البحث الآتـي بـحوله تعالى.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2246
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24