• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : إعلام الدار .
              • القسم الفرعي : الورش والدورات والندوات .
                    • الموضوع : حاجة طالب العلم إلى علوم القرآن .

حاجة طالب العلم إلى علوم القرآن

 أقامت دار القرآن الكريم بمدرسة الإمام المهدي (عج) بالتعاون مع دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم ندوة قرآنية بعنوان:

حاجة طالب العلم إلى علوم القرآن الكريم

وذلك في ليلة الخميس الموافق ٥ /رجب/١٤٣٧هـ

وكان ضيف الندوة: سماحة العلامة الحجة الشيخ حميد البغدادي (حفظه الله)

ابتدأت الندوة بتلاوة عطرة للقارئ الأستاذ حيدر الكعبي أعقبها كلمة مقتضبة عن شخصية الإمام العاشر علي بن محمد الهادي (عليهما السلام) للضيف الكريم بمناسبة أيام شهادته، تلاها البدء في الندوة، وإليكم ملخص ما جاء في هذه الندوة.

القرآن الکريم کتاب الله الخالد والذي أنزله الله جل وعلا ليبقى مناراً ومرجعاً لأجيال البشرية المتعاقبة،  دون اختصاص  بجيل نزوله أو بفترة معينة.

فعن الإمام الكاظم (عليه السلام): «إنّ رجلاً سأل أبا عبدالله (عليه السلام) ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدراية إلاّ غضاضةً؟ فقال (عليه السلام): لأنّ الله لم ينزله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة»([1]).

1 ـ تعريف: «علوم القرآن»

بنزول الوحي الإلهي على رسول الله منذ بداية الدعوة الإسلامية ، توالت آيات الله  وشكلت فيما بعد كتاب الله الذي يحمل معالم الدين الجديد بمختلف أبعاده العقائدية والتربوية والعبادية وغيرها، فهو رسالة السماء والنص قطعي الصدور والمصدر الأساس للتشريع، فشغل القرآن الكريم مساحة واسعة من اهتمامات وجهود الباحثين المسلمين وغيرهم، ولم يقتصر هذا الاهتمام على البحوث التفسيرية، بل شمل البحث في شؤونه المختلفة وخصوصياته مثل إعجازه وتنزيله وجمعه وترتيبه واختلاف القراءات، والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك...

وقد عُرفت هذه البحوث ـ فيما بعد ـ باستثناء تفسير معانيه الذي صار علماً بنفسه، بـ«علوم القرآن».

فـ«علوم القرآن» العلم الذي يحتوي على ما يرتبط بالقرآن الكريم من بحوث

ـ سوى التفسير ـ مثل تأريخ نزوله، وترتيبه، واختلاف القراءات، والناسخ والمنسوخ، ووجه الإعجاز فيه، وغير ذلك.

وقد اتضح أن العلوم التي تعرّض لها القرآن الكريم مثل الفقه والتربية والعقائد وغيرها لا ترتبط بهذا العلم.

وقد أوصلها  الزركشي  في كتابه البرهان في علوم القرآن إلى سبعة وأربعين نوعاً.  وأوصلها  الحافظ السيوطي  في كتابه الإتقان في علوم القرآن إلى ثمانين نوعاً ثم قال:  فهذه ثمانون نوعاً على سبيل الإدماج ولو نوعت باعتبار ما أدمجته في ضمنها لزادت على الثلاثمائة.

2 ـ تاريخ «علوم القرآن»

ونشأت هذه العلوم من حيث وجودها في زمن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) مثل الناسخ والمنسوخ، واختلاف القراءات والوحي وغير ذلك ، وقد تزايد اهتمام المسلمين بهذه البحوث بعد انقطاع الوحي عقيب وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث أصبح القرآن الكريم أحد الثقلين اللذين خلّفها (صلى الله عليه وآله) للأمة.

ولكن المؤسف أنّا لا نملك أثراً عن طبيعة تلك البحوث في ذلك العصر; لأنّها كانت عبارة عن نقل الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله) فمن الطبيعي أن تتأثر بقرار المنع الصادر من الشيخين على رواية حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) وكتابته، بل وإحراق الموجود منه([2])، وقد تأخر السماح بتدوين السُنّة إلى نهاية القرن الأول الهجري، قيل: في زمن عمر بن عبدالعزيز(ت 99 ـ 101) فقد كتب إلى عامله في المدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم «انظر ما كان من حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء»([3]).

وعلى كل حال، فيبدو أن أوّل من دوّن في علوم القرآن الإمام علي(عليه السلام) فقد أثبت له الشريف المرتضى كتاب «المحكم والمتشابه في القرآن»([4])، كما نسب له سعد  بن عبدالله الأشعري كتاب «ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه»([5])، وذكر الحافظ ابن عقدة الكوفي أنّ للإمام ستين نوعاً من أنواع علوم القرآن([6]).

ونذكر ما وصل من عناوين للتأليف في علوم القرآن:

ـ في القرن الأول الهجري:  ألّف يحيى بن يعمر (ت 89هـ) أحد تلاميذ أبي الأسود الدؤلي كتابه «القراءة» في قرية واسط، وضم الاختلاف الذي لوحظ في نُسَخ القرآن المشهورة([7]).

ـ  في القرن الثاني الهجري:  صنّف الحسن بن أبي الحسن يسار البصري (ت 115هـ) كتابه في «عدد آي القرآن».وعبدالله بن عامر اليحصبي (ت 118هـ) كتابه في اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق و«المقطوع والموصول». وشيبة بن نصاح المدني (ت 135هـ) كتاب «الوقوف»، وأبان بن تغلب (ت 141هـ) ـ تلميذ الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) ـ صنّف كتاباً في القراءات، وله كتاب «معاني القرآن».

ومحمد بن السائب الكلبي (ت 146هـ) أوّل من صنّف في «أحكام القرآن» ومقاتل  بن سليمان المفسّر (ت 150هـ) له كتاب «الآيات المتشابهات». وأبو عمرو بن العلاء زبان بن عمّار التميمي (ت 154هـ) ألّف كتاب «الوقف والابتداء»، وله كتاب «القراءات». وحمزة بن حبيب الزيّات (ت 156هـ) ـ صاحب الإمام الصادق(عليه السلام) ـ له كتاب في القراءة، وتوالى تأليف كتب أخرى في فترات لاحقة.

وفي عصور متأخرة: القرن الثامن والعاشر: أُلّفت كتب جامعة لعلوم القرآن، منها كتاب «البرهان في علوم القرآن» لبدر الدين محمد بن عبدالله الزركشي (ت 794هـ)، ومنها كتاب «الإتقان في علوم القرآن» لجلال الدين السيوطي (ت 911هـ).

وأما اصطلاح «علوم القرآن» فربما يرجع إلى القرن السادس حيث ألّف ابن الجوزي (ت 597) كتابين أحدهما بعنوان: «فنون الأفنان في علوم القرآن» والثاني بعنوان: «المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن».

لكن حكى محمد بن عبدالعظيم الزرقاني أنّه ظفر في دار الكتاب المصريّة بكتاب لعلي بن إبراهيم بن سعيد الشهير بالحوفي (ت 330هـ) اسمه «البرهان في علوم القرآن» يقع في ثلاثين مجلّداً الموجود منه خمسة عشر مجلّداً، إلاّ أنّ الزرقاني تحدث عن هذا الكتاب بقوله: (... كأنّ هذا التأليف تفسير من التفاسير عرض فيه صاحبه لأنواع من علوم القرآن عند المناسبات...)([8]).

3 ـ عوامل نشوء هذا العلم

1 ـ فضل القرآن وقدسيته في نفوس المسلمين، فهو الثقل الأكبر والكتاب الذي أوصى به النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله) أمّته.

2 ـ عمق القرآن الكريم وتنوع أبحاثه.

3 ـ كونه معجزة الإسلام الخالدة ممّا أوجب اعتزاز المسلمين به وانشدادهم نحوه، وبالمقابل صار هدفاً لشبهات أعداء الإسلام الذين يرومون الطعن بالإسلام.

4 ـ تضمّنه لأهم معالم الدين الإسلامي وأُسسه وتشريعاته.

4ـ أهمية تعلم علوم القرآن

العلم بالقرآن يقتضي أن يتعلم الإنسان علوم القرآن؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يفهم القرآن حق فهمه إلا بعد علمه بعلوم القرآن، إذ هو السبيل لفهم كتاب الله ومعرفة أحكامه  وحكمه ولذا تظهر أهمية دراسة هذه العلوم من جوانب عديدة أبرزها ما يلي :

1- يساعد على فهم وتدبر القرآن الكريم  واستنباط أحكامه  .

2- زيادة الثقة واليقين بهذا القرآن العظيم  لمن يتعمق في معرفة إعجازه ، وأحكامه.

3- معرفة الجهود العظيمة ـ الممتدة عبر التاريخ و القرون ـ التي بذلها العلماء لخدمة هذا الكتاب العظيم.

4- التسلح بعلوم قيمة يدافع بها المؤمن عن هذا الكتاب العزيز ضد شبهات الأعداء.

5- زيادة ثقافة الفرد المسلم بالمصدر الأول لدينه  وأعظم ما يملكه في وجوده  .

6- نيل الأجر والثواب  إذ تعلم مثل هذه العلوم عبادة للباري جل وعلا.

7- تطهير القلب  وتهذيب النفس وزيادة الإيمان.

___________________

([1]) عيون أخبار الرضا7: 239.

([2]) الطبقات الكبرى لابن سعد: 1/140.

([3]) الجامع الصحيح : 1 / 52 باب الحرص على الحديث.

([4]) الذريعة: 20/154 ـ 155.

([5]) الذريعة: 4/276، 24/108. بحار الأنوار: 1/15.

([6]) أعيان الشيعة: 1/321 .

([7]) راجع تاريخ التراث العربي لفؤاد سركين.

([8]) مناهل العرفان: 1 / 36.

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2124
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24