• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : عاشوراء والأربعين .
                    • الموضوع : ثلاثية الثورات (الإسلام ـ الحسين (ع) ـ كربلاء) .

ثلاثية الثورات (الإسلام ـ الحسين (ع) ـ كربلاء)

 الأستاذ نبيل علي صالح

 

يمثّل تاريخ الشعوب أنموذجا حيا، حقيقيا، تتحرك فيه‌ تجارب الإنسان مع نفسه وواقعه‌ العام‌ الذي وجـد فـيه، وذلك بـما تحمله هذه التجارب من سلب وإيجاب، وضعف وقوة، وتخلّف‌ وتقدّم، ودنوّ وعلوّ.. ويرتبط الإنسان بتاريخه وتـراثه الماضي، من حيث تقديم الأطروحة‌ الإنسانية الشاملة، كنموذج مثالي‌ يشكل أساسا‌ راسخا‌ للحاضر والمستقبل...

وبالتالي لا يمكن لأيـّة أمة من الأمم أن تـفصل بـين تراثها وماضيها من جهة، وبين‌ حاضرها ومستقبلها من جهة ثانية، على أساس أنّ هذا الفصل سيسبب نوعا من‌ أنواع‌ العزلة التي تؤدي إلى الموت البطيء.. فالشجرة لا تستطيع أن تحقّق استمرارية العيش‌ والحياة بدون جذور راسخة، تخترق التربة لتـقدّم الغذاء اللازم لنموها وحياتها...

ونحن لو نظرنا إلى أية أمة من الأمم، نجد‌ أنّها‌ ترتبط بماضيها بشكل أو بآخر بحيث‌ تضفي عليه صفة القداسة، وتضعه موضع التقدير والاحترام، وعلى اختلاف كيفية التعامل مع هذا التراث الماضي عند كلّ الأمـم والشـعوب. وهكذا نرى وضوح هذا‌ الأمر عند‌ أية حركة أو حزب أو تجمّع، حيث نجد كيف يبني كلّ منها سقفه الفكري والأيديلوجي‌ على أساس التراث والتاريخ للأمة التي ينتمي إليها كلّ خطّ من الخطوط السابقة، وعـلى‌ تنوع‌ نـظرة‌ كلّ منها إلى هذا التاريخ أو التراث.. ولعلّ المسألة الأساسية التي تفرض علينا أن‌ نناقشها هي:

كيف يتعامل الإنسان، أو كيف تتعامل الأمة الحاضرة ككل مع تاريخها وحضارتها وتراثها.. هل ترتبط مع‌ هذا‌ التراث‌ الحضارة ارتـباطا وثـيقا وتاما‌ لا‌ تنفك‌ عنه، وبحيث‌ تبقي مأسورة به في العاطفة والوجدان والفكر والسلوك، تقيس الحاضر وتنهج المستقبل من‌ خلال الماضي المقدّس والمثالي..؟!.

أم أن‌ تتعامل‌ الأمة مع تراثها ومخزونها النفسي والفكري‌ من‌ منظور دراسته بـوعي‌ منفتح عـلى الواقـع، وبتعقّل لمقتضيات التطوّر التاريخي، وبـحيث تـقف عـند إيجابياته‌ لتستفيد منها في حركة الحياة الإنسانية، وكذلك‌ عند‌ سلبياته‌ من أجل أن تتلافاها وتتعظ منها..؟!..

في الحقيقة، إنّنا عندما نعيش في‌ حياتنا الحاضرة، والمستقبلية أجواء التـراث المـاضي‌ بذكرياته الكـبيرة والكثيرة، يجب علينا أن نتفاعل مع هذا التراث من خـلال وعـي‌ حركة الفكر‌ في‌ ذاتنا، وبحيث نغني تجربتنا الحاضرة والمستقبلية بحيوية الماضي وفاعليته، وأن‌ نتحرّك‌ مع التراث الحضاري في أجواء الحاضر والمـستقبل، وذلك بـالانفتاح عـلى الحاضر والمستقبل بكلّ معطياتهما وأبعادهما‌ التي‌ تتناسب مع فكرنا ورسـالتنا، وعلى أساس أن‌ نستلهم من هذا التراث ما‌ يشكل‌ الأساس‌ لانطلاقتنا باتجاه تجسيد أمانينا وأهدافنا الكبيرة والطموحة..

وهكذا نحن عـشنا ونـعيش فـي‌ تراثنا‌ الإسلامي‌ هذه الذكريات من حيث القدوة الحسنة، فيما تقدّمه هذه الحالة مـن بـاعث حيوي لاستلهام حركة الفكر‌ والرسالة في كل مواقع الحياة، وذلك من منظار الوعي الذاتي للواقع الرسالي الذي يجب‌ أن‌ نـتحرّك‌ ضـمنه فـي إطار الحياة كلّها.

وانطلاقا من ذلك عشنا ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء الإسلام، وانطلقنا في‌ فـهمنا لهـذه القـضية الإسلامية من خلال وعي حركة الدين الإسلامي في كل زمان‌ ومكان، وما يمثّله الإسـلام المـحمّدي الأصـيل، الإسلام الرسالة، كحالة تتحرّك في الفكر والوجدان‌ والإحساس، وتسلك المنهج الحركي‌ على‌ أرضية الواقع المعاش، لتزلزل بـوعي وإدراك كـلّ‌ المواقع التي تدور فيها سلبية التعامل‌ مع‌ خطّ‌ العدالة في الحياة.

حسين الإسلام في كربلاء الثّورة

نشأ الإمـام الحـسين(عليه السـلام)في بيت النبوة ومهبط الوحي، وترعرع‌ في‌ كنف جدّه‌ المصطفى (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، و أبيه الإمام علي(عليه السـلام)، وتـفتّحت‌ عيناه على نور الإسلام‌ بكلّ جلاء، فوعي من خلال ذلك حقيقة الإسلام وهدفيته في خطّ حـركة الحـياة، وتـجذّرت‌ في‌ عمق نفسيته حركة الإسلام الرسالي والجهادي، من خلال سمو الروح الكبيرة، ورفعة الفكر‌ الوثّاب، وصفاء النفس الطاهرة.

وكان مـن ذلك أن‌ ذاب‌ الإمام‌ الحسين(عليه السلام) في الإسلام المحمّدي الأصيل، وكما يمثّله الإسلام‌ الحركة‌ والرسالة والثـورة، الإسلام فـي وعـي حركة جزئيات الواقع وكلّياته.. الإسلام الإنساني في‌ وجوده‌ وغايته، فكان بحق مصداق قول‌ جدّه‌ رسول اللّه(صلى‌ اللّه‌ عـليه‌ وآله‌ وسلم) [حسين مني وأنا‌ من‌ حسين‌]1.

أجل لقد استوعب الإمام الحسين(عليه السلام)و اختزن في عـمق وعـيه، الإسلام بكلّ‌ تفاصيله ودقائقه، ليكون‌ هو خلاصة للفكر الإسلامي في خطّ‌ الحياة الفاعلة والمتحركة.

من هنا‌ انطلق الإمام الحسين(عليه السلام) في حـركته‌ الثـورية‌ التغييرية الشاملة، على‌ أساس فهمه لحركة الواقع من حوله، بكلّ خصائصه وسماته وأبعاده، آخذا بعين‌ الاعتبار مسألة دراسـة الخـيارات الممكنة للحل واستنهاض‌ الواقع، من‌ خلال المنظور الواقـعي‌ لا الخيالي...

إنّ الإسـلام الذي عـظم وكبر‌ في وعي الإمام الحسين(عليه السلام) وحـركته الفـكرية، قد أدّى إلى تحرّك الحسين(عليه السلام) مع الواقع من خلال‌ رسالة‌ الإسلام، بعد أن قدّم دراسة تحليلية دقيقة ومفصّلة، بين‌ فـيها سـلبية‌ وفساد‌ الواقع العام، الذي كان سـيؤدي‌ بـالضرورة إلى القضاء عـلى الإسـلام الرسـالي والإنساني، على اعتبار أنّ هذا الواقع الفـاسد قـد تفاقمت‌ فيه أجواء‌ التناقض‌ والتناحر بين وعي حرارة الرسالة‌ من‌ جهة، وبين‌ فـساد‌ السـلطة وتماديها‌ في‌ فرض‌ سياسة الخضوع للأمر الذي تـريده، والناجم عن شهواتها وغـرائزها الحـيوانية من جهة ثانية.

ولم يكن هناك‌ أي‌ مـجال‌ أو خـيار أمام الإمام الحسين(عليه السلام) إلاّ أن‌ ينطلق- من‌ خلال‌ توقّد‌ الإسلام‌ الحركي‌ في‌ وعيه الذاتي-لمواجهة الفـساد والانـحراف والظلم الأموي، الذي‌ استفحلت آثاره ونتائجه فـي الواقـع العـام للمجتمع في ذلك الوقـت، خاصة بـعد أن اكتملت‌ الحجة عليه، عندما أرسل إليـه أهـل الكوفة موافقتهم‌ القلبية بإعلان الخروج معه ضد حكم‌ يزيد وفساد سلطته، ولذلك فإننّا نستطيع أن نقرأ فـي خـطابات الإمام الحسين(عليه السلام) الكثير من العناوين التـي تـحدّد الخطوط العـامة لشـرعية الثـورة، والخروج ضد كل‌ عـوامل‌ الانحراف‌ وملاحقتها والقضاء عليها في مهدها، في كلّ زمان، وفي أي مكان...قال سلام‌ اللّه تعالى عليه في خـطابه السـياسي الأول:

«أيها الناس.. إن رسول اللّه قال: [من رأي منكم سلطانا جـائرا، مستحلا لحـرم‌ اللّه، ناكثا بـعهده، مخالفا‌ لسـنّة‌ رسـول اللّه، يعمل في عـباد اللّه بـالإثم والعدوان، فلم يغير عليه‌ بقول ولا بفعل، كان حقّا علي اللّه أن يدخله مدخله‌]. ألا وإن هؤلاء القوم‌ قد‌ تركوا طاعة الرّحمن، ولزموا طاعة الشـيطان، وأحـلّوا‌ حـرام اللّه، وحرّموا حلاله، واستأثروا بالفيء وعطّلوا الحـدود، وأنـا أحـقّ مـن غيرّ»2.

و يـمكننا مـن خلال النص الخطابي السياسي السابق، أن نتحرك لتحديد الملامح‌ الأساسية العامة التي‌ تميز‌ بها المجتمع الفرعوني في‌ ذلك‌ العهد البائد:

أ- استغلال الدّين الإسلامي من قبل الطغمة الصنمية الفرعونية الحاكمة وزبانيتها، من أجـل استئثارها بالسلطة، وتفرّدها بالحكم المتوارث، وتحقيق مآربها الخاصة والمنحرفة، والناتجة عن اختلال التوازن النفسي والسلوكي‌ في‌ شخصية رموزها وأقطابها.

ب- ربط الناس بحاكمية السلطان الجائر والمنحرف، والذي يحكم باسم الإسلام‌ بغير الإسلام، وحرف توجهاتهم عـن التـطلّع نحو السماء، والإيمان بحاكمية اللّه تعالى، والنظر إلى الحاكم نظرة القداسة‌ والعظمة كمثل‌ أعلى منخفض فرعوني مستبد بمعنى آخر تحويل طاعة الرحمن إلى طاعة السلطان...

ج- تفشّي ظواهر الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي، كنتيجة‌ منطقية وحتمية للسلوكية المنحرفة عن الإسـلام وتـشريعاته ومبادئه، وفرض‌ ذلك‌ عن‌ طريق اتّباع سياسة القمع والإرهاب والتصفية، وبالتالي الإمعان في عمليات القتل والتعذيب والإثم و‌‌العدوان‌ والسيطرة على المجتمع بكلّ رموزه وأجوائه.

د- تقسيم المـجتمع إلى طـبقات، وتكديس الثروات والممتلكات‌ العامة‌ بـيد فـئة معينة، لها كلّ الحقّ في التملك والحكم والسيطرة والإطباق بيد فولاذية‌ على كلّ من يشكلّ عائقا في‌ طريق تحقيق مصالحها وشهواتها الدنيئة، وبالتالي عدم‌ التوزيع العـادل للثـروات والأموال‌ وفقا لتعاليم الإسلام المـنتهكة الحـرمات من قبل الرموز الفرعونية السابقة، بل تبديدها- تلك‌ الثروات والتي هي حقّ للناس- في أغراض ومصالح بعيدة كلّ البعد عن أدنى حالات‌ التخلّق بالقيم والصفات الإنسانية الرفيعة...

لذلك عندما درس‌ الإمام الحسين(عليه السلام) الواقع، توصّل إلى أنّ الإسلام قد أصبح سـتارا لتـغطية انحرافات سلطة يزيد الغاشمة، وبالتالي سيتحول هذا مع الزمن إلى حالة مضادة لحركة الدين الإسلامي، من حيث الموقف والموقع والواجب، أي حصره ضمن‌ الزوايا‌ الضيقة‌ الأبعاد، في مواقع الحياة المختلفة.

من هنا كان لا بد من كشف جـميع مـلابسات الواقع وسـلبياته أمام الملأ، وإظهار حقيقة ممارسات السلطة، و فضح جميع أجوائها، وذلك حتى يتسنى للجميع أن ينطلقوا من‌ موقع‌ القوة‌ والجهاد، وتحديد أطـر الثورة وبالتالي الحصول على مشروعية النهوض ضد حكم‌ يزيد...

وهذا ما نستطيع قـراءته فـي خـطاب الإمام الحسين(عليه السلام) عندما قال في وصيته لأخيه‌ محمد بن الحنفية(رضي اللّه‌ عنه):

«إني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا ظالما ولا مفسدا، وإنما خـرجت ‌لطـلب الإصلاح في‌ أمّة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي(ص)..»3.

ويمكننا من خـلال‌ الخـطاب‌ السـابق‌ أن نثير أكثر من تساؤل‌ حول‌ كيفية‌ التعامل مع‌ هذا الخطاب، وكيف ننطلق في فهمنا له في أجـواء الحياة المعاصرة...؟!.

في الحقيقة يمكننا في البداية ومن خلال الخطاب السياسي‌ السابق‌ أن‌ ندخل فـي‌ الأجواء النفسية لشخصية الإمام الحـسين(عليه السـلام) وإيمانه‌ بحركة‌ الدين الإسلامي وفاعليته‌ في تغيير الحياة جذريا...

فالحسين(عليه السلام) الذي وعي الرسالة الإسلامية باكرا، وعاش تحت ظل الإسلام‌ منذ بداية تفتحه على‌ الحياة، وفهم‌ كلّ حيثياته من خلال جده المصطفى(صلى اللّه عليه وآله‌ وسلم) وأبـيه علي(عليه السلام)، كان من الطبيعي أن يمتلك روحا كبيرة تتحرك فيها الأهداف‌ السامية، والعالية، الساعية بكل دأب ونشاط‌ للتغيير‌ الشامل في إطار الواقع بالاستناد على‌ ما يمثله الإسلام العقيدة والرسالة.

ومن‌ هنا كانت روح الحسين(عليه السلام) ثابتة على المبادئ والرسـالة، متماسكة فـي خط الحياة العادلة التي تنشدها، متوازنة في خلق‌ أعلي‌ درجات‌ الوعي لدى الناس في جميع‌ المواقف المعقّدة والصعبة...

فأطلق الحسين(عليه السلام)نداء العزّة والثورة‌ والقوة: «...هيهات منّا الذلة، يأبى اللّه لنا ورسوله والمؤمنون..»4.

واختار(عليه السلام) أن يسير في خطّ الشهادة‌ التي‌ تـرضى‌ اللّه ورسـوله، ليقيم- بتصحيح قوي‌ وإيمان عميق حكم اللّه في الأرض.

فهو لم يتحرك ذلا، ولكن عزّا‌ ومن موقع الإباء الإسلامي الذي يزرعه الإسلام في نفس‌ المسلم المؤمن قال:

«لا واللّه لا‌ أعطيكم‌ بيدي‌ إعطاء الذليل، ولا أقرّكم إقرار العبيد»5.

إنهّا عظمة الروح الكبيرة التي تصعد وتعلو بعيدا‌ في‌ الآفـاق، باتجاه الأهـداف الكبيرة والعالية، لتحقيق نصر مؤزّر أو شهادة عزّة.. فالحياة هي العقيدة وهي‌ المبدأ، و هي‌ الرسالة.. والذي تشرّب- بوعي منفتح-حقائقها الجهادية، وعبرها العقائدية سيكون‌ كالحسين(عليه السلام) في سلوكيته وارتباطه العميق برسالته وعقيدته...

إنّها رفعة‌ الشهادة في سبيل اللّه تعالى، إحقاقا لحقّه، وإعـلاء لرايـته، ودفـاعا عن‌ كلمته.

مما تقدّم نجد‌ أنّ‌ الإمام‌ الحـسين(عليه السـلام) قد أعـطى للتاريخ أعظم العبر والدروس في‌ الثبات على العقيدة والرسالة، وتقديم نموذجية‌ القدوة، وسمو‌ الأسوة الحسنة على أساس‌ ما تختزنه في ذاتها من عوامل قـوة وتـماسك‌ وتـوازن في الوجدان والفكر والسلوك، شكلت‌ بمجملها وعيا حركيا للواقع المعاش..

لذا وقـف الإمـام الحسين(عليه السلام) ليقول: لا للحاكم‌ الجائر‌ الفاسق المستبد، ويطعن في‌ شرعية وجوده كحاكم منحرف، ظالم، فاسد الحكومة والعقيدة.. وهو(عليه السلام) يعلم‌ أنّه‌ لو‌ قال: نعم، فإنه كان سـيعطي حـكومة الحـاكم الجائر(يزيد) شرعية الوجود، ويوافق‌ على‌ تصرفاته‌ في شؤون البلاد ومصالح العباد.

إنها إنطلاقة‌ ثـورة‌ الحق ضد باطل السلطة وفسادها، التي تريد أن تحرف مسيرة الإسلام عن تحقيق هدفها‌ وغايتها في تحقيق إنسانية الإنسان، وعدالة‌ الحياة..

إنها الوقـفة‌ الثـورة.. إنهّا‌ عـزّة‌ النفس الكبيرة التي يجب أن نتمثّلها‌ في‌ كلّ حركة من‌ حركات وجودنا فـي واقـعنا، وإيماننا بعقيدتنا ورسالتنا الإسلامية.. حتّى نلاحق‌ كلّ‌ سلبيات‌ وانحرافات الواقع الحياتي العام في‌ كلّ زمان ومكان...

خاتمة:

إن المنهج‌ الحـركي الذي آمـن بـه إمامنا‌ الحسين(عليه‌ السلام)في إطار الإسلام، واتّبعه في‌ كلّ خطوة من ثورة كربلاء، كان مـحصلة لنـضوج إسـلامي كبير، ووعي‌ لطبيعة وظروف‌ المرحلة التي تفجّرت‌ فيها‌ تلك‌ الثّورة في روح‌ الحسين‌ سلام اللّه عـليه، لذلك كـانت‌ كربلاء محطة انـطلاقة في وعي الأمة الإسلامية عبر العصور، وقفزة نوعية في الفكر والسلوك، بحيث‌ تؤسّس للحياة‌ الإنسانية‌ الكـريمة، التي يـتحرك فيها خط العدل في‌ كلّ‌ مفردات الحياة.. لذلك‌ كانت‌ شهادة‌ الإمام الحسين(عليه السلام) عنوانا مـتألقا‌ مـن عـناوين العزّة والتضحية  والكرامة، ومعلما بارزا من المعالم الحركية التي تدور فيها حركة‌ الروح‌ الكبيرة.

أجل.. لقد أراد الحـسين(عليه السـلام) أن يبني للأجيال‌ القادمة‌ وعيا‌ رساليا، ينبض‌ بالعزّة‌ والثورة من خلال‌ نداء «كلّ‌ يوم عاشوراء.. وكلّ مـكان كربلاء».

و الحـمد للّه ربّ العالمين.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- مسند الإمام‌ أحمد-الجزء (4)-ص (172).

(2)- تاريخ الطبري-الجزء (4)-ص (304-305).

(3)- المصدر نفسه. ومناقب ابن شهر آشوب‌ الجزء (3)-ص(241).

(4)- المقتل للخوارزمي-الجزء (1)- ص(6).

(5)- الإرشاد للشيخ‌ المفيد-ص (235).

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2058
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24