• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : الآداب المعنوية للحج .

الآداب المعنوية للحج

بقلم سماحة الشيخ عبدالجليل أحمد المكراني

يشكّل المضمون الروحي القلب النابض لكل العبادات بشكل عام؛ كالصلاة، والدعاء، والتلاوة، والصيام، والحج. وقد حثّت آيات القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليه السلام) على الحج بشكل خاص، وأشارت إلى آدابه المعنوية وآثاره الإيجابية الكبيرة في بناء الفرد والأسرة والمجتمع روحياً ومعنوياً، منها:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «حجوا تستغنوا» (مستدرك الوسائل، ج11، ص16)، وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: «حق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك، وفرار إليه من ذنوبك، وبه قبول توبتك وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك» (ميزان الحكمة، ج1، ص535)، وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «الحج تسكين القلوب» (ميزان الحكمة، ج1، ص534).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾: «ذاك الذي يسوف الحج يعنى حجة السلام يقول العام أحج ، العام أحج ، حتى يجيئه الموت» (تفسير العياشي، ج2، ص305).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) في التأكيد والحثّ على الحج أنه قال: «لحجة مقبولة خير من عشرين صلاة نافلة ومن طاف بهذا البيت طوافاً أحصى فيه أسبوعه وأحسن ركعتيه غفر الله له» (الكافي، ج2، ص19).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: «إن الله جل جلاله لما أمر إبراهيم عليه السلام ينادي في الناس بالحج قام على المقام، فارتفع به حتى صار بإزاء أبي قبيس، فنادى في الناس بالحج، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى أن تقوم الساعة» (وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، ص15).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «لما أفاض رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلقاه أعرابي بالأبطح فقال: يا رسول الله إني خرجت أريد الحج فعاقني وأنا رجل مَيِّل يعني كثير المال فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به ما يبلغ به الحاج قال: فالتفت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي قبيس فقال: لو أن أبا قبيس لك زنته ذهبة حمراء أنفقته في سبيل الله ما بلغت ما بلغ الحاج» (الكافي، ج4، ص258).

وعن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) في قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ قال (عليه السلام): «انهم الذين يتمادون بحج الاسلام، ويسوفونه» (عوالي اللئالي، ج2، ص86).

من الآداب الدقيقة للحج 

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «مـن حـج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله له: لا لبيك ولا سعديك، حجك مردود عليك» (ميزان الحكمة، ج1، ص538).

وورد عن طريق أهل البيت عليهم السلام: «إذا كان آخر الزمان خرج الناس للحج أربعة أصناف سلاطينهم للنزهة، وأغنياؤهم للتجارة، وفقرائهم للمسألة، وقرّاؤهم للسمعة» (المحجة البيضاء، ج2، ص189).

وعن الإمام الـصـادق (عليه السلام) أنه قال: «الـحـج حـجان: حج لله وحج للناس، فمن حج لله كان ثوابه على الله الجنة، ومن حج للناس كان ثوابه على الناس يوم القيامة» (وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، ص109)، وعنه (عليه السلام) أيضاً أنه قال: «مـن حـج يـريـد الله عـز وجـل لا يريد به رياء ولا سمعة غفر اللّه له البتة» (ثواب الأعمال للشيخ الصدوق، ص50).

وعن الإمام الـباقر (عليه السلام) أنه قال: «ما يعبؤ من يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به مصحبه أو حلم يملك به من غضبه أو ورع يحجزه عن محارم الله» (الكافي، ج4، ص285).

سؤال وجواب 

سمعنا من بعض العلماء أنّ من تشرّف بالذهاب لأداء فريضة الحجّ، فإنّه إذا عاد من مكّة لا يكتبُ الله تعالى عليه ذنباً إلى أربعة أشهر. فهل هناك رواية في هذا الشأن؟ وهل سند الرواية ـ على فرض وجودها ـ صحيح؟ وما هو معنى الرواية، على فرض صحّتها؟

الجواب: نعم، ورد هذا المضمون في الأحاديث الشريفة، إلاّ أنّ بعض الأحاديث قَيّدت ذلك بعدم الإتيان بكبيرةٍ من الكبائر، وقيّدتها أحاديث أخرى بعدم الإتيان بمُوجِبة.

روى الشيخ الطوسيّ في باب ثواب الحجّ بسند صحيح عن معاوية بن عمّار، عن الإمام الصادق (عليه السّلام) حديثاً جاء في آخره: «ولا تكتب عليه الذنوب أربعة أشهر وتكتب له الحسنات إلا أن يأتي بكبيرة» (تهذيب الأحكام، ج5، ص20).

وهو ما يُطابق مضمون الآية القرآنيّة الكريمة: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ (سورة النساء، 31).

في زيارة رسول الله (ص)

قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ (سورة النساء،64).

قد أمرنا بزيارته (صلى الله عليه وآله) في حياته وبعد وفاته تبرّكاً بقربه، ومزيداً من الخير والرحمة في جواره بطلب شفاعته، ونحظى بشرف السلام عليه ليردّ علينا السلام بنفسه، ونشتغل بدعاء ربنا عز وجل في رحابه وحضرته ليمنّ علينا ربّنا بالمغفرة والعفو في حضرته، فيذكرها لنا عند ربّنا فتثقل بها موازيننا.

عن رسول‏ الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «مَن حَجّ إلى‏ مَكّةَ ثُمّ قَصَدَني في مَسجِدي كُتِبَت لَهُ حَجّتانِ مَبرورَتانِ» (كنز العمال، الحديث 12370م)، وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: «مَن جاءَني زائِرًا، لا يَعمَلُهُ حاجَةً إلّا زِيارَتي، كانَ حَقّا عَلَيّ أن أكونَ لَهُ شَفيعًا يَومَ القِيامَةِ» (الحج والعمرة في الكتاب والسنة، 324).

وعن الإمام عليّ (عليه السلام): «أتِمّوا بِرَسول ِ‏اللّهِ (ص) حَجّكُم إذا خَرَجتُم إلى‏ بَيتِ اللّهِ؛ فَإِنّ تَركَهُ جَفاءٌ، وبِذلِكَ اُمِرتُم، (وأتِمّوا) بِالقُبورِ الّتي ألزَمَكُمُ اللّهُ عَزّ وجَلّ حَقّها وزِيارَتَها، واطلُبُوا الرّزقَ عِندَها» (الخصال، 616).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «بَينَا الحُسَينُ (ع) قاعِدٌ في حِجرِ رَسولِ‏ اللّهِ (ص) ذاتَ يَومٍ إذ رَفَعَ رَأسَهُ إلَيهِ فَقالَ: يا أبَه، قالَ: لَبّيكَ يا بُنَيّ. قالَ: ما لِمَن أتاكَ بَعدَ وَفاتِكَ زائِرًا لا يُريدُ إلّا زِيارَتَكَ؟ قالَ: يا بُنَيّ، مَن أتاني بَعدَ وَفاتي زائِرًا لا يُريدُ إلّا زِيارَتي فَلَهُ الجَنّةُ» (وسائل الشيعة (آل البيت)، ج14، ص329-330).

وقال رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله): «خَلَقَ اللّهُ تَعالى‏ لي مَلَكَينِ يَرُدّانِ السّلامَ عَلى‏ مَن سَلّمَ عَلَيّ مِن شَرقِ البِلادِ وغَربِها، إلّا مَن سَلّمَ عَلَيّ في داري فَإِنّي أرُدّ عَلَيهِ السّلامَ بِنَفسي» (كنز العمال، الحديث 34929).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إذا دَخَلتَ المَدينَةَ فَاغتَسِل، قَبلَ أن تَدخُلَها أو حينَ تَدخُلُها، ثُمّ تَأتي قَبرَ النّبِيّ (ص)، ثُمّ تَقومُ فَتُسَلّمُ عَلى‏ رَسولِ‏ اللّهِ (ص)» (الكافي، ج4، ص550).

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال في حديث: «فإذا أتَيتَ قَبرَ النّبِيّ (ص) فَقَضَيتَ ما يَجِبُ عَلَيكَ فَصَلّ رَكعَتَينِ، ثُمّ قِف عِندَ رَأسِ النّبِيّ (ص) ثُمّ قُل: «السّلامُ عَلَيكَ يا نَبِيّ اللّهِ مِن أبي واُمّي وزَوجَتي ووُلدي، وجَميعِ حامّتي، ومِن جَميعِ أهلِ بَلَدي، حُرّهِم وعَبدِهِم وأبيَضِهِم وأسوَدِهِم»، فَلا تَشاءُ أن تَقولَ لِلرّجُلِ: إنّي أقرَأتُ رَسول َ‏اللّهِ (ص) عَنكَ السّلامَ إلّا كُنتَ صادِقًا» (الكافي، ج4، ص417).

في الإحرام والتلبية

عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «وجب الإحرام لعلة الحرم» (من لا يحضره الفقيه، ج2، ص195).

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): «فإن قيل: فلِم أمروا بالإحرام؟ قيل: لأن يخشعوا قبل دخولهم حرم الله وأمنه، ولئلاّ يلهوا ويشتغلوا بشيء من أمور الدنيا وزينتها ولذَّاتها، ويكونوا صابرين فيما هم فيه قاصدين نحوه مقبلين عليه بكليتهم مع ما فيه من التعظيم لله عزَّ وجل ولِبيْته، والتذليل لأنفسهم عند قصدهم إلى الله تعالى، ووفادتهم إليه، راجين ثوابه، راهبين من عقابه، ماضين نحوه، مقبلين إليه بالذلّ والاستكانة والخضوع» (علل الشرائع للشيخ الصدوق، ج1، ص274).

عن سليمان بن جعفر: سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن التلبية وعلتها ، فقال: إن الناس إذا أحرموا ناداهم الله تعالى ذكره فقال: يا عبادي وإمائي لأحرمنكم على النار كما أحرمتم لي، فقولهم لبيك اللهم لبيك، إجابة لله عز وجل على ندائه لهم (وسائل الشيعة (آل البيت)، ج12، ص375).

عن سفيان بن عيينة، قَالَ: حج علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فلما أحرم واستوت به راحلته أصفر لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة، ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: ما لك لا تلبي؟ فَقَالَ: أخشى أن أقول: لبيك، فيقول لي: لا لبيك، فقيل له: لا بد من هذا، قَالَ: فلما أبى غشي عليه ، وسقط من راحلته، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه» (أهل البيت في الكتاب والسنة، ص286).

  قبل الختام تذكير 

أ- هل نويت حين تنظّفت أنك تنظفت بنور التوبة الخالصة لله؟

ب- وحين اغتسلت نويت أنك اغتسلت من الخطايا والذنوب؟

ج- وحين تجرّدت من المخيط نويت أنك تجرّدت من الرياء والنفاق والدخول في الشبهات؟


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2030
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24