• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .
                    • الموضوع : شبهات حول الوحي .

شبهات حول الوحي

سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد

هناك كثير من الشبهات التي تعتمد على بحوث إعجاز القرآن الكريم وهناك تشويش متعمد لقب المفاهيم وتشتيت للمعلومات وأخبث أنواع التشويش ذلك الذي ينعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصفات الصدق والإخلاص والأمانة نتيجة ذلك كله حصل نوع من الوسواس النفسي الذي يوحي له أنه يأتيه الوحي ويحدثه . نقول إجابة لهذه الشبة : أن نعرف أولاً أقسام الوحي كي نعرف أي وحي يقصدون ثم نتصدى له بالجواب.

أقسام الوحي هي:

1ــ  الوحي : هو الإيحاء الخفي وتكلم عنه القرآن الكريم مثل قوله تعالى {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} أل عمران 11 .

2ـــ  الوحي : هو الغريزة والفطرة التي تعطيه إشارة يشعر بها الأمر والنهي مثل قول الله تعالى {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} النحل 68 .

3ــ  الوحي : هو أمر يحس به الإنسان لكن لا يعرف مصدره ويسمى (بالتخاطر من بعيد) ويعرف عند الروحيين  (بالتلباثي) وهذا النوع عليه دراسات اليوم متخصصة  بحيث يقولون بإمكان الإنسان أن يتواصل مع إنسان أخر عن طريق إشارات نفسية يتلقاها كلا الطرفين .

4 ــ   الوحي الرسالي : هذا النوع من الوحي أستعمله القرآن في أكثر من سبعين موضعاً .

نفهم من خلال أقسام الوحي أنهم اختاروا القسم الثالث وهو الوحي النفسي الذي لا يعرف مصدره هل هو من ملائكة السماء أم من أبالسة الأرض حتى يؤكدوا ما ذهبوا إليه بخبث شديد أن هذه الحالة لا تكون إلا من عنده سمات الصدق والأمانة و الإخلاص إذا وصل إلى حد الوسواس النفسي فيحدث أنه يوحى إليه .

فهذا الطرح كان لبعض المستشرقين ثم تبعتهم بعض الأقلام العربية من أصحاب الاتجاه المادي وتقبلوا هذه الفكرة طعنا في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : معلقين أن رسول الله يحمل ذهن صافي ونفس زكية كما قد استفاد من النصارى الذين تأثر بهم حينما كان يجالسهم ويسمع قصص أنبيائهم و عظيم أخلاقهم ومعاجزهم واستعدادهم النفسي فكانوا يحدثون النصارى أنه حان الوقت لخروج رجل عربي يحمل هذه الرسالة ويقود زمام العظمة في العالم فتأثر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فأصبحت المعلومات التي أخذها مصدر وحي وإلهام لتحركه في الدعوة  ..

واستدلوا برواية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يذهب إلى راهب أسمه ( بحيرى ) وهو بصحبة عمه فيناجي الرسول كثيراً ويخلوا به ويحدثه بأحاديث فلسفية ودينية وغيرها فتشبع منها الرسول صلى عليه وآله وسلم  .

واستدلوا بأنه أطلاع على أخبار عاد وثمود حين مروره بالأحقاف ..

كيف نرد على هذه الشبهة ؟

لقد تصدى علمائنا  كالشهيد الصدر وغيره لهذه الشبهة  نقول :

1 ــ أن المثال الذي استدلوا به ليس له سند تاريخي فلم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد ألتقى (بحيرى)..

2 ــ أن الأحقاف لا تقع على الطريق والتاريخ لم ينقل لنا مروره بها.

3 ــ ومن جهة أخرى لو كان هذا صحيحاً لأحتج المشركون على هذا الفعل  فكانوا يتربصون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليتهمونه بأنواع التهم من الجنون والسحر وغيرها كان من الأحرى أن لا يغفلوا عن هذه الشبهة التي تقوي مخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

4 ــ ماكان يعرف عنه أنه ينتظر أن يكون رسولا حتى نقول أنه شعور داخلي تطور ونمى مع مرورالزمن..

وبنظرة فاحصة للقرائن التاريخية  نصل إلى أن النبي صلى عليه وآله وسلم ما كان ينتظر الوحي . فحينما رأى الوحي لأول مرة خاف منه فلوا كان ينتظره لما خاف منه – الخوف خمس أقسام كما ذكرها الشيخ الصدوق  منها  خوف رهبة أي من الذنوب والمعاصي والتقصير الناتج من العبد فيخاف العقاب من الله سبحانه وهذا لا يجوز للمعصومين ، وقسم أخر يسمى خوف هيبة أي يكون تعظيماً  وحباً و تقرباً وشكراً وغيرها من صفات الجلال لله سبحانه وهذه تكون للمعصومين .

وهنا معنى ووجه ثاني لخوفه  أن الوحي يكون ثقيلاً على نفس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فكان يصبه بغشيان بسبب ثقل الوحي على قلب رسول الله صلى عليه وآله وسلم، وهذا كله فيما لو كان الوحي بلا واسطة ملك كما في الروايات ..

5  ــ وهناك جواب آخر وهو أن المحتوى القرآني نفسه يكذب أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله استفاد من هذا النصراني أو ذاك اليهودي لأن القران جاء رقيباً على الكتب السماوية السابقة ويصححها فكيف يكون متأثراً بها وهنا ما يدلل على ذلك في الأمثلة

في حين أن التوراة تقول أن الذي رعى موسى بنت فرعون وأن القران قال امرأة فرعون والتوراة تقول أن فرعون غرق في ظروف غامضة في حال أن القران يقول غرق في البحر ونجا بدنه وإن العجل صنعه هارون ويقول القرآن الذي صنع العجل رجل آخر وهو السامري..

وشيء آخر:

أن دقة البراهين و التفاصيل التي  في القرآن الكريم تدل على التلقي  وليس الوحي النفسي الذي يكون خاليا من التفاصيل والدقة في البراهين..

وزيادة على هذا أيضا:

أن النبي صلى الله عليه وآله فصل نوعية نزول الوحي إلى أربعة أقسام كما في القرآن الكريم: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى.

فهذا التفصيل دليل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعي الوحي بينما شبهتهم تجعل النبي لا يعي ذلك الوحي فهكذا كان يحس النبي صلى الله عليه وآله وسلم  بذلك عند نزول الوحي  وكان يفاجئه حتى لو كان في السوق أو في الحرب وغيره ولو كان وحي نفسي لأحتاج إلى ظروف معينة وليس مثل ما يأتي به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يدل دلالة قاطعة أن الوحي الذي كان يأتي لرسول الرحمة كان وحي رسالياً وليس وحي نفسي .

 

و الحمد لله رب العالمين

تلخيص : زاهر العبدالله

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=184
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24