• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : دروس قرآنية تخصصية .
              • القسم الفرعي : الوقف والإبتداء .
                    • الموضوع : سلسلة دروس في الوقف والابتداء (الدرس الثاني عشر) .

سلسلة دروس في الوقف والابتداء (الدرس الثاني عشر)

 اعداد: الأستاذ عبد الرسول عبائي

 الابتداء في اصطلاح القراء وأقسامه

تعريفه:

إنّ الابتداء في اصطلاح علماء القراءات هو الشروع في قراءة كتاب الله سواء كان بعد قطع وانصراف عنها أو بعد وقف، فإذا كان بعد قطع فلا بد فيه من مراعاة أحكام الاستعاذة والبسملة، وأما إذا كان بعد وقف فلا حاجة إلى ملاحظة ذلك لأن الوقف إنّما هو للاستراحة وأخذ النّفس فقط. [غاية المريد لعطية قابل نصر ص 233]

فلا يكون الابتداء في التلاوة إلاّ اختيارياً لأنّه ليس كالوقف تدعو إليه ضرورة، فلا يجوز إلاّ بمستقلّ بالمعنى موفٍ بالمقصود [النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1/230]، فإن أخل بالمعنى المقصود أو أوهم خلاف المراد كان قبيحاً فعلى القارئ أن يتجنبه ويتحرّز منه. [معالم الاهتداء للحصري ص 68]

أقسام الابتداء:

فعلى هذا نقسم الابتداء إلى قسمين: حسن و قبيح.

الابتداء الحسن:

هو الابتداء بكلام مستقل في المعنى بحيث لا يغير ما أراده الله تعالى، ويكون ذلك بعد وقف تام أو كافٍ وأمثلته واضحة جليّة لا تحتاج إلى بيان.

الابتداء القبيح:

هو الابتداء بكلام ناقص مخلّ بالمعنى المقصود أو موهم خلاف المراد، فالقبح فيه إمّا لعدم كونه مفيداً لمعنىً نحو الابتداء بقوله تعالى: ﴿... أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ (المسد/1)، لأنَّ المبدوء به يتعلّق بما قبله لفظاً ومعنىً، فالكلام مبتور ولا بد من الابتداء بما قبله، فالابتداء بالمفعول به أو المضاف إليه أو الحال أو التمييز أو المعطوف أو البدل وما شابه ذلك هو الابتداء بلفظ من متعلقات جملة قبلها.

وإمّا لكونه موهماً لمعنى فاسد كالابتداء بقوله ﴿... وإيّاكم أَن تُؤْْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ﴾ (الممتحنة/1) و﴿... وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللهَ ...﴾ (النساء/131) و﴿... لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ...﴾ (يس/22)، ومثله الابتداء بقوله: ﴿... غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم ...﴾ (فاطر/3) ففي المثالَيْن الأول والثاني البدء يوهم التحذير من الإيمان بالله ومن تقواه، وفي المثال الثالث نفي العبودية لله، والرابع يوهم هذا الابتداء بأن الرازق هو غير الله ونعوذ بالله من ارتكاب هذا الكلام الموهم.

وإمّا لكونه هو مع ما بعده منقولاً عن كافر ومن أمثلته: ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ﴾ (التوبة/30)، ﴿الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ﴾ (التوبة /30)، ﴿إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ﴾ (آل عمران/181)، ﴿إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ (المائدة/17)، ﴿إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ (المائدة/73)، ﴿اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً﴾ (مريم/88 و الأنبياء/26)، ﴿يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ﴾ (المائدة /64).

لا يخفى على أحد قبح البدء بهذه الألفاظ وشناعتها، فيجب على القارئ حال قراءته أن يكون يقظاً متفهماً ما يقرأ، ملاحظاً معاني الآيات، ومواقع الجمل، حتى لا يقع في محظور من وقف ناقص أو ابتداء شنيع.

ثلاث فوائد حول الابتداء:

قد يكون الوقف على كلمة حسناً، والابتداء بها قبيحاً، نحو قوله تعالى: ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ (الممتحنة/1) هنا الوقف حسنٌ، لتمام الكلام، ولكن الابتداء بالكلمة الموقوف عليها قبيح جداً لفساد المعنى، فيصير تحذيراً من الإيمان بالله تعالى.

قد يكون الوقف على كلمة قبيحاً والابتداء بها جيّداً نحو قوله تعالى: ﴿مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا﴾ (يس/52)، فإن الوقف على ﴿هَذَا﴾ قبيح، لفصله بين المبتدأ وخبره ولأنه يوهم أن الإشارة إلى مرقدنا والابتداء بكلمة ﴿هَذَا﴾ ابتداء كافٍ، أو تامٌّ لأنه وما بعده جملة مستأنفة ردّ بها قولهم ولأئمة التفسير أقوال. [النشر في القراءات العشر ص 230]

كما يضطر القارئ إلى الوقف القبيح، يضطر أيضاً إلى الابتداء القبيح، وذلك إذا كان المقول عن بعض الكفرة طويلاً لا ينتهي نفس القارئ إلى آخر المقول، فيقف في بعض مواضعه بالضرورة فيضطر إلى الابتداء بما بعده إذ لا فائدة حينئذ في العودة إلى فعل ﴿ وَقَالَ ﴾ أو ﴿قَالُوا﴾ لأنّه ينقطع نفسه في أثناء المقولة البتة وكل القول كفرٌ كقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَاءِ الآخِرَةِ ...﴾ (المؤمنون/33) يستمر قولهم إلى قوله تعالى: ﴿... وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (آية/38) فإنه قلّما يوجد قارئ ينتهي نفسه إلى آخر القول هنا، وكل المقول كفر.

وبالجملة ليس من وصل ولا وقف ولا ابتداء يوجب تعمده الكفر. [نهاية القول لمحمد مكي نصر ص 233]

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1839
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29