• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : القرآن والمجتمع .
                    • الموضوع : السكينة من خواص الايمان .

السكينة من خواص الايمان

 أحمد النويصر

 قال تعالى في كتابه المجيد: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}(الفتح:4).

      السَّكِينَة في اللغة:

      الطمأنينة والاستقرار والرزانة والوقار قال الفيروز ابادي في القاموس المحيط: "والسَّكِينةُ والسِّكِّينةُ، بالكسر مشددةً: الطُّمَأْنينَةُ، وقُرِئَ بهما قوله تعالى: {فيه سَكِينةٌ من رَبِّكُمْ}، أي: ما تَسْكُنُونَ به إذا أتاكُمْ.

      السَّكِينَة في الاصطلاح:

      قال ابن القيِّم: "هي الطُّمَأنِينة والوَقَار والسُّكون، الذي ينزِّله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدَّة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان، وقوَّة اليقين والثَّبات" وهذا يناسب المعنى الذي ذكره اهل اللغة.

      وقيل: السكينة هي الرحمة، وقيل: العقل، وقيل: الوقار والعصمة لله ولرسوله، وقيل: الميل إلى ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: ملك يسكن قلب المؤمن، وقيل: شيء له رأس كرأس الهرة، وهذه الأقاويل لا دليل على شيء منها.

      فقد ذكر العلامة الطباطبائي في بحث هذه الآية:

      الظاهر أن المراد بالسكينة سكون النفس وثباتها واطمئنانها إلى ما آمنت به، ولذا علل إنزالها فيها بقوله: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ}.

      والمراد بإنزال السكينة في قلوبهم إيجادها فيها بعد عدمها فكثيراً ما يعبر في القرآن عن الخلق والإيجاد بالإنزال كقوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}(الزمر:6) وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ}(الحديد:25) وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}(الحجر:21). وإنما عبر عن الخلق والإيجاد بالإنزال للإشارة إلى علو مبدئه.

     السكينة من مواهب الله:

     السكينة من السكون خلاف الحركة وتستعمل في سكون القلب وهو استقرار الإنسان وعدم اضطراب باطنه في تصميم إرادته على ما هو حال الإنسان الحكيم من الحكمة باصطلاح فن الأخلاق صاحب العزيمة في أفعاله، والله سبحانه جعلها من خواص الإيمان في مرتبة كماله، وعدها من مواهبه السامية.

     السكينة للنبي وللمؤمنين:

     فالسكينة موهبة عظيمة أعطاها الله سبحانه لنبيّ الإسلام (صلى الله عليه واله) بالفتح المبين في "صلح الحديبية".

      أمّا في الآية أعلاه فالكلام عن الموهبة العظيمة التي تلطف الله بها على جميع المؤمنين فهي لزيادة ايمانهم إذ تقول الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِم}.

      السكينة وانعكاسها في سلوك المؤمن وغير المؤمن:

      المؤمن: يستند إلى سند لا يتحرك وركن لا ينهدم، بانيًا أموره على معارف حقة لا تقبل الشك والريب، مقدماً أعماله عن تكليف إلهي لا يرتاب فيه، ليس إليه من الأمر شيء حتى يخاف فوته أو يحزن لفقده أو يضطرب في تشخيص خيره من شره.

      أما غير المؤمن: فلا ولي له يتولّى أمره، بل خيره وشره يرجعان إليه نفسه فهو واقع في ظلمات هذه الأفكار التي تهجم عليه من كل جانب من طريق الهوى والخيال والاحساسات المشؤمة.

      السكينة التي لا نظير لها!

      إذا لم يكن للإيمان أية ثمرة سوى السكينة لكان على الإنسان أن يتقبَّله، فكيف به وهو يرى آثاره وثمراته وبركاته؟.

     والتحقيق في حال المؤمنين وحال غير المؤمنين يكشف هذه الحقيقة، وهي أنّ الفئة الثّانية يعانون حالة الاضطراب والقلق الدائم، في حين أنّ الجماعة الأولى في اطمئنان خاطر عديم النظير، وفي ظل الاطمئنان، فإنّهم (لا يخشون أحداً إلاّ الله).

كما أنّهم في مواصلة نهجهم لا يؤثر اللوم والتهديد فيهم أبداً (ولا يخافون لومة لائم).

      وهم يتمسّكون بأصلين مهمّين في حفظ هذه السكينة، وهما: عدم الحزن على ما فاتهم، وعدم التعلّق والفرح بما لديهم، فهم مصداق لقوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ} (الحديد: 23).

      وأخيراً فإنّهم لا يضعفون أبداً أمام الشدائد، ولا يركعون مقابل الأعداء ويتحلّون بشعار {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(آل عمران:139).

      إنّ المؤمن لا يرى نفسه وحيداً في ميدان الخطوب والحوادث بل يحسّ بيد الله على رأسه ويلمس إعانة الملائكة ونصرتهم له، في حين أنّ غير المؤمنين يحكمهم الاضطراب في أحاديثهم وسلوكهم ولا سيما عند هبوب العواصف وطوفان الأحداث إذ يُرى كلّ ذلك منهم بصورة بيّنة!

      العلاقة بين السكينة والإيمان:

       السكينة لطف من الله ينزله على قلوب المؤمنين في المحن والشدائد والأزمات فالعلاقة مضطردة فكلما زاد ايمان العبد نزلت عليه السكينة.

      والعلاقة بين الايمان والقلق علاقة عكسية فكلما قلّ الايمان زاد القلق لدى العبد واضطرب قلبه.

       كما أن جملة من الباحثين قد ذكروا أهم الأسباب التي تؤدي لنزول الطمأنينة والسكينة على القلوب:

1-    الإيمان بالله تعالى والرضا بتدبيره وقضائه وأن اختيار الله له أحسن من اختياره لنفسه.

2-    حسن الصلة بالله, واستشعار الخشوع له تعالى.

3-    استشعار قرب الفرج عند حلول المحن ونزول البلايا.

4-    المداومة على ذكر الله وتلاوة القرآن.

5-    المحافظة على أداء الصلوات المفروضة في وقتها وأداء صلاة الليل.

6-    السعي لطلب العلم.

7-    أداء الحقوق والواجبات التي فرضها الله وحفظ حقوق العباد.

8-    الإحسان إلى الناس.

9-    صدق الدعاء والإلحاح في الطلب.

__________________

المصادر:

- الميزان في تفسير القرآن – العلامة الطباطبائي

- تفسير الأمثل – الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

- تفسير مجمع البيان – الشيخ الطبرسي

- موسوعة الدكتور محمد راتب النابلسي

- المجمع العالمي لأهل البيت (ع) قسم الدراسات الاسلامية- الموقع

- دراسات دلالية - م.صلاح الدين سليم محمد


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1793
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24