• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .
                    • الموضوع : التمييز والتفريق بين المكي والمدني في القرآن الكريم .

التمييز والتفريق بين المكي والمدني في القرآن الكريم

المحاضرة القرآنية (3)

التمييز والتفريق بين المكي والمدني في القرآن الكريم

لسماحة الشيخ : عبدالجليل البن سعد

عناصر البحث :

(1) الإتجهات في تفسير المقصود من المكي و المدني .

(2) الثمرة التي نأخذها نتيجة التمييز بين المكي و المدني على الصعيد الفقهي و التاريخي للمسلمين .

(3) طريقة التعرف على المكي والمدني من المقاييس .

(4) بعض شبهات المستشرقين في المكي والمدني .

1 ـ الإتجهات في تفسير المقصود من المكي و المدني

هناك جملة من الاتجاهات اعتمدت على بعض الاجتهادات التي قد لا يكون لها دليل قوي أو حجة واضحة فيها وبما أن ذكرها لا يحوي على فائدة لا نسيح في  ذكر جميعها ولكن منها على سبيل التذكير:

أن  ما نزل في مكة فهو مكي و ما نزل في المدينة فهو مدني وهذا مبطل للقسمة ! كيف ؟

هناك بعض الآيات نزلت في غير هذين المكانين .

وا لإتجاه الصحيح  أن قل كل ما نزل في المرحلة الأولى للدعوة على قلب النبي صلى الله عليه وآله فهو مكي وأن ما نزل على قلب الرسول صلى الله عليه وآله في المرحلة الثانية من الدعوة فهو مدني حتى لو لم يكن في المدينة .

مثال ما حصل للرسول صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج مما لا يمكن أن يلحق لا بالمدينة ولا بمكة حسب التصنيف الأول.

نكتفي بهذا القدر من المقصود بين المكي والمدني وننتقل للعنصر الثاني في البحث .

(2)  الثمرة التي نأخذها نتيجة التمييز بين المكي و المدني على الصعيد الفقهي و التاريخي للمسلمين:

من الثمار التي نجنيها من معرفتنا بين المكي والمدني هو التعرف على الناسخ من المنسوخ لأنه من الطبيعي أن يكون الحكم الجديد في أي تشريع هو الناسخ لما سبقه وبما أن المدني لا حق للمكي فيكون الناسخ مدنيا في الأعم الأغلب هذا مع العلم بأن هذا المقياس لا يتفق عليه العلماء الأصوليون بحجة أن بعض الآيات تحثنا على النظر في آيات أخرى ومعنى النظر هنا إذا كانت الآية عامة ننظر إلى ما خصصها أو مطلقة ننظر إلى ماقيدها حتى لو كان هذا التقييد متأخر أو متقدما زمناً فلا مقياس للزمن في الناسخ والمنسوخ إلا تبين النظر في أحد الآيات إلى الآية الأخرى على وجه النسخ وهذه الفكرة طرحها الأصوليون على فراش البحث . وبعيدا عن ذلك  نقول:

من الثمار المتحصلة في معرفة المكي من المدني  تمييز  مراحل الدعوة فربما تتكلم آيات بأسلوب شدة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم تأتي وتتكلم بأسلوب أخف وربما تتقاطع مع هذا الأسلوب فنستغرب ونقول كيف يكون للرسول أسلوبان ما المعنى الدقيق لهذا ؟

الجواب هو أن أسلوب الشدة أحيانا تقتضيه الدعوة في مكة أكثر من المدينة وهكذا...

وهذا من ثمار التمييز بين المكي والمدني في السور .

(3)  طريقة التعرف على المكي والمدني من المقاييس :

ذكر العلماء القرآنيون طرقا ومقاييسا للتعرف على المكي والمدني، فأما ما يخص القسم المكي فنقاط :

(أ) قصور الآيات والسور أي أن  آياتها تكون قصيرة وموجزة وأيضاً سورها .

(ب) أسلوب الدعوة فيها يكون في أصول الإيمان بالله والإيمان بالوحي و الإيمان بالغيب إلى اليوم الآخر وهذا ما يشاع فيها .

(ج) الحث على التمسك بالأخلاق الحميدة .

(د) عناية الآيات والسور بمجادلة المشركين وتسفيه أحلامهم .

(هـ) كثرة استعمال الآية بقول يا أيها الناس . - وهنا كلمة للسيد الشهيد الصدر يقول : لا يمكن التعويل على ما ذكرنا بخصوص أخر نقطة يقول يمكن أن تكون يا أيها الناس مدنية . فأشكل عليه تلميذه شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم وقال هذا سهو من أستاذي فالسورة مكية ونحن نعلق على هذا التعليق  بأن السيد الشهيد كان يريد أن يقول أن السورة مدنية فعلا ولكن الآية مكية .

أما خصائص السور المدنية فهي كما يلي :

(أ) طول السور والآيات .

( ب ) أنها ذات عناية بالبراهين والأدلة على الحقائق الدينية .

(ج) سورها وآياتها تجادل أهل الكتاب .

(د) تتحدث عن المنافقين .

(هـ) التفصيل في الأحكام و الفرائض و الحقوق للناس .

 هنا سؤال / هذه المقاييس التي ذكرناها سابقا  ما موقفنا منها ؟

لا يمكن الاعتماد عليها أذا أردنا أن نقول أنها تفيد العلم  لكن لو أردنا أن نقول أن تلك الخصيصة مما يشيع في السورة المكية أو مما يشيع في السور المدنية لكان صحيحا أما بغير هذه الحالة لا نقبل بالمنهج .

ونذكر على سبيل المثال مايقال أن كل قصص الأنبياء هي مكية بينما نجد أن سورة البقرة مدنية على الرغم أنها تحمل قصة أحد الأنبياء وهذا لا يخرم الخصائص التي ذكرناها سابقاً عن المكية و المدنية و لا يبطلها وإنما كان الاعتماد على أن ذلك شائع في المكية غير ممتنع في المدنية .

(4)   بعض شبهات المستشرقين حول المكي والمدني في السور:

لاحظ المستشرقين الفروق التي بيناها سابقاً وا تخذوها ثغراتا لبث سمومهم فيها .

من الفروق قالوا أن القرآن خضع لظروف بشرية  تركت أثارها على أسلوب القرآن الكريم محاولة منهم أن هذا القرآن من وضع بشري وليس من الله سبحانه كأنهم أردوا أن يقولوا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعبقريته وذكاءه (كما ينعتونه) وضعه بأسلوبه نتيجة معاشرته لأهل الكتاب وليس لأنه منزل من الله سبحانه!!! . نجيب على هذه الشبهة   بالتفريق بين فكرتين أولا ..

الفكرة الأولى موضوع تأثر القرآن الكريم وانفعاله للظروف المحيطة به هذا التأثر كيف يكون وبأي نحو يأتي ؟

هل هذا التأثر بمعنى أنطباعه بتلك الظروف أم لا ،  نقول أن القرآن الكريم لديه مراعاة مثل أي إنسان يراعي مجتمعة. فنجد أن الإنسان إذا أراد مخاطبة مجتمع وجب عليه مراعاة المجتمع المخاطب في طبيعته وبشكل موضوعي .

فلذا نطلب توضيح أكثر من المستشرقين لمعنى التأثر .

و الفكرة الثانية للجواب:

أن شبهتهم ستقودنا مباشرة لموضوع الوحي وهذا ما يريدونه معارضة فكرة الوحي لذا نحتاج إلى مناقشة فكرة الوحي عندهم مناقشة تفصيلية بعدها ننظر للمكي فيها والمدني وما يتعلق بهما من أمور وهذا ما سوف نصل إليه إن شاء الله ضمن الحلقات القادمة.

والحمد لله رب العالمين .


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=173
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 09 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24