• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .
                    • الموضوع : علوم القرآن وأوجه نزوله باللغة العربية .

علوم القرآن وأوجه نزوله باللغة العربية

المحاضرة الاولى

علوم القرآن وأوجه نزوله باللغة العربية

سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد

المحاضرة الأولى إشراف عام على تسمية هذا الفن بعلوم القرآن، وتمحيص للوجوه التي ذكرت في سبب نزوله بلغة العرب..

مقدمة / نبارك لكم حلول شهر الرحمة و البركة أنزل الله علينا خيره وعجل في فرج مولنا صاحب الزمان عليه السلام. أما بعد

أن القرآن الكريم وعلومه مادة خصبة وعنوان بارز في الدراسات العليا التي تقدم في الجامعات للحصول على درجة الدكتوراه و الماجستير وقد أصبح للشيعة رصيداً ضخماً في علوم القرآن من خلال الدراسات المعمقة , وأن أبرز الدراسات في هذا المجال ما قدمه آية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره في كتابه ( البيان ) وهو عبارة عن مقدمة لتفسير القرآن الكريم فأبدع السيد في هذا المجال حتى أن تلميذه الشهيد الصدر الذي كان  صاحب ذهن وقاد ولامع في علوم الدين وقادر على توليد الكثير من  النظريات التي ملأت صداها أقاصي الأرض يقول  في بعض الكراريس التي كتبها في مجال علوم القرآن :""  أكتفي بما ذكره أستاذي السيد الخوئي في هذا المجال""

نكتفي بهذه المقدمة وندخل في صلب البحث .

تعريف القرآن الكريم وعلومه :

 تختلف العلوم باختلاف الموضوع المطلوب من القرآن الكريم فمثلاً إذا نظرنا إلى القرآن باعتباره كلاما دالا على معنى فإنه يكون موضوع لعلم التفسير فيشرح معانيه ويفصل القول في مدلولاته ومقاصده .

وإذا نظرنا إليه باعتباره  مصدر من مصادر التشريع فيصبح موضوع لعلم آيات الأحكام وهذا العلم يحتاج معرفة كاملة بالآيات و مختص بالفقهاء والعلماء لأنهم أصحاب فن في ذلك .

وقد ينظر له أنه دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أي أنه معجزة النبي في صدق رسالته.

وبهذا يصبح القرآن الكريم موضوعا لعلم  يعرف بعلم إعجاز القرآن الكريم وأنه فوق كلام البشر ويمتاز بخصائص عديدة تختلف عن كلام البشر وهناك دراسات مختلفة من المستشرقين تدل على ذلك وسنسلط الضوء عليها في أبحاث لاحقة وكان الهدف منها تشويه الدين الإسلامي  .

وقد ينظر إليه  كنص عربي فيكون موضوعا لعلم الإعراب وقد كتب في ذلك الكثير من المعاجم الإعرابية القرآنية ويتعلق بهذا ظاهرة هناك من يسعى للكلام عنها وهو الغلط القرآني في بعض الأعاريب وسوف نتناول ذلك ضمن بحث التحريف أو رسم المصحف إن شاء الله تعالى .

وقد ينظر له من خلال الأحداث والسير التي جرت فيه وما يسمى بعلم أسباب النزول . وغيرها من الأمثلة المختلفة

وقد ينظر له كلفظ فكيف يقرأ ويدخلنا في موضوع تعدد القراءات للقران الكريم وهل أنها متواترة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أم لا وما الوجه في جواز القرآءة بها إن لم تكن متواترة وهل أنها هي المراد من الأحرف السبعة أم لا ..

وبعد هذا العرض يأتي هنا سؤال مهم  وهو لماذا نزل القرآن الكريم باللغة العربية ؟

وهذا إشكال يثار من قبل المستشرقين ويحتجون بكلامنا بقولهم أنتم تقولون:

أن القرآن كتاب هداية للناس كافة فلماذا جاء بلغتكم العربية إذن ؟

في معرض الجواب على هذا السؤال نقول:

قد تصدى الشهيد الصدر قدس سره للإجابة فقال إن الإجابة تحمل أوجه كثيرة:

1 ـ أن الجماعة الأولى التي يراد مخاطبتها هم عرب أقتضى ذلك نزوله باللغة العربية ولولا ذلك لأمكن افتراض نزوله بلغة أخرى ، وإن القرآن نفسه أشار إلى بعض الأسباب:

عصبية العرب وأنهم لا يستجيبون لو كان بلغة أخرى قال تعالى {ولو نزلنه على بعض الأعجمين ما كانوا به مؤمنين}..

2 ـ أن القرآن جاء مباشراً ومخاطبا لهم بلغتهم وهذا أدعى للتفاعل الروحي وإن هذا الأساس لا يقتصر على رسالة القرآن بل كل الرسالات قال تعالى {وما أرسلنا رسول إلا بلسان قومه} .

3 ـ  جاء القرآن يتحدى العرب لأنهم بارزون في علم اللغة  كما في سورة يونس آية 38 {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} .وغيرها من الآيات ترجح استخدام اللغة العربية على غيرها من اللغات وقد أضاف الشيخ إتمام للوجوه السابقة بقلم السيد الشهيد السعيد الصدر ما يلي :

1 ــ أن  لهذه اللغة خصائص وقابليات حيوية ومرونة في تعبيراتها ولها سعة لا توجد في لغات أخرى(وإن وجدت بعض مبادئها) من أمثلة ذلك:

-  الاشتقاقات الصرفية مثل الاشتقاق  الصغير و الكبير , وكل اشتقاق يحمل معنى معين غير سابقه أو مثله ويزيد عليه ومن الأمثلة  صيغ المبالغة التي وإن كانت تحت مسمى واحد لكن كل مثال منها يحتفظ بميزة خاصة ..

وللمثال إذا قلنا: إن العالم الفلاني أفضل من العالم الفلاني فإن صيغة المبالغة هنا تعني أن العالمين فاضلين لكن أحدهما أفضل من الآخر وهنا تفيد المشاركة وزيادة، ولكن مما يجب أن نعرف أن هذه القاعدة مرنة وحيوية وذات أسرار أبعد من هذا المعنى الذي ذكره أكثر النحاة(المشاركة وزيادة) . والشاهد على ذلك  حينما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (اللهم أبدلهم شر مني وأبدلني الله خير منهم) فليس معنى الحديث هنا أن أمير المؤمنين عليه السلام يشترك معهم في الشر كما أنه لا يهدم القاعدة لكن نحتاج إلى تحليل لغوي لفهم المراد من هذا الحديث، لعلها ذكرت لدى شراح خطبه .

كما أن اللغة العربية دقيقة ومن دقتها أن بابا واحدا من أبوابها وهو حروف المعاني أستدعى جهودا جبارة من العلماء والمتتبعين حتى أنهم قسموا البلاغة إلى ثلاث أقسام وهي (علم البديع وعلم البيان وعلم المعاني) وكذلك النحاة أيضا وجدوا أنفسهم محاصرين بهذا العلم فكتبوا كتبا خاصة ككتاب رصف المباني و الجنى الداني و الباب الأول من كتاب مغني اللبيب...

و حساب الجمل الصغير والكبير وغيرها من الأمور .

 ولكني أريد أن أقول زيادة على حروف المعاني فإن حروف المباني أيضا تحمل اسرارا في طريقة تألفها بالشكل الذي قد لا نجده واضحا ضافيا في أي لغة أخرى ونأخذ على سبيل المثال كلمة:

صعود وكلمة سعود فكلاهما تشير إلى مرحلة الإرتفاع , فالصعود معناه أن نحتاج أدوات مادية كالسلم أوغيرها من الأدوات للصعود عليها بينما معنى كلمة سعود تفيد أرتفاع معنوي في الروح والخيال وغيرها من المعاني . مثال أخر لو أخذنا كلمة قضم فإنها تناسب الصوت لأكل التفاحة مثلا وخضم تناسب الصوت لأكل الرطب والخيار مثلا .

وحتى مثال الإعراب الذي عرف في علم النحو بأنه الإظهار وبيان موقع الفاعل من موقع المفعول من موقع المجرور ... فإن الحقيقة أقوى من هذا التفسير

إذ أن قواعد الإعراب تحافظ على التجانس والإيقاع الصوتي وتوليد نغمة جميلة بإمكانك أن تمتحن هذا عند قراءة جملة بوجه إعرابي صحيح وقراءتها مرة أخرى بوجه إعرابي ملحون شديد اللحن لترى النفرة والنشوز في الجملة الملحونة والإنسجام في الجملة المصونة..

2  ـ أن الاختيار مبدأ ألهي فهو سبحانه وتعالى قد أختار من كل صنف شيئا كصنف الأيام كالجمعة والساعات كالسحر والشهور كالأشهر الحرم وشهر رمضان والأمكنة كمكة وكربلاء والكوفة وقم والأنهار كما ورد في شأن الفرات.. وكذا الناس أختار منهم الأنبياء واختار من الأنبياء الرسل ومن الرسل أولي العزم، ومن أولي العزم نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم ...

وإن من بين الأشياء التي يشملها مبدأ الإختيار اللغات فقد صارت اللغة العربية صفوة اللغات وعينت لغة لأهل الجنة ولغة لأعاظم الأنبياء بل هي مما جرى بأمر الله على يدي أحدهم وهو نبي الله اسماعيل على تحقيق لا يمكن الولوج فيه في هذه المحاضرة..  

 الخلاصة / أنه على الإنسان أن يبحث دائما على الكمال ثم ينظر إلى الأكمل ثم الأكمل وهكذا إلى أن يصل إلى منتهى الكمال وهو الله سبحانه وتعالى فيزيد التوحيد في قلبه ويزداد يقينه باختيار الله عز وجل للأمور . و السلام  عليكم ورحمة الله وبركاته


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=167
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 09 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24