• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : حديث سلسلة الذهب .

حديث سلسلة الذهب

إنّ منزلة الإمام علي بن موسى الرضا (سلام الله عليه) لا تضاهيها منزلة لدى علماء المسلمين فقد دانوا له بالفضل والتعظيم في حياته وبعد مماته، وفي الخبر: إنما سمي بالرضا لأنّه رضي من قبل الخاص والعام..

فهو ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وولي من أولياء الله .. وبهذه النظرة لا غير كان يراه المسلمون جميعاً في حياته ومماته..

أمّا بعد مماته :

فيقول ابن حبان في كتابه الثقات وهو ـ أحد أشهر علماء السنة ـ : «قد زرته مراراً كثيرة وما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا ودعوت الله إزالتها عني إلا استجيب لي وزالت عنّي تلك الشدة وهذا شيء جرّبته مراراً فوجدته كذلك».

وأمّا في حياته:

فقد ورد في الحديث المعروف والذي لا ينكر لكثرة طرقه وهو حديث سلسلة الذهب بأنّه لمّا قدم نيشابور احتشدت الحشود عليه ـ في نص سيأتي نقله إن شاء الله تعالى ـ أخذوا لجام بغلته ومرغ بعضهم وجهه في حوافر بغلته ولم ينكر عليهم ما صنعوا!! أمّا نصّ الحديث: فعن اسحاق بن راهويه: «لمّا وافى أبو الحسن الرضا (عليه السلام) نيشابور وأراد أن يرتحل إلى المأمون اجتمع عليه اصحاب الحديث، فقالوا: يا بن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تدخل علينا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك وقد كان قعد في العمارية فأطلع رأسه فقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله عزّ وجلّ يقول: لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي، فلمّا مرّت الراحلة نادى: أمّا بشرطها وأنا من شروطها». وفي السند الآخر عن: «ميكائيل عن إسرافيل عن اللّوح والقلم ... ».

ماذا يعني هذا المصطلح؟

يطلق مصطلح سلسلة الذهب عندهم على ما كان سنده من أصحّ المصحّحين وأن يكون فيه أهل الشرف والعلم والرسالة، وفي قباله «سلسلة الكذب» إذا كان إسناده من الكذابين والوضاعين ونحوه.. وعندنا على ما يرويه المعصوم عن المعصوم عن الله عزّ وجلّ .. يقول السيد علي البروجردي في طرائف المقال: سلسلة الذهب وهو ما يرويه المعصوم عن آبائه وذلك فيما إذا حدّث مثلاً الحسن بن علي عن أبيه علي عن أبيه محمّد عن أبيه أبي الحسن الرضا عن أبيه موسى عن أبيه أبي عبد الله عن أبيه أبي جعفر عن أبيه علي عن أبيه الشهيد عن أبيه علي عن الرسول صلّى الله عليه وآله..

 دلالات الحديث:

إنّ المتطلّع في الحديث يجد فيه الدلالات العظيمة على بركات أهل البيت (عليهم السلام) وعلوّ كعبهم ورفيع منزلتهم في نظر عموم المسلمين، ويمكننا محاصرة بعض الدلالات كالتالي:

 (1)    استملاه أهل الدوى والمحابر ما يزيد على 20000 إنسان، وهذه إشارة إلى العلماء لأنّ المحبرة هي الدواة الكبيرة وتدلّ على تقدّم حاملها في العلم والحديث، وأمّا الدواة فإنّ صاحبها أقلّ درجة..

 (2)   إنّ هذا العدد الضخم يدلّ على أنّ نظر الناس إلى أولاد الرسول (صلّى الله عليه وآله) أنّهم علماء بشريعة جدّهم وأنّهم لا يقاسون بأحد في الأخذ عنهم ولذا لم يستقبل أحد من علماء المسلمين بهذه الحفاوة..  وفي هذا ردّ على ابن تيمية الذي كان يفضّل بعض الفقهاء على علي ابن موسى الرضا سلام الله تعالى عليه ؟!! ولكن نقول: إذا كان نظرهم إلى علي بن موسى الرضا بهذا الحجم وهو الثامن من أولاد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فكيف يكون نظرهم إلى من هو أقرب منه عهداً كجدّه أبي عبد الله الصادق وأبي جعفر الباقر.. وكيف ساغ أن يتخذوا فقهاء غيرهم مع وجودهم والإذعان  بأقلّية من سواهم عنهم؟!!

 (3)    أنّ هذا الحشد كان فيه من العلماء الضالعين أمثال أبو زرعة الرازي، وقد ذكر الرجاليون أنّه قد اشتهر بأخذ الحديث شهرة فائقة وكان يأخذ الحديث وهو حدث السنّة صغيراً، ومحمّد بن أسلم الطوسي الذي قال عنه أبو خزيمة: رباني هذه الأمة...

(4)    لقد كانوا ينظرون إلى أسماء الأئمة (عليهم السلام) أنّها مصدر إشعاع بالبركة فضلاً عن أجسامهم ولا بأس أن نؤكّد هذا المعنى.. يقول يحيى بن الحسن الحسيني: لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق، كما نقله الزمخشري في ربيع الأبرار، وأيضاً به قال ابن الجوزي في التذكرة، ونقل ابن حجر في الصواعق عن أحمد بن حنبل نظيره فقد قال: لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنّته!! وينقل كشف الغمة والبحار والكثير من علماء الفريقين كالمناوي في شرحه الكبير على الجامع الصغير كلّهم عن أبي القاسم القشيري أنّه: «اتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض أمراء السامانية فكتبه بالذهب وأوصى أن يدفن معه في قبره فرئي في النوم بعد موته فقيل: ما فعل الله بك؟ قال غفر لي بتلفّظي بلا إله إلا الله وتصديقي بأنّ محمداً رسول الله»، وهذا ظاهر في أنّه أسلم ببركة هذا الحديث الشريف يؤيّده الزيادة التي جاءت في نقل العلامة المجلسي في البحار: غفر الله لي بتلفّظي لا إله إلا الله وتصديقي محمّداً رسول الله مخلصاً وأنّي كتبت هذا الحديث بالذهب تعظيماً واحتراماً». ونقل هذا الكلام عن القشيري الكثير كالبدخشي مفتاح النجا وأخيراً الدكتور علي البار في تحقيقه للرسالة الذهبية ...وينقل الشيخ السبحاني حفظه الله أنّ السامانيين (وهم حكّام بخارى وما حوله أيّا م المأمون وبعده) كانوا يحتفظون بنسخة منه في خزانتهم حبّاً للأدب والعلم"العقيدة الإسلامية"علم وتقصير كيف يكون هذا؟؟ لقد أظهر هذا الحديث الذي لا غبار عليه أن أهل البيت هم الأعلم والأفقه والأجمع لآثار جدّهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنّهم ورثوا بركته في أجسامهم ومقاماتهم، فلا بد أن يكونوا ورثوا علومه أيضاً فكيف يسند عن غيرهم ويجهلوا الإسناد عنهم فلا نرى الإسناد عنهم إلا عشر معشار ما أسند عن غيرهم خصوصاً من الكذابين والوضاعين والناصبين؟!!! ثمّ ماذا تجدي المحبّة إذا عرفنا فضيلتهم وأخّرنا مرتبتهم التي رتّبهم الله عليها.. وهذا يذكّرني ببعضهم الذي يذكر في ترجمة أمير المؤمنين أو بقيّة الأئمّة من أهل البيت أنّه يخبر بالمغيبات ويحصي من ذلك الشواهد الكثيرة ثم لا يرى في هذه فضيلة توجب تقديمه على غيره بل قد يتردّد في الحكم على قاتله، نسأل الله صحة العقول؟!! هل الشيعة مقصرة مع هذا الحديث: لا يتساهل الشيعة في التقصير مع أهل البيت (عليهم السلام) ولا يرضون إلا بالمجاهدة في سبيل رفع رايتهم (عليهم السلام) أخذاً بقول الله عز وجل: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، ووصيّة رسوله بالثقلين؛ القرآن وأهل البيت (عليهم السلام)... ولكن يحصل قصور من عدم الالتفات أحياناً فنجد أن الكثير من الشيعة لا تعرف التوسل بهذا الحديث الشريف وربما تمسكت بقراءة بعض القصائد كقصيدة السيد الحميري وغيرها من الأمور التي لا نقلّل من شأنها، ولكن لم تكن في عظمة هذا الحديث وسرعته في الإجابة.. وأني أقترح: أن يحرص الشباب والشابات على حمله في جيوبهم وأن يكتب منه لوحات توضع على مداخل البيوت أو داخل الغرف حرزاً وصوناً للنفس والمال والأهل.. وإلى هذا الحد أذكركم أن الفقهاء عليهم الرحمة قد نبّهوا على استحباب أن يكتب على الكفن؛ بل نبّه صاحب العروة الوثقى عليه الرحمة باستحباب أن يكتب بالسندين المعروفين له أحدهما عن إسحاق بن راهويه والآخر عن الحسن بن محمّد ابن أبي جمهور لوجود بعض الاختلاف بين الروايتين.. 

ماذا تعني كلمة التوحيد؟

إذا أردت أن تتعرف على عظمة كلمة ( لا إله إلا الله) فانظر كيف حملها الله لجبرئيل يحملها إلى رسوله ورسوله يحملها إلى وصيه من أبنائه وهكذا الوصي إلى الوصي... وممّا يزيد هذا الحديث صدقاً أنه طابق قول الرسول (صلّى الله عليه وآله): «قولوا لا إله إلا الله تفلحوا»؛ لأن الحديث عن الفلاح يساوي الحديث عن الأمان بدخول الحصن كما هو نص " سلسلة الذهب"!  وانظر أن هذا الحديث باشتماله على هذه الكلمة أصبح أماناً في القبر وهي فائدة لهذه الكلمة الخالصة لا ينبغي أن تنكر بدليل: قصة الامير الساماني في خبر القشيري الآنف الذكر..

-    قصة الإمام الصادق (عليه السلام) : «حينما عزى رجلاً بابن له ... ثم بلغه بعد ذلك أنه لا يزال جزعاً عاد إليه فقال قد مات رسول الله أفما لك به أسوة؟ فقال: إنه كان مراهقاً! فقال له إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله عز وجل».

-    قصة أمير المؤمنين (عليه السلام) كما يروي ذلك القطب الراوندي: «أنه مرّ بمقبرة فقال: السلام على أهل لا إله إلا الله من أهل لا إله إلا الله يا أهل لا إله إلا الله كيف وجدتم كلمة لا إله إلا الله فهتف هاتف وجدناها المنجية من كل هلكة».

منقول من موقع (قبس) لسماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد – بتصرّف.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1571
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24