• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : الإمام علي (ع) كان رائداً في حقوق الإنسان .

الإمام علي (ع) كان رائداً في حقوق الإنسان

سماحة السيد منير الخباز

دولة الإسلام أم دولة الإنسان.

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}

منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران حصل بحث حول النظام الصالح للمجتمع الإسلامي وهل هو النظام الليبرالي العلماني أم الديني؟ نتحدث عن ذلك في ثلاثة محاور:

محاور المحاضرة:

1/ فلسفة النظامين (النظام الليبرالي والنظام الديني).

2/ ما هي معالم النظامين؟

3/ هل يمكن التوفيق بين الرؤيتين؟

فلسفة النظامين:

فلسفة النظام الليبرالي:

يقوم على مقايسة النظام السياسي بنظام الطبيعة. فنحن إذا تأملنا في الطبيعة نرى أن الكون يسير وفق قانون السببية فمثلاً الجاذبية سبب لسقوط الأشياء وسطوع الشمس على الماء سبب لتبخره سواء كان هناك إيمان بالدين أم لم يكن. وعليه فالنظام السياسي يجب أن يكون مثل الطبيعة فكما أن الدين لا دخل له في الطبيعة فهو كذلك لا دخل له في السياسة. لذلك فالنظام يجب أن يكون مجرد عن الدين والإيمان.

فلسفة النظام الديني:

النظام الديني ينطلق من نظرية الخلافة والتي معناها أننا إذا تأملنا الكون نجد أن الأصيل هو الله والإنسان إنما هو نائب أو خليفة. فإذا كان الإنسان مجرد خليفة فنظام الكون يجب أن يكون قراره بيد الأصيل وليس بيد النائب {إنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} وغيرها من الآيات.

ما هي معالم النظامين؟

النظام الليبرالي:

النظام الليبرالي يهتم بحقوق الإنسان ولا دخل له في حقوق الله، فهو يرى أن الأصالة لحقوق الإنسان وذلك لعدة معالم:

وجود الله وأهمية الدين وصحة المذهب كلها مسائل خلافية والبشرية لم تتفق عليها، وعليه فلو حكم البشر بنظام ديني فذلك منافياً للعدالة لأن بعظهم سيُحكم بنظام لا يرغب به.

إذا كان لله حقوق فهو اقدر على ان يدافع عن حقوقه ونحن وظيفتنا الدفاع عن حقوق الإنسان.

"السلطنة الذاتية لا تنقص وإنما التي تنقص هي السلطنة الإكتسابية" ومثال ذلك: شراء السيارة يجعل لك سلطنة عليها سلطنة اكتسابية فلو جاء شخص وأخذ السيارة واستفاد منها حصل نقص في سلطنتك، ولكن السلطنة على المشاعر سلطنة ذاتية فلا يمكن لأي بشر أن ينقص منها. وعليه فسلطنة الله على هذا الكون سلطنة ذاتية ولا يمكن أن تنقص بمعصية العبد. فالنظام الليبرالي يقول أن حقوق الله لا تنقص ولذلك نحن لا ندافع عنها وإنما ندافع عن حقوق الإنسان.

الأصل في النظام الليبرالي كرامة الإنسان وهي تعني أن الحكم بيد الإنسان لا بيد السماء، ومقتضاها أن يكون للإنسان الخيار والانتخاب أما إذا فُرض عليه نظام من السماء فهو ينافي كرامته.

خاض البشر حروب طاحنة حتى وصلت لحقوق الإنسان ووصلت إلى ان حقوق الإنسان أربعة: العدالة، الأمن، العمل، والتحرر من التمييز.

النظام الديني:

قادة النظام الديني لا يقبلون الرؤية الليبرالية ويصرون على أن النظام الحاكم لابد أن يكون دينياً لعدة معالم:

الخلاف بين النظامين في تعريف الإنسان: الليبرالية تقول أن الإنسان هو الذي ولد من بطن أمه، أما الدينية فتقول أن هناك بعد ديناً في شخصية الإنسان ومعنى ذلك أن الإنسان يحتاج إلى الدين كما يحتاج إلى الماء والطعام ولذلك فلابد من النظام أن يتكفل بإشباعه بها.

الإنسان دائماً في قلق {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً} ولذلك فهو بحاجة إلى غذاء روحي ليقاوم هذا القلق والدين هو الذي يوفر هذا الغذاء {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

الإنسان كيف يقاوم مصاعب الحياة من إخفاق في دراسته أو إخفاق في تربية أبنائه وغيرها من الإخفاقات، ولذلك فهو بحاجة إلى إرادة لمقاومة هذه الإخفاقات والدين هو الذي يمنح الإنسان هذه الإرادة {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.

وعليه فلا يمكن إغفال الدين عن النظام السياسي.

الأصل أيضاً في النظام الديني كرامة الإنسان {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ولكن ما هي الكرامة؟ الليبرالية تقول أن الكرامة هي اختيار الإنسان، أما الدينية فتقول أن الكرامة تعني أن يعيش الإنسان تحت نظام يلبي احتياجاته. فلو اختار الإنسان أن يعبد الأصنام أو الفئران فهذا ينافي كرامته لأنه أعظم المخلوقات وعليه فالكرامة تعني أن يعيش الإنسان تحت نظام يسعده، قال رسول الله (ص): (إن الله فوض للمؤمن كل شيء ولم يفوض له أن يذل نفسه).

جميع الأنظمة الوضعية تقرر أن الإنسان باستطاعته أن يقرر العقيدة التي يريد، فإذا كانت عقيدته تأمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو لا يستطيع أن يعمل وفق عقيدته بنظر الليبرالية وهنا يحصل التفاوت.

فرق بين المجتمعات: فلو اختار مجتمع غير ديني نظام غير ديني فذلك لا إشكال فيه ولكن المشكلة تحصل إذا اختار مجتمع ديني نظام غير ديني لأن النظام لا يمكن أن يكون فاعلياً لأن فاعليته بانسجامه مع هوية المجتمع وثقافته.

أما من عدم مراعاة حقوق الله فعلماء الكلام يقولون أن الظلم قبيح سواء أحدث نقصاً أم لم يحدث، فعدم مراعاة حقوق الله ظلم قبيح والله هو المنعم فواجب علينا أن نشكره بمراعاة حقوقه.

هل يمكن التوفيق بين الرؤيتين؟ وهل يمكن وجود نظام ديني وديمقراطي؟

الليبرالية تقول أن الأصل بصندوق الإقتراع بينما الدينية تقول أن الأصل بالدين فهل يمكن التوفيق بينهما؟ نعم يمكن ذلك وفق أسس كالتالي:

المذهب الإمامي يرى بمرجعية العقل، فالحسن والقبيح ما حكم العقل بذلك، فالمرجعية الأولى للعقل فبالعقل ثبت وجود الله وبالعقل ثبت الدين. وعليه فالعقل هو ذو المرجعية الأولى وهو ذو المرجعية في الدين والفروع.

نعم، قد نختلف في المصاديق مثل ما إذا كان فرض الحجاب على المرأة ظلم أم لا، فالعقل لا يمكن له أن يحكم أن فرض الحجاب ظلم أم لا إلا إذا أحاط بمنافع البشرية كلها ولذلك لا يمكن أن نعتمد عليه في المصاديق.

التفريق بين الدين وفتوى الفقيه: فتوى الفقيه مظهر للدين ولكن الدين الواقعي غير الفتوى، فالدين هو الذي ثبت بالأدلة القطعية وليس بالفتوى.

الدمج بين الرؤيتين من خلال صندوق الإقتراع ممكن، فالنبي (ص) أخذ البيعة من المسلمين وهو لم يكن محتاج لها لأن البيعة عقد عقلائي ملزم ليكون نظامه ثابت من جهة السماء ومن جهة انتخاب الناس. فمن الممكن أن يُنتخب النظام الديني من قبل صنايق الإقتراع.

ونحن إذا راجعنا التاريخ لوجدنا أن قادة النظام الديني هم رواد حقوق الإنسان، فالإمام علي (ع) كان رائداً في حقوق الإنسان فدولته هي دولة حقوق الإنسان وهي قائمة على رؤية السماء وعلى رؤية حقوق الإنسان، وعلى ذلك ايضاً سار أبنائه الطاهرين (ع).


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1553
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24