• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) في أقوال علماء أهل السنة .

الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) في أقوال علماء أهل السنة

إعداد: اللجنة العلمية في دار السيدة رقية (س) للقرآن الكريم

هناك الكثير من كبار علماء أهل السنة قالوا في مدح الإمام الكاظم(عليه السلام) لا يسع المجال لذكر أقوالهم جميعاً، ولذا سنقتصر على ذكر بعضها كنموذج وشاهد على ما اعترفوا به من الفضل والفضلية وعظيم القدر والمنزلة للإمام الكاظم (عليه السلام) في كتبهم ومصنفاتهم المعتبرة، ولكن بعد أن نذكر توطئة نتطرق فيها إلى ما نقل عن حاله أثناء قراءته للقرآن الكريم، وبعض ما جاء في تفسيره آيات الذكر الحكيم.

ولنعم ما قال الشاعر الموالي في توصيفه لمناقبه وفضائله (عليه السلام):

 

شهد الأنام بفضله حتى العدا *** والفضل ما شهدت به الأعداء

فتلألأت أنواره لذوي النهى *** فتزحزحت عن غيرها الظلماء

    وقال آخر:

يروي مناقبه لنا أعدائهم  *** لا فضل إلا ما رواه حسود

وإذا رواها مبغوضوهم لم يكن **** للعالمين على الولاة محيد

حاله (عليه السلام) عند تلاوة القرآن

لقد كان الإمام موسى بن جعفر (عليه وعلى آبائه آلا ف التحية والسلام) عندما يقرأ القرآن الكريم، إنّما يقرأ بصوت حزين تتجلى من خلاله المعاني القرآنية، حتى يكاد يُخاف عليه من شدّة الحزن المخيم على نفسه، فلم يكن يقرأ حروفاً وكلمات مسطورة على الورق، بل كان يخرج المعاني من مكنون الكتاب العزيز، فتتجلى على صفحة نفسه المشرقة بنور الله تعالى، ثم تتجلى من على نفسه إلى كل من يسمع تلاوته المباركة.

فقد جاء عن حفص أنّه قال: (ما رأيت أحداً أشد خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر (عليه السلام) ولا أرجى للناس منه، وكانت قراءته حزناً، فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنساناً).

فكانت هذه المعاني القرآنية العالية ظاهرة في جميع تصرفاته وحركاته (عليه السلام)، فكأنّه القرآن بعينه، بل هو عين القرآن، فهو القرآن الناطق الذي اصطفاه الله واختاره لحمله من بعد آبائه الأطهار(عليهم السلام) فهم أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة والتنزيل، فكانت أخلاقه أسمى الأخلاق لأنّها كانت قرآنية، فكان يخاف الله تعالى في كل سكنة وحركة، فتجلّى ذلك الخوف على نفسه فكان من أشفق الناس على نفسه؛ فلا يريد لها إلا ما أراده الله تعالى، ولا يختار لها إلا ما اختاره الله لها، لتكون بذلك موضع محبة الله ورضوانه الأكبر،  ثم إنّه (عليه السلام) كان دائماً يسعى إلى طلب الخير ورجائه لا نفسه فقط، بل لأهل الإيمان من أبناء جلدته، لأنّه يراه تقرباً لله تعالى، ولذا تجده دائماً يرجو للناس كل خير، ولم يكن رجاؤه مجرداً عن العمل، بل كان (عليه السلام) يتقرب إلى الله بالإحسان إلى الناس، فقد كان يتفقد فقراء أهل البيت فيحمل إليهم في الليل، فيوصله إليهم وهم لا يعلمون من أي جهة هو).

وأما في التفسير

فقد روي عنه (عليه السلام) الكثير من التفسير لآي القرآن الكريم، وقد نقل عنه القمي والعيّاشي والحويزي وغيرهم في تفاسيرهم الكثير من ذلك، نشير هنا إلى شذرات من تفسيره (عليه السلام) لبعض السور:

1- عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته فقلت: جعلت فداك، ما كان تابوت موسى؟ وكم كانت سعته؟ قال: ثلاث أذرع في ذراعين. قلت: ما كان فيه؟ قال: عصى موسى والسكينة. قلت: وما السكينة؟ قال: روح الله يتكلم، كانوا إذا اختلفوا في شيء كلمهم، وأخبرهم ببيان ما يريدون [معاني الأخبار: 284 / 2]

2- عن سليمان الفرّاء، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة) [البقرة: 45]، قال: الصبر: الصوم، إذا نزلت بالرجل الشدة أو النازلة فليصم، فإنّ الله يقول: (استعينوا بالصبر والصلاة)[تفسير العياشي 1: 43 / 41].

 

3 - عن أبي سمينة، عن مولى لأبي الحسن، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالى: (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا)[البقرة: 148]، قال: وذلك والله أن لو قد قام قائمنا، يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان [تفسير العياشي 1: 66 / 117].

4- وعن ربعي بن عبد الله بن الجارود، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: (فصيام ثلاثة أيام في الحج) [البقرة: 196] قال: قبل التروية يصوم، ويوم التروية، ويوم عرفة، فمن فاته ذلك ففي بقية ذي الحجة، فإنّ الله يقول في كتابه: (الحج أشهر معلومات) [تفسير العياشي 1: 92 / 238، والآية من سورة البقرة: 197].

 

قالوا في الإمام الكاظم (عليه السلام)

إنّ من الأمور الملفتة للنظر والباعثة على التأمل هو ما جاء في مدحه (عليه السلام) في كتب أهل السنة، حيث شهدوا له بالإمامة والوثاقة لما له من المناقب والفضائل الكريمة، ما يدل على عظمة شخصيته (عليه السلام)، وإليك بعض هذه الكلمات:

أولاً: أبو محمد التميمي الحنظلي الرازي

هو عبد الرحمن بن محمد أبي حاتم بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي، المعروف بأبي محمد الرازي من كبار الحفاظ للحديث ولد سنة (240هـ) وتوفي سنة (327هـ) له تصانيف كثيرة، قال في الإمام(عليه السلام):

(موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، روى عن أبيه، ورى عنه ابنه علي بن موسى، وأخوه علي بن جعفر، سمعت أبي يقول ذلك حدثنا عبد الرحمن  ، قال: سئل أبي عنه فقال: (ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين) [راجع الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي، ج8، ص139].

ثانياً: أبو الفرج الأصفهاني

وهو علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المرواني الأموي القرشي، من أئمة الأدب والأعلام في معرفة التاريخ والأنساب والسير والآثار، واللغة ، والمغازي، ولد في أصبهان (284هـ) وتوفي في بغداد (سنة 356هـ)، قال:

(كان موسى بن جعفر عليه السلام إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير، وكانت صراره مابين الثلاثمائة إلى المائتين دينار فكانت صرار موسى مثلاً).

ثالثاً: أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي

مؤرخ معروف له كتاب في التاريخ يعرف بتاريخ اليعقوبي، قال في الإمام الكاظم (عليه السلام):

(قيل لموسى بن جعفر وهو في الحبس: لو كتبت إلى فلان يكلم فيك الرشيد، فقال: حدثني أبي عن آبائه: إنّ الله عزّو جلّ أوحى إلى داود: يا داود أنّه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني عرفت ذلك منه إلا وقطعت عنه أسباب السماء وأسخت الأرض من تحته) [تاريخ اليعقوبي، ج2، ص414).

رابعاً: جمال الدين ابن الجوزي

وهو عبد الرحمن بن محمد الجوزي القرشي البغدادي، أبو الفرج، من كبار علماء السنة في التاريخ والحديث، كثير التصانيف، ولد سنة (508هـ) قال في الإمام الكاظم (عليه السلام):

(موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، بن علي، أبو الحسن الهاشمي، كان يدعى العبد الصالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وكان كريماً حليماً إذا بلغه عن رجل أنّه يؤذيه بعث إليه بمال) (صفوة الصفوة لابن الجوزي، حيث نقل فيها الكثير عن الإمام الكاظم (عليه السلام) ج2، ص184-188).

خامساً: أحمد بن محمد بن خلكان

ابن خلكان البرمكي الأربلي المعروف بأبي العباس، مؤرخ وأديب صاحب كتاب (وفيات العيان وأنباء الزمان) ولد سنة (608هـ) ، قال في الإمام الكاظم (عليه السلام):

(أنّ هارون الرشيد حج فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم زائراً وحوله قريش ورؤساء القبائل، ومعه موسى بن جعفر، فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم، افتخاراً على من حوله، فقال موسى: السلام عليك يا أبت، فتغير وجه هارون الرشيد وقال: هذا هو الفخر يا أبا الحسن حقاً)

وقال أيضاً: (وله أخبار ونوادر كثيرة. وكانت ولادته يوم الثلاثاء قبل طلوع الفجر سنة تسع وعشرين ومائة، وقال الخطيب: سنة ثمان وعشرين بالمدينة؛ وتوفي لخمس بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وقيل سنة ست وثمانين ببغداد، وقيل إنه توفي مسموماً. وقال الخطيب: توفي في الحبس ودفن في مقابر الشونيزيين خارج القبة، وقبره هناك مشهور يزار، وعليه مشهد عظيم فيه قناديل الذهب والفضة وأنواع الآلات والفرش ما لا يحد، وهو في الجانب الغربي، وقد سبق ذكر أبيه وأجداده وجماعة من أحفاده، رضي الله عنهم وأرضاهم، وكان الموكل به مدة حبسه السندي بن شاهك جد كشاجم الشاعر المشهور.) راجع: وقفيات الأعيان: ، ص308- 310).

سادساً: شمس الدين الذهبي

وهو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايمار الذهبي، مؤرخ وحافظ ومحقق تركماني الأصل، ولد في ميافارقين سنة (673هـ) له تصانيف كثيرة، قال في الإمام الكاظم (عليه السلام):

(موسى بن جعفر بن محمد بن علي العلوي الملقّب بالكاظم، عن أبيه، قال: ابن أبي حاتم: صدوق إمام من أئمة المسلمين، وقال أبوه حاتم الرازي: ثقة إمام من أئمة المسلمين، وقد كان موسى من أجود الحكماء ومن العباد الأتقياء، وله مشهد معروف ببغداد). (ميزان الاعتدال، ج4، ص201).

 سابعاً: أبو محمد اليافعي اليمني المكي

وهو عبد الله بن أسعد بن علي بن عفيف الدين، مؤرخ وباحث ومتصوف من الشافعية، قال في الإمام الكاظم (عليه السلام):

(كان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر، وهو أحد الائمة الاثني عشر المعصومين في اعتقاد الإمامية.وكان يُدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخياً كريماً كان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يسكن المدينة، فأقدمه المهدي بغداد فحبسه، فرأى في النوم ـ أعني: المهدي ـ علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) وهو يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) (راجع مرآة الجنان وعبرة اليقضان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان: ج1، ص394).

والحمدلله رب العالمين.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1526
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24