• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : العقائد في القرآن .
                    • الموضوع : الأسماء المضافة لواجب الوجود (الله) تعالى .

الأسماء المضافة لواجب الوجود (الله) تعالى

 

بقلم: الشيخ محمد إبراهيم آل الحرز
قال الحق تعالى في القرآن الكريم {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة 31].
العلم وفضلة
هناك آيات قرآنية كثيرة بيّنت فضل العلم، منها قوله تعالى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ} [البقرة 247] وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الاعراف32]. قوله تعالى: {قل لا يستوي اللذين يعلمون واللذين لا يعلمون}[الزمر: 9].
وأمّا فضله في الروايات فقد بلغ حد الاستفاضة، ومنها (عن الصادق عليه السلام ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه، وأكثر الناس قيمة أكثرهم علماً، وأقل الناس قيمة أقلهم علماً). [ بحار الانوار ج1ص102.]
{وَعَلَّمَ}: علّم: من باب التفعيل، وهذا الباب غالباً ما يفيد التدريج (ولكن ظهور السياق وظاهر المقام يدلان على كونه دفعياً بنحو يرجّح على ظهور الهيئة المذكورة). [ تسنيم ج3 ص214.]
وإنّما يعبّر بعلّم فالموضع الذي يحل حقيقة العلم في روح المتعلم، ولا يكون هناك أي مجال لجهل أو نسيان أوسهو، وقال سيبويه: يسمى الشخص متعلماً إذا دخل العلم فيه.
الفرق بين علّمَ ودرسَ
إنّ الفرق بين درس وعلّم، درس أي بمعنى قرأ، فلا يشترط فيه حلوله في نفس المتعلم، وقرأ ابن عباس ومجاهد: دارست، فسّرها قرأت على اليهود وقرأوا عليك، قرئ: وليقولوا درست، أي قرئت وتليت [لسان العرب، ج6 79].
وقد يرد إشكال على حلول حقيقة العلم في نفس المتعلم، فإننا نرى بالوجدان أنه قد يكون المعلّم غير مقصراً، ولكن لا يستوعب المتعلم بسبب فتوره، ويكون الفتور مانع عن استيعاب العلم.
وردّه: إنّما يحصل هذا في الفضاء الذي هو داخل الطبيعة، حيث يكون القابل غير تام النصاب في القبول، لكن في الفضاء الخارج عن الطبيعة يكون القابل تام النصاب، كما كان الفاعل وهو الله المعلم الأول.
سبب تسمية آدم بآدم (عليه السلام) ومكانته
 عن أبي عبدالله عليه السلام: انما سمي آدم آدم؛ لأنه خلق من أديم الأرض) وهو الذي اطّلع على الأسماء، وعلّمه الله إياها علم لدني علم حضوري لا حصولي، وإنما تكون المعرفة الحضورية عن طريق نوع من الشهود الباطني والقلبي من دون توسط المفاهيم{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}
تفضيل آدم على الملائكة
إنما كان تفضيل آدم على الملائكة وأمر الله لهم بالسجود إليه {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة34 ]؛ لعلم الله بأهليّته لخلافة الحق في أرضه وقدرته على احتواء هذا العلم الذي لا واسطة فيه من قبل الملائكة، هذا أولاً.
وثانياً إنّ الدليل على أن الواسطة في الفيض لابد ان يطلع على مضمونه، وإلا لما كان جواب الملائكة  عندما عرض آدم الأسماء عليهم {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.
حقيقة الأسماء:
الأسماء جمع محلّى بأداة التعريف يفيد العموم، مضافاً بكون المضاف إليه الله عز وجل، وقيل بتقدير المسميات مضافاً إليه، أي أسماء المسميات، وقيل: بدون تقدير الإضافة، أي أن الله سبحانه وتعالى قد أرى آدم أشياء هذا العلم، وعلّمه بأسمائها، وهذا ما اختاره الطبرسي في جامع الجوامع، حيث قال: الاسماء تلك الحقائق الغيبية للعلم والتي بلحاظ كونها سمة وعلامة اطلق عليها الاسم.
أما ما قاله الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليه السلام (إن الله تبارك وتعالى علم آدم أسماء حججه كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني) حيث يظهر من الرواية الآنفة الذكر أن الأسماء التي تم تعليمها لآدم هي في قبال المسمّى.
تساؤلات وأجوبتها
 فهنا يقدح أذهاننا سؤال: كيف تكون معرفة الأسماء بهذا المعنى مقياساً الى الخلافة؟
الجواب:
إن معنى تعليم أسماء الحجج طبقاً لشواهد الحديث هو حقائق أولياء الله.  
وقيل: إن الله علّمه جميع الأسماء والصناعات والأطعمة والأودية وغراسة الأشجار وجميع ما يتعلّق بعمارة الدين والدنيا.
وقال ابن الربيع: إنه علمه أسماء الملائكة وأسماء ذريته. [ مجمع البيان ج1 ص76.]
وعن ابن عباس قال: سألت الامام الصادق عليه السلام عن قوله {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ماذا علّمه؟ قال: (الأرضين والجبال والشعاب والأودية ثم نظر الى بساط تحته فقال: وهذا البساط مما علمه).[تفسير العياشي :ج1ص51.]
ولم يكن المقصود منها الألفاظ المحضة، بل كان ما يرتبط بفلسفات الأسماء وخواصها؛ لأن تعلّم الألفاظ بحد ذاته لا يكون كمالاً فضلاً عن كونه معياراً لخلافة آدم عليه السلام وامتيازه عن الملائكة بهذه الدرجة
وهنا نتسأل أيضاً: كيف كان ذلك التعليم من قبل المعلم الأول الى الإنسان الكامل آدم؟
فأجيب بعدّة أوجه منها:
1- علّمه بأن اضطره إلى العلم بها.
2- علّمه لغةالملائكة ثم علّمه بتلك اللغة سائر اللغات.
3- أودع هذا العلم في وجود آدم بالقوة ودفعه خلال مدة قصيرة إلى المرحلة الفعلية. وهذا ما اختاره الشيخ مكارم الشيرازي في تفسير الأمثل.
وتعليم الاسماء الكثيرة تارة يكون بلحاظ الإجمال والتفصيل، وتارة بلحاظ كونه دفعياً أو تدريجياً
عوداً على بدء
كلّها: اسم توكيد والمراد منها كل اسم يقع لمسمّى.
وبعد أن علّم آدم الأسماء عرضهم على الملائكة، سواء كان العرض تفصيلياً، أم من كل جنس واحد، فكان جدير بهذا العرض أن يبيّن للملائكة أنكم إن كنتم قد عجزتم عن معرفتكم لهذه الأسماء من بعد مشاهدتكم إياها فأنتم عن الأمور المغيبة أعجز{أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ}
فاللطيف أنه سبحانه قال أنبئوني، أي إنّكم إن كنتم عاجزين عن معرفة حقيقة الأسماء فتحدّثوا عنها على الأقل، فكان ذلك محال ولم يكن هذا الأمر من الله أمراً جدّياً، وإلا كان التكليف بالمحال وهذا ممتنع عليه سبحانه؛ لعدله ، وهو ما يظهره قوله تعالى{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
والسؤال الثالث والأخير:
ما هو المجال الذي أمكن للملائكة أن يكونوا صادقين او كاذبين فيه
1ـ هل هو عدم وجود المصلحة في جعل الخلافة لآدم ؟
2ـ أو انهم ادعوا عدم كفاءة آدم للخلافة ؟
والرأي الثاني مؤيّد برواية عن الإمام الصادق عليه السلام: (أن الله تبارك وتعالى علّم آدم أسماء حجج الله كلّها ثم عرضهم وهم أرواح على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأنكم أحق بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم).
وهذا ما اختاره العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان. [الميزان في تفسير القرآن، ج1 ص17.]
ولكن بقي شيء ينبغي التنويه إليه هو أنّ هذا البحث يحتاج إلى مزيد من البيان والتفصيل، من رام ذلك فليراجع كتب التفسير والرواية فيه. 

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1473
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24