• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : نساء أهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : شذرات من حياة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) .

شذرات من حياة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)

 بقلم: الشيخ حاتم الجلواح

 كثيرون هم الذين يأتون إلى هذا العالم ويذهبون ولم يخلّفوا سوى خمول الذكر وخمود الاسم، ولكن قليلون هم الذين خلّفوا خلود الذكر وبقاء الاسم، وسادة هذه القلّة القليلة وأشرافهم، هم محمد المصطفى وآله الأطهار (عليهم السلام)، ولكن التاريخ قد ظلم الكثير منهم، فمن الشخصيات التي أهملها التاريخ، السيدة زينب والسيدة سكينة بنت الإمام الحسين وأم البنين زوجة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعلي الأكبر سيد العرب -كما قال معاوية - وأبي الفضل العباس، ولا أنسى السيدة فاطمة بنت الإمام الكاظم أخت الإمام علي الرضا (عليه السلام) الملقّبة بالمعصومة (عليها السلام) .

لماذا سميت قم عش آل محمد؟

 العش في اللغة: المكان الذي تصنعه الطيور فتضع فيه البيض ليفقس عن أفراخ صغار، كذلك هي قم بالنسبة لآل الرسول (صلى الله عليه وآله)، فهي المكان الذي كان ولا يزال يحتضن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ويرزقهم العلم الصحيح، فيتربون فيها على تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) ويترعرعون عليها، حتى يتخرجوا من هذه المدرسة المقدسة، وزاد هذه المدينة المقدسة شرفاً وجود المرقد الطاهر للسيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام).

أم السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)

لقد جاء في قصة زواج الإمام الكاظم (عليه السلام)، أنّه (عليه السلام) قال لهشام بن أحمد:هل علمت أحداً من أهل المغرب قَدِم ؟قال: لا .فقال (عليه السلام): بلى قد قَدِمَ رجل أحمر، فانطلق بنا.

 قال هشام: فركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل، فإذا رجلٌ من أهل المغرب معه رقيق .

 فقال (عليه السلام): أَعْرِض علينا، فعرض علينا تسع جوارٍ، كل ذلك وأبو الحسن يقول له: لا حاجة لي فيها .ثم قال له: أعرض علينا .قال: ما عندي شيء .فقال (عليه السلام) : بَلى أعرض علينا .قال : لا والله، ما عندي إلا جارية مريضة، فقال (عليه السلام): ما عليكَ أن تعرضها؟فأبى عليه صاحب الرقيق، ثم انصرف (عليه السلام).قال هشام : ثم إنّه (عليه السلام) أرسلني من الغد إليه، وقال لي : قُل له كم غايتك فيها ؟ فإذا قال : كذا وكذا ، فقل قد أخذتها ـ قال هشام ـ فأتيته .قلت : كم غايتك فيها، قال : ما أريد أن أنقصها من كذا. فقلت : قد أخذتها. فقال : هي لك و لكن من الرجل الذي كان معك بالأمس؟ فقال: رجل من بني هاشم. فقال : من أي بني هاشم ؟ فقلت من نقبائهم .فقال : أريد أكثر .فقلت ما عندي أكثر من هذا، فقال: أخبرك عن هذه الوصيفة، إني اشتريتها من أقصى بلاد المغرب، فلقيتني امرأة من أهل الكتاب، فقالت: ما هذه الوصيفة معك ؟ فقلت: اشتريتها لنفسي .فقالت: ما ينبغي أن تكون مثل هذه الوصيفة عند مثلك، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، فلا تلبث عنده إلا قليلاً حتى تلد منه غلاماً يَدينُ له شرقُ الأرض وغربها .قال هشام: فأتيت الإمام بالجارية .وكانت السيدة تُكْتَم من أفضل النساء في عقلها و دينها وإعظامها لمولاتنا حميدة، حتى أنها ما جلست بين يديها إجلالاً لها .

ألقابها:

 ألف) المعصومة:

وهي أكثر ما تعرف به ، قال الرضا (عليه السلام) : (من زار المعصومة بقم [ كان ] كمن زارني)

ب) كريمة أهل البيت (عليها السلام) :

  فيما جاء في ذيل رؤية السيد المرعشي (رحمه الله): (...لكن لأجل أن لا تُحرم شيعتنا ومحبونا من فيض زيارة قبرها عليكم بزيارة كريمة أهل البيت ...)

فاستفسر السيد: ومن هي كريمة أهل البيت ؟ أجابوه: فاطمة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام) المدفونة بقم .

  ج) اللقب الأخير هو: أخت الرضا (عليه السلام).

 عمر السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)

 لم تتوفر مصادر تاريخية موثّقة تحدّد سنة ولادة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام، وقد ذكر البعض أنها ولدت سنة 173 هجرية، فيما ذكر آخرون أنّ ولادتها كانت سنة 183هـ، وهو قول فيه نظر ؛ لأننا نعلم أنّ الإمام الكاظم (عليه السلام) استشهد سنة 183هـ، ونعلم كذلك انه استدعي قبل ذلك من قبل (الرشيد) فأرسل إلى البصرة فحبس فيها سنة، ثم نقل إلى بغداد فحبس فيها ثلاث سنين، حتى استشهد.

 وإذا أخذنا بالقول أنّ السيدة قد ولدت سنة 173هـ، فإن عمرها الشريف سيكون عند وفاتها سنة 201هـ في حدود 28 عاماً. بيد أنّ المعصومة (عليها السلام) ـ على أية حال ـ لا تتأخر عن سنة  179هـ وهي سنة اعتقال والدها الإمام الكاظم عليه السلام، فيكون عمرها الشريف 22 سنة في أقل التقديرات.

السيدة فاطمة المعصومة تفارق الحياة

 هاجرت السيدة المعصومة (عليها السلام) من المدينة قاصدة أخيها الرضا (عليه السلام) ولمّا وصلت مدينة قم بقيت (عليها السلام) في دار موسى الأشعري سبعة عشر يوماً، فما لبثت إلا هذه الأيام القليلة وتوفيت في العاشر من ربيع الثاني عام 201هـ ،ولا يبعد أن يكون سبب وفاتها أنه قد دس السم إليها في (ساوة).

 وأمر موسى بن خزرج بتغسيلها وتكفينها ، وحملوها إلى مقبرة « بابلان » ووضعوها على سرداب حفر لها، فاختلفوا في من ينزلها إلى السرداب .

 ثم اتفقوا على خادم لهم صالح كبير السن يقال له « قادر » فلمّا بعثوا إليه رأوا راكبين مقبلين من جانب الرملة وعليهما لثام ، فلما قربا من الجنازة نزلا السرداب وأنزلا الجنازة ، ودفناها فيه ، ثم خرجا ولم يكلّما أحداً، وركبا وذهبا ولم يدر أحد من هما .

 قال جمع من العلماء: هما الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وولده الإمام محمد الجواد (عليه السلام).

 ونقل أنّها (سلام الله عليها) توفيت في الثاني عشر من ربيع الثاني من نفس العام.

 فقد فارقت السيدة المعصومة الحياة بعد أن كابدت صنوف الألم والمشقة والعذاب، فسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حية .

 مزار السيدة المعصومة (عليها السلام)

 يرجع تاريخ القبة الحالية على قبر السيدة المعصومة إلى سنة (529هـ) حيث بنيت بأمر من المرحومة (شاه بيكم بنت عماد بيك). أما تذهيب القبة وبعض الجواهر التي رصع بها القبر الشريف، فهي من آثار فتح علي شاه القاجاري.

 وهناك فوق قبر السيدة فاطمة صخرة عليها نقش كهيئة المحراب، تحيط به أية الكرسي وكتب في وسطه «توفيت فاطمة بنت موسى في سنة إحدى ومائتين).

مصلّى السيدة المعصومة

 لقد شيد هذا البناء المنير إجلالاً لبنت موسى بن جعفر، حيث مثل فيه محراب فاطمة المعصومة فزادت به «قم» شرفاً على شرف. ويسمى هذه الأيام (منزل النور).

والمعاجز والكرامات التي جرت في قم المقدسة كثيرة لا تعد ولا تحصى ولكي لا يطول المقام انتقلت الى غيره ما روي عن فضل قم المقدسة عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (ان لله حرماً وهو مكة، ألا إنّ لرسول الله حرماً وهو المدينة، ألا وإنّ لأمير المؤمنين عليه السلام حرماً وهو الكوفة، ألا وإن قم الكوفة الصغيرة، ألا إنّ للجنة ثمانية أبواب ثلاثة، منها إلى قم تُقبض فيها امرأة من ولدي اسمها فاطمة بنت موسى (عليها السلام) وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم) [بحار الأنوار: ج57، ص228].

وقال الإمام الرضا (عليه السلام): (من زارها فله الجنة) [بحار الأنوار: ج57، ص228].

وعنه (عليه السلام) أيضاً: (من زارها عارفاً بحقها فله الجنة) [بحار الأنوار: ج99، ص266].

 فسرت المعرفة بالاعتراف بحقها (عليها أفضل الصلاة والسلام).

 وقبل الختام...

  أحب أن أذكر بعض الابيات تبركاً بمولاتي فاطمة المعصومة (عليها السلام):

لـهف نفسي لبنت « موسى » سقاها *** الـدهـر كأسـا فـزاد منـه بـلاها

فــارقت والـداً شفيقـاً عطـوفـاً *** حـاربـت عينهـا عليـه كـراهـا

اودعتــه قعـر السجـون اُنـاس *** أنكـرت ربهـا الـذي قـد براهـا

وإلى أن قضـى سميمـا فـراحـت *** تـثكل النـاس فـي شديـد بكـاها

وأتــى بعــده فـراق أخــيها *** حين في « مـرو » أسكنته عـداها

كـل يـوم يمـر ، كــان عـليها *** مثل عـام فـأسرعت فـي سـراها

أقـبلت تقطـع الطـريق اشتيـاقـا *** لأخيهـا الرضـا وحـامي حمـاهـا

ثـم لمـا بهـا الظعينـة وافــت *** أرض قــم وذاك كــان منـاهـا

قام « موسى » [أي: الأشعري] لها بحسن صنيع *** إذ ولاء الـرضـا أخيهــا ولاهـا

نـزلت بيتـه فقـام بمـا اسطـاع *** مـن خـدمـة لهــا أســداهــا

ما مضت غير برهة من زمان *** فاعتراها من الأسى ما اعتراها

والـى جنبه سقام اذاب الجسم *** منهــا وثقلــه أظنــاهـا

فـقضت نحبهـا غريبـة دار ***  بعدمـا قـطع الفـراق حشاها

اطبقت جفنها إلى الموت لكن *** ما رأت والد الجواد أخاها

 

 

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1471
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24