• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : مع الطالب .
              • القسم الفرعي : مقالات الأشبال .
                    • الموضوع : كيف نعيش النعيم في الدنيا .

كيف نعيش النعيم في الدنيا

إعداد الطالب: عبّاس الشقاق

قال الله في كتابه الكريم: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَايَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} سورة يس:55ـ58.

إنّ سورة (يس) من السور المهمّة في القرآن الكريم، ووردت فضيلة قراءتها في عدد من المناسبات المهمّة؛ كإحياء الليالي البيض من شهر رجب وشعبان وشهر رمضان.

واشتملت سورة (يس) على‌ جملة من الآيات الكريمة التي تحدّثت بصورة جميلة عن النعيم الأخروي والرضوان الإلهي وما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين جزاءً لأصحاب الجنّة.{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ}، مشغولون في تنعّمهم وتلذّذهم، لا يشغلهم شيء، ولا يكدّرهم شيء.

وأكبر آفة للنعيم هي الفناء، فلو أنّ إنساناً وُضع في قصر جميل، وحُدّدت له فترة زمنية معيّنة، فإنّه لا يهنأ بذلك قطّ، وكلّما اقترب من النهاية، كلّما زاد همّه وغمّه. وأمّا في الجنّة فإنّ الحياة أبدية لا نهائية، وفي أعلى صور النعيم.

{هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ}.. إنّ الاسترخاء على الأرائك ـ عادةًـ هي للسلاطين وأهل العزّة، وهؤلاء ـ أيضاً ـ في منتهى العزّة، وفي منتهى التنعّم.

{لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّايَدَّعُونَ}، أي:إنّ هؤلاء يأخذون كل ما يشتهونه، فيُعطى لهم فيها (ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر). فإذا استلقى الإنسان على الفراش، وتصوّر نعيماً خياليّاً في كلّ صور المتعة، وبكلّ ما أُوتي من قوّة خياليّة، فالجنّة أعظم من ذلك، لأنّ هذا قد خطر على قلب الإنسان، ونعيم الجنة لا يخطر على قلب أحد. إذاً، { وَلَهُم مَّايَدَّعُونَ}،وبعبارة أخرى: فإنّ المؤمن يوم القيامة يُعطى خاصّية: كُن فيكون، وهي خاصّية إلهية، فالله عزّوجلّ يكرم أهل الجنّة بهذه المزيّة، وياله من تكريم إلهي.

{سلامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} هنا جوهر نعيم الجنّة، هناك سلام من الملائكة: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ}. ولكن هذا الخطاب من الله عزّوجلّ: {سلامٌ قَوْلاً}. السلام هنا نكرة؛ لأنّه لم يقل: السلام، والسلام النكرة يفيد التفخيم والتعظيم. فنحن لا نعلم كُنه السلام، هو السلام، ومنه السلام؛ السلام من الذي سلامه لا نهائي وذاتي، سلامه لا يُحدّ بحدّ، ولا يوصف بوصف؛ فهذا السلام هو الذي يطمئن قلب المؤمن في الجنة. يقال: عندما يدخل المؤمن جنات النعيم، فإنّه يرى بعض صور اللّذائذ المعنوية، فيقال: كفاك ذلكالآن ارجع إلى النعيم والحور، والقصور، والغلمان، والأنهار، وماء غير آسن، وأنهار من عسل، وأنهار من خمر، فيقول: كيف نترك هذا الجمال المعنوي، ونتوجّه إلى جمال الحور والقصور؟!

وعليه، فإنّ المؤمن إذا وصل إلى مرحلة السلام والرضوان في هذه الدنيا، فقد وصل إلى قلب الجنّة، عندئذٍ إذا دخل الجنّة، هنالك زيادة على ما أعطي، فإنّه أعطي اللّب. عن الإمام عليّ(عليه السلام) ما مضمونه: الجلوس في المسجد أحبّ إليّ من الجلوس في الجنّة، لأنّ الجلوس في المسجد فيه رضى ربّي، أمّا الجلوس في الجنّة فيه رضى نفسي. فالإمام عليّ(عليه السلام) يقدّم رضى ربّه على رضى نفسه.

فإذاً، إنّ المؤمن في هذه الأيام، إذا وصل إلى مرحلة الأنس والإحساس بالسلام الإلهي والرضوان الإلهي، فإنّه سوف يعيش هذه الحالة، وهو في الدنيا لا يشغله شيء عن الله عزّوجلّ، وله ما يدّعي، وفي عالم المعنى ـ أيضاً ـ له ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين، ولم يخطر على قلب أحد.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1367
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24