• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : اللقاءات والأخبار .
              • القسم الفرعي : لقاء مع حملة القرآن الكريم .
                    • الموضوع : حوار مع الحافظ الدكتور أحمد الكاظمي .

حوار مع الحافظ الدكتور أحمد الكاظمي

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ

 

اجری الحوار: السيد:عبدالرحيم التهامي.

دار السيدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم

 يواصل الموقع الالكتروني التابع لدار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم إجراء سلسلة من الحوارات القرآنية مع أساتذة الدار وطلبتها ومع نخبة من قرّاء و حفاظ العالم الإسلامي.

وتبرز اهميّة هذه الحوارات القرآنية في أنّها تقدم إضاءات وافية على تجارب الحفّاظ وتقرّب مسيرتهم القرآنية للقارئ الكريم، والذي سيجد فيها نماذج جديرة بالاقتداء، خاصّة وأنّ الجيل القرآني المنشود قد يرى في تجارب هؤلاء الحفّاظ والقرّاء ما يشجّعه على الانضمام إلى هذه المسيرة القرآنية المباركة.

كما أنّ الحوارات المخصّصة لأساتذة الدار من شأنها أن تسهم ـ بلا أدنى شك ـ في الكشف عمّا تراكم من خبرة في أساليب التحفيظ والمناهج الدراسية المعتمدة في دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم والتي بدأت تسجّل حضوراً ملفتاً على الساحة القرآنية، سواءً من خلال الدور التأطيري الذي تضطلع به ، أم بالنظر للإنجاز المشرّف الذي يحرزه طلابها في مختلف المسابقات القرآنية.

 

حوار مع الحافظ الدكتور أحمد الكاظمي

 

  س- في البدء، نودّ منكم أن تقدّموا نفسكم للقارئ الكريم من خلال إعطاء نبذة مختصرة عنكم؟

ج- بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

أنا أحمد عدنان عبد الرزاق، ولدت في العراق سنة 1979م في بغداد، نشأت في عائلة قرآنية متديّنة، أكملت دراستي في الطب العامّ ثمّ دخلت دورة تخصّصية في الأمراض الجلدية، وحصلت على شهادة التخصّص في الأمراض الجلدية والشعر من جامعة شيراز في ايران.

س- لكل شيء بداية .. كيف كانت بدايتكم ثمّ رحلتكم مع القرآن الكريم؟ وما هي أهمّ مفاصل هذه الرحلة و منعطفاتها الأساسية؟ 

ج- في البداية، تكون العائلة هي أهمّ محور في تأهيل الطفل والتأثير في توجّهاته، ثم بعد ذلك المدرسة؛ فللمدرسة دور كبير طبعاً، وأنا اتذكّر كيف كانت بدايتي في الحفظ عندما كنت في السنة الأولى من المرحلة المتوسطّة، حيث كان عمري آنذاك حوالي 12 سنة، بدأت في هذا السنّ لأنه كان لديّ معلّم يحفزني ويشجّعني على الحفظ، وكان يعطي الجوائز والهدايا للأطفال حتى يرغّبهم في الحفظ، وكما تعلمون إن الطفل يحبّ هكذا محفّزات، فبدأنا بحفظ عشرين سورة من الجزء الثلاثين، وهكذا حتى أكملنا كل الجزء. هكذا كانت بدايتي وشروعي في حفظ القرآن الكريم، وكانت العائلة تقف إلى جانبي وتغدق عليّ كل انواع الدعم المعنوي المطلوب.

س- نعم، الأسرة لها دور التوجيه والتحفيز لكن الحفظ يبقى بحاجة إلى الأستاذ؟

ج- نعم، لا أنكر دور أستاذي في مرحلة الأول المتوسّطة، وكان اسمه (أميني)، كنا في مدرسة (شهيد رجائي) في منطقة تُسمى (سلاريه)، وحين أكملت الجزء الثلاثين أصبح لديّ شوق بأن استمر في الحفظ، فبدأت من الجزء الأول وأتممت حفظه، وكان شوقي يزداد كلّما تقدّمت في الحفظ، وأذكر أني كنت حافظا لثلاثة أجزاء من القرآن الكريم فقط، وفي أحد الأيام رأيت الأستاذ الحافظ الكبير الحاج أحمد الدباغ  في الشارع، فسلّمت عليه وعبرت به الطريق ـ فهو مكفوف ـ وقلت له بأنّي أحفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، فرحّب بي وشجعني، ومن نعم الله تعالى عليّ أنّ بيته كان بجوار بيتنا، فقال لي: إذا أحببت أن تستمرّ في الحفظ، فتعال إليّ في البيت وأنا سأساعدك إن شاء الله.. فبدأت في التردّد على بيته برفقة إخواني كل أسبوع، وكانت هذه بداية الحفظ بشكل عملي وتحت رعاية الأستاذ الحاج أحمد الدباغ حيث واصلت معه الحفظ لسنوات عديدة.

س- وهل كان درساً منتظماً طوال سنوات ؟

ج- نعم كان درساً منتظماً، بشكل أسبوعي، وكانت الجلسة تستمرّ إلى أربع أو خمس ساعات، فكان الحاج أحمد الدباغ محفزاً ونافعاً في هذا المجال، وكان يدعمنا دعما معنويّاً جيداً.

س- وهل كانت جلسة حفظ، أم دروس في التجويد؟؟

ج- لقد كانت جلسة حفظ إضافة إلى كونها جلسة في تعليم قواعد التجويد و اللحن والأنغام. كانت جلسة متميّزة وغنيّة، بلا شك.

س- هل أتممتم الحفظ في هذه المرحلة أم في مرحلة لاحقة ؟

ج- لقد حفظت تحت رعاية الشيخ الحاج أحمد الدباغ إلى حدود 20 جزء تقريباً، بعدها حفظت عشرة أجزاء ثم التحقت بالجامعة لدراسة الطب العام، فكان طريقي في الحفظ مستمرّاً؛ ولكن كان متقطعاً وبطيئاً باعتبار وضع الدرس والمتطلّبات الأخرى، ومع ذلك  كنت أواصل وأراجع ما سبق وأن حفظته كي لا أنساه، فبعد أن حفظت عشرين جزءاً مع الحاج الدباغ، واصلت الحفظ بمفردي، وكانت التجربة التي حصلنا عليها من الأستاذ هي الدافع لذلك والوسيلة التي تجعلنا نستمرّ في هذا المجال.

س- كم كان عدد سنوات التردّد على الأستاذ الحاج أحمد الدباغ.. و السنوات التي أتممتم فيها الحفظ ؟

ج- كان حوالي 4 سنوات مع الأستاذ الحاج أحمد الدباغ التزمت خلالها بالحفظ تحت إشرافه، وبعدها حوالي 3 سنوات واصلت فيها الحفظ لوحدي، وقد أتممت حفظ للقرآن الكريم فيها مع إتمامي لدراسة الطب العام، وهكذا فقبل أن أدخل كلية الطبّ كنت قد أتممت حفظ العشرة أجزاء وأما العشرين جزءاً المتبقية فكانت خلال دراستي للطبّ العام.

س- يعتقد البعض أنّ الحفظ والالتزام بالواجب المهني يمثل معادلة صعبة وبالتالي قد يزهد الانسان في مسالة الحفظ لما يتطلبه من جهد وتركيز. أنتم.. كيف وفقتم للامساك بطرفي المعادلة؟

ج- في نظري إن هذه المعادلة خاطئة؛ حيث إن الالتزام بالعمل الواحد قد يصيب الإنسان بالملل، فأنا كان في بالي أن حفظ القرآن هو ترويح عن النفس، وكنت استمتع بحفظ القرآن، فحفظ القرآن الكريم كان يعطيني الدافع للاستمرار في ميدان الطب وإتمام دراستي، ولم يكن حاجزاً أمام دراستي. المشكل يكمن في برمجة الوقت، فعلى الشخص منّا الاستفادة من وقته، ولعل نصف وقت الإنسان يكون فارغاً إذا لم يستثمره في شيء مفيد. إذا التزم الإنسان لمدة ساعة يومياً في الحفظ فقد ينجز الكثير، وخلاصة القول: أنه بمقدور الإنسان وضع برنامج منظّم يساعده في إنجاز الكثير من الأعمال بتوفيق من الله تعالى. وأؤكّد لكم أنّ حفظ القرآن كان يعطيني قوةً ودافعاً جميلاً.

س- كيف انعكس عليك حفظ القرآن في الجانب الروحي لجهة العزيمة والقوة الصبر، ولجهة القدرة على الجمع بين متطلبات علم الطب والتعامل مع القرآن؛ .. كيف انعكس حفظ القرآن على مسارك الدراسي و على الجانب المعنوي؟

ج- إنّ حفظ القرآن ـ بلا شك ـ له آثار جانبية وآثار معنوية كثيرة، ولكن يعود ذلك إلى الشخص أيضاً، فحفظ القرآن ليس مجرد حفظ؛ بل هو وسيلة، كالأرض التي نريد زراعتها، فقبل زرعها علينا تهيئتها لاستقبال المطر، فإذا لم تكن مهيأة فلن تنتج محصولاً جيداً. وأنا أتصوّر أنّ حفظ القرآن الكريم هو أحد المهيّئات لنزول النعمة.

س- هل كانت لديكم نشاطات قرآنية في المرحلة الجامعية كمشاركة في مسابقات؟

ج- نعم، وأعتقد أنّ أحد أسباب توفيقي في حفظ القرآن الكريم هو المشاركة في المسابقات القرآنية بشكل مستمرّ داخل الجامعة وخارجها، فكانت تجمعنا مع باقي القرّاء والحفّاظ، وتعطينا الشوق والدافع للاستمرار في هذا المجال أكثر فأكثر.

س- هل واجهتكم صعوبات في تجربة الحفظ؟ أو: هل حصل معكم موقف أوحى لكم بالتراجع عن مسالة الحفظ أو إرجائها إلى حين؟

ج- لا أذكر أنّي واجهت مثل هذا الأمر، فأنا أتصوّر أنّ هذه الحالة توجد عند أشخاص يريدون المسير بشكل خاطئ؛ أي: بدون رعاية أستاذ، فالحفظ بحاجة إلى فعالية منتظمة مكثّفة ومرتّبة. ففي بداية الطريق يجب على الشخص  أن يكون لديه أستاذ متبحّر في هذا المجال، فإذا كان الحفظ ضعيفاّ في البداية، فلا شك أنّ الشخص سيصاب حينئذ بالإحباط، وأمّا إذا كان الحفظ جيّداً من البداية ومع مراعاة أصول التجويد؛ كالصوت واللّحن، فهذا الحفظ هو الذي سيجعل الشخص مستمراً في هذا الطريق وباشتياق تام، فأنا كنت دائماً أحافظ على ما سبق وأن حفظته كي لا أنساه، فهناك بعض السور التي يلاقي الشخص صعوبة في حفظها ولكنها تسهل مع التمرين.

س- أشرتم إلى أنه كانت لديكم رغبة دائمة في المشاركة في المسابقات القرآنية، سواءً داخل الجامعة أم خارجها. ماذا قدمت لكم المشاركة في المسابقات على صعيد الحفظ و تطوير أدائكم على مستوى التلاوة؟

ج- بالتأكيد وبلا شك إنّ كل مسابقة تعطينا تجارب ثمينة، فعندما يشارك الشخص ويقيس نفسه مع بقية المتسابقين والدرجات ولقاء الأساتذة والحكام في المسابقات الذين يعطون بعض الملاحظات في مجال الحفظ والتجويد والحفظ واللّحن.. فهذا كلّه كان يعطي دافعاً إيجابياً لقارئ القرآن الكريم.

س-هل حصلتكم على بعض المراتب الأولى؟

ج- نعم، لقد شاركت في العديد من المسابقات؛ كالمسابقات الجامعية على مستوى البلد، وحصلت على الرتبة الأولى والثانية والثالثة في عشرات المسابقات، وكانت من أهمّ المسابقات العالمية  التي شاركت فيها هي في عام 2008 بمدينة مشهد المقدسة، وكانت بتنظيم من وزارة الأوقاف الإيرانية، وكان هناك 50 متسابقاً على الصعيد الدولي، وبتوفيق من الله صعدنا إلى المرحلة النهائية وحصلت على الرتبة الثانية في هذه المسابقة.

س- ماذا يعني لكم أن يكون الإنسان حافظاً للقرآن الكريم وخصوصاً مع حثّ الروايات على حفظ القرآن وتعلّمه؟ أعني ما هي الآثار السلوكية الأخلاقية والروحية .. من خلال تجربتكم؟

ج- القرآن الكريم وكما في سورة المزمل {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فقراءة القرآن هي بمثابة تذكير للشخص، فهناك آيات مبشّرة وأخرى منذرة، وآيات كثيرة تذكّر الإنسان بالآخرة، والأمور الدنيوية والأخروية، كذلك فان الشخص الحافظ ـ بلا شك ـ سيكون لديه أنس مع القرآن على عكس الآخرين، وأنا أعتقد أن الحافظ أقدر شخص على امتثال الأمر الالهي الوارد في قوله تعالى {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}.

س- هل لديكم مشروع التفقّه في القرآن الكريم بعد طيّ  مرحلة حفظه ؟

ج- للأسف ليست لديّ فعاليّة في هذا المجال لحدّ الآن، أي: التفقّه بشكل تخصّصي، ولكن ـ إن شاء الله ـ في المستقبل سنتوجه إلى هذا المجال. المهم الآن العمل على وفق القرآن الكريم، وأرى أنّ التقوى هي الأساس في كل الأعمال والمشاريع، فإن حافظ القرآن يجب عليه أن يكون متّقياً أكثر من الآخرين.

س- ما هي تطلّعاتكم القرآنية وطموحاتكم الخاصة على صعيد مسيرتكم القرآنية؟

ج- أعتقد أنّ المطالعة في قسم القرآن الكريم تمثّل باباً مكمّلاً لمسألة حفظ القرآن الكريم، وهو ـ بلا شك ـ باب يجعلنا أكثر إطّلاعاً على المفاهيم القرآنية، فالحفظ ـ في الواقع ـ هو وسيلة أكثر من أن كونه هدفاً.

س- من هو قارئكم المفضل ؟

ج ـ إن‍‍ي معجب بالأستاذ شحات محمد أنور في قسم التلاوة، وفي مجال الترتيل، أفضل الأستاذ محمد صدّيق المنشاوي (رحمه الله).

س- هل من كلمة توجّهونها للطلبة؛ خاصة للطلبة الجامعيين، الذين لهم التزامات مهنية ولهم طموح في حفظ القرآن الكريم، ولكنهم يتهيّبون من الحفظ ؟

ج- أتصوّر أنّ حفظ القران الكريم مجال مفتوح لأيّ شخص يرغب فيه، ويبقى حجم الحفظ الذي يعتمد على الوقت والمجال المتاح لهذا الشخص، فإذا خصّص نصف ساعة من كل يوم للحفظ فإنه سيتمكّن من الحفظ، ولكنّ النقطة المهمّة هي أن يكون  تحت إشراف أستاذ متبحّر ومتخصّص في هذا المجال.

 

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1278
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24