• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : اللقاءات والأخبار .
              • القسم الفرعي : لقاء مع حملة القرآن الكريم .
                    • الموضوع : حوار مع الحافظ والخبير بالشؤون القرآنية سماحة الشيخ أبو إحسان الحمداني .

حوار مع الحافظ والخبير بالشؤون القرآنية سماحة الشيخ أبو إحسان الحمداني

أجرى قسم الثقافة والإعلام في دار السيدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم لقاءً مع الحافظ والخبير بالشؤون القرآنية سماحة الشيخ أبو إحسان الحمداني

أجرى الحوار/ السيد عبدالرحيم التهامي

في البداية نود ان تعرفوا نفسكم للقارئ الكريم؟

الاسم مهدي صالح الحمداني. ولدت في محافظة البصرة جنوب العراق سنة  1954،أمضيت دراستي الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في نفس محافظة البصرة،كنت معلماً ولازلت كذلك، زرت الكثير من الدول الإسلامية، ووفقني الله تعالى لحفظ كتاب الله الكريم، ثم أتيحت لي الفرصة لتأسيس معهد باسم«معهد القرآن الكريم» كان هذا المعهد يشترك فيه كثير من الإخوة المختصين في علوم القرآن الكريم، وكان المعهد في قم المقدسة أيام هجرتنا إلى دولة إيران الإسلامية.

كيف كانت البداية مع القرآن الكريم؟ وما هي أهم العوامل التي حفزتكم على هذا التوجه ؟

أهم نقطة التي وجهتنا للاهتمام بالقرآن الكريم وإلى حفظه هوكون القرآن الكريم نقطة التقاء جميع المسلمين، نحن عشنا في بيئة تتصارع فيها الكثير من الاتجاهات والمذاهب والتي للأسف تتصادم في ما بينها أحياناً، وهذه الأجواء التي مرت علينا في طفولتنا وشبابنا حفزتنا ودعتنا إلى البحث عن سر هذا الاختلاف، وهل هذا الاختلاف هو اختلاف حقيقي أو اختلاف غير حقيقي، أو مجرد مصالح خاصة؟ فكان لابد من أن نلجأ الى ما يحل هذا الإشكال الذي ارتسم في أذهاننا؛ وذلك بالرجوع إلى المصدر الصافي للإجابة عن هذا السؤال، وكان في تصورنا البسيط الساذج في تلك المرحلة هو الرجوع إلى القرآن الكريم.

إنّ المسيرة مع القرآن الكريم تتطلب الرجوع إلى الأساتذة والمشايخ، من هم الأساتذة المشايخ الذين كان لهم أبرز الأثر في مسيرتكم القرآنية؟

كثير من الأساتذة كان لهم أبرز الأثر في مسيرتنا القرآنية خصوصاً في دولة إيران الإسلامية، وأذكر بالخصوص  أستاذي الأخ عبد الأمير خضير البهبهاني (أبو عمار) فكان له الفضل الكبير في الأخذ بيدي وتشجيعي على الاستمرار واتقان حفظ القرآن الكريم؛ لأنّه عندما حفظت القرآن الكريم في البداية لم يكن حفظاً متقناً،ولم أكن أحفظ القرآن عند أستاذ وحافظ متخصص؛فكنت أحفظه مع نفسي، وبذلك كان حفظي ضعيفاً، وفيه الكثير من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية، وكان بحاجة إلى الإصلاح، وكانت فرصة التعرف إلى الأخ أبي عمار وآخرين فيهم الأخ موسى عابدين وهم من مدينة الكوفة مدينة أمير المؤمنين عليه السلام في العراق،فالتقينا صدفة في مدينة قم.

كان هذان الشخصان لديهم اهتماماً كبيراً بالقرآن الكريم، فالتقينا على طريق  القرآن الكريم وكل أخذ بيد صاحبه، وما حفزنا أكثر وشجعنا هي الأجواء الموجودة في دولة إيران الاسلامية، حيث كانت تنظم مسابقات دولية لحفظ القرآن وتلاوته بشكل سنوي؛ ولأنّ عدد الحفاظ والقراء العراقيين في تلك الفترة كان محدوداً جداً، فقد كنّا نشعر أنه يجب أن نبذل أقصى جهدنا في تهيئة أنفسنا للمشاركة في المسابقات بحيث لم يكن غيرنا يحفظ القرآن الكريم، فكانت المسؤولية ملقاة على عاتقنا،وهذه من نعم الله سبحانه وتعالى أن يكون للإنسان طرق مفتوحة أمامه  للمشاركة في مسابقات مهمة.أما الآن فالوضع اختلف إذ يجد له الكثير من المنافسين،فيجب أن يقطع مراحل، ويثبت جدارته أمام الكل حتى  تتاح له فرصة الفوز.أما نحن فكانت لنا في ذلك الوقت فرصة استفدنا منها والحمد لله.

حفظ القرآن الكريم توفيق عظيم، عندما أتممتم حفظ القرآن الكريم كيف كان إحساسكم وشعوركم؟وهل رتب هذا الحفظ عليكم مسؤولية رسالية أخلاقية دعوية؟

حفظ القرآن الكريم كان رغبة خاصة،فعندما يباشر أي شخص حفظ القرآن الكريم أو أي شيء كان يتصوره مستحيلاً سابقاً، مثلاً أن يحفظ سورة من القرآن الكريم،أو يحفظ جزءاً منه، فإن حفظ هذه السورة يطمع في المزيد، وتكون له رغبة جارفة في الوصول إلى آخر الطريق،ألا وهو حفظ القرآن الكريم كاملاً، ولا شك أنّها لحظة سعادة؛ فالانسان تغمره سعادة عندما يصل إلى هذا الهدف،وقد نبّه رسول الله(صلى الله عليه وآله)؛ كما في الحديث:«فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه».فالإنسان عندما يحفظ القرآن ويختلط القرآن بدمه ولحمه يشعر بأنّه بات إنساناً آخر.

شيخنا العزيز كيف تقيّمون وضع الثقافة القرآنية والاهتمام والإقبال على القرآن الكريم في هذه العقود الأخيرة والتي تسمى بعقود الصحوة الإسلامية ؟

يختلف ذلك من مكان إلى آخر، ومن شعب إلى آخر، ومن مذهب إلى آخر، يعني أنّ الثقافة القرآنية ليس وضعها متماثلاً في جميع الدول والشعوب الإسلامية.

هل المسابقات الدولية تعطي فكرة إلى حد ما؟

نعم، المسابقات الدولية تعطي الحافز والدافع المشجع، ولكن ليست وحدها كافية في خلق جو قرآني،فهو يحتاج إلى تضامن و تظافر كثير من الجهود، واستغلال الطاقات والإمكانيات المتاحة لدى الجميع للوصول إلى هذا الهدف.

ونحن نقدّر أنّها مسؤولية العلماء الربانيين قبل غيرهم؛فالعلماء هم أوعى من غيرهم بأهمية هذا الموضوع، والحوزة العلمية أقدر على إدراك عمق وأهمية القرآن الكريم وبذلك تكون المسؤولية عليها أكبر في حث الناس وتشجيعهم وترغيبهم في حفظ القرآن الكريم،فالأب باعتباره الأول في العائلة لابد أن يكون دوره الأكبر في حث عائلته على تلاوة وحفظ القرآن؛ لأنّ موقعه في العائلة يحتم عليه هذه المسؤولية.

وعلى صعيد إيران بحكم أنكم عشتم فترة طويلة هنا كيف تنظرون إلى هذه المسيرة القرآنية هل هي في حالة تصاعدية ؟

أنا الآن رجعت إلى العراق ولكن في فترة من فترات الهجرة كان هناك تقدم هائل وكبير في مجال القرآن الكريم، وخصوصاً عند بروز شخص السيد محمد حسين الطباطبائي الطفل الظاهرة الفريدة؛ وهي تجربة فريدة أحدثت هزة في كل بيت وفي كل نفس،وعند كل أم وأب وعند كل طفل باعتباره طفلاً صغيراً بعمر خمس سنوات ويحفظ كل القرآن الكريم وبصورة متميزة.

عندما نحقق شي ء ونستفيد منه لتحقيق ما هو أكبر منه، ونفس وصول هذا الطفل لحفظ كل القرآن هو شبيه بالمعجزة، شيء غير قليل ولكن استثمار هذا الشيء الذي تحقق وتوسيعه بحيث يكون حالة عامة في كل المجتمع هو المطلوب؛ وقد تمت الاستفادة من هذه الظاهرة بقم ومدن أخرى، وكذلك في بعض الدول الإسلامية، وقد أثمر ذلك، ولكن حين بلغ السيد محمد حسين الطباطبائي وأصبح كبيراً اختفى هذا التاثير، صحيح برز في أجيال أخرى وأطفال مميزين،لكن الموضوع صار مكرراً،ويجب التفكير في طرق أخرى للدفع بهذه النهضة القرآنية.

ماذا عن القرآن ومكانته في العراق، وهل يشهد العراق نهضة قرآنية على هذا الصعيد ؟

في الواقع النهضة القرآنية في العراق متعثرة في الوقت الحاضر بسبب الظروف التي يعيشها المجتمع العراقي من عدم الاستقرار، ولكن لا يخلو العراق من وجود أناس مخلصين يهتمون بتحفيظ القرآن الكريم لأولادهم وإخوانهم ونشر ثقافة القرآن الكريم في كل البلاد من شمال العراق ووسطه إلى جنوبه؛ سنته وشيعته، وهذه ظاهرة موجودة في كل مكان، والحمد لله وتبشر بخير إن شاء الله .

العالم الآن انفتح وصار بالتعبير المتداول  مثل قرية صغيرة،ونلمس أنّ هناك احتياجات روحية في العالم الغربي وفي غيره، إلى أي حد نحن جاهزون لإشباع هذه الإحتياجات الروحية من خلال القرآن الكريم؟

لحد الآن نحن في بداية الطريق،فيحتاج الأمر إلى جهود أكبر ويحتاج إلى تضافرها بشكل فعّال. حقيقة أعجبتني في الفترة الأخيرة قناة الفجر الفضائية، قناة جميلة ومباركة،فالطريقة المبتكرة في تشجيع حفظ القرآن، في تلاوة القرآن. هذه القناة ملكت قلوب الكثير من الناس،ونحن نحتاج دائماً إلى التفكير بعمل متميز ومبتكر، ولا نضل جامدين على عمل سابق.إنّ سبب نجاح هذه القناة هو تفوقها على الكثير من القنوات الأخرى المختصة بالقرآن الكريم، وهذه القناة جاءت بشيء جديد فأثمرت وتأثر بها الكثيرون.

فهل الإعلام له دور بارز على هذا الصعيد؟

نعم الإعلام له دور وتأثير بارز وكبير طبعاً. إنّ الإعلام الهادف ليس مجرد إعلام؛بل لابد أن يكون الإعلام ذكياً ومبدعاً ويستخدم أساليب حديثة،أساليب  تناسب العصر وتناسب الناس.

تخرّج على يدكم الكثير من الحفاظ، وهؤلاء الحفاظ أيضاً تخرج على أيديهم وبجهودهم المباركة العديد من الحفاظ، وهم الآن من حملة مشاعل القرآن الكريم في هذه المسيرة القرآنية، فهل أنتم راضون على عطائكم على صعيد القرآن، وعلى خدمتكم للقرآن وللثقافة القرانية ؟

الحديث الذي يعتبر مثلاً هو قول أمير المؤمنين(عليه السلام): (القناعة مال لا ينفد)، (1) وفي حديث آخر يقول: (من  رضي عن نفسه كثر الساخط عليه)(2) ،فمن جانب الحمد لله بذلنا ما نستطيع ولم نبخل بشيء، وهذا مصدر سرور ورضا، ولكن نحن بشر في كل الأحوال، ولدينا جوانب كثيرة من القصور أو التقصير فلا يمكن أن يرضى الإنسان عن نفسه بصورة مطلقة.

لنفتح قوساً عن طموحاتكم، أو مشاريعكم المستقبلية، ماذا على هذا الصعيد؟

الكثير من طموحاتنا تصطدم بالواقع، فنحن نعيش الواقع وهذا الواقع لا نستطيع أن نتجاوزه بسهولة؛ فذلك ليس بأيدينا، يجب أن نكيّف أنفسنا مع الواقع ونبذل الجهد الذي نتمكن،فإن وفقّنا فهذا من الله سبحانه وتعالى، وإن لم نوفق فلعله من أنفسنا، فنراجع أنفسنا ونحاول ولا نيأس من رحمة الله.

هناك سؤال نريد أن نقتحم على سماحتكم من خلاله إذا سمحتم لنا طبعاً؛ فضاءكم الأسري،فنسأل: هل لديكم برنامج قرآني مع الأسرة والأبناء؟

الحمد لله الأولاد  لهم حق على الأب،فمن حق الولد على أبيه أن يحسن اسمه وأن يحسن تربيته، وأن يعلّمه القرآن،والحمد لله أولادي أكثرهم الآن  إما حفظوا  القرآن وأتموا حفظه، وإما هم في طريقهم إلى حفظ القرآن الكريم.

سؤال أخير ونعتذر عن الإطالة، من واقع تجربتكم في هذه المسيرة القرآنية ما هي نصيحتكم للحفاظ من الشباب واليافعين خاصة؟

النصيحة الأساسية هي {واعتصمو بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}(3) أن لا نقف عند حد حفظ القرآن فقط،بل ونتخذ من حفظ القرآن سبيلا لتطبيق معاني القرآن والاهتداء بهديه، ونستفيد من القرآن في كل تفاصيل حياتنا؛ في أخلاقنا ومعاملتنا، في معاشرتنا للآخرين، في تحمل مسؤولياتنا قبل أن نلقي باللوم على الآخرين {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(4) .

لا يسعنا في نهاية هذا الحوار إلا أن نشكركم على هذه الاستجابة الكريمة، وعلى هذه الإفادات الطيبة، نأمل أن تكون مؤثرة وهادية للسالكين على درب القرآن الكريم، وشكراً لكم.

الشكر موصول لكم، وأنتم الذين تستحقون الشكر لإتاحتكم الفرصة لنا للالتقاء بمن يسمع أو يشاهد إنشاء الله وجزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم الله لكل خير .


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1272
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24