• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : الأخلاق في القرآن .
                    • الموضوع : مقاصد الدعاء في القرآن الكريم بقلم الشيخ .

مقاصد الدعاء في القرآن الكريم بقلم الشيخ

إن الدعاء مخ العبادة والبلسم الشافي من كل داء، وسلاح المؤمن وسلم وصوله إلى ما يبتغيه، من هنا ركّز القرآن الكريم في آيات متعددة على أهميته للإنسان في النواحي المختلفة لحياته إذْ أنّها مليئة بالمحن والشدائد، قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ)(البلد:4) ولا يستطيع أن يجتاز الصعاب ويتعدى العقبات ويخلص من المحن إلاّ بالدعاء، والاستغاثة بالله تعالى، فهو الملجأ.

ومن هنا يعلمنا القرآن الكريم الدعاء بصور وأساليب مختلفة، منها بيان أنّ الإنسان فقير في ذاته ويحتاج إلى الله تعالى لسد العوز والنقص والحصول على الغنى والكفاية منه تعالى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد)(فاطر:15) والآية الكريمة تفصح عن حقيقة أنّ الفقر هو عين وجود الإنسان، ولا يمكن له الخروج منه وإذا أراد أن يصل إلى مآربه لابد له من الاستغناء بالله تعالى، فهو الغني المحمود والكامل المطلق، والقرآن الكريم لا يقرر لنا ذلك فحسب بل يوضح نماذج لأكمل الخلق وهم الأنبياء والرسل وكيف استطاعوا عبر الدعاء أن يحصلوا على ما يبتغون وأن ينالوا ما يريدون.

الدعاء لطلب الخير

أن الله تعالى قال: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء)(إبراهيم:40)، فالخليل عليه السلام هنا يدعو الله تعالى أن يوفقه لإقامة الصلاة وأن يجعل من ذريته من يقيمها، ويطلب من الباري عز وجل أن يتقبل دعاءه، وذلك أنّ الدعاء قد لا يتقبل فلا يكون له الأثر الإيجابي الكبير لأنّ الدعاء ليس ألفاظاً جوفاء لا تشتمل على معانٍ يبثها الداعي إلى الله تعالى ليتقبل منه عمله وعباداته ويحيطه برحمته وآلائه، ويسترسل الخليل في دعائه لنفسه ولوالديه وللمؤمنين، طالباً لمغفرة الله تعالى، قال تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)(إبراهيم:41)، والمرء يريد العفو والمغفرة من الله في كل آن غير أنه بأشد الحاجة إليهما في يوم القيامة، يوم يقوم الحساب ذلك اليوم العظيم الذي تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وترى الناس سكارى من عذاب الله، قال تعالى: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)(الحد:2).

الدعاء عبادة وتعليم

إنّ الدعاء له مقاصد متعددة ولا ينحصر في العبادة بمعناها الخاص بل يشمل كل شأنٍ من شؤون الإنسان، ومن ذلك التعليم المستمر الذي يسهم في تطوير شخصيته ورفع مستواه وإيصاله إلى درجات العلى، قال تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)(طه:114) والآية الكريمة تعلم الإنسان الدعاء المستمر في طلب العلم والازياد منه وعدم التوقف عن طلبه ليحصل الداعي على الزاد الوفير من العلم والمهارات الفاعلة في تقدم حياته، باعتبار أنّ العلم له دخل في كل شأنٍ من شؤونها، ومن ازداد في معرفة جزء من الحياة ازدانت حياته بالخير والبركة، ويربط القرآن الكريم ذلك بالرب القائم على كل وجود الإنسان ليشعره بأنّ وجوده يرتبط بربوبيته وتربيته تبارك وتعالى.

الاستجابة لنداء الإيمان والفطرة

قال تعالى: (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ*رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)(آل عمران:193-194) إنّ الآية الكريمة تبين أهمية الاستجابة لنداء الحق والإيمان به وما يترتب على الإيمان من ثمرات كغفران الذنوب وتكفير السيئات والأعظم أن يكون الداعي مع الأبرار، والأهم ضمان المستقبل الأخروي عبر العمل الصالح والدعاء ليكون الداعي حاصلاً على ما وُعد به من قبل الأنبياء والرسل عليهم السلام.

الدعاء والخروج من الشدة

وقال تعالى: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)(الكهف:10) إنّ المرء تمر عليه حالات من الشدة يكاد يصل معها إلى اليأس فيضيق عليه الخناق ولا يجد له من أمره فرجاً خصوصاً إذا كان من يريد أن يبطش به يمتلك القدرات الكبيرة والكثيرة غير أنّ المؤمن بالله تعالى يرى أنّ الأمر يرجع إلى الله تعالى بدءً ونهاية فله الخلق والأمر وإذا دعاه فرج كربه وكشف همه وأنجاه مما ألم به، وفي قصة أهل الكهف عبرة وعظة كيف أنّ الكفار كان بيدهم زمام الأمور غير أنّ أهل الكهف دعوا الله تعالى مخلصين طالبين رحمته ولطفه وأن يهيأ لهم من أمرهم رشداً فاستجاب لهم ربهم وجعلهم عظة للخلق الطالب للهداية والرشد، وهذا الدعاء لا يختص بهم بل يشمل كل من ضاقت به السبل وانغلقت أمام وجهه الأبواب إذا توجه إلى الله تعالى عالماً أنّ بيده الأمر وهو على كل شيء قدير أنجاه وجعل عاقبة أمره يُسراً.

الذرية الطيبة والرتبة السنية

وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)(الفرقان:74) هناك أمران هامان يمثلان غاية طموح الإنسان: الأول: استمرار وديمومة الوجود عبر الولد الصالح، وقد أشار إلى هذا المصطفى صلى الله عليه وآله بقوله (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ عن ثلاث: ولد صالح يدعو له وعلم ينتفع به وصدقة جارية)(جامع أحاديث الشيعة:السيد البروجردي) فاستمرار الوجود مركوز في فطرة الإنسان ويتأتى ذلك بالولد الصالح المعبر عنه بقرة العين إذْ أنّ الولد الصالح يقر عين أبويه بما يقوم به من أعمال وما يصدر منه من خيرات تعود بالنفع على نفسه وأبويه ويكون ذكراً حسناً لهما، والقرآن الكريم يعلمنا كيف نطلب من الله تعالى ذلك سائلين أن يجعل الولد أنموذجاً صالحاً يحقق عبق الذكر ودوام الأجر.

الثاني: طلب الرتبة العالية والسنية ليصل الإنسان في مقامه أن يكون قدوة للآخرين، وإماماً يحتذى به ليس لعامة الناس بل للمتقين الذين وصلوا إلى الدرجات العالية غير أنّ الداعي يريد أن يصل إلى أرفع مما وصل إليه المتقون ليصبح الأتقياء مأمومين له مقتدين به وما أروع ذلك من مقام وما أجل تلك من رتبة (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).

الشكر العملی

وقال تعالى: (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)(يوسف:101)، إنّ نعم الله تعالى لا تعد ولا تحصى غير أنها تتفاوت بين الناس فبعضهم يهب الله له النعم المادية الوفيرة ويعطيه النعم المعنوية الكبيرة وذلك ابتلاء ليرى مسار الإنسان ماذا يفعل في هذه النعم؟ وكيف يعمل بتلك المواهب المعنوية؟ فهل يصاب بغرور؟ أو يخرج عن حده؟ أم يبقى في دائرة العبودية لله تعالى؟ ويعلمنا الصديق يوسف عليه السلام بدعائه عندما آتاه الله الملك بعد العبودية والسجن وفتح له خزائن علمه على الغيب بتعليمه ما يؤول إليه الحديث، فلم يلتفت إلى نفسه بل إلى الله تعالى "رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ" وما أروع التعبير، فالبدء بالرب تبيان لربوبيته وأنّ ما وصل إليه من النعم والملك منه تعالى وما بلغه من علم غزير وحكمة وقرب من الله تعالى بتوفيق وفضل منه تعالى على يوسف عليه السلام، إنّ هذا الدعاء يزيل غرور الإنسان ويرجعه إلى صوابه ويعلمه أنّ الفضل والنعمة من الله تعالى (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)(النحل:53).

الدعاء وبر الوالدين

وقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)(الإسراء:23-24)، يكبر الإنسان ويتقدم به السن فتضعف قواه ويتلاشى صبره ويقل تحمله ويحتاج إلى مساعدة وإعانة، ومن أولى بإعانته من أقرب الناس إليه إنه الولد، فهو فلذة كبد الأب وهو من تعب تربيته وتعليمه والعطف عليه، وحان وقت تقديم الجزاء كجزءٍ من الاستحقاق، والأسلوب الأمثل في تقديم بعض استحقاق الأبوين من الابن أن ينبثق ذلك من الوجدان والشعور بالمسؤولية وتحمل التكليف عبر الارتباط بالله تعالى والدعاء له برحمة الأبوين ليحدث التأثير النفسي الذي يقترن بالعمل فمن دعا ولم يعمل فقد استهزأ بالله تعالى، ويؤكد القرآن الكريم على استذكار مرحلة الطفولة وصغر السن في دعاء الابن لأبويه بالرحمة "وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" ويبين تعالى في هذا الدعاء وجوب ممارسة التذلل للأبوين والتواضع لهما فخفض الجناح تعبير مجازي فالطائر الكبير يخفض جناحه ليظلل على فراخه ويدفع عنها الأذى وكذا ينبغي للولد الصالح أن يقوم بدوره في بره لأبويه مع مراعاة التواضع وخفض الجناح.

تنزيه الحق والخروج من المأزق

وقال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(الأنبياء:87) إنّ قوانين الحق تعالى شاملة عامة لا يستثنى منها أحد، وتجري على أنبياء الله ورسله كما تجري على غيرهم، ورغم أنهم أقرب الخلق إلى الحق إلاّ أنه يجب عليهم الصبر وتحمل المسؤولية والكدح لإيصال الناس إليه تعالى دون كلل أو ملل غير أنّ الظروف قد تشتد وتشكل أزمة، وقد يعي صبر المرء ويريد الخلاص وهنا لابد من ابتلائه لرفع درجته وتعليمه الطريق الذي ينجيه ويوصله إلى الله تعالى، فيونس عليه السلام يئس من قومه وفر منهم وما كان له أن يفر، فابتلعه الحوت وتمكن من إنقاذ نفسه بتنزيه الله تعالى، وذكره بالتسبيح، وللتسبيح معنى عميق إذْ يستبطن اتصاف الحق بصفات الجمال والكمال المطلق الذي لا حد له وبذلك فله تعالى القدرة على إنقاذ الإنسان مهما كان عليه حاله فلا يعجز الله تعالى شيء، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير)(النحل:77).

اللجوء إلى الله والاستعاذة من الشيطان

وقال تعالى: (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ*وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ)(المؤمنون :97-98)، إنّ الشيطان هو العدو الأعظم للإنسان، وقد أخذ عهداً على نفسه أن يضله ويغويه، والحرب بين الشيطان والإنسان مستمرة لا تنقطع، وذلك أنه يسول للإنسان ويزين له القبيح ليستسيغه ثم ليعمله، قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)(فاطر:6)، إن الله يأمر باتخاذ الشيطان عدواً، والعدو لابد له من استعداد للأمن من مكره وخداعه، وأهم استعداد للإنسان اللجوء إلى الله، فهو تعالى يؤمن من لجأ إليه مستعيذاً به، ويقيه من حبائل الشيطان وكيده والاستعاذة سياج أمان من الشيطان من همزه ولمزه ووسوسته وحضوره، والمؤمن يستمد قدرته من الله فهو القادر على كل شيء، فيقيه مخلّصاً إياه من الشيطان.

المؤمن والصمود أمام التحديات

قال تعالى: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)(المؤمنون:109)، الإيمان مسؤولية تتطلب قدرة كبيرة على التحمل أمام تحديات غير المؤمنين، خصوصاً السخرية والاستهزاء منهم بمعتقدات المؤمن، فالسخرية والاستهزاء يحدثان ألماً نفسياً يصعب تحمله، ومن هنا كان بعض المؤمنين عندما يتعرض للأذى يجأر إلى الله تعالى بالدعاء بطلب المغفرة والرحمة، ويريد منه تعالى أن يغطي سيئاته ويغفر ما اقترف من ذنوب، ويريد رحمة ربه التي لا حدود لها ليستطيع أن يقاوم ذلك الصلف وتلك الغلظة برفق ورحمة، فاستشعار رحمة الحق تعالى يجعل المؤمن قادراً على تحمل الأذى صبوراً في مواجهة الشدة، "اغفر لنا وارحمنا" وتشير الآية إلى الموقف العملي للمؤمن تجاه غيره، فعليه أن يستشعر رحمة الحق للخلق مهما صدر من إيذاء تجاهه، لذا نجد المصطفى صلى الله عليه وآله عندما تألم من إيذاء قومه له دعا الله بقوله: (اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون).

المغفرة والعفو بعد الزلة والذنب

وقال تعالى: (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(الأعراف:23) وقد يقترف الإنسان ذنباً ويؤنبه الضمير ويريد الرجوع إلى الله تعالى طالباً للتوبة، ويحار في طلب الحق للعفو والرحمة فيهتدي إلى مناجاة الله تعالى والاعتراف بالذنب والسؤال منه تعالى أن يعينه ويغفر ذنبه، ويلح في الدعاء مدركاً أن الله تعالى إن لم يغفر ذنبه خسر الآخرة، بل الدنيا أيضاً، فإنْ صدق في لجوئه إلى الله بطلب مغفرته مدركاً أن لا ملجأ من الله إلا إليه فاز وظفر وقد تتبدل سيئاته حسنات، قال تعالى: (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)(الفرقان:70).

التهيؤ والاستعداد للمهام الجسام

وقال تعالى: (َقالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي*وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي*يَفْقَهُوا قَوْلِي)(طه:25-28)، إن الظروف المختلفة التي يمر بها الإنسان تتطلب منه الاستعداد التام والتهيؤ الكامل والأخذ بكل ما له دخل في إنجاح المهمة، والدعاء يعطي المرء الاستعداد والتهيؤ بشرح الصدر والانفتاح على الواقع مهما كان عليه ذلك الواقع من سوء، إنّ موسى عليه السلام دعا ربه أن يهيء له الظروف ويسهل له الأسباب بشرح الصدر وتيسير الأمر ليتعامل مع الأحداث بواقعية، ولم يكتف بذلك بل طلب الحق أن يجعله مؤثراً في أسلوبه بليغاً في إيصال مقاصده بحلّ عقدة لسانه.

الإيمان والنعيم المقيم

وقال تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(آل عمران:16) وإنّ الله تعالى وعد المؤمن بجنة عرضها السماوات والأرض لا حدود لنعمها ولا منتهى لرغدها والمانع هو الذنوب والعذاب الإلهي المترتب عليها، ويستطيع المرء أن يتوسل إلى الله تعالى طالباً ذلك النعيم متخلصاً من ذنوبه بإيمانه فالإيمان له عظيم الثواب وجزيل الأجر وإحباط السيئات، وبذلك يحصل على نعيم الجنة وينال ثواب الحق تعالى.

منقول من وكالة ايکنا للأنباء القرآنية


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1057
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 06 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24