• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : الأخلاق في القرآن .
                    • الموضوع : الإصلاح بين المؤمنين .

الإصلاح بين المؤمنين

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الحجرات :10

إعداد: القسم الثقافي

دار السيدة رقية(عليها السلام) للقرآن الكريم

لقد أولت التعاليم الإسلامية عناية خاصة وفائقة للإصلاح بين الناس حتى عدته من أفضل العبادات، وأهم الأغراض الاجتماعية الدينية والإنسانية، وأکد القرآن الکريم بآيات کثيرة، وحفلت کتب الحديث بروايات جمة في هذا المجال، فإنّ الله سبحانه وتعالى ينظر إلى مجموع المؤمنين کإنّهم إخوة ويلزم السعي لإصلاح نزاعهم وخلافهم  بالرغم من عدم ثبوت الأخوّة النسبية فيما بينهم.

 وما أحسنه من تعبير، وکم هو بليغ حيث جعل النزاع بينهم نزاعاً بين الإخوة، وهکذا تتضح أحدى أهم المسؤليات الاجتماعية على المسلمين فيما بينهم في الدخول بصورة جادة وعادلة للإصلاح بين المؤمنين المتخاصمين، وإعادة خيوط الأخوّة والصفاء، وإحلال السلام، وتحکيم العدالة الاجتماعية بجميع أبعادها حيث لا ينبغي للمؤمنين النزاع فيما بينهم ولا بد ان يحذروا من ذلک فإنّ في نزاعهم فشلهم وذهاب قوتهم کما جاءت في ذلک آيات وروايات کثيرة أيضاً في ذمه لما فيه من تفرقة المسلمين وتشتيتهم، وعدم اهتمام أحدهم بالآخر، وعدم معرفة ما يحدث في مجتمعهم من خير فيتعاونوا عليه أو شر فيدفعوه فيضعفوا ويسهل التربص بهم ومحوهم؛ کما أنّه يقطع بينهم أواصر المحبة والتعاون والتکاتف، فيسيطر عليهم الشيطان ويبث جنوده بين صفوفهم بنشر جميع الخصال الدنيئة والأخلاق السيئة التي تؤدي بهم إلی أسفل درک الجحيم فإنّ الخصومات تورث النفاق، وتجلب الضغائن، وتنشر الخلافات، وتبدي سفه الإنسان وضياع حقه، وإشغال فکره وقلبه، وتؤدي إلى القطيعة وحبط العمل وخسران الأجر وإلطاعة الشيطان، فانه {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء} (المائدة :91)

    وعلى کل حال، فإنّ من واجب جميع المسلمين أن يصلحوا بين المتنازعين منهم لئلا تسيل الدماء، وأن يعرفوا مسؤوليتهم في هذا الحال فلا يکونوا متفرجين مکتوفي الأيدي، يمرون عليهم دون اکتراث وتأثر، فإنّهم إخوة بکل ما للکلمة من معنى، وهي واحدة من الشعارات العميقة الأساسية المتجذرة في الإسلام ذات معنى غزير في الارتباط والمحبة والانسجام وتبادل العلاقات، فإنّ الإسلام يرى المسلمين جميعاً بحکم الأسرة الواحدة، ويخاطبهم جميعاً بالإخوان والأخوات مما أکدته الأحاديث الواردة في هذا الصدد مثل « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه وان مثل الاخوين مثل اليدين تغسل احداهما الاخري والمؤمن اخو المؤمن کالجسد الواحد إذا اشتکى شيئاً منه وجد ألم ذلک في سائر جسده وارواحهما من روح واحدةَ»

      فلابد ان يحرص کل واحد منا على رصّ صفوف المؤمنين وتوحيد المجتمع وتلافيه من الانفکاک الذي يسببه التخاصم والهجران، فکل واحد منا جزء من المجتمع لو فسد هذا الجزء لسرى فساده إلى باقي الأجزاء. وعلينا بتحمل أذى الإخوان؛ لعدم عصمتهم من الخطأ، فقد ورد (( إنّ زين المصاحبه الاحتمال، ورأس العقل التودد إلى الناس، ومن الکرم احتمال جنايات الإخوان) )، فإنّ من صفات أهل الأخلاق الفاضله الصفح والتجاوز والتودد والتقرب إلى الأخوان، وعدم هجرانهم لقوله تعالى: (ولو کنت فظاً غليظ القلب لانفضُّوا من حولک)

کما لا يخفي أنّ عظمة الأمة وقدرتها وعزتها لا يمکن تحقيقه إلا في ظل التفاهم والتعاون، فإذا لم يتم إصلاح ذات البين، ولم نترک الخلافات البسيطة والمشاجرات تنفذ جذور العداوة والبغضاء في القلوب تدريجاً، وتتحول الأمة القوية المتحدة إلى جماعات متفرق متناحرة وتضعف أمام الأعداء والحوادث، ولذلک فقد أوجبت الشريعة الإسلامية القيام بالإصلاح في بعض مراحله، وجوزت الإنفاق من بيت المال لتحقيق هذا الأمر وندبت إلى ذلک في مراحله الأخرى التي لا تتعلق بمصير المسلمين مباشرة، وعدّت ذلک مستحباً مؤکداً وإليک آخر ما أوصي به أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله : إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام .

وروي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال : صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا .

 وقوله (عليه السلام) للمفضل: إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي . وقال (عليه السلام) ما عمل امرؤ عملاً بعد إقامة الفرائض خيراً من إصلاح بين الناس، يقول خيراً وينمي خيراً .

وقال (عليه السلام) : ملعون ملعون رجل يبدأه أخوه بالصلح فلم يصالحه.

 وقال (صلى الله عليه وآله) لا يحل لمسلم أن يهجر اخاه فوق ثلاث .

وقال (صلى الله عليه وآله): أيّما مسلمينِ تَهَاجرا فمکثا ثلاثاً لا يصطلحان إلا ماتا خارجين عن الاسلام ولم يکن بينهما ولاية، فايما سبق إلى کلام أخيه کان السابق إلى الجنة يوم الحساب.

 وقال الباقر(عليه السلام) : ما من مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلا وبرئت منهما في الثالثة فقيل له : يا بن رسول الله هذا حال الظالم فما بال المظلوم ؟ فقال : ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم فيقول : أنا الظالم حتى يصطلحا ؟.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1036
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 05 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28