00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الزلزلة من أول السورة ـ آخر السورة من ( ص 371 ـ 384 )  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء العشرون)   ||   تأليف : سماحة آية الله العظمى الشيخ مكارم الشيرازي

[371]

سُورَة الزّلزِلَة

مَدنيَّة

وعَددُ آياتِها ثماني آيات

[373]

«سورة الزلزلة»

محتوى السّورة

اختلف المفسّرون في مكّية هذه السّورة أو مدنيتها. كثيرون ذهبوا إلى أنّها مدنية. بينما ذهب بعض إلى أنّها مكّية لما تتناوله آياتها من حديث حول «المعاد» و«أشراط الساعة» (علامات يوم القيامة)... وهي موضوعات الآيات المكّية عادة. ولكنّ ثمّة رواية عن «أبي سعيد الخدري» أنّه سأل النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حين نزول هذه السّورة عن آية: (فمن يعمل مثقال ذرة...) وأبو سعيد انضم إلى المسلمين في المدينة(1).

ولا تأثير لمكيتها أو مدنيتها على مفاهيمها التي تدور حول ثلاثة محاور رئيسية: تتحدث أوّلاً عن علامات البعث ويوم القيامة...ثمّ عن شهادة الأرض على جميع أعمال العباد.. وبعد ذلك تقسم النّاس إلى مجموعتين صالحة وطالحة وتبيّن أنّ كلّ مجموعة ترى ثمار عملها.

فضيلة السّورة:

وردت في فضيلة هذه السّورة نصوص تحمل إشارات هامّة من ذلك ما روي عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «من قرأها فكأنّما قرأ البقرة وأُعطي من الأجر كمن قرأ ربع القرآن»(2).

_______________________________________

1 ـ روح المعاني، ج30، ص308.

2 ـ مجمع البيان، ج10، ص524.

[374]

وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) قال:

«لا تملوا من قراءة (إذا زلزلت الأرض زلزالها)فإنّه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه اللّه عزّوجلّ بزلزلة أبداً، ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتى يموت».(1)

* * *

_______________________________________

1 ـ اُصول الكافي على ما في نور الثقلين، ج5، ص647، ح4.

[375]

الآيات

إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا(1) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا(2) وَقَالَ الأِنْسَـنُ مَا لَهَا(3) يَوْمَئِذ تُحِدِّثُ أَخْبَارَهَا(4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا(5) يَوْمَئِذ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَـلَهُمْ(6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْرَاً يَرَهُ(7)وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شَرَّاً يَرَهُ(8)

التّفسير

يوم يرى النّاس أعمالهم:

هذه السّورة تبدأ ـ كما ذكرنا في محتواها ـ ببيان صور من الأحداث الهائلة المفزعة التي ترافق نهاية هذا العالم وبدء البعث والنشور. تقول:

(إذا زلزلت الأرض زلزالها)(1).

(وأخرجت الأرض أثقالها).

_______________________________________

1 ـ إذا شرطية، يحتمل أن يكون جزاء شرطها «يومئذ تحدث أخبارها» أو «يومئذ يصدر النّاس أشتاتاً»، أو أنّ الجزاء محذوف والجملة جاءت جواباً لسؤال: متى الساعة؟ والتقدير: إذا زلزلت الأرض زلزالها تقوم الساعة.

[376]

عبارة «زلزالها» تعني أنّ الأرض بأجمعها تهتز في ذلك اليوم (خلافاً للزلازل العادية الموضعية عادة) أو أنّها إشارة إلى الزلزلة المعهودة، أي زلزلة يوم القيامة(1).

و«الأثقال» ذكر لها المفسّرون معاني متعددة. قيل إنّها البشر الذين يخرجون من أجداثهم على أثر الزلزال. كما جاء في قوله سبحانه: (وألقت ما فيها وتخلت)(2).

وقيل إنّها الكنوز المخبوءة التي ترتمي إلى الخارج، وتبعث الحسرة في قلوب عبّاد الدنيا(3).

ويحتمل أيضاً أن يكون المقصود إخراج المواد الثقيلة الذائبة في باطن الأرض، وهو ما يحدث أثناء البراكين والزلازل، فإنّ الأرض في نهاية عمرها تدفع ما في أعماقها إلى الخارج على أثر ذلك الزلزال العظيم.

يومكن الجمع بين هذه التفاسير.

في ذلك الجو المليء بالرهبة والفزع، تصيب الإنسان دهشة ما بعدها دهشة فيقول في ذعر: ما لهذه الأرض تتزلزل وتلقي ما في باطنها؟

(وقال الإنسان ما لها).

وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ الإنسان في الآية هو الكافر الذي كان شاكاً في المعاد والبعث، ولكن الظاهر أنّ الإنسان هنا له معنى عام يشمل كل أفراد البشر. فالدهشة من وضع الأرض في ذلك اليوم لا يختص بالكافرين.

وهل هذا السؤال التعجبي يرتبط بالنفخة الاُولى أو الثّانية؟ أي هل يرتبط

_______________________________________

1 ـ بالمعنى الأوّل الإضافة لها معنى العموم، وفي الحالة الثّانية معنى العهد. ثمّ إنّ الزلزال بكسر الزاي مصدر، والزلزال بفتح الزاي اسم مصدر، وهذه القاعدة جارية في الفعل الرباعي المضاعف مثل (صلصال) و(وسواس).

2 ـ الإنشقاق، الآية 4.

3 ـ «أثقال» جمع ثقل ـ على وزن فكر ـ بمعنى الحمل، وقيل إنّه جمع ثَقَل، على وزن عمل، وهو متاع البيت أو المسافر. والمعنى الأوّل أنسب.

[377]

بنهاية الأرض أم بالبعث؟

الظاهر أنّها النفخة الاُولى حيث تحدث الزلزلة الكبرى وينتهي فيها هذا العالم.

ويحتمل أيضاً أن تكون نفخة البعث والنشور، وإخراج النّاس من الأجداث والآيات التالية ترتبط بالنفخة الثّانية.

ولما كان القرآن يتحدث في مواضع مختلفة عن أحداث النفختين معاً، فالتّفسير الأوّل أنسب لما ورد من ذكر الزلزال المرعب في نهاية العالم. وفي هذه الحالة يكون المقصود من أثقال الأرض معادنها وكنوزها والمواد المذابة فيها.

وأهم من ذلك أنّ الأرض:

(يومئذ تحدث أخبارها).

تحدّث بالصالح والطالح، وبأعمال الخير والشر، ممّا وقع على ظهرها. وهذه الأرض واحد من أهم الشهود على أعمال الإنسان في ذلك اليوم. وهي إذن رقيبة على ما نفعله عليها.

وفي حديث عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: «أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عملوا على ظهرها. تقول عمل كذا وكذا، يوم كذا، فهذا أخبارها»(1).

وفي حديث آخر عن النّبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «حافظوا على الوضوء وخير أعمالكم الصلاة، فتحفظوا من الأرض فإنّها اُمّكم، وليس فيها أحد يعمل خيراً أو شرّاً إلاّ وهي مخبرة به»(2).

وعن أبي سعيد الخدري قال: متى كنت في بيداء فارفع صوتك بالأذان لأنّي

_______________________________________

1 ـ نور الثقلين، ج5، ص649.

2 ـ مجمع البيان، ج10، ص526.

[378]

سمعت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «لا يسمعه جن ولا إنس ولا حجر إلاّ يشهد له»(1).

وهل إن تحديث الأرض يعني أنّها تتكلم في ذلك اليوم بأمر اللّه، أم إن المقصود ظهور آثار أعمال الإنسان على ظهر الأرض؟

واضح أنّ كل عمل يقوم به الإنسان يترك آثاره حتماً على ما حوله، وإن خفيت علينا هذه الآثار اليوم، تماماً مثل آثار أصابع اليد التي تبقى على مقبض الباب، وفي ذلك اليوم تظهر كل هذه الآثار، وحديث الأرض ليس سوى هذا الظهور الكبير; تماماً كما نقول لشخص نعسان: عينك تقول إنّك كنت سهراناً أمس. أي إنّ آثار السهر عليها واضحة.

وليس هذا الموضوع بغريب اليوم بعد الإكتشافات العلمية والإختراعات القادرة في كلّ مكان وفي لحظة أن تسجل صوت الإنسان وتصور أعماله وحركاته في أشرطة يمكن طرحها في المحكمة كوثائق إدانة لا تقبل الإنكار.

لو كانت شهادة الأرض فيما مضى عجيبة، فليست اليوم بعجيبة ونحن نرى شريطاً رقيقاً يمكن أن يكون بحجم أزرار اللباس قادراً على أن يحتفظ بكثير من الأعمال والأقوال.

وفي حديث عن علي(عليه السلام) قال: «صلوا المساجد في بقاع مختلفة، فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة»(2).

وعنه(عليه السلام) أيضاً حينما كان يفرغ من تقسيم بيت المال يصلي ركعتين ويقول: «إشهدي أنّي ملأتك بحق وفرغتك بحق»(3).

(بأنّ ربّك أوحى لها).(4)

_______________________________________

1 ـ المصدر السابق.

2 ـ لئاليء الأخبار، ج5، ص 79 (الطبعة الجديدة).

3 ـ المصدر السابق.

4 ـ الباء في (بأنّ) للسببية واللام في (لها) بمعنى إلى كما ورد في قوله تعالى: (وأوحى ربّك إلى النحل) (النحل، الآية68).

[379]

فما فعلته الأرض إنّما كان بوحي ربّها، وهي لا تتواني في تنفيذ أمر الرّب.

وعبارة «اُوحى» إنّما هي لبيان أنّ حديث الأرض خلاف طبيعتها، ولا يتيسر ذلك سوى عن طريق الوحي الإلهي.

قيل: إنّ المقصود هو أنّ اللّه يوحي للأرض أن تخرج أثقالها.

والتّفسير الأوّل أصح وأنسب، (يومئذ يصدر النّاس أشتاتاً ليروا أعمالهم).

«أشتات» جمع «شتّ» ـ على وزن شط ـ وهو المتفرق والمبعثر. أي إنّ النّاس يردون ساحة المحشر متفرقين مبعثرين. وقد يكون التفرق والتبعثر لورود أهل كلّ دين منفصلين عن الآخرين.

أو قد يكون لورود أهل كلّ نقطة من نقاط الأرض بشكل منفصل.

أو قد يكون لورود جماعة بأشكال جميلة مستبشرة، وجماعة بوجوه عبوسة مكفهرة إلى المحشر.

أو إن كلّ اُمّة ترد مع إمامها وقائدها كما في قوله تعالى: (يوم تدعوا كلّ اُناس بإمامهم).(1)

أو أنّ يحشر المؤمنون مع المؤمنين والكافرون مع الكافرين.

الجمع بين هذه التفاسير ممكن تماماً لأنّ مفهوم الآية واسع.

«يصدر» من الصدور، وهو خروج الإبل من بركة الماء مجتمعة هائجة وعكسه الورود. وهي هنا كناية عن خروج الأقوام من القبور وورودهم على المحشر للحساب.

ويحتمل أيضاً أن يكون صدور النّاس في الآية من المحشر والتوجه نحو مستقرهم في الجنّة أو النّار.

المعنى الأوّل أكثر تناسباً مع الآيات السابقة.

_______________________________________

1 ـ الاسراء، الآية 71.

[380]

المقصود من عبارة (ليروا أعمالهم) هل هو: ليروا جزاء أعمالهم.

أو ليروا صحيفة أعمالهم وما سجل فيها من حسنات وسيئات أو المشاهدة الباطنية، بمعنى المعرفة بكيفية الأعمال.

أو أنّها تعني «تجسم الأعمال» ورؤية الأعمال نفسها؟!

التّفسير الأخير أنسب مع ظاهر الآية. وهذه الآية أوضح الآيات الدالة على تجسم الأعمال. حيث تتخذ الأعمال في ذلك اليوم أشكالاً تتناسب مع طبيعتها وتنتصب أمام صاحبها. وتكون رفقتها سروراً وانشراحاً أو عذاباً وبلاءً.

ثمّ ينتقل الحديث إلى جزاء أعمال المجموعتين المؤمنة والكافرة، الصالحة والطالحة.

(ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره).

(فمن يعمل مثقال ذرة شرّاً يره).

وهنا أيضاً تفسيرات مختلفة لرؤية الأعمال هل هي رؤية جزاء الأعمال، أم صحيفة الأعمال، أو العمل نفسه.

ظاهر الآية يدل أيضاً على مسألة «تجسم الأعمال» ومشاهدة العمل نفسه، صالحاً أم سيئاً، يوم القيامة. حتى إذا عمل ما وزنه ذرة من الذرات يره مجسماً يوم القيامة.

«مثقال» في اللغة بمعنى الثقل، وبمعنى الميزان الذي يقاس به الثقل والمعنى الأوّل هوالمقصود في الآية.

و«الذرة» ذكروا لها معاني متعددة من ذلك، النملة الصغيرة، والغبار الذي يلصق باليد عند وضعها على الأرض، وذرات الغبار العالقة في الجو التي تتّضح عندما تدخل حزمة ضوء من ثقب داخل غرفة مظلمة.

والذرة تطلق اليوم على أصغر جزء من أجزاء المادة والتي منها تصنع «القنبلة الذرية»، مع احتفاظه بخواص المادة الأصلية. ولا ترى بأقوى المجاهر، وتشاهد

[381]

آثارها فقط، وتعرف خواصها بالمحاسبات العلمية..

مهما كان مفهوم الذرة فهو هنا أصغر وزن.

هذه الآية على أي حال تهزّ كيان الإنسان الواعي من الأعماق، وتشير إلى أنّ حساب اللّه في ذلك اليوم دقيق وحساس للغاية. وميزان أعمال النّاس دقيق إلى درجة يحصي أقلّ أعمال الإنسان.

* * *

بحوث

1 ـ الدقّة في تحري الأعمال

الآيتان المذكورتان وآيات اُخرى مشابهة تدلّ دلالة واضحة على الدقّة المتناهية في تحرّي الأعمال وفي المحاسبة يوم القيامة، كقوله سبحانه: (يا بني إنّها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها اللّه إن اللّه لطيف خبير)(1).

و«الخردل» بذر صغير جدّاً لنبات معروف يضرب به المثل لصغره.

هذه التعابير القرآنية تدلّ على أنّ أصغر الأعمال يحاسب عليها في تلك المحاسبة الكبرى، وهذه الآيات تحذر أيضاً من استصغار الذنوب الصغيرة، أو التهاون في أعمال الخير والصغيرة. فما يحاسب عليه اللّه سبحانه ـ مهما كان ـ ليس بقليل الأهمية.

لذلك قال بعض المفسّرين إنّ هذه الآيات نزلت حين كان بعض الصحابة يتهاون في إنفاق الأموال القليلة، وكانوا يقولون: إنّ الأجر يتوقف على إنفاق ما نحبّ، والأشياء الصغيرة لا نحبها. وهكذا كانوا يستهينون بالذنوب الصغيرة.

_______________________________________

1 ـ لقمان، الآية 16.

[382]

فنزلت الآيات وحثتهم على فعل الخيرات مهما قلت ونهتهم عن الذنوب مهما صغرت.

2 ـ جواب على سؤال

يطرح هنا سؤال بشأن ما تحدثت عنه الآيات وهو أنّ الإنسان يرى كلّ أعماله صالحة أم طالحة، صغيرة أم كبيرة. فكيف ينسجم ذلك مع الآيات التي تطرح مفاهيم «الإحباط» و«التكفير» و«العفو» و«التوبة»؟

فآيات «الإحباط» تقرر أنّ بعض السيئات مثل الكفر يذهبن الحسنات: (لئن أشركت ليحبطن عملك)(1).

وآيات «التكفير» تقول: (إنّ الحسنات يذهبن السيئات)(2)

وآيات «العفو والتوبة» توضح محو الذنوب بتوبة العبد وعفو الرب.

فكيف تنسجم هذه المفاهيم مع رؤية كلّ أعمال الخير والسؤ؟

والجواب: أنّ الآيات المذكورة أعلاه والتي تنص على رؤية أعمال الخير وأعمال السوء يوم القيامة هو أصل كلي وقانون عام. وكلّ قانون قد يكون له إستثناءات. وآيات العفو والتوبة والإحباط والتكفير هي من هذه الإستثناءات.

وثمّة جواب آخر هو إنّه في حالة الإحباط والتكفير تحدث في الواقع موازنة وكسر وانكسار تماماً مثل «المطالبات» و«القروض» التي يقل بعضها على حساب بعض، وحينما يرى الإنسان نتيجة هذه الموازنة فإنّما رأى في الواقع كلّ أعماله الصالحة والطالحة. ومثل هذا يصدق أيضاً على «العفو» و«التوبة» لأنّ العفو لا يتمّ دون لياقة، والتوبة هي بنفسها من الأعمال الصالحة.

بعضهم ذكر هنا جواباً لا يبدو صحيحاً، وهو أنّ الكفار يرون نتيجة أعمالهم

_______________________________________

1 ـ الزمر، الآية 65.

2 ـ هود، الآية 114.

[383]

الصالحة في هذه الدنيا، وهكذا المؤمنون ينالون جزاء أعمالهم السيئة في هذا العالم.

والظاهر أنّ الآيات التي نحن بصددها ترتبط بالقيامة لا بالدنيا، أضف إلى ذلك ليست هناك قاعدة كليّة تقضي أن يرى كل مؤمن وكافر نتيجة أعماله في هذه الدنيا.

3 ـ الآية الجامعة

روي عن عبد اللّه بن مسعود قال: إنّ أحكم آية في القرآن: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرّاً يره). وكان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) يسميها «الجامعة»(1). وحقّاً، لو تدبر الإنسان في محتوى هذه الآية تكفيه دافعاً إلى طريق الخير وناهياً عن طريق الفساد والإنحراف.

لذا ورد أنّ رجلاً جاء النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له: علمني ممّا علمك اللّه.

فأوكله النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أحد أصحابه ليعلمه القرآن، فعلمه: (إذا زلزلت الأرض) إلى آخر السّورة. فنهض الرجل وقال: هذه تكفيني... وفي رواية قال: تكفيني هذه الآية.

عن زيد بن أسلم(رض) أنّ رجلاً جاء إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: علمني ما علمك اللّه، فدفعه إلى رجل يعلمه القرآن فعلمه إذا زلزلت الأرض حتى بلغ فمن يعمل الخ... قال الرجل: حسبي. فأخبر بذلك النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: «دعه فقد فقه الرجل»(2)

وعن أبي سعيد الخدري قال: لما أنزلت هذه الآية (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرّاً يره) قلت: يارسول اللّه إنّي لراء عملي؟ قال: نعم. قلت: الكبار الكبار. قال: نعم. قلت: الصغار الصغار. قال: نعم. قلت واثكلى اُمي،

_______________________________________

1 ـ نور الثقلين، ج5، ص 164.

2 ـ تفسير روح البيان، ج10، ص495.

[384]

قال: ابشر يا أبا سعيد فإنّ الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف، واللّه يضاعف لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو اللّه، ولن ينجو أحد بعمله. قلت: ولا أنت يا نبيّ اللّه؟ قال: ولا أنا إلاّ أن يتغمدني اللّه منه بالرحمة.(1)

ربّنا! عندما لا يكون في ذلك اليوم لرسولك العظيم ملاذ سوى عفوك ورحمتك، فكيف بنا وكيف حالنا...

إلهنا! إذا كانت أعمالنا هي الأصل في نجاتنا فالويل لنا، وإن اسعفنا كرمك فهنيئاً لنا..

اللّهمّ! ليس لنا في ذلك اليوم الذي تتجسد فيه الأعمال صغيرها وكبيرها إلاّ لطفك العميم ورحمتك الواسعة.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة الزلزلة

* * *

_______________________________________

1 ـ الدر المنثور، ج8، ص594




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21331621

  • التاريخ : 28/03/2024 - 10:08

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net