00989338131045
 
 
 
 
 
 

 وتحير الفقهاء في توبة صبيغ 

القسم : علوم القرآن   ||   الكتاب : تدوين القرآن   ||   تأليف : الشيخ علي الكوراني

وتحير الفقهاء في توبة صبيغ

عن أي شئ كانت توبة صبيغ التميمي ؟ الظاهر أنها توبة عن السؤال فقط وفقط !! وقد تاب وهو تحت عراجين النخل وقال للخليفة : اعفني ، سامحني ، فقد كان في رأسي أسئلة أو تساؤلات ، وذهب الذي كان في رأسي ، وإني تائب الى الله واليك.. ولكن الخليفة لم يعفه ولم يقبل توبته إلا بعد أن دمر شخصيته وجعله ميتاً في الأحياء ! فلماذا اشترط الخليفة مضي سنة من إعلان توبة صبيغ حتى يثبت صدقها ، مع أن التوبة إما أن لا تقبل ، وإما تقبل رأساً ؟! هذا ما حير فقهاء المذاهب الأربعة !

قال ابن قدامة في المغني ج 12 ص 80 :

( فصل : ظاهر كلام أحمد والخرقي أنه لايعتبر في ثبوت أحكام التوبة من قبول الشهادة وصحة ولايته في النكاح إصلاح العمل ، وهو أحد القولين للشافعي ، وفي القول الآخر يعتبر إصلاح العمل ... ولأن عمر رضي الله عنه لما ضرب صبيغاً أمر بهجرانه حتى بلغته توبته ، فأمر أن لا يكلم إلا بعد سنة . ولنا : قوله(ع) : التوبة تجب ما قبلها ، وقوله : التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ولأن المغفرة تحصل بمجرد التوبة فكذلك الأحكام ، ولأن التوبة من الشرك بالاسلام لا تحتاج الى اعتبار ما بعده وهو أعظم الذنوب كلها ، فما دونه أولى ! فأما الآية فيحتمل أن يكون الإصلاح هو التوبة وعطفه عليها لاختلاف اللفظين ، ودليل ذلك قول عمر لأبي بكرة : تب أقبل شهادتك ، ولم يعتبر أمراً آخر ، ولأن من كان غاصباً فرد ما في يديه أو مانعاً الزكاة فأداها وتاب الى الله تعالى قد حصل منه الإصلاح ، وعُلِمَ نزوعه من معصيته بأداء ما عليه ، ولو لم يُرِدِ التوبة ما أدى ما في يديه . ولأن تقييده بالسنة تحكُّمٌ لم يرد الشرع به، والتقدير إنما يثبت بالتوقيف ) انتهى .

الى هنا تلاحظ أن كلام ابن قدامة كلام فقهي قوي .. ثم أخذ ينقض مبانيه التي أثبتها لتوه فقال :

( وما ورد عن عمر في حق صبيغ إنما كان لأنه تائب من بدعة وكانت توبته بسبب الضرب والهجران فيحتمل أنه أظهر التوبة تستراً بخلاف مسألتنا . وقد ذكر القاضي أن التائب من البدعة يعتبر له مضي سنة لحديث صبيغ رواه أحمد في الورع قال : ومن علامة توبته أن يجتنب من كان يواليه من أهل البدع ، ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة . والصحيح أن التوبة من البدعة كغيرها إلا أن تكون التوبة بفعل يشبه الإكراه كتوبة صبيغ فيعتبر له مدة تظهر أن توبته عن إخلاص لا عن إكراه. وللحاكم أن يقول للمتظاهر بالمعصية تب أقبل شهادتك قال مالك لا أعرف هذا ، قال الشافعي وكيف لا يعرفه وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة ، وقاله عمر لأبي بكرة !! ) انتهى .

وهكذا طبق الفقهاء على صبيغ أنه لابد أن تمضي عليه سنة ليعرف أنه ( اجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة ) ولكن صبيغاً لم يكن له فئة غير أهل السنة ، وإن كان له فئة فكيف يعرف أنه اجتنبهم وهو ممنوع المجالسة والمكالمة الخ ..

النتيجة

والنتيجة أن صبيغاً دفع في حياته ثمن أسئلته غالياً ، ثم دفعها على يد الفقهاء من سمعته لأجل تبرير عمل الخليفة ، فصار صاحب بدعة ، وصار خارجياً مستحقاً للعقوبة قبل ظهور الخوارج وتسميتهم خوارج بربع قرن أو أكثر .. كل ذلك بدون دليل عند أحد من هؤلاء الفقهاء إلا عمل الخليفة.. ويمكن أن يصير صبيغ بعد مدة رافضياً خبيثاً ، مع أني لم أجد له إشارة مدح واحدة في مصادر الشيعة !

ولكن لا يختلف الحال في غرض بحثنا ، فسواء اعتبرنا قضية صبيغ قضية علمية أو عقائدية أو شخصية أو سياسية.. فإنها قضية تخدم تحريم البحث العلمي في القرآن والسؤال عن غوامضه وحتى عن معاني ألفاظه ومفرداته ، كما نرى في نهي الخليفة عن البحث في معنى : وفاكهة وأباً .. وغيرها ، وغيرها !

وإذا أردنا تطبيق أحكام الخليفة على صبيغ في عصرنا فيجب على الحاكم المسلم أن يجمع كتب التفسير ويحرقها ، ثم يقيم الحد الشرعي على المفسرين وطلبة العلوم القرآنية، فيجلدهم حتى تسيل دماؤهم على رؤوسهم وظهورهم وأعقابهم ، والأحوط أن يكون ذلك بجريد النخل الرطب ، ثم يسجنهم حتى يبرؤوا ، ثم يضربهم مرة ثانية وثالثة .. ثم يلبسهم تبابين ويركبهم في شاحنات ويطوفهم في مدنهم وقراهم ..ويحذر الناس من شرهم .. الى آخر أحكام الخليفة .

هذا إذا كانت أسئلتهم بمقدار أسئلة صبيغ ، أما إذا كانت أسئلتهم أكثر مثل طلبة المعاهد والجامعات الدينية في عصرنا ، فيجب أن يحكم عليهم بالإعدام حتى يخلص الأمة من شرهم !!




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21400775

  • التاريخ : 19/04/2024 - 01:41

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net