00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة النصر 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير نور الثقلين ( الجزء الخامس )   ||   تأليف : الشيخ عبد على بن جمعة العروسي الحويزي

سورة النصر

بسم الله الرحمن الرحيم

1 - في كتاب ثواب الاعمال باسناده عن ابى عبدالله عليه السلام قال: من قرأ " اذا جاء نصر الله والفتح " في نافلة او فريضة نصره الله على جميع اعدائه وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق، قد أخرجه الله من جوف قبره، فيه امان من جسر جهنم ومن النار ومن زفير جهنم، فلا يمر على شئ يوم القيامة الا بشره واخبره بكل خير حتى يدخل الجنة، ويفتح له في الدنيا من أسباب الخير مالم يتمن ولم يخطر على قلبه.

2 - في مجمع البيان في حديث أبى من قرأها فكانما شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فتح مكة.

3 - وعن عبدالله بن مسعود قال: لما نزلت السورة كان النبى صلى الله عليه وآله يقول كثيرا: سبحانك اللهم اغفر لى انك أنت التواب الرحيم.

4 - وعن ام سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله بالاخرة لا يقوم ولا يقعد ولا يجيئ ولا يذهب الا قال: سبحان الله وبحمده استغفر الله واتوب اليه، فسألناه عن ذلك؟ فقال: انى امرت بها، ثم قرأ اذا جاء نصر الله.

5 - وفى رواية عايشة انه كان يقول: سبحانك اللهم وبحمدك استغفر الله واتوب اليك قال مقاتل: لما نزلت هذه السورة قرأها صلى الله عليه وآله على أصحابه ففرحوا واستبشروا، وسمعها العباس فبكى فقال صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا عم؟ فقال: أظن انه قد نعت اليك نفسك يا رسول الله، فقال: انه لكما تقول، فعاش بعدها سنتين ما رؤى فيهما ضاصكا مستبشرا قال: وهذه السورة تسمى سورة التوديع.

6 - وقال ابن عباس: لما نزلت " اذا جاء نصر الله والفتح " قال صلى الله عليه وآله: نعيت إلى نفسى بانها مقبوضة في هذه السنة.

[690]

7 - في عيون الاخبار باسناده إلى الحسين بن خالد قال: قال الرضا عليه السلام: سمعت أبى يحدث عن أبيه عليهما السلام: ان اول سورة نزلت " بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك " وآخر سورة نزلت " اذا جاء نصر الله ".

8 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن سهل بن زياد عن منصور بن العباس عن محمد بن العباس بن السرى عن عمه على بن السرى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: أول ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ بسم ربك وآخره " اذا جاء نصر الله ".

9 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى محمد بن عمر بن على عن ابيه عن جده قال: نزلت على النبى صلى الله عليه وآله " اذا جاء نصر الله والفتح " قال: يا على لقد جاء نصر الله والفتح، فاذا رايت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا، قال: يا على ان الله قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدى، كما كتب عليهم جهاد المشركين معى، فقلت: يا رسول الله وما الفتنة التى كتب علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون ان لا اله الا الله وانى رسول الله وهم مخالفون لسنتى وطاعنون في دينى، فقلت: فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون ان لا اله الا الله وانك رسول الله؟ فقال: على احداثهم في دينى وفراقهم لامرى واستحلالهم دماء عترتى.

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

10 - في تفسير على بن ابراهيم: اذا جاء نصر الله والفتح قال: نزلت بمنى في حجة الوداع " اذا جاء نصر الله والفتح " فلما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعيت إلى نفسى، فجاء إلى مسجد الخيف فجمع الناس ثم قال: نصرا لله امرء‌ا سمع مقالتى فوعاها وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه فليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرء مسلم، اخلاص العمل لله، والنصيحة لائمة المسلمين واللزوم لجماعتهم، فان دعوتهم محيطة من ورائهم، ايها الناس انى تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا ولن تزلوا كتاب الله وعترتى أهل بيتى، فانه قد نبأنى اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض كاصبعى هاتين وجمع بين سبابتيه ولا اقول كهاتين وجمع

[691]

بين سبابته والوسطى فتفضل هذه على هذه.

11 - في جوامع الجامع وعن جابر بن عبدالله انه بكى ذات يوم فقيل له في ذلك فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: دخل الناس في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا اراد بالناس أهل اليمن، ولما نزلت قال صلى الله عليه وآله: الله اكبر جاء نصر الله والفتح، وجاء اهل اليمن قوم رقيقة قلوبهم الايمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية وقال: أجد نفس ربكم من قبل اليمن.

12 - في مجمع البيان " قصة فتح مكة " لما صالح رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا عام الحديبية كان في أشراطهم انه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وآله دخل فيه، فدخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وآله ودخلت بنو بكر في عقد قريش وكان بين القبيلتين شر قديم، ثم وقعت فيما بعد بين بنى بكر وخزاعة مقاتلة فرفدت قريش بنى بكر بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مسخفيا وكان من أعان بنى بكر على خزاعة بنفسه عكرمة بن أبى جهل وسهيل بن عمرو، فركب عمرو بن سالم الخزاعى حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة وكان ذلك مما هاج فتح مكة، فوقف عليه وهو في المسجد بين ظهرانى القوم فقال: لاهم انى ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الاتلدا(1) - ان قريشا اخلفوك الموعدا * ونقضوا ميثاقك الموكدا - وقتلونا ركعا وسجدا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حسبك يا عمرو ثم قام فدخل دار ميمونة وقال: اسكبى لى ماء، فجعل يغتسل وهو يقول: لا نصرت ان لم أنصر بنى كعب وهم رهط عمرو بن

___________________________________

(1) الناشد: الطالب والمذكر.

والاتلد: القديم - وفى بعض الكتب بعد قوله " ميثاقك الموكدا ":

وزعموا ان لست تدعو أحدا *** فانصر هداك الله نصرا أبدا

واع عباد الله يأنوا مددا *** فيهم رسول الله قد تجردا

ابيض كالبدر ينمى أبدا *** ان سيم خسفا وجهه تربدا

[692]

سالم، ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعى في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبروه بما أصيب منهم ومظاهرة قريش بنى بكر عليهم ثم انصرفوا راجعين إلى مكة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله قال للناس: كانكم بأبى سفيان قد جاء ليشدد العقد ويزيد في المدة وسيلقى بديل بن ورقاء فلقوا أبا سفيان بعسفان(1) وقد بعثته قريش إلى النبى صلى الله عليه وآله ليشدد العقد فلما ألقى أبوسفيان بديلا قال: من أين أقبلت يا بديل قال: سرت في هذا الساحل وفى بطن هذا الوادى قال: ما أتيت محمدا؟ قال: لا فلما راح بديل إلى مكة قال أبوسفيان: لئن كان جاء من المدينة لقد علف بها النوى فعمد إلى مبرك ناقته وأخذ من بعرها ففت فراى فيه النوى فقال: أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا ثم خرج أبوسفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد احقن دم قومك واجر بين قريش وزدنا في المدة، فقال: أغدرتم يا أبا سفيان؟ قال: لا قال: فنحن على ما كنا عليه، فخرج فلقى أبا بكر فقال: اجر بين قريش قال: ويحك واحد يجير على رسول الله صلى الله عليه وآله؟ ثم لقى عمر بن الخطاب فقال له مثل ذلك، ثم خرج فدخل على ام حبيبة فذهب ليجلس على الفراش فأهوت إلى الفراش فطوته فقال: يا بنية أرغبة بهذا الفراش عنى؟ فقالت نعم هذا فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت لتجلس عليه وأنت رجس مشرك، ثم خرج فدخل على فاطمة فقال: يا بنت سيد العرب تجيرين بين قريش وتزيدين في المدة فتكونين أكرم سيدة في الناس؟ فقالت: جوارى جوار رسول الله فقال اتأمرين ابنيك ان يجيرا بين الناس؟ قالت: والله ما بلغ ابناى ان يجيرا بين الناس وما يجير على رسول الله أحد، فقال: يابا الحسن انى ارى الامور قد اشتدت على فانصحنى، فقال: أنت شيخ قريش فقم على باب المسجد واجر بين قريش ثم ألحق بارضك، قال: وترى ذلك مغنيا عنى شيئا؟ قال: لا والله ما اظن ذلك ولكن لا اجد لك غير ذلك، فقام أبوسفيان في المسجد فقال: ايها الناس انى قد أجرت بين قريش ثم ركب بعيره فانطلق، فلما أن قدم على قريش قالوا: ما وراك فأخبرهم بالقصة فقالوا: والله ان زاد ابن أبى طالب على ان لعب بك فما يغنى عنا ما قلت، قال: لا والله ما وجدت غير ذلك، قال: فأمر رسول الله

___________________________________

(1) عسفان - كعثمان -: موضع بين مكة والمدينة، بينة وبين مكة مرحلتان.

[693]

صلى الله عليه وآله بالجهاد لحرب مكة وامر الناس بالتهيؤ وقال: اللهم خذ العيون والاخبار عن قريش حتى نبغتها(1) في بلادها، وكتب حاطب بن ابى بلتعة إلى قريش فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله الخبر من السماء، فبعث عليا عليه السلام والزبير حتى اخذا كتابه من امرأة وقد مضت هذه القصة في سورة الممتحنة.

ثم استخلف رسول الله صلى الله عليه وآله ابارهم الغفارى وخرج عامدا إلى مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان في عشرة آلاف من المسلمين ونحو من اربعماة فارس ولم يتخلف من المهاجرين والانصار عنه احد وكان ابوسفيان بن الحارث بن عبدالمطلب وعبدالله بن امية بن المغيرة قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وآله بنيق العقاب فيما بين مكة والمدينة، فالتمسا الدخول عليه فلم يأذن لهما فكلمته ام سلمة فيهما فقالت: يا رسول الله ابن عمك و ابن عمتك وصهرك؟ قال: لا حاجة لى فيهما اما ابن عمى فهتك عرضى، واما ابن عمى وصهرى فهو الذى قال لى بمكة ما قال، فلما خرج الخبر اليهما بذلك ومع أبى سفيان بنى له فقال: والله ليؤذنن لى او لاخذن بيد ابنى هذا ثم لنذهبن في الارض حتى نموت عطشا وجوعا، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله رق لهما فأذن لهما، فدخلا عليه فأسلما فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله مر الظهران وقد غمت الاخبار(2) عن قريش فلا يأتيهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله خبر خرج في تلك الليلة أبوسفيان بن حرب وحكيم بن حزام و بديل بن ورقاء يتجسسون الاخبار، وقد قال العباس للبيد: يا سوء صباح قريش، والله لئن بغتها رسول الله صلى الله عليه وآله في بلادها فدخل مكة عنوة انه لهلاك قريش إلى آخر الدهر، فخرج على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: اخرج إلى الاراك لعلى أرى حطابا أو صاحب لبن أو داخلا يدخل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وآله فيأتونه فيستأمنونه، قال العباس: فوالله انى لاطوف في الاراك التمس ما خرجت له اذا سمعت صوت أبى - سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، وسمعت أبا سفيان يقول: والله ما رأيت كاليوم قط نيرانا؟ فقال بديل: هذه نيران خزاعة، فقال أبوسفيان: خزاعة ألام من

___________________________________

(1) من البغتة.

(2) مر الظهران: موضع على مرحلة من مكة.

وغم عليه الامر: خفى.

[694]

ذلك، قال: فعرفت صوته فقلت: يابا حنظلة يعنى أبا سفيان فقال: يا أبوالفضل؟ فقلت: نعم قال: لبيك فداك ابى وامى ما وراك؟ فقلت: هذا رسول الله وراك قد جاء بما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من المسلمين، قال: فما تأمرنى؟ فقلت: تركب عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول الله صلى الله عليه وآله، فوالله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فردفنى فخرجت أركض به بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: هذا عم رسول الله صلى الله عليه وآله على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله حتى مررت بنار عمر بن الخطاب.

فقال: يعنى عمر يا أبا سفيان الحمد لله الذى أمكن منك بغير عهد ولا عقد، ثم اشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وركضت البغلة حتى اقتحمت باب القبة و سبقت عمر بما يسبق به الدابة البطيئة الرجل البطئ فدخل عمر فقال: يا رسول الله هذا ابوسفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعنى أضرب عنقه، فقلت: يا رسول الله انى قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذت برأسه، وقلت: لا يناجيه اليوم أحد دونى فلما أكثر فيه عمر قلت: مهلا يا عمر ما تصنع هذا بالرجل الا انه رجل من بنى عبد مناف، ولو كان من عدى بن كعب ما قلت هذا؟ قال: مهلا يا عباس فوالله لاسلامك يوم اسلمت كان أحب إلى من اسلام الخطاب لو اسلم، فقال صلى الله عليه وآله: اذهب فقد آمناه حتى تغدو به على بالغداة، قال: فلما اصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رآه قال: ويحك يابا سفيان الم يأن لك أن تعلم ان لا اله الا الله؟ فقال: بأبى انت وامى ما اوصلك واكرمك وارحمك واحلمك، والله لقد ظننت ان لو كان معه اله لاغنى يوم بدر ويوم احد، فقال: ويحك يابا سفيان الم يأن لك ان تعلم انى رسول الله؟ فقال: بأبى أنت وامى اما هذه فان في النفس منها شيئا؟ قال العباس: فقلت له؟ ويلك اشهد بشهادة الحق قبل ان تضرب عنقك فتشهد، فقال صلى الله عليه وآله للعباس: اذهب يا عباس فاحبسه عند مضيق الوادى حتى تمر عليه جنودا لله، فحبسه عند خطم الجبل(1) بمضيق الوادى ومر عليه القبايل

___________________________________

(1) الخطم والخطمة: رعن الجبل وهو الانف النادر منه، أمر (ص) بحبسه في الموضع المتضايق الذى يزحم الخيل بعضها بعضا فيراها جميعا وتكثر في عينه بمرورها في ذلك الموضع الضيق، فان الانف النادر من الجبل يضيق الموضع الذى يخرج فيه.

[695]

قبيلة قبيلة وهو يقول: من هؤلاء [ من هولاء؟ ] وأقول: اسلم وجهينة وفلان حتى مر رسول الله صلى الله عليه وآله في الكتيبة الخضراء(1) من المهاجرين والانصار في الحديد لايرى الا الحدق فقال: من هؤلاء يا أبا الفضل؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله في المهاجرين و الانصار، فقال يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما؟ فقلت: ويحك انها النبوة فقال: نعم اذا، وجاء حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلما وبايعاه فلما بايعاه بعثهما رسول الله صلى الله عليه وآله بين يديه إلى قريش يدعوانهم إلى الاسلام وقال: من دخل دار أبى سفيان وهى بأعلى مكة فهو آمن، ومن دخل دار حكيم وهى بأسفل مكة فهو آمن، ومن أغلق بابه وكف يده فهو آمن.

ولما خرج أبوسفيان وحكيم من عند رسول الله صلى الله عليه وآله عامدين إلى مكة بعث في أثرهما الزبير وأمره على خيل المهاجرين وأمره أن يغرز رايته بأعلى مكة بالجحون، وقال: لا تبرح حتى آتيك ثم دخل صلى الله عليه وآله بمكة وضرب خيمته هناك، وبعث سعد بن عبادة في كتيبة من الانصار في مقدمته وبعث خالد بن الوليد فيمن كان أسلم من قضاعة وبنى سليم وأمره أن يدخل من أسفل مكة ويغرز رايته دون البيوت، وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله جميعا أن يكفوا ايديهم ولا يقاتلوا الا من قاتلهم، وامرهم بقتل اربعة نفر: سعد بن ابى سرح، والحويرث بن نفيل وابن خطل(2) و مقيس بن صبابة، وامرهم بقتل قينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، فقتل على عليه السلام الحويرث بن نفيل واحدى القينتين وافلتت الاخرى، وقتل مقيس بن صبابة في السوق وادرك ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق اليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر فسبق سعيد عمارا فقتله، وسعى ابوسفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله واخذ غرزه(3) فقبله ثم قال:

___________________________________

(1) كتبية خضراء: اذا غلب عليها لبس الحديد، شبه سواده بالخضرة والعرب تطلق الخضرة على السواد.

(2) واسمه عبدالله.

(3) اى ركابه.

[696]

بأبى انت وامى اما تسمع ما يقول سعد؟ انه يقول:

واليوم يوم الملحمة *** اليوم تسبى الحرمة(1)

فقال صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام: ادركه فخذ الراية منه وكن انت الذى يدخل بها وادخلها ادخالا رفيقا، فأخذها على عليه السلام وادخلها كما امر، ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة دخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنون ان السيف لا يرفع عنهم، واتى رسول الله صلى الله عليه وآله ووقف قائما على باب الكعبة فقال: لا اله الا الله وحده، انجز وعده، ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده، الا ان كل مال ومأثرة(2) ودم يدعى فهو تحت قدمى هاتين الاسدانه الكعبة وسقاية الحاج، فانهما مردودتان إلى اهليهما، الا ان مكة محرمة بتحريم الله لم تحل لاحد كان قبلى ولم تحل لى الا ساعة من نهار وهى محرمة إلى ان تقوم الساعة، لا يختلى خلاها(3) ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها الا لمنشد، ثم قال: الا لبئس جيران النبى كنتم لقد كذبتم و طردتم واخرجتم وآذيتم ثم ما رضيتم حتى جئتمونى في بلادى تقاتلونى فاذهبوا فأنتم الطلقاء فخرج القوم كأنما انشروا من القبور ودخلوا في الاسلام، وكان الله سبحانه امكنه من رقابهم عنوة، كانوا له فيئا فلذلك سمى اهل مكة الطلقاء وجاء ابن الزبعرى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال:

يا رسول الاله ان لسانى *** راتق مافتقت اذ أنابور(4)

اذ أبارى الشيطان في سنن *** الغى ومن مال مثله مثبور(5)

من اللحم والعظام لربى *** ثم نفسى الشهيد انت النذير.

13 - وعن ابن مسعود قال: دخل النبى صلى الله عليه وآله يوم الفتح وحول البيت ثلثمائة

___________________________________

(1) الملحمة: الوقعة العظيمة والقتل.

(2) ألماثرة: المفاخرة.

(3) الخلا - مقصورا -: النبات الرقيق مادام رطبا، واختلاؤه: قطعه.

(4) رجل بور: اى هالك.

(5) قوله أبارى اى اعارض واجارى.

والسنن: وسط الطريق والثبور: الهلاك.

[697]

وستون صنما، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: " جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " " جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ".

14 - وعن ابن عباس قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة ابى ان يدخل البيت وفيه الالهة، فأمر بها فاخرجت صورة ابراهيم واسمعيل عليهما السلام وفى ايديهما الازلام، فقال صلى الله عليه وآله: قاتلهم الله اما والله لقد علموا انهما لم يستقسما بها قط.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 22215969

  • التاريخ : 3/02/2025 - 22:39

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net