00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (156 - 165) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 156 - 165

[ فبما نقضهم ميثقهم وكفرهم بايت الله وقتلهم الانبيآء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا(155) وبكفرهم وقولهم على مريم بهتنا عظيما(156) ]

الاعتداء فيه والمسخ به في زمن داود(1). وقرأ ورش عن نافع " لا تعدوا " على أن أصله لا تعتدوا، فادغمت التاء في الدال.

وقرأ قالون بإخفاء حركة العين وتشديد الدال، والنص عنه بالاسكان.

وأخذنا منهم ميثقا غليظا: على ذلك، وهو قولهم: سمعنا وأطعنا.

فبما نقضهم ميثقهم: أي فخالفوا ونقضوا، ففعلنا ما فعلنا بنقضهم.

و " ما " مزيدة للتأكيد، والباء متعلقة بالفعل المحذوف، ويجوز أن يتعلق ب‍ " حرمنا عليهم " المذكور الآتي، فيكون التحريم بسبب النقض وما عطف عليه إلى قوله: " فبظلم " لا بما دل عليه قوله: " بل طبع الله عليها " مثل " لا يؤمنون " لانه رد لقولهم: " قلوبنا غلف " فيكون من صلة قولهم المعطوف على المجرور، فلا يتعلق به جاره. وكفرهم بايت الله: بالقرآن، أو بما في كتابهم.

وقتلهم الانبيآء بغير حق: في تفسير علي بن إبراهيم: قال: هؤلاء لم يقتلوا الانبياء وإنما قتلهم اجدادهم فرضي هؤلاء بذلك، فألزمهم الله القتل بفعل أجدادهم، وكذلك من رضي بفعل

___________________________________

(1) نقله البيضاوي: ج 1 ص 254 في تفسيره لآية 154 من سورة النساء. (*)

[673]

فقد لزمه وإن لم يفعله(1).

وقولهم قلوبنا غلف: أو عية للعلوم، أو في أكنة، وقد مر تفسيره.

بل طبع الله عليها بكفرهم: فجعلها محجوبة عن العلم بخذلانها، ومنعها التوفيق للتدبر في الآيات والتذكير بالمواعظ.

وفي عيون الاخبار: بإسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، إلى أن قال: وسألته عن قول الله (عزوجل): " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم " قال: الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم قال (عزوجل): " بل طبع الله " إلى قوله: " بهتانا عظيما "(2).

فلا يؤمنون إلا قليلا: منهم كعبدالله بن: سلام، أو إيمانا قليلا ولا عبرة به لنقصانه.

وبكفرهم: بعيسى، وهو معطوف على " بكفرهم " لانه من أسباب الطبع، أو على قوله: " فبما نقضهم ".

ويجوز أن يعطف مجموع هذا وما عطف عليه على مجموع ما قبله، ويكون تكرير ذكر الكفر إيذانا بتكرير كفرهم، فإنهم كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد (صلى الله عليه وآله).

وقولهم على مريم بهتنا عظيما: يعني نسبتها إلى الزنا.

في أمالي الصدوق (رحمه الله): بإسناده إلى الصادق (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه لعلقمة: يا علقمة إن رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا مريم ابنة عمران (عليها السلام) إلى أنها حملت بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف(3).

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 157 س 15 في تفسيره لآية 155 في تفسيره لآية 155 من سورة النساء.

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 123 باب 11 ماجاء عن الرضا (عليه السلام) من الاخبار في التوحيد ح 16.

(3) الامالي: ص 91، المجلس الثاني والعشرون ح 3 ص 23. (*)

[674]

[ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه مالهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا(157) ]

وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله: يعني رسول الله بزعمه.

ويحتمل أنهم قالوه استهزاء، ونظيره " إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون "(1) وأن يكون استئنافا من الله بمدحه، أو وصفا للذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح.

وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم: قد مضى ذكر هذه القصة في سورة آل عمران عند قوله تعالى: " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي "(2).

قيل: إنما ذمهم الله بما دل عليه الكلام من جرأتهم على الله وقصدهم قتل نبيه المؤيد بالمعجزات القاهرة وتبجحهم(3) به، لا لقولهم هذا على حسب حسابهم(4).

والظاهر أن ذمهم لجرأتهم وقولهم كليهما.

و " شبه " مسند إلى الجار والمجرور، وكأنه قيل: ولكن وقع لهم التشبيه بين عيسى والمقتول، أو إلى الامر، أو إلى ضمير المقتول، لدلالة " إنا قتلنا " على أن ثمة مقتولا.

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى سدير الصير في عن أبي

___________________________________

(1) الشعراء: 27.

(2) آل عمران: 55.

(3) بجح في حديث أم زرع (وبجحني فبجحت) أي فرحني ففرحت (النهاية لابن الاثير: ج 1 ص 96.

لغة بجح).

(4) أي لم يذمهم الله تعالى لمجرد قولهم المذكور، إذ هو مطابق ظنهم، أو ليس قصدهم الكذب حتى يذموا، بل ذمهم باعتبار ما يستفاد من كلامهم من التبجح والسرور بقتله (من حاشية الكازروني على تفسير البيضاوي). (*)

[675]

عبدالله (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه: وأما غيبة عيسى (عليه السلام)، فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل، فكذبهم الله (جل ذكره) بقوله: " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم "(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عمير، عن جميل بن صالح، عن عمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن عيسى (عليه السلام) وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه، فاجتمعوا إليه عندالمساء وهم اثنا عشر رجلا، فأدخلهم بيتا، ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال: إن الله أوحى إلى أنه رافعي إليه الساعة ومهطري من اليهود، فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي؟ فقال شاب منهم: أنا يا روح الله، فقال، فأنت هوذا، فقال لهم عيسى: أما أن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة، فقال رجل منهم: أنا هو يا نبي الله، فقال عيسى: أتحس بذلك في نفسك فلتكن هو، ثم قال لهم عيسى أما أنكم ستفترقون بعدي على ثلاث فرق، فرقتين مفتريتين على الله، في النار وفرقة تتبع شمعون صادقة على الله في الجنة، ثم قال: رفع الله عيسى إليه من زاوية البيت وهم ينظرون إليه، ثم قال أبوجعفر (عليه السلام): إن اليهود جاء‌ت في طلب عيسى من ليلتهم فأخذوا الرجل الذي قال له عيسى: إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة، وأخذوا الشاب الذى القي عليه شبج عيسى، فقتل وصلب، وكفر الذى قال له عيسى: تكفر قبل أن تصبح اثنتى عشرة كفرة(2) وإن الذين اختلفوا فيه: في شأن عيسى.

قال البيضاوي: إنه لما وقعت تلك الواقعة، اختلف الناس، فقال بعض اليهود: إنه كان كاذبا، فقتلناه حقا، وتردد أخرون فقال بعضهم: إن كان هذا

___________________________________

(1) كمال الدين وتمام النعمة: ص 345 الباب الثاث والثلاثون (ما أخبر به الصادق (عليه السلام) من وقوع الغيبة) ح 50 س 17.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 103 في تفسيره لآية 55 من سورة آل عمران. (*)

[676]

[ بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما(158) وإن من أهل الكتب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا(159) ]

عيسى، فأين صاحبنا؟ فقال بعضهم: الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا، وقال من سمع منه إن الله يرفعني إلى السماء: إنه رفعه إلى السماء، فقال قوم: صلب الناسوت وصعد اللاهوت(1).

لفى شك منه: لفي تردد.

والشك كما يطلق على مالا يترجح أحد طرفيه، يطلق على مطلق التردد وعلى ما يقابل العلم، ولذلك أكده بقوله: مالهم به من علم إلا اتباع الظن: استثناء منقطع، أي ولكنهم يتبعون الظن.

ويجوز أن يفسر الشك بالجهل، والعلم بالاعتقاد الذي يسكن إليه النفس جزما كان أو غيره، فيتصل الاستثناء.

وما قتلوه يقينا: أي وما قتلوه قتلا يقينا، أو ما قتلوه متيقنين كما ادعوا ذلك في قولهم: " إن قتلنا المسيح " أو يجعل " يقينا " تأكيدا لقوله: " وما قتلوه " كقولك: وما قتلوه حقا، أي حق انتفاء قتله حقا، وقيل: هو من قولهم: قتلت الشئ علماء إذا بالغ فيه علمك.

وفيه تهكم، لانه إذا نفي عنهم العلم نفيا كليا بحرف الاستغراق ثم قيل: وما علموه علم يقين وإحاطة، لم يكن إلا تهكما بهم. بل رفعه الله إليه: رد وإنكار لقتله، وإثبات لرفعه.

وفي من لا يحضره الفقيه: عن زيد بن علي، عن أبيه سيد العابدين (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه يقول (عليه السلام): وإن لله (تبارك وتعالى) بقاعا في سماواته، فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله يقول:

___________________________________

(1) نقله البيضاوي: ج 1 ص 255 في تفسيره لآية 157 من سورة النساء. (*)

[677]

" تعرج الملائكة والروح إليه "(1) ويقول (عزوجل) في قصة عيسى بن مريم: " بل رفعه الله إليه "(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: رفع وعليه مدرعة من صوف(3).

وفي تفسير العياشي: عن الصادق (عليه السلام) قال: رفع عيسى بن مريم (عليهما السلام) بمدرعة صوف من غزل مريم، ومن نسج مريم، وخياطة مريم، فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيسى ألق عنك زينة الدنيا(4).

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى محمد بن إسماعيل القرشي عمن حدثه، عن إسماعيل بن أبي رفع، عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن جبرئيل (عليه السلام) نزل علي بكتاب فيه خبر الملوك، ملوك الارض قبلي وخبر من بعث قبلي من الانبياء والرسل، وهو حديث طويل قال فيه (عليه السلام): إن عيسى بن مريم أتى بيت المقدس فمكث يدعوهم ويرغبهم فيما عندالله ثلاث وثلاثين سنة حتى طلبته اليهود وادعت أنها عذبته ودفنته في الارض حيا، وادعى بعضهم أنهم قتلوه وصلبوه وما كان الله ليجعل لهم سلطانا عليه، وإنما شبه لهم وما قدروا على عذابه ودفنه، ولا على قتله وصلبه، لانهم لو قدروا على ذلك لكان تكذيبا لقوله تعالى: " بل رفعه الله إليه " بعد أن توفاه (عليه السلام)(5).

وبإسناده إلى أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، حديث طويل يذكر فيه القائم (عليه السلام).

وفيه: فإذا نشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك، وثلاثة عشر ملكا كلهم ينتظر القائم (عليه السلام) وهم الذين كانوا مع نوح (عليه السلام) في السفينة والذين كانوا مع

___________________________________

(1) المعارج: 4.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 127 باب 29 فرض الصلاة قطعة من ح 4.

(3) لم اعثر عليه في تفسير القمي ولكن رواه في الصافي: ج 1 ص 479 في تفسيره لآية 158 من سورة النساء.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 175 ح 53.

(5) كمال الدين وتمام النعمة: ص 225 الباب الثاني والعشرون (أن الارض لا تخلو من حجة لله " ح 20 س 6. (*)

[678]

إبراهيم الخليل (عليه السلام) حين القي في النار وكانوا - قيل - مع عيسى (عليه السلام) حيث رفع(1).

وفي اصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما قبض - أميرالمؤمنين (عليه السلام) قال الحسن بن علي في مسجد الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: أيها الناس، إنه قد قبض في هذا الليل رجل ما سبقه الاولون ولا يدركه الآخرون، والله لقد قبض في الليلة التي قبض فيها وصي موسى، يوشع بن نون، والليلة التي عرج فيها عيسى بن مريم، والليلة التي ينزل فيها القرآن، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني الحسين بن عبدالله السكيني، عن أبي سعيد البجلي، عن عبدالملك بن هارون، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، وذكر حديثا طويلا، وفيه: قال (عليه السلام): وقد ذكر عيسى بن مريم (عليهما السلام)، وكان عمره ثلاث وثلاثون سنة ثم رفعه الله إلى السماء، ويهبط إلى الارض بدمشق، وهو الذي يقتل الدجال(3).

وكان الله عزيزا: لا يغلب على ما يريده.

___________________________________

(1) كمال الدين وتمام النعمة: ص 671 الباب الثامن والخمسون (نوادر الكتاب) ح 22 وصدر الحديث (قال أبوعبدالله (عليه السلام): كأني انظر إلى القائم (عليه السلام) على ظهر النجف، فإذا استوى على ظهر النجف ركب فرسا أدهم أبلق بين عينيه شمراخ، ثم ينتقض فرسه فلا يبقى أهل بلدة الا وهم يظنون أنه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية.) وتمام الحديث (واربعة آلاف مسومين ومردفين، وثلاث ثمائة وثلاثة عشر ملكا يوم بدر واربعة آلاف ملك الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (عليه السلام)، فلم يؤذن لهم، فصعدوا في الاستئذان وهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السلام) فهم شعث غبر يبكون عند قبر الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين (عليه السلام) إلى السماء، مختلف الملائكة).

(2) الكافي: ج 1 ص 457 كتاب الحجة، باب مولد أميرالمؤمنين (عليه السلام)، قطعة من ح 8.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 270 س 21 في تفسيره لآية 7 من سورة الشورى. (*)

[679]

حكيما: فيما دبر لعباده.

وإن من أهل الكتب إلا ليؤمنن به قبل موته: قيل: أي وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به، فقوله: " ليؤمنن به " جملة قسمية وقعت صفة لاحد، ويعود الضمير الثاني إليه، والاول إلى عيسى، لمعنى: مامن اليهود النصارى أحد إلا ليؤمنن بأن عيسى عبدالله ورسوله قبل أن يموت ولو حين يزهقه روحه ولا ينفعه إيمانه.

ويؤيد ذلك أن قرئ " إلا ليؤمنن به قبل موتهم " بضم النون، لان أحد في معنى الجمع، وهذا كالوعيد لهم والتحريض على معاجلة الايمان به قبل أن يضطروا إليه ولم ينفعهم إيمانهم.

وقيل: الضميران لعيسى، والمعنى إذا نزل من السماء آمن به أهل الملل جميعا(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي حمزة، عن شهر بن حوشب قال: قال لي الحجاج: يا شهر، آية في كتاب الله قد أعيتني؟ ! فقلت: أيها الامير أية آية هي؟ فقال قوله: " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " والله إني لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه، ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد، فقلت: أصلح الل الامير، ليس على ما تأولت، قال: كيف هو؟ قلت: إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا غيره إلا آمن به قبل موته، ويصلي خلف المهدي، قال: ويحك أنى لك هذا ومن أين جئت به؟ ! فقلت: حدثني به محمد بن علي بن

___________________________________

(1) نقله البيضاوي: ج 1 ص 255 في تفسيره لآية 159 من سورة النساء، ثم قال: (وروي أنه (عليه الصلاة والسلام) ينزل من السماء حين يخرج الدجال فيهلكه ولا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمن به حتى يكون الملة واحدة، وهي ملة الاسلام، وتقع الامنة حتى ترتع الاسود مع الابل، والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم وتلعب الصبيان بالحيات، ويلبث في الارض اربعين سنة ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمون ويدفنونه). (*)

[680]

الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقال: جئت بها من عين صافية(1).

وروي فيه أيضا: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رجع آمن به الناس كلهم(2).

وفي تفسير العياشي: عن أبي جعفر (عليه السلام) في تفسيرها: ليس من أحد من جميع الاديان يموت إلا رأى رسول الله وأميرالمؤمنين (عليهما السلام) حقا من الاولين والآخرين(3).

وفي مجمع البيان: في أحد معانيها: ليؤمنن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل موت الكتابي عن عكرمة، ورواه أصحبانا أيضا، قال: وفي هذه الآية دلالة على أن كل كافر يؤمن عند المعاينة، وعلى أن إيمانه ذلك غير مقبول كما لا يقبل إيمان فرعون في حال اليأس عند زوال التكليف(4).

ويقرب من هذا ما رواه الامامية: أن المحتضرين من جميع الاديان يرون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاء‌ه عندالوفاة(5).

ويروون في ذلك عن علي (عليه السلام) أنه قال للحارث الهمداني:

يا حار همدان من يمت يرني *** من مؤمن أو منافق قبلا

يعرفني طرفه وأعرفه *** بعينه واسمه وما فعلا(6)

وفي الجوامع عنهما (عليهما السلام): حرام على روح أن تفارق جسدها حتى ترى محمدا وعليا(7).

وفي تفسير العياشي: عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية؟ فقال: هذه نزلت فينا خاصة، إنه ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من

___________________________________

(1 و 2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 158 في تفسيره لآية 159 من سورة النساء.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 284 ح 303.

(4 و 5 و 6) مجمع البيان: ج 3 ص 138 س 1 - 1 في تفسيره لآية 159 من سورة النساء، وفي البحار: ج 82 ص 174 كتاب الطهارة، باب النوادر ح 8 وفي: ج 81 باب آداب الاحتضار واحكامه فلا حظ، وفي امالي المفيد: ص 6 و 7 المجلس الاول.

(7) جوامع الجامع: ص 101، سورة النساء س 27. (*)

[681]

[ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبت أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا(160) وأخذ هم الربوا وقدا نهوا عنه وأكلهم أمول الناس بالبطل وأعتدنا للكفرين منهم عذابا أليما(161) ]

الدنيا حتى يقر للامام وبإمامته، كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: " تالله لقد آثرك الله علينا "(1)(2).

وفي تفسير فرات بن إبراهيم: الكوفي: قال: حدثني عبيد بن كثير معنعنا، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي إن فيك مثلا من عيسى بن مريم قال الله تعالى: " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا " يا علي إنه لا يموت رجل يفتري على عيسى بن مريم (عليه السلام) حتى يؤمن به قبل موته ويقول فيه الحق حيث لا ينفعه ذلك شيئا وإنك يا علي مثله لا يموت عدوك حتى يراك عند الموت فتكون عليه غيظا وحزنا حتى يقر بالحق من أمرك ويقول فيه الحق ويقر بولايتك حتى لا ينفعه ذلك شيئا وأما وليك فإنه يراك عند الموت فتكون له شفيعا ومبشرا وقرة عين(3).

ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا: على اليهود بالتكذيب، وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن الله ويكون الرسول والامام شهيدا على أعمال كل واعتقاداتهم.

فبظلم من الذين هادوا: أي فيظلم عظيم منهم.

حرمنا عليهم طيبت أحلت لهم: في الآية التي ذكرت في الانعام " وعلى

___________________________________

(1) يوسف: 91.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 283 ح 300.

(3) تفسير فرات بن إبراهيم: ص 34 س 3. (*)

[682]

[ لكن الرسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك والمقيمين الصلوة والمؤتون الزكوة والمؤمنون بالله واليوم الاخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما(162) ] .

الذين هادوا " الآية(1).

في تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: من زرع حنطة في أرض ولم يزك زرعه فخرج زرعه كثير الشعير، فبظلم علمه في ملك رقبة الارض، أو بظلم لمزارعيه واكرته، لان الله (عزوجل) يقول: " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم " يعني لحوم الابل والبقر والغنم(2).

وفي الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) مثله(3)(4).

وبصدهم عن سبيل الله كثيرا: اناسا كثيرا، أو صدا كثيرا.

وأخذهم الربوا وقد نهوا عنه: كان الربا محرما عليهم كما هو محرم علينا.

وفيه دلالية على دلالة النهي على التحريم.

وأكلهم أمول الناس بالبطل: بالرشوة وسائر الوجوه المحرمة.

وأعتدنا للكفرين منهم عذابا أليما: دون من تاب.

لكن الرسخون في العلم منهم: كعلمائهم المؤمنين.

___________________________________

(1) الانعام: 146.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 158 س 11 في تفسيره لآية 160 من سورة النساء.

(3) الكافي: ج 5 ص 306 كتاب المعيشة، باب النوادر قطعة من ح 9.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 284 ح 304. (*)

[683]

[ * إنآ أوحينا إليك كمآ أو حينا إلى نوح والنبين من بعده وأو حينآ إلى إبرهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وء‌اتينا داود زبورا(163) ورسلا قد قصصنهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما(164) ]

والمؤمنون: أي منهم، وهو من آمن به غير العلماء، أو من المهاجرين والانصار.

يؤمنون بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك: خبر المبتدأ.

والمقيمين الصلوة: نصب على المدح إن جعل " يؤمنون " الخبر، ل‍ " اولئك " والواو اعتراض، أو عطف على " ما انزل ".

والمراد بهم الانبياء، وإن جعل الخبر " اولئك " فيكون " يؤمنون " حالا، ويحتمل العطف عليه بإرادة التنكير.

وقرئ بالرفع عطفا على " الراسخون " أو الضمير في " يؤمنون "، أو على أنه مبتدأ والخبر " اولئك ".

والمؤتون الزكوة: رفعه لاحد الوجوه المذكورة.

والمؤمنون بالله واليوم الاخر: قدم عليه الايمان بالانبياء والكتب وما يصدقه من اتباع الشرائع، لانه المقصود بالآية.

أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما: على جمعهم بين الايمان والعمل الصالح.

وقرأ حمزة " سيؤتيهم " بالياء.

إنا أو حينا إليك كمآ أو حينآ إلى نوح والنبين من بعده: قيل: جواب لاهل الكتاب عن اقتراحهم، أن ينزل عليهم كتابا من السماء، واحتجاج عليهم

[684]

بأن أمره في الوحي كسائر الانبياء(1).

في تفسير العياشي: عن زرارة وحمران، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) قال: إني أو حيت إليك كما أو حيت إلى نوح والنبيين من بعده، فجمع له كل وحي(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء، إلى أن قال: قال جبرئيل: إن هذا حاجب الرب وأقرب خلق الله منه واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء فإذا تكلم الرب (تبارك وتعالى) بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ثم القاه إلينا نسعى به في السماوات والارض(3).

وفي اصول الكافي: عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديثا طويل، يقول فيه (عليه السلام): فلما استجاب الله لكل نبي من استجاب له في قومه من المؤمنين يجعل لكل منهم شرعة ومنهاجا والشرعة والمنهاج سبيل وسنة وقال لمحمد (صلى الله عليه وآله): أنا أوحيت إليك كما أو حينا إلى نوح والنبيين من بعده وأمر كل نبي بالاخذ بالسبيل والسنة وكل من السبيل والسنة التي أمر الله (عزوجل) بها موسى (عليه السلام) أن جعل عليهم السبت(4).

وأو حينآ إلى إبرهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمن: قيل: خصصهم بالذكر مع اشتمال النبيين عليهم، تعظيما لهم، فإن إبراهيم أول اولي العزم منهم، وعيسى آخرهم، والباقين أشرف الانبياء ومشاهيرهم(5).

___________________________________

(1) قاله البيضاوي: ج 1 ص 256 في تفسيره لآية 163 من سورة النساء.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 285 ح 305.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 28 في تفسيره آية 95 من سورة الاسراء.

(4) الكافي: ج 2 ص 29 باب كتاب الكفر والايمان قطعة من ح 1.

(5) قاله البيضاوي: ج 1 ص 256 في تفسيره لآية 163 من سورة النساء. (*)

[685]

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة بإسناده إلى محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): وكان ما بين آدم ونوح من الانبياء مستخفين ومستعلنين، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسموا كما سمي من استعلن من الانبياء، وهو قول الله (عزوجل): " ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك "(1) يعني لم نسم المستخفين كما نسمي المستعلنين من الانبياء(2).

وفي روضة الكافي: عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله(3).

وء‌اتينا داود ربورا: وقرأ حمزة بضم الزاي، وهو جمع زبر بمعنى مزبور.

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن سعد الاسكاف، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اعطيت السور الطوال مكان التوراة، واعطيت المئين مكان الانجيل، واعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة(4)(5).

___________________________________

(1) سيأتي عن قريب.

(2) كمال الدين: ص 215 باب 22 اتصال الوصية من لدن آدم (عليه السلام) وأن الارض لا تخلو من حجة لله (عزوجل) على خلقه إلى يوم القيامة قطعة من ح 2 ص 12.

(3) الكافي: ج 8 ص 115 (حديث آدم مع الشجرة) ح 92 س 8.

(4) السبع الطوال، البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والانعام، والاعراف، والانفال مع التوبة، لانها تدعى القرينتين، ولذلك لم يفصل بينهما بسم الله الرحمن الرحيم، وإنما سميت هذه السور الطوال، لانها أطول سور القرآن. وأما المثاني فهي السورة التالية للسبع الطوال، فأولها سورة يونس، وآخرها سورة النحل، وإنما سميت مثاني، لانها ثنيت الطوال أي تلتها، فكان الطوال المبادئ والمثاني لها ثواني وأما الماؤون فهي كل سورة تكون نحوا من مائة آية، أو فويق ذلك أو دوينه، وهي سبع أولها سورة بني إسرائيل وآخرها المؤمنون، وقيل: أن المائين ماولى السبع الطوال ثم المثاني بعدها، وهي التي يقصر عن المائين ويزيد على المفصل، وسميت مثاني، لان المائين مبادئها، أما المفصل فما بعد الحواميم إلى آخر القرآن، طوالها من سورة محمد إلى النبأ، ومتوسطاته منه إلى الضحى، وقصاره منه إلى آخر القرآن، وسميت مفصلا لكثرة الفصول بين سروها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم ". انتهى (مرآة العقول: ج 12 ص 481 نقلا عن مجمع البيان).

(5) الكافي: ج 2 ص 601 كتاب فضل القرآن، ح 10 وليس في الحديث جملة (عن أبي عبدالله (عليه السلام) وتمام الحديث: (وهو مهيمن على سائر الكتب والتوراة لموسى والانجيل لعيسى والزبور لداود).

[686]

وفيه: عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): وأنزل الزبور لثمان عشر خلون من شهر رمضان(1). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

ورسلا: نصب بمضمر دل عليه " أوحينا " إليه كأرسلنا أو فسره.

قد قصصنهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما: قيل: وهو منتهى مراتب الوحي خص به موسى من بينهم، وقد فضل الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن أعطاه ما أعطى كل واحد منهم.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن النبي (صلى الله عليه وآله) حديث في قصة الاسراء، وفيه يقول (صلى الله عليه وآله): ثم ركبت فمضينا ماشاء‌الله، ثم قال لي: انزل فصل، فنزلت وصليت، فقال لي: أتدري أين صليت؟ فقلت: لا، فقال: صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليما(2).

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله): عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حديث طويل في مكالمة بينه وبين اليهود، وفيه، قالت اليهود، موسى خير منك، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ولم؟ قالوا: لان الله (عزوجل) كلمه باربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشئ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد اعطيت أنا أفضل من ذلك، قالوا: وما ذاك؟ قال: قوله (عزوجل): " سبحان الذي أسرى " الحديث(3)(4).

وروى عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبوقرة المحدث صاحب شبرمة أن

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 629 كتاب فضل القرآن، باب النوادر، قطعة من ح 6.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 1 سورة بني إسرائيل س 16.

(3) الاسراء: 1.

(4) الاحتجاج: ج 1 ص 48 احتجاجه (صلى الله عليه وآله) على اليهود في جواز نسخ الشرائع وفي غير ذلك س 19. (*)

[687]

أدخله إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنت فأذن لي، فدخل، فقال له: أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى (عليه السلام)؟ فقال: الله أعلم ورسوله بأي لسان كلمه بالسريانية أم بالعبرانية؟ فأخذ أبوقرة بلسانه، فقال: إنما أسألك عن هذا اللسان، فقال أبوالحسن (عليه السلام): سبحان الله مما تقول ! ومعاذ الله أن يشبه خلقه، أو يتكلم بمثل ماهم يتكلمون، ولكنه (تبارك وتعالى) ليس كمثله شئ، ولا كمثله قائل فاعل، قال: كيف ذلك؟ قال: كلام الخالق للمخلوق، ليس ككلام المخلوق للمخلوق، ولا يلفظ بشق فم ولسان، ولكن يقول له: " كن فيكون "، فكان بمشيئته ما خاطب به موسى من الامر والنهي عن غير تردد في نفس(1).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن صفوان ابن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له: لم يزل الله متكلما؟ قال: فقال: إن الكلام صفة محدثة، ليس بأزلية، كان الله (عزوجل) ولا متكلم(2).

وفي كتاب الخصال: بإسناده إلى الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله ناجى موسى بمائة ألف كلمة وأربعة وعشرين ألف كلمة في ثلاثة أيام والياليهن ما طعم فيها موسى ولا شرب فيها، فلما انصرف إلى بني إسرائيل وسمع كلامهم، مقتهم لما كان وقع في مسامعه من حلاوة كلام الله (عزوجل)(3).

وفي كتاب التوحيد: بإسناده إلى محمد بن الجهم، عن أبي الحسن (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه يقول (عليه السلام): حاكيا عن موسى (عليه السلام) في قومه، فخرج بهم إلى طور سيناء، فأقامهم في سفح الجبل، وصعد موسى

___________________________________

(1) الاحتجاج: ج 2 ص 405 (احتجاج الامام الرضا (عليه السلام) على أبي قرة المحدث) س 1.

(2) الكافي: ج 1 ص 107 كتاب التوحيد، باب صفات الذات، قطعة من ح 1.

(3) الخصال: ص 641 (ما بعد الالف) ناجى الله تعالى موسى بمائة ألف كلمة وأربعة وعشرين الف كلمة، ح 20. (*)

[688]

[ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما(165) ]

(عليه السلام) إلى الطور، وسأل (تبارك وتعالى) أن يكلمه ويسمعهم كلامه، فكلمه الله (تعالى ذكره) وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام، لان الله تعالى أحدثه في الشجرة، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه(1).

وعن أميرالمؤمنين (عليه السلام): كلم الله موسى تكليما بلا جوارح وأدوات وشفة، ولا لهوات(2) سبحانه وتعالى عن الصفات(3).

وعنه (عليه السلام) في حديث وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: وكلام الله تعالى ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل، ومنه ما قذفه في قلوبهم، ومنه رؤيا يريها الرسل، ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ فهو كلام الله، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله، فإن كلام الله ليس بنحو واحد، فإن منه ما تبلغ رسل السماء رسل الارض(4).

رسلا مبشرين ومنذرين: نصب على المدح، أو بإضمار " أرسلنا " أو على الحال ويكون " رسلا " موطئا لما بعده، كقولك: مررت بزيد رجلا صالحا.

لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل: فيقولوا: لو لا أرسلت إلينا رسولا فينبهنا ويعلمنا ما لم نعلم، واللام متعلقة ب‍ " أرسلنا " وبقوله: " مبشرين

___________________________________

(1) التوحيد: ص 121 باب ماجاء في الرؤية، ح 24 س 13 والحديث عن علي بن محمد بن الجهم.

(2) في الحديث: يحرك الرجل لسانه في لهواته، هي بالتحريك جمع لهاة كحصاة، وهي سقف الفم، وقيل: هي اللحمة الحمراء المتعلقة في اصل الحنك (مجمع البحرين: ج 1 ص 385 لغة لها).

(3) التوحيد: ص 79 باب التوحيد ونفي التشبيه قطعة من ح 34.

(4) التوحيد ص 264 باب الرد على الثنوية والزنادقة س 15. (*)

[689]

ومنذرين ".

و " حجة " اسم كان وخبره " للناس "، أو " على الله " والآخر حال(1)، ولا يجوز تعلقه ب‍ " حجة " لانه مصدر و " بعد " ظرف لها، أو صفة(2).

وفي نهج البلاغة قال (عليه السلام): فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياء‌ه(3) ليستأدوهم ميثاق فطرته(4) ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول(5) ويروهم آيات المقدرة، من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم، وآجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم(6) وأحداث تتابع عليهم، ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل، أو كتاب منزل، أو حجة لازمة، أو محجة قائمة(7) رسل لا تقصر بهم قلة عددهم، ولا كثرة المكرمين من سابق سمي له من بعده، أو غابر عرفه من قبله(8) على ذلك نسلت

___________________________________

(1) أي مالا يكون خبرا من قوله: (على الله، او للناس) يكون حالا، فإن كان الخبر هو (على الله) يكون (للناس) حالا وان كان الخبر للناس يكون على الله حالا، ولا يجوز أن يتعلق (على الله) ب‍ (حجة) وإن كان المعنى عليه، لان معمول المصدر لا يتقدم عليه (حاشية محي الدين شيخ زاده على تفسير البيضاوي) في تفسيره لآية 165 من سورة النساء.

(2) أي إن لم يكن (بعد) ظرفا لها، أو صفة حائل تعلقه بها - منه (كذا في هامش النسخة).

(3) ارسلهم، وبين كل نبي ومن بعده فترة، لا بمعنى ارسلهم تباعا بعضهم يعقب بعضا.

(4) كان الله تعالى بما أودع في الانسان من الغرائز والقوى، وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى، وقد أخذ عليهم ميثاقا بأن يصرف ما اوتي من ذلك فيما خلق له، وقد كان يعمل على ذلك الميثاق ولا ينقضه، لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات، فبعث إليه النبيين ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق، اي ليطالبوهم بما تقتضيه فطرتهم، وما ينبغي أن تسوقهم إليه غرائزهم.

(5) دفائن العقول: أنوار العرفان التي تكشف للانسان اسرار الكائنات، وترتفع به إلى الايقان بصانع الموجودات، وقد تحجب هذه الانوار غيوم من الاوهام وحجب من الخيال، فيأتي النبيون لا ثارة تلك المعارف الكامنة، وابراز تلك الاسرار الباطنة.

(6) السقف المرفوع: السماء، والمهاد الموضوع، الارض والاوصاب: المتاعب.

(7) المحجة: الطريق القويمة الواضحة.

(8) من سابق: بيان للرسل، وكثير من الانبياء السابقين، سميت لهم الانبياء السابقين، سميت لهم الانبياء الذين بعدهم، فبشروا بهم كما ترى ذلك في التوراة وفي القرآن الكريم أن عيسى (عليه السلام) بشر بخاتم الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم)، والغابر: الذي يأتي بعد أن يبشر به السابق جاء معروفا بتعريف من قبله. (*)

[690]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335839

  • التاريخ : 28/03/2024 - 18:14

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net