00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (85 - 94) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 85 - 94

من يشفع شفعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شئ مقيتا(85) ]

لم يكلف هذا إلا إنسانا واحدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين " فليس هذا إلا الرسول وقال لغيره: " إلا متحرفا لقتال او متحيزا إلى فئة " فلم يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره(1).

على الثمالي، عن عيص، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلف ما لم يكلف أحد أن يقاتل في سبيل الله وحده وقال: " حرض المؤمنين على القتال "، وقال: إنما كلفتم اليسير من الامر أن تذكروا الله(2).

عن ابراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام): إن لكل كلبا يبتغي الشرفا جتنبوه يكفيكم الله بغيركم إن الله يقول: " والله أشد بأسا وأشد تنكيلا " لا تعلمون بالشر(3).

من يشفع شفعة حسنة: راعى بها حق مسلم، ودفع بها عنه ضرا، أو جلب إليه نفعا، ابتغاء لوجه الله، ومنها الدعاء لمسلم.

وفي الجوامع: عن الصادق (عليه السلام): من دعا لاخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له، وقال له الملك: ولك مثلاه، فذلك النصيب(4). يكن له نصيب منها: أي ثوابها.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 261 ح 211.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 262 ح 214.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 262 ح 215 وفيه: لكل كلبا يبغي.

(4) جوامع الجامع: ص 92 س 15 عند تفسيره لآية 85 من سورة النساء. (*)

[554]

ومن يشفع شفعة سيئة: وهي ما كان خلاف ذلك، ومنها الدعاء على المؤمن.

يكن له كفل منها: نصيب من وزرها، مساو لها في القدر والكفل النصيب.

وفي تفسير علي بن إبراهيم، قال: يكون كفيل ذلك الظلم الذي يظلم صاحب الشفاعة(1).

وكان الله على كل شئ مقيتا: مقتدرا، من أقات الشئ، قدر عليه، أو شهيدا حافظا واشتقاقه من القوت، فإنه يقوي البدن ويحفظه.

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبدالله (عليه السلام)، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو دل على خير، أو أشاربه، فهو شريك.

ومن أمر بسوء، أو دل عليه، أو أشار به، فهو شريك(2).

وفي الكافي: عن السجاد (عليه السلام): إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لاخيه بظهر الغيب ويذكره بخير قالوا: نعم الاخ أنت لاخيك تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير، قد أعطاك الله تعالى مثلي ما سألت له، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه، ولك الفضل عليه، وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه، قالوا: بئس الاخ أنت لاخيك، كف أيها المستر على ذنوبه وعورته وأربع على نفسك(3) واحمد الله الذي ستر عليك، واعلم أن الله أعلم بعبده منك(4).

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 145.

(2) الخصال: ص 138 باب الثلاثة ثلاثة يشتركون في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ح 156.

(3) أربع على نفسك، أي قف وامسك ولا تتعب نفسك، من ربع كمنع - منه دام عزه (كذا في هامش النسخة).

(4) (المستر) على بناء المجهول من التفعيل أو الافعال، وما قيل أنه على بناء الفاعل فهو بعيد، و (العورة) العيب وما يستحى منه.

وقال الجوهري: ربع الرجل يربع، إذا وقف وتحبس ومنه قولهم: أربع على نفسك وأربع على طلعك، أي ارفق بنفسك وكف، انتهى، والمعنى: اقتصر على النظر في حال نفسك، ولا تلتفت إلى غيرك. واعلم أن الله أعلم بعبده منك فإن علم صلاحه وصلاح سائر عباده في دفعه يدفعه وفي ابتلائه يبتليه وفي عافيته يعافيه، ولا يحتاج في شئ من ذلك إلى تعليمك (تلخيص من مرآة العقول: ج 12 ص 169). الكافي: ج 2 ص 508 كتاب الدعاء، باب الدعاء للاخوان بظهر العيب، ح 7.

[555]

[ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها إن الله كان على كل شئ حسيبا(86) ]

وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منهآ أو ردوها: التحية في الاصل مصدر حياك الله، على الاخبار من الحياة، ثم استعمل للحكم والدعاء بذلك، ثم قيل لكل دعاء، فغلب في السلام.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قال: السلام وغيره من البر(1).

وفي مجمع البيان: وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادق (عليه السلام): أن المراد بالتحية في قوله: " وإذا حييتم بتحية " السلام وغيره من البر والاحسان(2).

وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب: وقال أنس: جاء‌ت جارية للحسن (عليه السلام) بطاق ريحان فقال لها: أنت حرة لوجه الله، فقيل له في ذلك، فقال: أدبنا الله تعالى وقال: " إذا حييتم بتحية " الآية وكان أحسن منها إعتاقها(3).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): السلام تطوع والرد فريضة(4).

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 145 عند تفسيره لآية 86 من سورة النساء.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 85 س 13 في نقله المعنى لآية 86 من سورة النساء.

(3) مناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 18، باب امامة أبي محمد الحسن (عليه السلام) فصل في مكارم أخلاقه س 3.

(4) الكافي: ج 2 ص 644 كتاب العشرة، باب التسليم، ح 1. (*)

[556]

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن غياث ابن إبراهيم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم، وإذا رد واحد أجزأ عنهم(1).

علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: القليل يبدؤون الكثير بالسلام، والراكب يبدأ الماشي، وأصحاب البغال يبدؤون أصحاب الحمير، وأصحاب الخيل يبدؤون أصحاب البغال(2).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن من تمام التحية للمقيم المصافحة، وتمام التسليم على المسافر المعانقة(3).

وفي رواية: يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد(4).

وفي اخرى: وإذا لقيت جماعة، جماعة سلم الاقل على الاكثر، وإذا لقي واحد جماعة، سلم الواحد على الجماعة(5). وعنه (عليه السلام): من التواضع أن تسلم على من لقيت(6).

وقال: البخيل من بخل بالسلام(7).

وعنه، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أولى الناس بالله ورسوله من بدأ

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 647 كتاب العشرة، باب إذا أسلم واحد من الجماعة أجزأهم، وإذا رد واحد من الجماعة أجزأ عنهم، ح 3.

(2) الكافي: ج 2 ص 646، كتاب العشرة، باب من يجب أن يبدأ بالسلام، ح 2.

(3) الكافي: ج 2 ص 646، كتاب العشرة، باب التسلم، ح 14.

(4) الكافي: ج 2 ص 646، كتاب العشرة، باب من يجب أن يبدأ بالسلام، ح 1 وتمام الحديث (والقليل على الكثير).

(5) الكافي: ج 2 ص 647، كتاب العشرة، باب من يجب أن يبدأ بالسلام، ح 3 وصدر الحديث (عن أبي عبدالله (عليه السلام): يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد وإذا الخ).

(6) الكافي: ج 2 ص 646، كتاب العشرة، باب التسليم، ح 12.

(7) الكافي: ج 2 ص 645، كتاب العشرة، باب التسليم، ح 6. (*)

[557]

بالسلام(1). وعن الباقر (عليه السلام): إن الله يحب إفشاء السلام(2).

وعن الصادق (عليه السلام): ثلاثة يرد عليهم رد الجماعة وإن كان واحدا.

عند العطاس يقال: يرحمكم الله، وإن لم يكن معه غيره.

والرجل يسلم على الرجل فيقول: السلام عليكم.

والرجل يدعو للرجل، فيقول: عافاكم الله وإن كان واحدا، فإن معه غيره(3).

وفي عيون الاخبار: بإسناده إلى فضل بن كثير، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: من لقي فقيرا مسلما فسلم عليه خلاف سلامه على الغني، لقي الله (عزوجل) يوم القيامة وهو عليه غضبان(4).

وفي كتاب الخصال: فيما علم أميرالمؤمنين (عليه السلام) أصحابه: إذا عطس أحدكم قولوا: يرحمكم الله، ويقول هو: يغفر الله لكم، ويرحمكم الله، قال الله: " وإذا حييتم " الآية(5).

وفي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن الحسن بن المنذر قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: من قال: السلام عليكم، فهي عشر حسنات، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله، فهي عشرون حسنة، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فهي ثلاثون حسنة(6).

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 644، كتاب العشرة، باب التسليم ح 3.

(2) الكافي: ج 2 ص 645، كتاب العشرة، باب التسليم، ح 5.

(3) الكافي: ج 2 ص 645، كتاب العشرة، باب التسليم، ح 10.

(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 52، باب 31 فيما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الاخبار المجموعة، ح 202.

(5) الخصال: ص 633 (علم أميرالمؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد أربع مائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه س 8).

(6) الكافي: ج 2 645، كتاب العشرة، باب التسليم، ح 9. (*)

[558]

أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة الخذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مر أميرالمؤمنين (عليه السلام) بقوم، فسلم عليهم، فقالوا: عليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقال لهم أميرالمؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لابينا إبراهيم (عليه السلام)، إنما قالوا: رحمة الله وبركاته عليكم البيت(1).

وروي عن طريق العامة: أن رجلا قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): السلام عليك، فقال: وعليك السلام ورحمة الله، وقال آخر: السلام عليك ورحمة الله، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وقال آخر: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال: وعليك، فقال الرجل: نقصتني فاين ماقال الله؟ وتلا الآية فقال (عليه السلام): إنك لم تترك لي فضلا، فرددت عليك مثله(2).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسلم على النساء ويرددن (عليه السلام)، وكان أميرالمؤمنين (عليه السلام) يسلم على النساء وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن ويقول: أتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل علي أكثر مما أطلب من الاجر(3).

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 646، كتاب العشرة، باب التسليم، ح 13.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 85 عند نقل المعنى لآية 86 من سورة النساء بتفاوت يسير في بعض الكلمات.

(3) قوله: (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسلم على النساء الخ) دل هذا الخبر على جواز السلام على النساء وإن كانت شابة وعلى جواز رد هن وسماع صوتهن، ويؤيده الاصل، وتكلم فاطمة (عليها السلام) مع سلمان وبلال وغيرهما من الاصحاب، وهو الظاهرمن مذهب بعض الاصحاب، وظاهر عبارات أكثر الاصحاب أن صوتهن عورة و استماعه حرام، وأن سلامهن على الاجنبي حرام، وكذا سلامه عليهن، وأن الجواب في الصورتين ليس بمشروع، لان الشارع لا يأمر برد الجواب عن الحرام، أنه ليس ذلك بتحية شرعا، فلا يوجب الاجر والعوض، ويدل عليه ما روي عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قال: لا تبدؤوا النساء بالسلام، وما روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا تسلم على المرأة. ويمكن حمل النهي فيهما على الكراهة مطلقا، أو عند توهم الفتنة، أو إذا كانت شابة، للجمع بين الاخبار، ويؤيده ما في آخر هذا الحديث، لان الظاهر أن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أراد بما نسب على نفسه، غيره (شرح اصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 11 ص 99). الكافي: ج 2 ص 648 كتاب العشرة، باب التسليم على النساح 1.

[559]

محمد ين يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن غياث ابن إبراهيم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: أميرالمؤمنين (عليه السلام): لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم، وإذا سلموا عليكم، فقولوا: وعليكم(1)(2).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا سلموا على الرجل وهو جالس، كيف ينبغي أن يرد عليهم؟ فقال: يقول: عليكم(3).

محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن ابان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: تقول في الرد على اليهودي والنصراني: سلام(4).

وفي كتاب الخصال: عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) قال: لا تسلموا على اليهود ولا على النصارى ولا على المجوس ولا على عبدة الاوثان، ولا على موائد شراب الخمر، ولا على صاحب الشطرنج والنرد، ولا على المخنث، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات، ولا على المصلي، وذلك لان المصلي لا يستطيع أن يرد السلام، لان التسليم من المسلم تطوع والرد عليه فريضة، ولا على آكل الربا، ولا على رجل جالس على غائط، ولا على الذي في الحمام، ولا على الفاسق المعلن بفسقه(5).

___________________________________

(1) للمحقق المازندراني هنا تحقيق أنيق في أن قوله (عليه السلام): و (عليكم) هل هو مع الواو أو بدونه، ولو لا خوف الاطالة لاوردته، فلا حظ شرح اصول الكافي: ج 11 ص 101.

(2) الكافي: ج 2 ص 648، كتاب العشرة، باب التسليم على أهل الملل، ح 2.

(3) الكافي: ج 2 ص 649، كتاب العشرة، باب التسليم على أهل الملل، ح 3.

(4) الكافي: ج 2 ص 649، كتاب العشرة، باب التسليم على أهل الملل، ح 6.

(5) الخصال: ص 484، أبواب الاثني عشر لا يسلم على اثني عشر، ح 57. (*)

[560]

[ الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا(87) ]

وفيه في حديث آخر: ولا على المتفكهين بالامهات(1) وفي حديث آخر: النهي عن السلام على من يلعب بأربعة عشر، وعلى من يعمل التماثيل(2).

وعن الصادق (عليه السلام) قال: ثلاثة لا يسلمون، الماشي مع الجنازة، والماشي إلى الجمعة وفي بيت حمام(3).

وعن أميرالمؤمنين (عليه السلام): يكره للرجل أن يقول: حياكم الله(4) ثم يكست حتى يتبعها بالسلام(5).

وعن الصادق (عليه السلام) قال: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه(6).

وقال (عليه السلام): ابدؤوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه(7).

إن الله كان على كل شئ حسيبا: يحاسبكم على التحية وغيرها الله لآ إله إلا هو: مبتدأ وخبر، أو " الله " مبتدأ، والخبر

___________________________________

(1) الخصال: 326، باب الستة ستة لا يسلم عليهم، ح 16.

(2) الخصال: ص 237، باب الاربعة أربعة لا يسلم عليهم، ح 80.

(3) الخصال: ص 91، باب الثلاثة ثلاثة لا يسلمون، ح 31.

(4) قوله: (يكره للرجل أن يقول حياكم الله) الحياة، البقاء ضد الموت، والحياء بالفتح والقصر الخصب والرخاء والملك والتحية، وهي السلام، ومعنى حياك الله: ابقاك، من الحياة، أو رزقك رزقا حسنا، أو ملكك وفرحك، أو سلام عليك من الحياة بالمعاني المذكورة (شرح اصول الكافي للمازندراني: ج 11 ص 96).

(5) الكافي: ج 2 ص 646، كتاب العشرة، باب التسليم، ح 15.

(6) الكافي: ج 2 ص 644 كتاب العشرة، باب التسليم، ح 2 وفي الخصال: ص 19 باب الواحد من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه ح 67.

(7) تقدم في الرقم - 6 - من الخصال. (*)

[561]

[ * فما لكم في المنفقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا(88) ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سوآء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا(89) ]

ليجمعنكم إلى يوم القيامة: أي الله، والله ليحشرنكم من قبوركم إلى يوم القيامة، مفضين إليه، أو في يوم القيامة.

و " لا إله إلا هو " اعتراض، والقيام والقيامة، كالطلاب والطلابة، وهي قيام الناس من القبور، أو للحساب.

لا ريب فيه: في اليوم، أو في الجمع، فهو حال من اليوم، أو صفة للمصدر.

ومن أصدق من الله حديثا: إنكار أن يكون أحد أكثر صدقا منه، فإنه لا يتطرق الكذب إلى خبره بوجه، لانه نقص، وهو على الله محال.

فمالكم في المنفقين فئتين: في مجمع البيان: عن الباقر (عليه السلام): نزلت في قوم قدموا من مكة وأظهروا الاسلام، ثم رجعوا إلى مكة فأظهروا الشرك، ثم سافروا إلى اليمامة، فاختلف المسلمون في غزوهم، لاختلافهم في إسلامهم وشركهم(1) أي مالكم تفرقتم في أمر المنافقين فئتين أي فرقتين ولم تتفقوا على كفرهم.

و " فئتين " حال، عاملها " مالكم " كقولك: مالك قائما، و " في المنافقين " حال

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 86 في شأن نزول آية 88 من سورة النساء. (*)

[562]

من " فئتين " أي متفرقين فيهم، أو من الضمير أي فما لكم تفترقون فيهم، ومعنى الافتراق مستفاد فئتين.

والله أركسهم بما كسبوا: ردهم إلى حكم الكفرة، أو نكسهم بأن صيرهم للنار، وأصل الركس زد الشئ مقلوبا.

أثريدون أن تهدوا من أضل الله: أن تجعلوه من المهتدين. ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا: إلى الهدى.

ودوا لو تكفرون كما كفروا: تمنوا أن تكفروا ككفرهم.

فتكونون سوآء: في الضلال.

وهو عطف على تكفرون، ولو نصب على جواب التمني لجاز.

في روضة الكافي: بإسناده إلى أبي عبدالله (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): وإن لشياطين الانس حيلة ومكرا، وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض يريدون إن استطاعوا أن يردوا أهل الحق عما أكرمهم الله به من النظر في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الانس من أهله، إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحق في الشك والانكار والتكذيب، فيكونون كما وصف الله تعالى في كتابه من قوله: " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء "(1).

فلا تتخذوا منهم أوليآء حتى يهاجروا في سبيل الله: فلا توالوهم حتى يؤمنوا ويحققوا إيمانهم بهجرة هي لله ولرسوله، لا لاغراض الدنيا. " وسبيل الله " ما أمر بسلوكه.

فإن تولوا: عن الايمان المصاحب للهجرة المستقيمة.

وقيل: أو عن إظهار الايمان.

فخذوهم واقتلوهم حيث وجد تموهم: كسائر الكفرة.

ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا: أي جانبوهم رأسا، ولا تقبلوا منهم ولاية ولا نصرة.

___________________________________

(1) الكافي: ج 8 ص 405 (الحاق) رسالة أبي عبدالله (عليه السلام) إلى جماعة الشيعة، س 22. (*)

[563]

[ إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثق أو جاء‌وكم حصرت صدورهم أن يقتلوكم أو يقتلوا قومهم ولو شآء الله لسلطهم عليكم فلقتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا(90) ]

إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق: استنثاء من مفعول " فخذوهم واقتلوهم " أي إلا الذين يتصلون وينتهون إلى قوم عاهدوكم، ويفارقون محاريبكم.

قيل: القوم هم خزاعة، وقيل: بنو بكر بن زيد مناة، وقيل: الاسلميون فإنه (عليه السلام) وادع وقت خروجه إلى مكة هلال بن عويمر الاسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن لجأ إليه فله من الجوار مثل ماله(1)، وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) على ما في مجمع البيان(2).

أو جآء‌وكم: عطف على الصلة، أي والذين جاؤوكم كافين من قتالكم وقتال قومهم، استثنى من المأمور بأخذهم وقتلهم، من ترك المحاربين فلحق بالمعاهدين، أو أتى الرسول وكف عن قتال الفريقين.

قيل: أو على صفة قوم، فكأنه قيل: إلا الذين يصلون إلى قوم معاهدين، أو قوم كافين عن القتال لكم وعليكم.

وقرئ بغير العاطف على أنه صفة بعد صفة، أو بيان ل‍ " يصلون " أو استئناف.

حصرت صدورهم: حال بإضمار " قد ".

___________________________________

(1) الاقوال المذكورة منقول عن تفسير البيضاوي: ج 1 ص 235 لا حظ تفسيره لآيات(88 - 90) من سورة النساء.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 88 في نقل المعنى لآية 90 من سورة النساء. (*)

[564]

وقرئ " حصرة وحصرات " وهو يؤيد كونه حالا، أو بيان ل‍ " جاؤكم " أو صفة لمحذوف، أي جاؤوكم قوما حصرت صدورهم. والحصر الضيق والانقباض على ما رواه العياشي، عن الصادق (عليه السلام)(1).

أن يقتلوكم أو يقتلوا قومهم: أي (عن - أن)، أو كراهة أن يقاتلوكم.

وفي روضة الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " أو جاؤكم حصرت " الآية، قال: نزلت في بني مدلج، لانهم جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالوا: إنا قد حصرت صدورنا، أن نشهد أنك رسول الله، فلسنا معك ولا مع قومنا عليك، قال: قلت: كيف صنع بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: واعدهم إلى أن يفرغ من العرب، ثم يدعوهم فإن أجابوا، وإلا قاتلهم(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: في قوله (عزوجل): " ودوا لو تكفرون " إلى آخر الآية، نزلت في أشجع وبني ضمرة، وكان من خبرهم أنه لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بدر لموعد، مر قريبا من بلادهم، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هادن بني ضمرة ووادعهم قبل ذلك، فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا رسول الله هذه بني ضمرة قريبا منا، ونخاف أن يخالفونا إلى المدينة، أو يعينوا علينا قريشا، فلو بدأنا بهم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلا، إنهم أبر العرب بالوالدين، وأو صلهم للرحم، وأوفاهم بالعهد، وكان أشجع بلادهم قريبا من بلاد بني ضمرة، وهم بطن من كنانة، وكانت أشجع بينهم وبين بني ضمرة حلف بالمراعاة والامان، فأجدبت بلاد أشجع

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 262 قطعة من ح 216 ولفظه: قال: وحصرت صدورهم هو الضيق).

(2) الكافي: ج 8 ص 327 قصة بني مدلج، ح 504. (*)

[565]

وأخصبت بلاد بني ضمرة، فصارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة، فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مسيرهم إلى بني ضمرة تهيأ للمصير إلى أشجع فيغزوهم للموادعة التي كانت بينه وبين بني ضمرة، فأنزل الله " ودوا لوتكفرون كما كفروا " الآية ثم استثنى بأشجع فقال " إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاء‌كم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم " الآية، وكانت أشجع محالها البيضاء والحل والمستباح، وقد كانوا قربوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهابوا من رسول الله أن يبعث إليهم من يغزوهم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا، فهم بالمسير إليهم، فبينما هو على ذلك، إذ جاء‌ت أشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة، وهم سبعمائة، ونزلوا شعب سلع(1)، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة ست، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسيد بن حصين، فقال له: اذهب في نفر من أصحابك حتى تنظرما أقدم أشجع، فخرج أسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم، فقال: ما أقدمكم؟ فقام إليه مسعود بن رجيلة وهو رئيس أشجع فسلم على أسيد وعلى أصحابه، وقالوا: جئنا لنوادع محمدا، فرجع أسيد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره، فقال رسول الله: خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم، ثم بعث إليهم بعشرة أجمال تمر فقدمها أمامه، ثم قال: نعم الشئ الهدية أمام الحاجة، ثم أتاهم، فقال: يا معشر أشجع ما أقدمكم؟ قالوا: قربت دارنا منك، وليس في قومنا أقل عددا منا، فضقنا بحربك لقرب دارنا منك، وضقنا لحرب قومنا لقلتنا فيهم، فجئنا لنوادعك، فقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك منهم ووادعهم، فأقاموا يومهم ثم رجعوا إلى بلادهم، وفيهم نزلت هذه الآية: " إلا الذين يصلون "(2) الآية. فما يتراء‌ى من هذا النقل من منافاته لما سبق لانه في هذا النقل جعل " إلا

___________________________________

(1) سلع جبل بالمدينة، قال تأبط شرا: (أن بالشعب الذي دون سلع - لقتيلا دمه ما يطل) الصحاح: ج 3 ص 1230.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 145 في تفسيره لآية 90 من سورة النساء. (*)

[566]

الذين يصلون " عبارة عن الاشجع حين صاروا إلى بني ضمرة المعاهدين: " والذين جاؤوكم حصرت صدورهم " أيضا عبارة عنهم حين جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وفي الخبرين الاولين: جعل الاول عبارة عن الاسلميين والثاني عبارة عن بني مدلج (فمدفوع إن صح النقل، بحملهما على أنهما من أشجع أيضا، أو يجعل ما يتناوله العبارة فرقتين، الاول الاسلميون وأشجع، والثاني بني مدلج وأشجع)(1).

ولو شآء الله لسلطهم عليكم: بأن قوى قلوبهم وبسط صدورهم، وأزال الرعب عنهم.

فلقتلوكم: ولم يكفوا عنكم.

فإن اعتزلوكم فلم يقتلوكم: ولم يتعرضوا لكم.

وألقوا إليكم السلم: الاستسلام والانقياد.

فما جعل الله لكم عليهم سبيلا: فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كانت سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل نزول سورة براء‌ة ألا يقتل إلا من قاتله، ولا يجارب إلا من حاربه وأراده، وقد كان نزل عليه في ذلك من الله (عزوجل): " فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا " فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه واعتزله، حتى نزلت عليه سورة براء‌ة، وأمر بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلا الذين قد كان عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم فتح مكة إلى مدة، منهم صفوان ابن امية وسهيل بن عمرو، والحديث طويل، وهو مذكور بتمامه في أول براء‌ة(2).

___________________________________

(1) بين الهلالين غير موجود في نسخة (ب) ولكنه مكتوب في نسختي (الف وج).

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 281 في تفسيره لآية 1 من سورة البراء‌ة. (*)

[567]

[ ستجدون ء‌اخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ماردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطنا مبينا(91) ]

ستجدون ء‌اخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم: قيل: هم أسد وغطفان.

وقيل: بنو عبدالدار، أتوا المدينة وأظهروا الاسلام ليأمنوا المسلمين، فلما رجعوا كفروا(1).

وفي مجمع البيان: عن الصادق (عليه السلام) نزلت في عيينة بن حصين الفزاري، أجدبت بلادهم، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووادعه على أن يقيم ببطن نخل ولا يتعرض له: وكان منافقا ملعونا، وهو الذي سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الاحمق المطاع(2).

___________________________________

(1) نقلهما البيضاوي: ج 1 ص 235 عند تفسيره لآية 91 من سورة النساء.

(2) في النسخة - أ -: عيينة بن حصين الغزازي وهذا تصحيف والصحيح ما أثبتناه من المصادر، وهو أبو مالك، قالوا: اسلم بعد الفتح، وقيل: قبل الفتح وشهد الفتح مسلما وشهد حنينا والطائف أيضا ثم ارتد وتبع طليحة الاسدي وقاتل معه فاخذ أسيرا وحمل إلى أبي بكر فأسلم وأطلقه أبوبكر، وقد اتفق المؤرخون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطاه من غنائم حنين من سهم المؤلفة قلوبهم مائة بعير، وقوله تعالى: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم " الآية، وعلى ما في تفسير القمي: نزلت في سلمان الفارسي وكان عليه كساء فيه يكون طعامه ودثاره وكان كساؤه من صوف فدخل عيينة بن حصن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسلمان عنده فتأذى عيينة بريح كساء سلمان، وقد كان عرق، وكان يوم شديد الحر، فعرق في الكساء، فقال يا رسول الله إذا نحن دخلنا عليك فاخرج هذا واصرفه من عندك، فإذا نحن خرجنا فادخل من شئت، فانزل الله " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا " وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري (سفينة البحار: ج 2 ص 304 باب العين بعده الياء).

وعن أبي هريرة قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل: بادلني بامر أتك وابادلك بامر أتي، تنزل لي عن امر أتك فأنزل لك عن امرأتي، فأنزل الله: " ولا أن تبدل بهن من أزواج " قال: فدخل عيينة بن حصن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده عائشة، فدخل بغير إذن، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فأين الاستئذان؟ قال: ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت، ثم قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه عائشة ام المؤمنين، قال عيينة: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق وتنزل عنها؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله (عزوجل) قد حرم ذلك علي، فلما خرج قالت له عائشة: من هذا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: هذا أحمق مطاع، وأنه على ما ترين سيد قومه. (بحار الانورا: ج 22 ط بيروت ص 238).

مجمع البيان: ج 3 ص 89 في بيان نزول آية 91 من سورة النساء.

[568]

وفي تفسير علي بن إبراهيم مثله، إلا أنه لم يسنده إليه (عليه السلام)(1).

كل ما ردوا إلى الفتنة: دعوا إلى الكفر، أو إلى قتال المسلمين.

أركسوا فيها: عادوا إليها وقلبوا فيها أقبح قلب.

فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم: ولم يستسلموا لكم.

ويكفوا أيديهم: أي لم يكفوا أيديهم عن قتالكم.

فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم: حيث تمكنتم منهم.

وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطنا مبينا: حجة واضحة في التعرض لهم بالقتل والسبي، لظهور عداوتهم ووضوح كفرهم وغدرهم، أو تسلطا ظاهرا حيث أذن لكم في قتلهم.

* * *

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 147 في تفسيره لآية 91 من سورة النساء. (*)

[569]

[ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما(92) ]

وما كان لمؤمن: وما صح لمؤمن ولا استقام له، وما لاق بحاله.

أن يقتل مؤمنا: بغير حق.

إلا خطئا: لانه في عرضة الخطأ(1)، ونصبه على الحال، أو المفعول له، أو على المصدر.

أي لا يقتله في حال من الاحوال إلا في حال الخطأ، أو لا يقتله لعلمه إلا للخطأ، أو إلا قتلا خطأ.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: أي لا عمدا ولا خطأ، و " إلا " في موضع (لا) وليست باستثناء(2).

___________________________________

(1) قوله: (لانه في عرضة الخطأ) مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 236 في تفسيره لآية 92 من سورة النساء، وقال: محيي الدين شيخ زاده في حاشيته ما لفظه: (أي فإن المؤمن مجبول على أن يكون عرضة للخطأ، ومحلا لان يعرض له الخطأ كثيرا، وفي الصحاح يقال: جعلت فلانا عرضة لكذا، أي نصبته له، فقوله تعالى: " ولا تجعلوا الله عرضة لا يمانكم " أي نصبا، الخ " حاشية شيخ زاده: ج 2 ص 58.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 147 س 13 في تفسيره لآية 92 من سورة النساء. (*)

[570]

وقيل: " ماكان " في معنى النهي، والاستثناء منقطع، أي ولكن إن قتله خطا فجزاؤه ما نذكره(1).

وفي تفسير العياشي: عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أحد هما (عليهما السلام) قال: كلما اريد به، ففيه القود، وإنما الخطأ أن يريد الشئ فيصيب غيره(2).

عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: ليس الخطأ أن تعمده ولا تريد قتله بما لا يقتل مثله، والخطأ ليس فيه شك أن يعمد شيئا آخر فيصيبه(3).

عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنما الخطأ أن يريد شيئا فيصيب غيره، فأما كل شئ قصدت إليه فأصبته فهو العمد(4).

عن الفضل بن عبدالملك، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة، هو الرجل يضرب الرجل ولا يتعمد قتله؟ قال: نعم، فإذا رمى شيئا فأصاب رجلا؟ قال: ذلك الخطأ الذي لا شك فيه، وعليه الكفارة والدية(5). وقرئ خطأ بالمد، وخطا كعصا بتخفيف الهمزة.

وفي مجمع البيان: عن أبي جعفر (عليه السلام) نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي - أخي أبي جهل لامة - كان أسلم وقتل بعد إسلامه رجلا مسلما، وهو لا يعلم بإسلامه، وكان المقتول الحارث بن يزيد بن أبي نبشة العامري، قتله بالحرة، وكان أحد من رده عن الهجرة، وكان يعذب عياشا مع أبي جهل(6).

وفي البيضاوي: لقيه في طريق وكان قد أسلم، ولم يشعر به عياش، فقتله(7).

___________________________________

(1) نقلة البيضاوي: ج 1 ص 236 في تفسيره لآية 92 من سورة النساء.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 264 ح 223.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 264 ح 224.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 264 قطعة من ح 225.

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 266 ح 229.

(6) مجمع البيان: ج 3 ص 90 في بيان النزول لاية 92 من سورة النساء، وقال بعد نقل القصة (وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام).

(7) قاله البيضاوي: ج 1 ص 236 في تفسيره لآية 92 من سورة النساء. (*)

[571]

ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة: أي فعليه، أو فواجبه تحرير رقبة، والتحرير الاعتاق، والحر، كالعتيق، الكريم من الشئ، ومنه حر الوجه، لاكرم موضع منه، سمي به، لان الكرم في الاحرار، والرقبة عبر بها عن النسمة، كما عبر بها عن الرأس.

مؤمنه: مقرة بالاسلام قد بلغت الحنث.

في تفسير العياشي: عن كردويه الهمداني، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله: " فتحرير رقبة مؤمنة "، كيف تعرف المؤمنة؟ قال: على الفطرة(1).

عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عن علي (عليهم السلام) قال: الرقبة المؤمنة التي ذكر الله إذا عقلت، والنسمة التي لا تعلم إلا ما قلته، وهي صغيرة(2).

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، وابن أبي عمير جميعا، عن معمر بن يحيى، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يظاهر من امرأته يجوز عتق المولود في الكفارة فقال: كل العتق يجوز فيه المولود إلا في كفارة القتل، فإن الله (عزوجل) يقول: " فتحرير رقبة مؤمنة " يعني بلك مقرة قد بلغت الحنث(3).

وهذا، أي التحرير يجب عليه فيما بينه وبين الله، كما رواه العياشي عن الصادق (عليه السلام)(4).

وأما ما يجب عليه فيما بينه وبين أولياء المقتول، فالدية، كما يقول: ودية مسلمة إلى أهلة: مؤداة إلى أولياء المقتول. إلا أن يصدقوا: يتصدقوا عليه بالدية.

سمي العفو عنها صدقة، حثا عليه وتنبيها على فضله.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 263 ح 220.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 263 ح 221.

(3) الكافي: ج 7 ص 462، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النوادر، قطعة من ح 15.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 263 قطعة من ح 218. (*)

[572]

وفي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كل معروف صدقة(1).

وهو متعلق بعليه أي يجب الدية عليه، أو ب‍ " مسلمة " أي يسلمها إلى أهله إلا حال تصدقهم عليه، أو زمانه، فهو في محل النصب على الحال، من القاتل، أو الاهل، أو على الظرف.

فإن كان مو قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة: اي إن كان المقتول خطأ من قوم كفار وهو مؤمن، فيجب عتق رقبة مؤمنة، وليس دية، إذ لا وراثة بينه وبينهم، لانهم محاربون.

وفي من لا يحضره الفقيه: روى ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل مسلم كان في أرض الشرك، فقتله المسلمون، ثم علم به الامام بعد، فقال: يعتق مكانه رقبة مؤمنة وذلك قول الله (عزوجل): " وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة "(2).

وروى العياشي في هذا المعنى ما يدل صريحا على أن التحرير على القاتل وليس عليه دية كما سيجئ.

وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة: أي إن كان المؤمن المقتول خطأ من قوم كفرة معاهدين، أو أهل الذمة، فيجب دية مسلمة إلى أهله، وهو وارثه المسلم الذي عليه سبيل بالارث، أو الامام إن لم يكن وارث مسلم، فإنه أهل من لا وارث له، وتحرير رقبة مؤمنة كفارة لقتله المؤمن خطأ.

وفي تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة قال: سئل جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قوله الله: " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " قال: أما تحرير رقبة مؤمنة، ففيما بينه وبين

___________________________________

(1) عوالي اللآلئ: ج 1 ص 376 ح 101 وأيضا: ج 1 ص 453 ح 186.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 110 ب 36 ما يجب في الرجل المسلم يكون في أرض الشرك فيقتله المسلمون ثم يعلم به الامام ح 1. (*)

[573]

الله وأما الدية المسلمة، فإلى أولياء المقتول: " وإن كان من قوم عدو لكم " قال: وإن كان من أهل الشرك الذين ليس لهم في الصلح وهو مؤمن، فتحرير رقبة فيما بينه وبين الله وليس عليه الدية " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " فيما بينه وبين الله: " ودية مسلمة إلى أهله "(1).

عن حفص بن البختري، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله: " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ " إلى قوله: " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " قال: إذا كان من أهل الشرك فتحرير رقبة مؤمنة فيما بينه وبين الله وليس عليه دية " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة " قال: تحرير رقبة مؤمنة فيما بينه وبين الله، ودية مسلمة إلى أوليائه(2).

وفي مجمع البيان: واختلف في صفة هذا القتيل أهو مؤمن أم كافر؟ قيل: بل هو مؤمن تلزم قاتله الدية يؤديها إلى قومه المشركين، لانهم أهل ذمة، ورواه أصحابنا أيضا إلا أنهم قالوا: تعطى ديته ورثته المسلمين دون الكفار(3). فمن لم يجد: رقبة، بأن لا يملكها، ولا ما يتوسل به إليها.

فصيام شهرين متتابعين: فعليه، أو فالواجب عليه صوم شهرين.

وفي من لا يحضرة الفقيه: عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) حديث طويل يذكر فيه وجوه الصوم وفيه وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله (عزوجل): " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " إلى قوله (عزوجل): " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين "(4).

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 262 ح 217.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 263 ح 218.

(3) مجمع البيان: ج 3 ص 91 س 16 في تفسير لآية 92 من سورة النساء.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 77 قطعة من حديث 1784. (*)

[574]

توبة: نصب على المفعول، أي شرح ذلك توبة، من تاب عليه إذا قبل توبته، أوعلى المصدر، أي تاب عليكم توبة، أو حال بحذف مضاف، أي فعليه صيام شهرين ذاتوبة. من الله صفتها.

وكان الله عليما: بحاله. حكيما: في ما أمر في شأنه.

وفي عيون الاخبار: في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان أنه سمعها عن الرضا (عليه السلام): فإن قال: فلم وجب في الكفارة على من لم يجد رقبة، الصيام، دون الحج والصلاة وغير هما؟ قيل: لان الصلاة والحج وسائر الفرائض مانعة للانسان من التقلب في أمر دنياه.

فإن قال: فلم وجب عليه صوم شهرين متتابعين، دون أن يجب عليه شهر واحد أو ثلاثة أشهر؟ قيل: لان فرض الذي فرضه الله (عزوجل) على الخلق، هو شهر واحد، فضوعف في هذا الشهر في الكفارة تأكيدا وتغليظا عليه، فإن قال: فلم جعلت متتابعين؟ قيل: لئلا يهون عليه الاداء فيستخف به، لانه إذا قضاه متفرقا كان عليه القضاء(1).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قطع صوم كفارة اليمين وكفارة الظهار، وكفارة القتل؟ فقال: إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين، فأفطر، أو مرض في الشهر الاول، فإن عليه أن يعيد الصيام، وإن صام الشهر الاول وصام من الشهر الثاني شيئا ثم عرض له ماله فيه عذر، فإن عليه أن يقضي(2).

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 117 ب 34 العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنها سمعها من الرضا (عليه السلام) مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ، س 12.

(2) الكافي: ج 4 ص 139، كتاب الصيام، باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعرض له أمر يمنعه عن إتمامه ح 7. (*)

[575]

علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): ما تقول في الرجل يصوم شعبان وشهر رمضان؟ قال: هما الشهران اللذان(1) قال الله (تبارك وتعالى): " شهرين متتابعين توبة من الله " قلت: فلا يفصل بينهما؟ قال: إذا أفطر من الليل فهو فصل، وإنما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا وصال في صيام، يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار(2).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رجل قتل رجلا.

خطأ في الشهر الحرام؟ قال: تغلظ عليه الدية وعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم، قلت: فإنه يدخل في هذا شئ، فقال: ما هو؟ قلت: هو يوم العيد وأيام التشريق؟ قال: يصومه(3)، فإنه حق يلزمه(4).

___________________________________

(1) قوله: (هما الشهران) هذه الآية وردت ظاهرا في كفارة قتل الخطأ ولا خلاف في أنه لا يجزي هذان الشهران عنها، ويحتمل أن يكون أولا كذلك ثم نسخ، أو يكون المراد أنهما نظير هذين الشهرين في كون كل منهما كفارة من الذنوب، ولا يبعد أن يكون في بطن الآية هذا أيضا مرادا (مرآة العقول: ج 3 ط حجري ص 221).

(2) الكافي: ج 4 ص 92، كتاب الصيام، باب فضل صوم شعبان وصلته برمضان وصيام ثلاثة أيام في كل شهر ح 5 وتمام الحديث (وقد يستحب للعبد أن لا يدع السحور).

(3) قوله: (يصومه) أي العيد وأيام التشريق أو سواهما، والاول أظهر، كما فهمه الشيخ وقال به.

ورد الاكثر الخبر بضعف السند ومخالفة الاصول، مع أنه ليس بصريح في صوم الايام المحرمة كما عرفت: وقال المحقق في المعتبر: الرواية مخالقة لعموم الاحاديث المجمع عليها، على أنه ليس بصريح في صوم العيد انتهى.

في المعتبر: الرواية مخالفة لعموم الاحاديث المجمع عليها، على أنه ليس بصريح في صوم العيد انتهى.

أما مخالفته لسائر الاخبار فظاهر، وأما ضعف السند فليس كذلك لما سيأتي بسند حسن، ورواه الشيخ في التهذيب بسند صحيح وسند موثق عن زرارة، والمسألة محل إشكال وإن كان التحريم أقوى (مرآة العقول: ج 3 ص حجري ص 232).

(4) الكافي: ج 4 ص 139 باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعرض له أمر يمنعه عن اتمامه ح 8. (*)

[576]

[ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خلدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما(93) ]

ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خلدا فيها و غضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما في اصول الكافي: علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبدالرزاق بن مهران، عن الحسن بن ميمون، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديث طويل، يقول فيه: فلما أذن الله لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخروج من مكة إلى المدينة بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إليه إلا الله، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عبده ورسوله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وأنزل عليه الحدود وقسمة الفرائض، وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها النار لمن عمل بها، وأنزل عليه في بيان القاتل " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " ولا يلعن الله مؤمنا، قال الله (عزوجل): " إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا "(1) وكيف تكون في المشيئة وقد ألحق به - حين جزاه جهنم -، الغضب واللغنة(2)، قد بين ذلك من الملعونين في كتابه(3).

___________________________________

(1) الاحزاب: 64 و 65.

(2) قوله: (وكيف تكون المشيئة) كيف للانكار، ردا على من زعم أن القاتل في مشيئة الله تعالى، إن شاء عذبه وأخزاه، وان شاء رحمه ونجاه، أي كيف يكون هو في المشيئة وقد ألحقه بالكافر في دخوله النار أبدا وصرح بالغضب واللعن عليه (شرح اصول الكافي للمازندراني: ج 8 ص 92).

(3) الكافي: ج 2 ص 31 كتاب الايمان والكفر باب (بدون عنوان بعد باب أن الاسلام قبل الايمان) قطعة من ح 1.

[577]

وفي كتاب علل الشرائع: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني قال: حدثنا محمد بن علي، عن أبيه، عن جده قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: قتل النفس من الكبائر، لان الله (عزوجل) يقول: " ومن يقتل مؤمنا " إلى قوله: " وأعد له عذابا عظيما "(1).

وفي كتاب معاني الاخبار: عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن قول الله (عزوجل): " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " قال: من قتل مؤمنا على دينه فذلك المتعمد الذي قال الله (عزوجل) في كتابه: " وأعد له عذابا عظيما " قلت: فالرجل يقع بين الرجل وبينه شئ فيضربه بالسيف، فيقتله؟ قال: ليس ذلك الذي قال الله (عزوجل)(2).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله (عزوجل)، ونقل مثل ما في معاني الاخبار سواء(3).

وفي كتاب معاني الاخبار: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " قال: إن جازاه(4).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان وابن بكير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، أله توبة؟ فقال: إن كان

___________________________________

(1) علل الشرائع: ج 2 ص 164 ب 228 العلة التي من أجلها حرم قتل النفس ج 2.

(2) معاني الاخبار: باب نوادر المعاني، ص 380 ح 4.

(3) الكافي: ج 7 ص 275 كتاب الديات، باب أن من قتل مؤمنا على دينه فليست له توبة ح 1.

(4) معاني الاخبار: ص 380، باب نوادر معاني ح 5. (*)

[578]

قتله لايمانه فلا توبة له، وإن كان لغضب أو لسبب شئ من أشياء الدنيا، فإن توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة وصيام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا، توبة إلى الله (عزوجل)(1).

محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما، وقال: لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قال: من قتل مؤمنا على دينه لم يقبل توبته ومن قتل نبيا أو وصي نبي فلا توبة له لانه لا يكون مثله فيقاد به(3).

وقيل: إن الآية نزلت في مقيس بن صبابة وحد أخاه هشام في بني النجار، ولم يظهر قاتله، فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدفعوا إليه ديته، فدفعوا إليه، ثم حمل على مسلم فقتله، ورجع إلى مكة مرتدا(4).

___________________________________

(1) الكافي: ج 7 ص 276 كتاب الديات، باب أن من قتل مؤمنا على دينه فليست له توبة ح 2.

(2) الكافي: ج 7 ص 272 كتاب الديات، باب القتل ح 7.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 148.

(4) في النسخة - أ: (مقيس بن ضبانة) والظاهر أنه تصحيف والصحيح ما اثبتناه من المصادر و الآية نزلت في مقيس ابن صبابة (النكاني خ ل) الكندي وجد أخاه هشاما قتيلا في بني النجار: فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرسل معه قيس بن هلال الفهري، وقال له: قال لبني النجار: إن علمتم قاتل هشام فادفعوه إلى أخيه ليقتص منه، وإن لم تعلموا فادفعوا إليه ديته: فبلغ الفهري الرسالة، فأعطوه الدية، فلما انصرف ومعه الفهري وسوس إليه الشيطان فقال: ما صنعت شيئا أخذت دية أخيك فيكون سبة عليك، اقتل الذي معك لتكون نفس بنفس والدية فضل، فرماه بصخرة فقتله وركب بعيرا ورجع إلى مكة كافرا وأنشد بقول:

قلت به فهرا وحملت عقله *** سراة بني النجار لا رباب فارع

فادركت ثأري واضطجعت موسدا *** وكنت إلى الاوتان أول راجع

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا اومنه في حل ولا حرم، فقتل يوم الفتح وهو متعلق بأستار الكعبة (نقله الطبرسي (رحمه الله) في مجمع البيان.

والبغوي في معالم التنزيل - والا لوسي في روح المعاني - والسيوطي في الدر المنثور وغيرهم من المفسرين).

[579]

[ يأيها الذين ء‌امنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحيوة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا(94)

]

يأيها الذين ء‌امنوا إذا ضربتم سبيل الله: سافرتم وذهبتم للغزو.

فتبينوا: فاطلبوا بيان الامر وثباته، وميزوا بين الكافر والمؤمن.

وقرأ حمزة والكسائي " فتثبتوا " من التثبيت، هنا وفي الحجرات.

ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم: لمن حياكم بتحية السلام.

وقرأ نافع وابن عامر وحمزة السلم بغير ألف، أي الاستسلام والانقياد، وفسربه السلام أيضا.

لست مؤمنا: وإنما فعلت ذلك من الخوف. وقرئ مؤمنا بالفتح، أي مبذولا له الامان.

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام): ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم(1).

تبتغون عرض الحيوة الدنيا: تطلبون ماله الذي هو حطام سريع النفاد.

وهو حال من الضمير في " تقولوا " وهو مشعر بما هو الحامل لهم على العجلة وتر التثبت.

فعند الله مغانم كثيرة: تغنيكم عن قتل أمثاله، لماله.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 297 ح 242. (*)

[580]

كذلك كنتم من قبل: أي أول ما دخلتم في الاسلام تفوهتم بكلمتي الشهادة، فحصنت بها دماؤكم وأموالكم، من غير أن يعلم مواطاة قلوبكم ألسنتكم.

فمن الله عليكم: بالاشتهار بالايمان والاستقامة في الدين.

فتبينوا: فافعلوا بالداخلين، كما فعل الله بكم، ولا تبادروا إلى قتلهم ظنا بأنهم دخلوا فيه اتقاء وخوفا، فإن إبقاء الكافر أهون عندالله من قتل امرئ مسلم. وتكريره تأكيد لتعظيم الامر وترتيب الحكم، على ماذكر من حالهم.

إن الله كان بما تعملون خبيرا: عالما به وبالغرض منه، فلا تتهافتوا في القتل واحتا طوافيه.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: أنها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غزوة خيبر وبعث اسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك، ليدعوهم إلى الاسلام، وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفد كي في بعض القرى، فلما أحس بخيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل، فأقبل يقول: أشهد أن لا إيه إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم)، فمربه اسامة بن زيد فقتله، فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخبره بذلك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله؟ ! فقال: يا رسول الله قالها تعوذا من القتل.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أفلا شققت الغطاء عن قلبه؟ لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت.

فحلف اسامة بعد ذلك أن لا يقاتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتخلف عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) في حروبه، وأنزل الله في ذلك: " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام " الآية(1).

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 148 في تفسيره لآية 94 من سورة النساء. ورواه مجملا في مجمع البيان: ج 3 ص 95 في نقله سبب نزول آية 94 ثم قال بعد نقل القصة: (وبهذا اعتذر إلى علي (عليه السلام) لما تخلف عنه، وإن كان عذره غير مقبول، لانه قد دل الدليل على وجوب طاعة الامام في محاربة من حاربه من البغاة لا سيما وقد سمع النبي يقول: حربك يا علي حربي وسلمك سلمي). البيان: ج 3 ص 95 في نقله سبب نزول آية 94 ثم قال بعد نقل القصة: (وبهذا اعتذر إلى علي (عليه السلام) لما تخلف عنه، وإن كان عذره غير مقبول، لانه قد دل الدليل على وجوب طاعة الامام في محاربة من حاربه من البغاة لا سيما وقد سمع النبي يقول: حربك يا علي حربي وسلمك سلمي).

[581]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21338861

  • التاريخ : 29/03/2024 - 12:11

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net