00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (63 - 74) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 63 - 74

[ أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا(63) ]

ثم جآء‌وك: عطف على " اصابتهم " أو على " يصدون " وما بينهما اعتراض.

يحلفون بالله: للاعتذار، حال من فاعل (جاء).

إن أردنا إلا إحسنا: وهو التخفيف عنك.

وتوفيقات: بين الخصمين، ولم نرد مخالفتك.

وقيل: جاء أصحاب القتيل طالبين دمه وقالوا: ما أردنا بالتحاكم إلى عمر إلا أن يحسن إلى صاحبنا ويوفق بينه وبين خصمه(1).

أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم: من النفاق، فلا يعني عنهم الكتمان والحلف الكاذب من العقاب.

فأعرض عنهم وعظهم: أي لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم.

وفي روضة الكافي: علي، عن أحمد بن محمد بن محمد بن خالد، عن أبي جنادة الحصين ابن مخارق بن عبدالرحمن بن ورقاء بن حبشي بن جنادة السلولي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) في قوله (عزوجل): " اولئك الذين " الآية، فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء وسبق لهم العذاب(2)(3).

___________________________________

(1) نقله البيضاوي: ج 1 ص 227 عند تفسيره لآية 62 من سورة النساء.

(2) الكافي: ج 8 ص 184 ح 211 وتمام الحديث (وقل لهم قولا بليغا).

(3) قوله (فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء) ظاهر الخبر أن هاتين الفقرتين كانتا داخلتين في الآية ويحتمل أن يكون (عليه السلام) أوردهما للتفسير، أي إنما أمر تعالى بالاعراض عنهم لسبق كلمة الشقاء عليهم، أي علمه تعالى بشقائهم، وسبق تقدير العذاب لهم، لعلمه بأنهم يصيرون أشقياء بسوء اختيارهم. ولعل الامر بالاعراض لدم المبالغة والاهتمام في دعوتهم والحزن على عدم قبولهم أو جبرهم على الاسلام، ثم امر تعالى بموعظتهم لا تمام الحجة عليهم فقال: (وعظهم) أي بلسانك وكفهم عما هم عليه. وتركه في الخبر، إما من النساخ، أو لظهوره، أو لعدمه في مصحفهم (عليهم السلام) (مرآة العقول: ج 4 ط حجري ص 331). (*)

[511]

[ ومآ أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جآء‌وك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواب رحيما(64) ]

وقل لهم في أنفسهم: في شأن أنفسهم، أو خاليا بهم فإن النصيحة في السر أنجع.

قولا بليغا: يؤثر فيهم، كتخو يفهم بالقتل والاستئصال إن ظهر منهم النفاق، والتخويف بعذاب الله للمنافقين، والوعد بالثواب على الاخلاص " والقول البليغ " هو الذي يطابق مدلوله المقصود.

وقيل: الظرف، أي في أنفسهم، متعلق ب‍ " بليغا " على معنى بليغا في أنفسهم مؤثرا فيها.

وفيه ضعف، لان معمول الصفة لا يتقدم على موصوفها.

ومآ أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله: بسبب إذنه في طاعته، وأمره المبعوث إليهم بأن يطيعوه فمن لم يرض بحكمه وبما نص عليه فهو كافر وإن أظهر الاسلام وتكلف أكثر شعائره، لانه عدم رضا بما أمر الله وحكم به.

ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم: بالنفاق.

جاء‌وك: خبر أن، و " إذ " متعلق به.

فاستغفروا الله: بالتوبة والاخلاص.

واستغفر لهم الرسول: واعتذروا إليك حتى انتصبت لهم شفيعا.

[512]

وإنما عدا، عن الخطاب، تفخيما لشأنه، وتنبيها على أن حق الرسول أن يقبل اعتذار التائب، وإن عظم جرمه ويشفع، ومن منصبه أن يشفع في كبار الذنوب.

لو جدوا الله توابا رحيما: لعلموه قابلا لتوبتهم، متفضلا عليهم بالرجمة.

وإن كان (وجد) بمعنى (صادف) كان " توابا " حالا، و " رحيما " بدلا منه، أو حالا آخر، أو من الضمير فيه.

وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب: إسماعيل بن يزيد بإسناده، عن محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال: أذنب رجل ذنبا في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتغيب حتى وجد الحسن والحسين (عليهما السلام) في طريق خال، فاخذهما واحتملهما على عاتقه وأتى بهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: يا رسول الله إني مستجير بالله وبهما، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى رد يده إلى فيه، ثم قال للرجل: اذهب فأنت طليق، وقال للحسن والحسين: قد شفعتكما فيه، اي فتيان فأنزل الله تعالى: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما "(1).

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها، أو حين تدخلها ثم تأتي قبر النبي (صلى الله عليه وآله)، إلى أن قال (عليه السلام): اللهم إنك قلت: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا عن ذنوبي، وإني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ليغفر ذنوبي(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: وقوله " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك (يا علي)

___________________________________

(1) مناقب ابن شهر آشوب: ج 3 ص 400 فصل في مكارم أخلاقهما س 2.

(2) الكافي: ج 4 ص 551 كتاب الحج باب دخول المدينة وزيارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والدعاء عند قبره، قطعة من ح 1. (*)

[513]

[ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما(65) ]

فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " هكذا نزلت(1).

فلا وربك: أي فوربك، ولا مزيدة لتأكيد القسم، وقيل: لتظاهر " لا " في قوله: لا يؤمنون: وفيه فوربك ضعف: لانها تزاد في الاثبات أيضا، كقوله: " لا اقسم بهذا البلد "(2)(3).

حتى يحكموك فيما شجر بينهم: فيما اختلف بينهم واختلط، ومنه الشجر، لتداخل أغصانه واختلاطها.

ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت: ضيقا مما حكمت به، أو من حكمك، أو شكا من أجله، فإن الشاك في ضيق من أمره.

ويسلموا تسليما: وينقادوا لك بظاهرهم وباطنهم.

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم: عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة أو بريد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: لقد خاطب الله أميرالمؤمنين (عليه السلام) في كتابه(4)، قال: قلت: في أي موضع؟ قال: في

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم، ج 1 ص 142 س 14 في تفسيره لآية 64 من سورة النساء، وسند الحديث: (حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " ولو انهم " الآية.

(2) البلد: 1.

(3) قاله البيضاوي: ج 1 ص 227 عند تفسيره لآية 65 من سورة النساء.

(4) قوله: (لقد خاطب الله) يعني أن المخاطب في (جاؤك) وأمثاله، أميرالمؤمنين (عليه السلام) بقرينة (واستغفر لهم الرسول) فإن الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ثم العود إلى الخطاب نادر جدا، وتفسير(ما شجر بينهم) بما تعاقدوا عليه، اما مبني على أن المراد بالشجر، الجريان كما قيل، أو على أنه وقع ابتداء بينهم تشاجر ثم اتفقوا، أو على أن المراد التشاجر بينهم وبين المؤمنين، أو إنه لما كان الامر عظيما من شأنه أن يتشاجر فيه، عبر عن وقوعه بالشجر، وقبل: أراد أن المراد بظلمهم أنفسهم تعاقدهم فيما بينهم منازعين لله ولرسوله وللمؤمنين أن يصرفوا الامر عن بني هاشم، وأنه المراد بقوله: " فيما شجر بينهم "، أي فيما وقع النزاع بينهم مع الله ورسوله والمؤمنين بهذا التعاقد، فإن الله كان معهم وفيما بينهم كما قال سبحانه: " وهو معهم إذ يبيتون مالا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " (النساء: 108) والرسول أيضا كان عالما بما أسروا من مخالفته، فكأنه كان فيهم شاهدا على منازعتهم إياه.

ومعنى تحكيمهم أميرالمؤمنين (عليه السلام) على أنفسهم أن يقولوا له: إنا ظلمنا أنفسنا بظلمنا إياك وإرادتنا صرف الامر عنك مخالفة لله ولرسوله، فاحكم علينا بما شئت وطهرنا في بني هاشم " ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت " حرجا مما قضيت " عليهم من القتل أو العفو " ويسلموا تسليما " (مرآة العقول: ج 4 ص 283).

[514]

قوله " ولو أنهم " وتلا إلى قوله " حتى يحكموك فيما شجر بينهم " فيما تعاقدوا عليه: لئن أمات الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يردوا هذا الامر في بني هاشم " ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت " عليهم من القتل أو العفو " ويسلموا تسليما "(1).

علي بن إبراهيم، عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة، وأتوا الزكاة، وحجوا البيت، وصاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألاصنع خلاف الذي صنع؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم، لكانوا بذلك مشركين(2)، ثم تلا هذه الآية، ثم قال أبوعبدالله (عليه السلام) فعليك بالتسليم(3).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 381 كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح 7.

(2) قوله: (لكانوا بذلك مشركين) دل على أن كل من خطر بباله، أو جرى على لسانه ذلك فهو مشرك، وإن أخذه وعمل به، لفوات معنى الرضا والتسليم منه، فاحفظ نفسك فإن الطريق دقيق والشيطان رفيق (شرح اصول الكافي: ج 6 ص 378).

(3) الكافي: ج 2 ص 398 كتاب الايمان والكفر، باب الشرك، ح 6. (*)

[515]

عن حماد بن عثمان، عن عبدالله الكاهلي قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): وذكر مثله سواء(1).

وفيه: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحام، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له: إن عندنا رجلا يقال له كليب(2)، فلا يجي، عنكم شئ إلا قال: أنا اسلم، فسميناه كليب تسليم، قال: فترحم عليه، ثم قال: أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا، فقال: هو والله الاخبات قول الله (عزوجل): " الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم "(3)(4).

وفي كتاب التوحيد: بإسناده إلى عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه: " ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون "، قال جابر: فقلت له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكيف لا يسأل عما يفعل؟ قال: لانه لا يفعل إلا ما كان حكمة وصوابا، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار، فمن وجد في نفسه حرجا في شئ مما قضى كفر، ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد(5).

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى محمد بن قيس، عن ثابت

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 390 كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح 2.

(2) (كليب) بصيغة التصغير (اسلم) بصيغة المتكلم من باب التفعيل (فترحم عليه) أي قال: رحمه الله، والاخبات الخشوع في الظاهر والباطن والتواضع بالقلب والجوارح والطاعة في السر والعلن، من الجنب وهي الارض المطمئنة، قال الراغب: الخبت المطمئين من الارض وأخبت الرجل قصد الخبت أو نزله، نحو أسهل وأنجد، ثم استعمل الاخبات في استعمال اللين والتواضع، قال (عزوجل): " وأخبتوا إلى ربهم " وقال تعالى: " وبشر المخبتين " أي المتواضعين، نحو لا يستكبرون عن عبادته، وقوله تعالى: " فتخبت له قلوبهم " أي تلين وتخشع انتهى. و (قول الله) خبر مبتدأ محذوف، أي هو قوله الله، أو مبتدأ خبره محذوف، أي قوله الله من ذلك (مرآة العقول: ج 4 ص 280).

(3) هود: 23.

(4) الكافي: ج 1 ص 390 كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح 3.

(5) كتاب التوحيد: ص 397 باب 61 الاطفال وعدل الله (عزوجل) فيهم قطعة من ح 1. (*)

[516]

الثمالي، عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في آخر حديث له: إن للقائم منا غيبتين، أحد هما أطول من الاخرى، أما الاولى: فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين(1).

وأما الاخرى فيطول أمرها حتى يرجع عن هذا الامر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته، ولم يجد في نفسه حرجا مما قضينا، وسلم لنا أهل البيت(2).

وبهذا الاسناد قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): إنه قال: دين الله (عزوجل) لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة، ولا يصاب إلا بالتسليم، فمن سلم لنا سلم، ومن اقتدى بنا هدي، ومن دان القياس والرأي هلك، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم(3).

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله) عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)،

___________________________________

(1) قوله: (فستة أيام) لعله إشارة إلى اختلاف أحواله (عليه السلام) في غيبته، فستة أيام لم يطلع على ولادة إلا خاص الخاص من أهاليه ثم بعد ستة أشهر اطلع عليه غيرهم من الخواص ثم بعد ست سنين عند وفاة والده (عليه السلام) ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنه بعد إمامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيام أحد، ثم بعد ستة أشهر انتشر أمره وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء.

والاظهر أنه إشارة إلى بعض الازمان المختلفة التي قدرت لغيبته، وأنه قابل للبداء، ويؤيده ما رواه الكليني: بإسناده عن الاصبغ في حديث طويل، قد مر بعضه في باب أخبار أميرالمؤمنين (عليه السلام)، ثم قال: فقلت: يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة؟ فقال: ستة أيام أوستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا الكائن؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ، اولئك خيار هذه الامة مع خيار أبرار هذه العترة، فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك؟ فقال: ثم يفعل الله مايشاء فإن له بداء‌ات وإرادات وغايات ونهايات. فإنه يدل على أن هذا الامر قابل للبداء. والترديد قرينة على ذلك والله يعلم (بحار الانوار: ج 51 ص 134) ماروي في ذلك عن علي بن الحسين (عليه السلام).

(2) كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص 323 باب 31 ماأخبر به سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام) ح 8 و 9.

(3) كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص 323 باب 31 ما أخبر به سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام) ح 9. (*)

[517]

[ ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من ديركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا(66) ]

حديث طويل، وفيه: وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا، إن المنافقين كانوا يشهدون أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويدفعون عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما عهد به من دين الله وعزائمه وبراهين نبوته إلى وصيه، ويضمرون من الكراهية لذلك والنقص لما أبرمه منه عند إمكان الامر لهم فيما قد بينه الله تعالى لنبيه بقوله: " فلا وربك - وتلا إلى قوله - ويسلموا تسليما "(1).

ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم: قيل تعرضوا بها للقتل بالجهاد، أو اقتلوها كما قتل بنو إسرائيل.

و " أن " مصدرية، أو مفسرة، لان كتبناه في معنى أمرنا.

أو اخرجوا من ديركم: خروجهم.

وقرأ أبوعمرو ويعقوب " أن اقتلوا " بكسر النون على التحريك، واو اخرجوا بضم الواو للاتباع والتشبيه بواو الجمع في نحو " ولا تنسوا الفضل "(2) وقرأ عاصم وحمزة بكسر هما على الاصل، والباقون بضمهما، وإجراء لهما مجرى الهمزة المتصلة بالفعل(3) مافعلوو إلا قليل منهم: توبيخ لهم.

والضمير للمكتوب المدلول عليه بقوله

___________________________________

(1) الاحتجاج: ج 1 ص 248، احتجاجه (عليه السلام) على زنديق جاء مستدلا عليه بآي من القرآن متشابهة.

س 20.

(3) اقتباس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 227 - 228، لاحظ تفسيره لاية 66 من سورة النساء. (*)

[518]

" كتبنا " أو لاحد مصدري الفعلين.

وقرأ ابن عامر بالنصب على الاستثناء، أو على، إلا فعلا قليلا.

ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به: من مطاوعة الرسول وما يقوله طوعا ورغبة.

لكان خيرا لهم: في العاجل والآجل.

وأشد تثبيتا: لايمانهم، ونصبه على التمييز.

قال البيضاوي: والآية أيضا نزلت في شأن المنافق واليهودي.

وقيل: إنها والتي قبلها نزلت في حاطب بن أبي بلتعه(1) خاصم زبيرا في شراج من الحرة(2) كانا يسقيان بها النخل، فقال (عليه السلام): اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فقال حاطب: لان كان ابن عمتك، فقال (عليه السلام): اسق يازبير ثم احبس الماء إلى الجدر واستوف حقك ثم أرسله إلى جارك(3).

وفي روضة الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن إسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم وسلموا للامام تسليما أو اخرجوا من دياركم رضا له ما فعلوه إلا قليلا منهم ولو أن أهل الخلاف فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وفي هذه الآية: " ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت " في امر الولي ويسلموا لله الطاعة تسليما(4).

(*)

___________________________________

(1) في النسخة - أ - بلعة والصحيح ما أثبتناه وهو حاطب بن أبي بلتعة الخالفي اللخمي، من بني خالفة، بالخاء المعجمة والالف واللام والفاء بطن من بني لخم، عده ابن عبدالبر وابن مندة وأبونعيم من الصحابة، شهد بدرا، وحاله مجهول (تنقيح المقال: ج 1 ص 249 تحت رقم 2218).

أقول: كفى في ضعفه وعدم وثاقته ما نسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: لان كان ابن عمتك.

(2) سراج الحرة، بالكسر وآخره جيم، وهو جمع سرج، وهو مسيل الماء من الحرة إلى السهل، وهي بالمدينة التي خوصم فيها الزبير عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (معجم البلدان: ج 3 ص 331).

وفي هامش النسخة: شراج جمع شرج وهو ما بين الحرة إلى السهل، والحرة نهر بالموصل ودار بنجد وآخر بالجزيرة (منه دام عزه).

(3) تفسير البيضاوي: ج 1 ص 228، عند تفسيره لآية 66 من سورة النساء.

(4) الكافي: ج 8 ص 160 ح 210 ط النجف. (*)

[519]

[ وإذا لاتينهم من لدنا أجرا عظيما(67) ولهدينهم صرطا مستقيما(68) ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبين والصديقين والشهدآء والصلحين وحسن أولئك رفيقا(69) ]

وفي اصول الكافي: أحمد بن مهران، عن عبدالعظيم، عن بكار، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: هكذا نزلت هذه الآية: " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي عليه السلام) لكان خيرا لهم "(1).

علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب، عن يونس، عن بكار، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي عليه السلام) لكان خيرا لهم(2).

وإذا لاتينهم من لدنا أجرا عظيما: جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: وما يكون لهم بعد التثبيت؟ فقال: وإذا لو ثبتوا لآتيناهم، لان (إذا) جواب وجزاء، والواو للاستئناف.

ولهدينهم صرطا مستقيما: يصلون بسلوكه إلى رضوان الله وجنته، كما يقول: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبين: الذين في أعلى عليين.

والصديقين: الذين صدقوا في أقوالهم وأفعالهم.

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 424، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 60.

(2) الكافي: ج 1 ص 417 كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 28.

وفيه: يونس بن بكار. (*)

[520]

والشهدآء: المقتولين في سبيل الله.

والصلحين: الذين صلحت حالهم، واستقامت طريقتهم.

وكلمة " من " مع ما يتبعها، بيان ل‍ " الذين " أو حال منه أو من ضميره.

وحسن أولئك رفيقا: فيه معنى التعجب.

و " رفيقا " نصب على التميز، أو الحال.

ولم يجمع، لانه يقال للواحد والجمع، كالصديق.

أو لانه اريد به، وحسن كل واحد منهم رفيقا.

وفي اصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن علي بن الحزور الغنوي، عن الاصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أميرالمؤمنين (عليه السلام) يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: أيها الناس ألا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله؟ فقام إليه أبوأيوب الانصاري فقال: بلى يا أميرالمؤمنين حدثنا، فإنك كنت تشهد ونغيب، فقال: إن خير خلق الله يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبدالمطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد بهم إلا جاحد، فقام عمار بن ياسر (رحمه الله) فقال: يا أميرالمؤمنين، سمهم لنا فلنعر فنهم فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله، الرسل، وإن أفضل الرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن أفضل كل امة بعد نبيها، وصي نبيها حتى يدركه نبي، الا وأن أفضل الاوصياء وصى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الا وأن أفضل الخلق بعد الاوصياء الشهداء، الا وأن أفضل الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، وجعفر بن أبي طالب، له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة لم ينحل أحد من هذه الامة جناحان غيره، شئ كرم الله به محمد (صلى الله عليه وآله) وشرفه، والسبطان الحسن والحسين (عليهما السلام)، والمهدي يجعله الله من شاء منا أهل البيت، ثم قرأ هذه الآية: " ومن يطع الله - إلى - وحسن اولئك رفيقا "(1)(2).

___________________________________

(1 و 2) (علوان) بضم العين وسكون اللام، و (الحزور) بالفتحات وتشديد الواو، و (الغنوي) بفتحتين، و (نباتة) بضم النون، و (الحنظلي) نسبة إلى حنظلة بن مالك أبي بطن من تميم، و (نغيب) بصيغة (*)

[521]

المتكلم، أي كنت تحضر دائما عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنا نغيب أحيانا في الغزوات وغيرها، مع أنه (صلوات الله عليه) كان يدخل مداخل من الخلوات لا يدخل فيها غيره، وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب، أي تغيب بعد ذلك عنا، والاول أظهر، والمراد بالرسل اولوا العزم أو الاعم منهم وممن له كتاب من غيرهم، أو جميع الانبياء والاوصياء والاوصياء وهم النبيون والصديقون والاوصياء، والمراد بالشهداء من استشهد من غير الانبياء والاوصياء بقرينة المقابلة، فالمراد بقوله: (أفضل الشهداء) أفضلهم من غير المعصومين، فلا ينافي فضل الشهداء من الائمة (عليهم السلام)، (خضيبان) أي ملونان بلون دمه، (لم ينحل) أي لم يعط، و (جناحان) بالرفع على ما في النسخ، حكاية للسابق، وإلا فالظاهر (جناحين) ويمكن حمله على أنه لم ينحل أحد قبله، أو من جملة الصحابة، فلا ينافي اعطاؤهما العباس بن أميرالمؤمنين (عليهما السلام) كما ورد في الخبر، وإعطاء الجناحين إما في الجسد الاصلي في الآخرة في جنة الخلد، أو في الجسد المثالي في البرزخ في جنة الدنيا، أو الجسد الاصلي أيضا في البرزخ، و (السبطان) مبتدأ خبره محذوف، أي منهم السبطان، وكذا (المهدي) منصوب بفعل مضمر يفسره (يجعله) فالسبعة: النبي وعلي والحسن والحسين والمهدي وحمزة وجعفر، وكونهم (خير الخلق) إما إضافي بالنسبة إلى غير سائر الائمة (عليهم السلام)، أو المراد خيرته كل منهم بالنسبة إلى صنفهم، فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الانبياء، وعلي أفضل الاوصياء بلا واسطة، والحسنان والمهدي أفضل الائمة (عليهم السلام)، وحمزة وجعفر أفضل الشهداء غير المعصومين، واكتفى من ذكر سائر الائمة بذكر أولهم وآخرهم، أو هو محمول على التقية، أو هو من أخبار المخالفين ذكر إلزاما عليهم كما سيأتي، وعلى بعض الوجوه المراد بالصالحين سائر الائمة، وعلى بعضها لمن لم يرتكب كبيرة أو لم يصر عليها وعلى الصغائر (اولائك) إشارة إلى الذين، و (رفيقا) تمييز عن النسبة، و (ذلك) إشارة إلى حسن حال رفيقهم، و (الفضل) خبر، أو الفضل صفة ذلك والظرف خبر.

وأقول: قد روي مثل هذا الخبر من طرق المخالفين: روى السيد في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي يرفعه إلى أبي أيوب الانصاري، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يا فاطمة إنا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الاولين والآخرين من قبلنا، أو قال: الانبياء، ولا يدركه أحد من الآخرين غيرنا، نبينا أفضل الانبياء وهو أبوك، ووصينا أفضل الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو حمزة عمك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة، وهما إبناك، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الامة (مرآة) العقول: ج 5 ص 262 - 264).

الكافي: ج 1 ص 450، كتاب الحجة، أبواب التاريخ، باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاته، ح 34.

أقول: روى الحافظ الكبير عبيدالله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني الحذاء الحنفي النسابوري روايات بهذا المضمون، لا حظ شواهد التنزيل: ج 1 ص 154، ح 207 و 208 و 209.

[522]

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أعينونا بالورع، فإنه من لقي الله (عزوجل) منكم بالورع كان له عندالله فرجا، إن الله (عزوجل) يقول: " من يطع الله - وقرأ إلى - وحسن اولائك رفيقا " فمنا النبي ومنا الصديق والشهداء والصالحين(1).

أبوعلي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النصر الخزاز، عن جده الربيع بن سعد قال: قال لي أبوجعفر (عليه السلام): يا ربيع إن الرجل ليصدق حتى يكتبه الله صدقا(2).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبدالله، عن خالد الرقي، عن خضر بن عمرو، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان، مؤمن وفي لله بشروطه التي اشترطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا، وذلك ممن يشفع ولا يشفع له، وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة(3) الزرع كيف ما كفته الريح انكفى او ذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة ويشفع له وهو على خير(4).

وفي روضة الكافي: بإسناده إلى أبي عبدالله (عليه السلام)، حديث طويل، يقول فيه (عليه السلام): ألم تسمعوا ما ذكرالله من فضل اتباع الائمة الهداة، وهم

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 78، كتاب الايمان والكفر، باب الورع، ح 12.

(2) الكافي: ج 2 ص 105، كتاب الايمان والكفر، باب الصدق وأداء الامانة، ح 8.

(3) خامة كياه وتازة: وفي الحديث: مثل المؤمن المنافق مثل الخامة من الزرع يجعلها الريح مرة هكذا ومرة هكذا (منه دام عزه) كذا في هامش النسخة.

(4) الكافي: ج 2، ص 248 كتاب الايمان والكفر، باب في أن المؤمن صنفان، ح 2. (*)

[523]

المؤمنون قال: " اولئك - إلى - حسن اولئك رفيقا " فهذا وجه من وجوه فضل اتباع الائمة، فكيف بهم وفضلهم(1).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال لابي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: " اولائك) - إلى - حسن اولئك رفيقا " فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء، وأنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله (عزوجل)، والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة(2).

وفي تفسير العياشي: عن عبدالله بن جندب، عن الرضا (عليه السلام) قال: حق على الله أن يجعل ولينا رفيقا للنبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا(3).

وفي كتاب الخصال عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان فيما أوصى به أن قال له: يا علي من حفظ من امتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله تعالى والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولائك رفيقا، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ما هذه الاحاديث؟ فقال: أن تؤمن بالله وحده لا شريك له وتعبده ولا تعبد غيره - إلى أن قال -: بعد تعدادها (صلوات الله عليه وآله)، فهذه أربعون حديثا من استقام عليها وحفظها عني من امتي دخل الجنة برحمة الله، وكان من أفضل الناس وأحبهم إلى الله بعد النبيين والوصيين، وحشره الله تعالى يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولائك رفيقا(4).

___________________________________

(1) الكافي: ج 8 ص 404، رسالة أبي عبدالله (عليه السلام) إلى جماعة الشيعة، س 8.

(2) الكافي: ج 8 ص 35، في مقامات الشيعة وفضائلهم قطعة من ح 6 س 20.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 256 ح 189.

(4) الخصال: ص 543، أبواب الاربعين وما فوقه، قطعة من ح 19. (*)

[524]

عن محمد بن أبي ليلى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصديقون ثلاثة، علي بن أبي طالب، وحبيب النجار، ومؤمن آل فرعون(1).

وفي عيون الاخبار: عن الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل امة صديق وفاروق، وصديق هذه الامة وفاروقها علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

وفي شرح الآيات الباهرة وذكر الشيخ أبوجعفر الطوسي (رحمه الله) في كتاب مصباح الانوار قال: حدث النبي (صلى الله عليه وآله) لعمه العباس، بمشهد كم من القرابة والصحابة، روى النبي (صلى الله عليه وآله) لعمه الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض الايام صلاة الفجر ثم أقبل علينا بوجهه الكريم، فقلت: يا رسول الله أرأيت أن تفسر لنا قوله تعالى: " فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أما النبيون فأنا، وأما الصديقون فأخي علي، وأما الشهداء فعمي حمزة، وأما الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين، قال: وكان العباس حاضرا فوثب وجلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟ قال: وما ذاك يا عم؟ قال: لانك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا؟ ! قال: فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: وأما قولك: ألسنا من نبعة واحدة، فصدقت، ولكن يا عم إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم حين لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار، فقال العباس: فكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟ فقال: يا عم لما أراد الله أن يخلقنا تكلم كلمة خلق منها نورا، ثم تكلم كلمة اخرى فخلق منها روحا، ثم مزج

___________________________________

(1) الخصال: ص 184، باب الثلاثة، الصديقون ثلاثة، ح 254.

(2) عيون الاخبار: ج 2 ص 13 قطعة من ح 30. (*)

[525]

النور بالروح فخلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين فكنا نسبحه حين لا تسبيح ونقدسه حسين لا تقديس فلما أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة شق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري ونوري من نورالله، ونوري أفضل من العرش، ثم فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور علي ونور علي من نورالله وعلي أفضل من الملائكة، ثم فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات والارض فالسماوات والارض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نورالله (عزوجل) وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والارض، ثم فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور الحسن من نورالله والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثم فتق نور ولدي الحسين ثم خلق منه الجنة والحور العين فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي الحسين من نورالله والحسين أفضل من الجنة والحور العين، ثم أمر الله الظلمات أن تمر على الحساب المنظر، فأظلمت السماوات على الملائكة فضجت الملائكة بالتسبيح والتقديس وقالت: إلهنا وسيدنا منذ خلقتنا وعرفتنا هذه الاشباح لم نر بؤسا، فبحق هذه الاشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة، فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلقها في بطنان العرش، فأزهرت السماوات والارض، ثم أشرقت بنورها، فلاجل ذلك سميت الزهراء، فقالت الملائكة، إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر الذي قد أشرقت به السماوات والارض؟ فأوحى الله إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لامتي فاطمة بنت حبيبي وزوجة وليي وأخي نبيي وأبي حججي على عبادي، اشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة، قال: فلما سمع العباس من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك، وثب قائما وقبل بين عيني علي (عليه السلام)، وقال: والله يا علي أنت الحجة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر(1).

___________________________________

(1) مصباح الانوار مخطوط في المكتبة العامة لآية. المرعشي دام ظله.

ورواه في البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 392 ح 5 في تفسيره لآية 69 من سورة النساء. (*)

[526]

وفي اصول الكافي(1): عن رجاله، عن إسماعيل بن جابر قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): من سره أن يلقى الله وهو مؤمن حقا حقا فليتول الله و رسوله والذين آمنوا، واليتبرأ إلى الله من عدوهم، وليسلم إلى ما انتهى إليه من فضلهم، إن فضلهم لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك، ألم تسمعوا ما ذكره الله من فضل أتباع الائمة الهداة، وهم المؤمنون، قال (تبارك وتعالى): " ومن يطع الله - وتلا إلى قوله - وحسن اولئك رفيقا " وقال: وهذا وجه من وجوه فضل أتباع الائمة، فكيف بهم وفضلهم(2).

وفي كتاب معاني الاخبار: حدثنا محمد بن القاسم الاسترابادي المفسر قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في قول الله (عزوجل): " صراط الذين أنعمت عليهم " أي: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك، وهم الذين قال الله (عزوجل): " ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا "(3).

حكى هذا بعينه، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)(4).

وفي بصائر الدرجات: الحسن بن أحمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن العباس والحريش، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن لنا لشأنا - وذكر حديثا، وفي آخر ما قلت - ما عندي كثير صلاح، قال: لا تكذب على الله، فإن الله قد سماك صالحا حيث يقول: " اولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " يعني الذين آمنوا بنا وبأميرالمؤمنين (عليه السلام)(5).

___________________________________

(1) هكذا في النسخ التي تحت أيدينا ولم نعثر عليه في الاصول ولكنه موجود في الروضة كما يأتي.

(2) الكافي: ج 8 ص 404 في رسالة أبي عبدالله (عليه السلام) إلى جماعة الشيعة س 6.

(3 و 4) معاني الاخبار: ص 36، باب معنى الصراط قطعة من ح 9.

(5) بصائر الدرجات: ج 3 ص 131 باب 8 ما يزاد الائمة في ليلة الجمعة من العلم المستفاد قطعة من ح 2 س 1. (*)

[527]

[ ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما(70) يأيها الذين ء‌امنوا خذوا - حذركم فانفروا ثبات أوا نفروا جميعا(71) ]

وفي تفسير علي بن إبراهيم: وأما قوله: " ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " قال: النبيين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصديقين والشهداء الحسن والحسين، والصالحين الائمة، وحسن اولئك رفيقا، القائم من آل محمد (صلوات الله عليهم)(1).

ونقل في سبب نزول هذه الآية: إن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه يوما وقد تغير وجهه ونحل جسمه، فسأله عن حاله؟ فقال: ما بي من وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة فخفت أن لا أراك هناك، لاني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وإن ادخلت الجنة كنت في منزل دون منزلك، وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبدا، فنزلت(2).

ذالك: إشارة إلى ما للمطيعين من الاجر ومزيد الهداية، ومرافقة المنعم عليهم، أو إلى فضل هؤلاء المنعم عليهم ومرتبتهم.

الفضل من الله: خبره، أو " الفضل " خبره، و " من الله " حال والعامل فيه معنى الاشارة.

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 142 عند تفسيره لآية 69 من سورة النساء.

(2) نقله في مجمع البيان: ج 3 ص 72، والبيضاوي: ج 1 ص 229 عند تفسير هما لآية 69 و 70 من سورة النساء. (*)

[528]

وكفى بالله عليما: بجراء من أطاعه، أو بمقادير الفضل واستحقاق أهله.

وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: قال حدثني عبيد بن كثير معنعنا، عن اصبغ بن نباتة قال: لم هزمنا أهل البصرة جاء علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى استند إلى حائط من حيطان البصرة واجتمعنا حوله وأميرالمؤمنين راكب والناس نزول فيدعوا الرجل باسمه فيأتيه حتى وافاه بها نحوستين شيخا كلهم قد صفروا اللحى وعقصوها وأكثرهم يومئذ من همدان، فأخذ أميرالمؤمنين في طريق من طرق البصرة ونحن معه وعلينا الدروع والمغافر متقلدين السيوف متنكبي الا ترسة حتى انتهى إلى دار قوز فدخلنا فإذا فيها نسوة يبكين فلما رأينه صحن صيحة واحدة وقلن: هذا قاتل الاحبة، الاحبة، فأسكت عنهم ثم قال: أين منزل عائشة فأو مؤوا إلى حجرة في الدار فحملنا عليا عن دابته فأنزلناه فدخل عليها فلم أسمع من قول علي شيئا إلا أن عائشة امرأة كانت عالية الصوت فسمعت كهيئة المعاذير إني لم أفعل، ثم خرج علينا أميرالمؤمنين (عليه السلام).

فحملنا عليا على دابته فعارضت امرأة من قبل الدار فقال: اين صفية؟ قالت: لبيك يا أميرالمؤمنين، قال: ألا تكفيني عني هؤلاء الكبات التي يزعمن أني قتلت الاحبة، لوقتلت الاحبة لقتلت من في تلك الدار وأومأ بيده إلى ثلاث حجر في الدار فضربنا بأيدينا على قوائم السيوف وضربنا بأبصارنا إلى الحجر التي أو مأ إليها فوالله ما بقيت في الدار باكية إلا سكتت ولا قائمة إلا جلست قلت: يا أبا القاسم فمن كان في تلك الثلاث حجر؟ قال: أما واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحا ومعه شباب قريش جرحى، وأما الثانية فكان فيها عبدالله بن زبير ومعه آل الزبير جرحى، وأما الثالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أينما دارت قلت: يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة فهلا ملتم عليهم بهذه السيوف قال ابن أخي أميرالمؤمنين: كان اعلم منك وسعهم أمانه إنا لما هزمنا القوم نادى مناديه لا يدفف على جريح ولا يتبع مدبر ومن ألقى سلاحه فهو آمن سنة يستن بها بعد يومكم هذا ثم مضى ومضينا معه حتى انتهينا العسكر فقام إليه ناس من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) منهم أبوأيوب الانصاري وقيس بن سعد وعمار بن ياسر وزيد بن حارثة وأبوليلى فقال: ألا

[529]

اخبركم بسبعة من أفضل الخلق يوم يجمعهم الله تعالى؟ قال أبوأيوب: بلى والله فاخبرنا يا أميرالمؤمنين فإنك كنت تشهد ونغيب قال: فإن أفضل الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من بني عبدالمطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد إلا جاحد، قال عمار بن ياسر (رضي الله عنه): ما اسمهم يا أميرالمؤمنين فلنعرفهم؟ قال: إن أفضل الخلق يوم يجمع الله، الرسل، وان من أفضل الرسل محمد (عليهم الصلاة والسلام) ثم أن أفضل كل امة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي وأن أفضل الاوصياء وصي محمد (عليهما السلام) ثم أن أفضل الناس بعد الاوصياء الشهداء، وأن أفضل الشهداء جعفر بن أبي طالب (رحمه الله) ذاجنا حين مع الملائكة لم يحل بحليته أحد من الآدميين في الجنة شئ شرفه الله به والسبطان الحسين والحسين سيدي شباب أهل الجنة من ولدت اباهما(1) والمهدي يجعله الله من أحب منا أهل البيت، ثم قال: ابشروا ثلاثة من يطع الله والرسول " فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما "(2).

وقال: حدثني الحسن بن علي بن بزيع معنعنا، عن الآصبغ بن نباتة قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إني اريد أن أذكره حديثا، قلت: فما يمنعك يا أميرالمؤمنين أن تذكره؟ فقال: ما قلت هذا إلا وأنا اريد أن أذكره، ثم قال: إذا جمع الله الاولين والآخرين كان أفضلهم سبعة منا بني عبدالمطلب، الانبياء أكرم الخلق ونبينا أفضل الانبياء (عليهم السلام) ثم الاوصياء أفضل الام ووصيه أفضل الاوصياء (عليهم السلام) ثم الشهداء أفضل الامم بعد الاوصياء وحمزة سيدالشهداء، وجعفر ذو الجناحين يطير مع الملائكة لم ينحله الله شهيدا قط قبله (رحمة الله عليهم أجمعين) " اولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما " ثم السبطان حسنا وحسينا، والمهدي (عليهم السلام) والتحية والاكرام، جعلهم الله

___________________________________

(1) هكذا في المصدر والعبارة غامضة.

(2) تفسير فرات الكوفي: ص 29. (*)

[530]

ممن ينثاء أهل البيت(1).

وقال: حدثني محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن سليمان الديلمي قال: كنت عند أبي عبدالله.

(عليه السلام) إذ دخل عليه أبوبصير وقد أخذه النفس فلما أن أخذ مجلسه قال أبوعبدالله (عليه السلام) يا أبا محمد ما هذا النفس العالية؟ قال: جعلت فداك يابن رسول الله كبرت سني ودق عظمي واقترب أجلي ولست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي، فقال أبوعبدالله: يا أبا محمد وإنك لتقول هذا؟ قال: وكيف لا أقول هذا فذكر كلاما ثم قال: يا ابا محمد لقد ذكركم الله في كتابه المبين " اولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " فرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآية النبيين ونحن في هذا الموضع الصديقين والشهداء، وأنتم الصالحون فسموا بالصلاح كما سماكم يا أبا محمد(2).

يأيها الذين ء‌امنوا خذروا حذركم: فتيقظوا واستعدوا للاعداء.

الحذر والحذر كالاثر والاثر، وقيل: ما يحذر به كالحزم والسلاح، ويؤيده ما رواه في مجمع البيان، عن أبي جعفر (عليه السلام): أن معناه خذوا أسلحتكم(3).

فانفزوا: فاخرجوا إلى الجهاد.

ثبات: جماعات متفرقة، جمع ثبة، من ثبت على فلان تثبته، إذا ذكرت متفرق محاسنه، ويجمع أيضا على ثبين جبرا لما حذف من عجزه. أو انفروا جميعا: مجتمعين كوكبة واحدة.

وروي في مجمع البيان، عن أبي جعفر (عليه السلام): أن المراد بالثبات السرايا، وبالجميع العسكر(4).

___________________________________

(1) تفسير فرات الكوفي: ص 35 وفيه الحسين بدل الحسن.

(2) تفسير فرات الكوفي ص 36 وفيه القسم بدل القاسم.

(3) مجمع البيان: ج 3 ص 73 عند تفسيره لآية 71 من سورة النساء، قال: أن معناه خذوا أسلحتكم، سمى الاسلحة حذرا، لانها الآلة بها يتقي الحذر وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) وغيره.

(4) مجمع البيان: ج 3 ص 73 في تفسيره لآية 71 من سورة النساء. (*)

[531]

[ وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصبتكم مصيبة قال قد أنعم الله على إذلم أكن معهم شهيدا(72) ولئن أصبكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما(73) * فليقتل في سبيل الله الذين يشرون الحيوة الدنيا بالاخرة ومن يقتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما(74) ] والاية إن نزلت في الحرب، لكن يقتضي إطلاق لفظها وجوب المبادرة إلى الخيرات كلها كيف ما أمكن قبل الفوات.

وإن منكم لمن ليبطئن: الخطاب لعسكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المؤمنين منهم والمنافقين، والمبطئون منافقوهم تثاقلوا وتخلفوا عن الجهاد، من بطأ بمعنى إبطاء، وهو لازم، أو ثبطوا غيرهم كما ثبط ابن ابي ناسا يوم احد من بطأ منقولا من بطئ، كثقل من ثقل، واللام الاولى اللابتداء دخلت على اسم إن للفصل، والثانية جواب قسم محذوف، والقسم بجوابه صلة " من " والراجع إليه ما استكن في " ليبطئن " والتقدير: وإن منكم من لا قسم بالله ليبطئن. فإن أصبتكم مصيبة: كقتل وهزيمة.

قال قد أنعم الله على إذلم أكن معهم شهيدا: أي المبطئ حاضرا فيصيبني ما أصابهم.

وفي مجمع البيان: عن الصادق (عليه السلام): لو أن أهل السماوات والارض قالوا: قد أنعم الله علينا إذ لم أكن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لكانوا

[532]

بذلك كفارا مشركين(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم، والعياشي: عن الصادق (عليه السلام): لو قال هذه الكلمة أهل الشرق والغرب لكانوا بها خارجين من الايمان، ولكن الله سماهم مؤمنين بإقرارهم(2)(3).

وفي رواية سماهم مؤمنين بإقرارهم.

وفي رواية سماهم مؤمنين، وليسواهم بمؤمنين ولا كرامة(4).

ولئن أصبكم فضل من الله: كفتح وغنيمة.

ليقولن أكده تنبيها على فرط تحسرهم. وقرئ بضم اللام إعادة للضمير على المعنى.

كأن لم تكن: وقرأ ابن كثير وحفص، عن عاصم ورويس، عن يعقوب. بالتاء لتأنيث لفظ المودة.

بينكم وبينه مودة: اعتراض بين الفعل ومفعوله، وهو.

يليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما: تنبيه على ضعف عقيدتهم، وإن قولهم هذا قول من لا مواصلة بينكم وبينه، وإنما يريد أن يكون معكم لمجرد المال، أو حال عن الضمير في " ليقولن " أي حال كونهم لا مودة وبينكم، بناء على أنه إنما يردى أن يكون معهم لمجرد المال، أو داخل في المقول، أي يقول المبطئ لمن يثبطه من المنافقين وضعفة المسلمين تضريبا وحسدا، كأن لم يكن بينكم وبين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مودة، حيث لم يستعن بكم فتفوزوا بما فاز، يا ليتني كنت معهم.

والقول باتصاله بالجملة الاولى ضعيف، إذ لا يفصل أبعاض الجملة بما لا يتعلق بها لفظا ومعنى، و " كأن " مخففة واسمه ضمير الشأن المحذوف والمنادى في " يا ليتني " محذوف، أي يا قوم.

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 74 في تفسيره لآية 72 من سورة النساء.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 143 س 4 في تفسيره لآية 72 من سورة النساء.

(3 و 4) تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 191. (*)

[533]

وقيل: " يا " للتنبيه على الاتساع " فأفوز " نصب على جواب التمني.

وقرئ بالرفع على تقدير، فأنا أفوز في ذلك الوقت، أو العطف على " كنت ".

فليقتل في سبيل الله الذين يشرون الحيوة الدنيا: أي يبيعونها.

بالاخرة: يعني إن بطأ هؤلاء عن القتال، فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة، أو فليقاتل الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة، وهم المبطئون، والمقصود حثهم على ترك ما حكى عنهم.

ومن يقتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما: وعد له الاجر العظيم غلب او غلب، ترغيبا في القتال، وتكذيبا لقولهم " قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ".

وإنما قال: " فيقتل أو يغلب " تنبها على أن المجاهد ينبغي أن يثبت في المعركة حتى يعز نفسه بالشهادة، أو الدين بالظفر والغلبة، وأن لا يكون قصده بالذات إلى القتل، بل إغلاء الحق واعزاز الدين(1).

وفي كتاب الخصال: عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فوق كل بربر حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله ليس فوقه بر(2).

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله إلا الدين لا كفارة له إلا أداؤه أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له عليه الحق(3).

وعن الصادق (عليه السلام): من قتل في سبيل الله لم يعرفه الله شيئا من سيئاته(4).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله): للشهيد سبع خصال من الله، أول

___________________________________

(1) من قوله: (وقرأ ابن كثير) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 229، فراجع.

(2) الخصال: ص 9 باب الواحد، (بر ليس فوقه بر وعقوق ليس فوقه عقوق) ح 31 وتمام الحديث (وفوق كل عقوق عقوق حتى يقتل الرجل أحد والديه، فإذا قتل أحد هما فليس فوقه عقوق).

(3) الخصال: ص 12 باب الواحد (كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله.) ح 42.

(4) الكافي: ج 5 ص 54، كتاب الجهاد، باب فضل الشهادة ح 6. (*)

[534]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336855

  • التاريخ : 29/03/2024 - 01:08

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net