00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (22 - 29) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 22 - 29

[ ولا تنكحوا ما نكح ء‌اباؤكم من النساء إلا ماقد سلف إنه كان فحشة ومقتا وسآء سبيلا(22) ]

والحال أنه وصل إليها بالملامسة ودخل بها وتقرر المهر. وأخذن منكم ميثقا غليظا: عهدا وثيقا.

في مجمع البيان: عن الباقر (عليه السلام): هو العهد المأخوذ على الزوج حالة العقد: من إسماك بمعروف أو تسريح بإحسان(1).

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " وأخذن منكم ميثاقا غليظا "؟ قال: الميثاق هي الكلمة التي عقد بها النكاح، وأما غليظا فهو ماء الرجل يفضيه إليها(2).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أخذ تموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله(3).

ولا تنكحوا ما نكح ء‌ابآؤكم: أي التي نكحها آباؤكم.

وإنما ذكر " ما " دون (من)، لانه اريد به الصفة، أو إشارة إلى نقصان عقولهن.

___________________________________

(1) مجمع البيان: 3 ص 26 عند نقل المعنى لآية 20 من سورة النساء، قال: عن الحسن وابن سيرين والضحاك وقتادة والسدي، وهوالمروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

(2) الكافي: ج 5 ص 560 كتاب النكاح، باب نوادر ح 19.

(3) رواه في الدر المنثور: ج 2 ص 468 في تفسيره للآية عن ابن أبي شيبة عن عكرمة ومجاهد.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده: ج 5 ص 73 س 10 عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مسندا.

ورواه في مجمع البيان: ج 3 ص 26 عند تفسيره لآية 21 من سورة النساء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرسلا. (*)

[401]

وقيل: ما مصدرية على إرادة المفعول من المصدر.

من النسآء: بيان ما نكح على الوجهين.

إلا ماقد سلف: استثناء من المعنى اللازم للنهي، كأنه قيل: تستحقون العقاب بنكاح منكوحة آبائكم إلا ما قد سلف. أو من اللفظ للمبالغة في التحريم والتعميم.

كقوله:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب(1)

والمعنى: ولا تنكحوا حلائل آبائكم إلا سلف إن أمكنكم أن تنكحوه.

وقيل: الاستثناء منقطع، ومعناه لكن ما قد سلف، فإنه لا مؤاخذة عليه(2).

وفي تفسير العياشي: عن الباقر (عليه السلام) يقول الله تعالى: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " فلا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده(3).

وفيه: عن الحسين بن زيد قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: إن الله حرم علينا نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول الله (تبارك وتعالى): " ولاتنكحوا مانكح أباؤكم من النساء "(4).

وفي عيون الاخبار في باب ماجاء عن الرضا (عليه السلام) في قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا ابن الذبيحين، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): وكانت لعبد المطلب خمس من السنن أجراها الله تعالى في الاسلام: حرم

___________________________________

(1) هو من قصيدة للنابغة الذبياني يمدح بها النعمان بن الحرث، والضمير في (فيهم)، وفي (سيوفهم) يرجع إلى جيش النعمان، وفي (بهن) إلى قوله: سيوفهم، والفلول بالفاء كفلوس جمع فل وهو الكسر في حد السيف، والقراع بالقاف والراء والعين المهملتين ككتاب بمعنى الضرب، و (الكتائب) جمع كتيبة، وهي بالمثناة والياء والموحدة كسفينة الجيش (جامع الشواهد: ص 329 باب الواو بعده اللام).

(2) من قوله: وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 211، لا حظ تفسيره لاية 21 - 22 من سورة النساء.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 230 ح 69.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 230 ح 70. (*)

[402]

[ حرمت عليكم أمهتكم وبناتكم وأخوتكم وعمتكم وخلتكم وبنات الاخ وبنات الاخت وأمهتكم التى أرضعنكم وأخوتكم من الرضعة وأمهت نسآئكم وربئبكم التى في حجور كم من نسآئكم التى دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلئل أبنآئكم الذين من أصلبكم وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما(23) ]

نساء الآباء على الابناء(1). إنه كان فحشة ومقتا) علة للنهي، أي أن نكاحهن كان فاحشة عندالله، ما رخص فيه لامة من الامم، ممقوتا عند ذوي المروآت، ولذلك سمي ولد الرجل من زوجة أبيه المقتى(2).

وسآء سبيلا: سبيل من يراه ويفعله، وقد مر سبب نزولها.

حرمت عليكم أمهتكم وبناتكم وأخوتكم وعمتكم

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 212 باب 18 ماجاء عن الرضا (عليه السلام) في قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا ابن الذبيحين وتمام الحديث (سن الدية في القتل مائة من للابل، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس، وسمى زمزم حين حفرها سقاية الحاج).

(2) الزجاج في قوله تعالى: " انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا " قال: المقت أشد البغض. المعنى: أنهم (*)

[403]

وخلتكم وبنات الاخ وبنات الاخت: المراد تحريم نكاحهن لانه معظم ما يقصد منهن، ولانه المتبادر إلى الفهم.

والامهات تعم من ولدتك أو ولدت من ولدك، وإن علت. والبنات تتناول من ولدتها، أو ولدت من ولدها وإن سفلت. والاخوات تشمل الاخوات من الاوجه الثلاثة، وكذا الباقيات. والنعمة كل انثى ولدها من ولد ذكرا ولدك.

والخالة كل انثى ولدها من ولد انثى ولدتك قريبا أو بعيدا. وبنات الاخ وبنات الاخت تتناول القربى والبعدى.

وأمهتكم التى أرضعنكم وأخوتكم من الرضعة: سما هما اما واختا، لانه قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب(1) وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): للرضاع لحمة كلحمة النسب(2) فعم التحريم. وأمهت نسآئكم: وإن علون.

وربئبكم التى في حجوركم من نسائكم التى دخلتم بهن: أي دخلتم بهن في الستر، وهي كناية عن الجماع.

والربائب جمع ربيبة، والربيب ولد المرأة من آخر، سمي به لانه يربه كما يربي ولده، في غالب الامر فعيل بمعنى مفعول، وإنما لحقته التاء، لانه صار اسما، و " اللاتي في حجوركم " صفة لها، وفائدتها تقوية العلة وتكميلها.

والمعنى أن الربائب إذا كانت في احتضانكم، قوى الشبه بينها وبين أولادكم، فصارت أحقاء بأن تجروها مجراهم، لا تقييد الحرمة، و " اللاتي دخلتم بهن " صفة للنساء، والثاني مقيدة للفظ والحكم، ولا يجوز أن يكون صفة للنساء‌ين، لان عاملهما مختلف.

___________________________________

(1) اعلموا أن ذلك في الجاهلية كان يقال له مقت، وكان المولود عليه يقال له: المقتي (لسان العرب: ج 2 ص 90 في لغة مقت).

(1) عوالي اللآلئ: ج 1 ص 44 ح 55، وفي: ج 2 ص 268 ح 22 ولفظه (إن الله حزم من الرضاعة ما حرم من النسب) وفي مجمع البيان: ج 3 ص 28 نحوه.

(2) نقله في الصافي: ج 1 ص 403، ولم نعثر عليه في كتب الاخبار. (*)

[404]

فالحاصل من مضمون الآية: أن امهات النساء حرام مطلق، دخل بالنساء أم لم يدخل إذا عقد عليها، ولا يحرم بنات النساء إلا إذا دخل بالامهات.

ففي من لا يحضره الفقيه، والتهذيب: عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالام، فإذا لم يدخل بالام فلا بأس أن يتزوج بالابنة.

وإذا تزوج الابنة فدخل بها أولم يدخل بها فقد حرمت عليه الام(1).

وقال (عليه السلام): الربائب حرام كن في الحجر، أو لم يكن(2).

وفي رواية اخرى قال: الربائب عليكم حرام مع الامهات اللاتي قد دخلتم بهن، هن في الحجور وغير الحجور سواء والامهات مبهمات دخل بالبنات أولم يدخل بهن فحرموا وابهموا ما أبهم الله(3).

فما ورد عنهم (عليهم السلام) بخلاف ذلك محمول على التقية لموافقته العامة ومخالفته القرآن.

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن خالد بن حريز، عن أبي الربيع قال: سئل أبوعبدالله (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة فمكث أياما لا يستمتعها غير أنه قد رأى منها ما يحرم على غيره ثم يطلقها أيصلح له أن يتزوج ابنتها؟ فقال: لا يصلح له وقد رأى من امها ما رأى(4).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معلى بن الحكيم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل كانت له جارية فعتقت فتزوجت فولدت أيصلح لمولاها الاول أن يتزوج ابنتها؟ قال: هي حرام عليه وهي ابنته والحرة والمملوكة في هذا سواء قرأ هذه الآية: " وربائبكم

___________________________________

(1) التهذيب: ج 7 ص 273 باب 25 من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام، ح 2.

(2) من الايحضره الفقيه: ج 3 ص 262 باب ما أحل الله (عزوجل) من النكاح وما حرم منه ح 33.

(3) التهذيب: ج 7 ص 273 باب 25 من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام ح 1.

(4) الكافي: ج 5 ص 423 باب الرجل يتزوج المرأة فيطلقها او تموت قبل ان يدخل بها او بعده فيتزوج امها او بننها ح 5. (*)

[405]

اللاتي في حجوركم من نسائكم "(1).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) مثله(2).

أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضربن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام): في الرجل يكون له الجارية يصيب منها أله أن ينكح ابنتها؟ قال: لا هي مثل قول الله (عزوجل): " وربائبكم اللاتي في حجوركم "(3).

أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له: رجل طلق امر أته فبانت منه ولها ابنة مملوكة فاشتراها، أيحل له أن يطأها؟ قال: لا.

وعن الرجل تكون عنده المملوكة وابنتها، فيطأ إحداهما فتموت وتبقى الاخرى، أيصلح له أن يطأها؟ قال: لا(4).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: إن الخوارج زعمت أن الرجل إذا كانت لاهله بنت ولم يربها ولم يكن في حجره، حلت له، لقول الله: " اللاتي في حجوركم " ثم قال الصادق (عليه السلام): لا تحل له(5).

فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلاجناح عليكم: تصريح بعد إشعار، دفعا للقياس.

وفي الكافي: أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 433 باب الجمع بين الاختين من الحرائر والاماء، ح 10 وفيه (ثم قرأهذه الآية).

(2) الكافي: ج 5 ص 433 باب الجمع بين الاختين من الحرائر والاماء، ح 11.

(3) الكافي: ج 5 ص 433 باب الجمع بين الاختين من الحرائر والاماء، ح 12.

(4) الكافي: ج 5 ص 433 كتاب النكاح باب الجمع بين الاختين من الحرائر والاماء ح 13.

(5) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 135 عند تفسيره لاية 23 من سورة النساء. (*)

[406]

يدخل بها، يتزوج بامها؟ فقال أبوعبدالله (عليه السلام): قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا، فقلت: جعلت فداك ما تفخر الشيعة إلا بقضاء علي (عليه السلام) في هذه الشمخية التي أفتاها ابن مسعود أنه لا بأس بذلك، ثم أتى عليا (عليه السلام) فسأله، فقال له علي (عليه السلام) من أين أخذتها؟ قال: من قول الله (عزوجل): " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم " فقال علي (عليه السلام): إن هذه مستثناة وهذه مرسلة وامهات نسائكم فقال أبوعبدالله (عليه السلام): أما تسمع ما يروى هذا عن علي (عليه السلام)، فلما قمت ندمت وقلت: أي شئ صنعت يقول: قد فعله رجل منا فلم نربه بأسا، وأقول أنا: قضى علي (عليه السلام) قضى بها، فلقيته بعد ذلك فقلت: جعلت فداك مسألة الرجل إنما كان الذي قلت، يقول كان زلة مني فما تقول فيها؟ فقال: يا شيخ تخبرني أن عليا (عليه السلام) قضى بها وتسألني ما تقول فيها(1)(2)

___________________________________

(1) قوله (في الشمخية) يحتمل أن تسميتها بها، لانها صارت سببا لافتخار الشيعة على العامة، وقال الوالد العلامة: إنما المسألة بالشمخية بالنسبة إلى ابن مسعود، فإنه عبدالله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ، أو لتكبر ابن مسعود فيها عن متابعة أميرالمؤمنين (عليه السلام)، يقال: شمخ بأنفه، أي تكبر وارتفع.

والتقية ظاهر من الخبر انتهى.

وأقول: أكثر علماء الاسلام على أن تحريم امهات النساء ليس مشروطا بالدخول بالنساء لقوله تعالى: " وامهات نسائكم " الشامل للمدخول بها وغيرها، والاخبار الواردة في ذلك كثيرة.

وقال ابن عقيل منا، وبعض العامة: لا تحرم الامهات إلا بالدخول ببناتهن كالبنات، وجعلوا الدخول المعتبرة في الآية متعلقا بالمعطوف والمعطوف عليه جميعا والصحيحة جميل بن دراج وحماد وغيره، وأجاب الشيخ عن الاخبار بأنها مخالفة للكتاب، إذ لا يصح العود إليهما معا، وعلى تقدير العود إلى الاخيرة تكون (من) في ابتدائية وعلى تقدير العود إلى الاولى بيانية، فيكون من قبيل عموم المجاز وهو لا يصح، وقيل: يتعلق الجار بهما ومعناه مجرد الاتصال على حد قوله تعالى: " المنافقون بعضهم من بعض " ولا ريب أن امهات النساء متصلات بالنساء، ولا يخفى أنه إيضا خلاف الظاهر، ولا يكون الاستدلال إلا به (مرآة العقول: ج 3 ص 473).

(2) الكافي: ج 5 ص 422 كتاب النكاح باب الرجل يتزوج المرأة فيطلقها أو تموت قبل أن يدخل بها أو بعده فيتزوج امها أو بنتها ح 4. (*)

[407]

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج وحماد بن عثمان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الام والابنة سواء إذا لم يدخل بها، إذا تزوج المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فإنه إن شاء تزوج امها وإن شاء تزوج ابنتها(1).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يتزوج المرأة متعة، أيحل له أن يتزوج ابنتها؟ قال: لا(2).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن رجل تزوج امرأة، فنظر بعض جسدها، أيتزوج ابنتها؟ قال: لا إذا رأى منها ما يحرم على غيره فليس له أن يتزوج ابنتها(3).

أقول: قد ذكرنا أن ما ورد عنهم (عليهم السلام) بخلاف ما يدل عليه ظاهر القرآن والاخبار الصحيحة، محمول على التقية، لموافقة العامة، ومخالفة القرآن، وقد رد شيخ الطائفة في التهذيب الاحاديث المتضمنة لعدم تحريم الام بدون الدخول بالبنت، للشذوذ ومخالفة ظاهر الكتاب، قال: وكل حديث ورد هذا المورد فإنه لا يجوز العمل عليه، لانه روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الائمة (عليهم السلام) أنهم قالوا: إذا جاء‌كم حديث عنا فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف فاطر حوه أو ردوه علينا(4).

وحلئل أبنآئكم: زوجاتهم. سميت الزوجة حليلة لحلها، أو لحلولها مع الزوج.

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 421 كتاب النكاح، باب الرجل. ح 1.

(2) الكافي: ج 5 ص 422 كتاب النكاح، باب الرجل. ح 2.

(3) الكافي: ج 5 ص 422 كتاب النكاح، باب الرجل. ح 3.

(4) التهذيب: ج 7 ص 275 باب 25 من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام ذيل ح 5 و 6. (*)

[408]

الذين من أصلبكم: احترازا عن المتبني، لا عن أبناء الولد، فإنهم الاولاد للصلب فيشملونهم وإن سفلوا.

في الكافي والتهذيب: عن الصادق (عليه السلام): في الرجل يكون عنده الجارية يجردها وينظر إلى جسدها نظر شهوة هل تحل لابيه؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه؟ قال: إذا نظر إليها نظر شهوة، ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه، وإن فعل ذلك الابن لم تحل للاب(1).

وفي الكافي: عن الباقر (عليه السلام) في حديث: هل كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حليلتي الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ فإن قالوا: نعم كذبوا وفجروا، وإن قالوا: لا فهما أبناء لصلبه(2).

وفي هذا الخبر دلالة على أن ولد البنت ولد الصلب، وحليلته تحرم على الجد.

وفي الخبر الاول دلالة على تحريم حليلة الابن وإن لم يدخل بها الابن.

وأن تجمعوا بين الاختين: في موضع الرفع عطفا على المحرمات، والحرمة غير مقصورة على النكاح بل يشمل النكاح وملك اليمين.

وفي كتاب علل الشرائع: باسناده إلى مروان بن دينار قال: قلت لابي إبراهيم (عليه السلام) لاي علة لا يجوز للرجل ان يجمع بين الاختين في عقد واحد فقال لتحصين الاسلام وفي سائر الاديان ترى ذلك.

وفي الكافي: عن الصادق (عليه السلام): في رجل طلق امرأته أو اختلعت، أو بارء‌ت أله أن يتزوج باختها؟ قال: إذا برأت عصمتها ولم يكن عليها رجعة، فله أن يخطب اختها.

وفي رجل كانت عنده اختان مملوكتان فوطأ إحداهما ثم وطأ الاخرى، قال: إذا وطأ الاخرى فقد حرمت عليه الاولى حتى تموت الاخرى،

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 418 باب ما يحرم على الرجل مما نكح ابنه وأبوه وما يحل له ح 2، والتهذيب: ج 8 ص 212 باب 9 السراري وملك الايمان ح 64، ولفظ الحديث مع مافي التهذيب مختلف والمقصود واحد وما نقله في المتن موافق للتهذيب، فلا حظ.

(2) لم نعثر عليه في الكافي، ورواه في الوسائل عن الاحتجاج، لا حظ الوسائل: ج 14 ص 316 كتاب النكاح باب 2 من أبواب المصاهرة، ح 12. (*)

[409]

قلت: أرأيت إن باعها أتحل له الاولى؟ قال: إن كان يبيعها لحاجة ولا يخطر على قلبه من الاخرى شئ، فلا أرى بذلك بأسا، وإن كان إنما يبيعها ليرجع إلى الاولى، فلا ولا كرامة(1).

وفي التهذيب: عنه عن أبيه (عليهما السلام) في اختين مملوكتين تكونان عند الرجل جميعا؟ قال: قال علي (عليه السلام): أحلتهما آية وحرمتهما آية اخرى، وأنا أنهى عنها نفسي وولدي انتهى(2).

والآية المحللة قوله سبحانه: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم "(3).

والآية المحرمة هي قوله (عزوجل): " وأن تجمعوا بين الاختين ".

وجعل في التهذيب مورد الحل الملك ومورد الحرمة الوطئ(4).

ومما يدل على أن موردهما واحد ما رواه فيه عن الباقر (عليه السلام): أنه سئل عما يروي الناس عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) عن أشياء من الفروج لم يكن يأمر بها ولا ينهى عنها إلا نفسه وولده، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: أحلتها أية وحرمتها اخرى، فقيل: هل الآيتان أن تكون إحداهما نسخت الاخرى، أم هما محكمتان ينبغي أن يعمل بهما؟ فقال: قد بين لهم إذ نهى نفسه وولده، قيل: ما منعه أن يبين ذلك للناس؟ قال: خشي أن لا يطاع، ولو أن أميرالمؤمنين ثبتت قدماه أقام الكتاب كله والحق كله، انتهى(5).

ووجه أنه (عليه السلام) لم يصرح بالحق، أن عثمان عليه ما عليه رجح التحليل

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 432 كتاب النكاح باب الجمع بين الاختين من الحرائر والاماء، ح 7.

(2) التهذيب: ج 7 ص 289 باب 25 من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام ح 51.

(3) المؤمنون: 6.

(4) التهذيب: ج 7 ص 289 باب 25 من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام ذيل ح 51.

(5) التهذيب: ج 7 ص 463 باب 41 من الزيادات في فقه النكاح ح 64. (*)

[410]

في وطئ الاختين المملوكتين كما نقلوا عنه(1).

إلا ما قد سلف استنثاء من لازم المعنى، أو منقطع، معناه: لكن ما سلف مغفور له.

إن الله كان غفورا رحيما: أي يغفر لما سلف منهم قبل الاسلام من الجمع بين الاختين، فإن الاسلام يجب ما قبله.

وفي كتاب الخصال: عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام) أنه قال: سئل أبي (عليه السلام) عما حرم الله (عزوجل) من الفروج في القرآن وعما حرمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سنته؟ فقال: الذي حرم الله (عزوجل) من ذلك: أربعة وثلاثون وجها، سبعة عشر في القرآن، وسبعة عشر في السنة، وأما التي في القرآن فالزنا، قال الله (عزوجل): " ولا تقربوا الزنا "(2) ونكاح امرأة الاب، قال الله (عزوجل): " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " و " امهاتكم وبناتكم واحواتكم وعما تكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الاخت وامهاتكم اللاتي أرضعنكم واخواتكم من الرضاعة وامهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف "، والحائض حتى تطهر قال الله (عزوجل): " ولا تقربوهن حتى يطهرن "(3) والنكاح في الاعتكاف، قال الله (عزوجل): " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد "(4).

فأما التي في السنة فالمواقعة في شهر رمضان نهارا، وتزويج الملا عنة بعد اللعال.

والتزويج في العدة والمواقعة في الاحرام. والمحرم يتزوج أو يزوج، والمظاهر قبل أن

___________________________________

(1) قال البيضاوي: ج 1 ص 213 عند تفسيره لقوله تعالى: " إلا مالمكت ايمانكم ": ما لفظه (وقوله: أو ما ملكت أيمانكم، فرجح علي كرم الله وجهه التحريم وعثمان رضي الله عنه التحليل، وقول علي أظهر، لان آية التحليل مخصوصة في غير ذلك، ولقوله (عليه الصلاة والسلام): ما اجتمع الحلال أظهر، لان آية التحليل مخصوصة في غير ذلك، ولقوله (عليه الصلاة والسلام): ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام).

(2) الاسراء: 32.

(3) البقرة: 222.

(4) البقرة: 187. (*)

[411]

[ * والمحصنت من النسآء إلا ما ملكت أيمنكم كتب الله عليكم وأحل لكم ما ورآء ذلكم أن تبتغوا بأمولكم محصنين غير مسفحين فما استمتعتم به منهن فا توهن أجور هن فريضة ولا جناح عليكم فيما ترضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما(24) ]

يكفر، وتزويح المشركة، وتزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات، وتزويج الامة على الحرة، وتزويج الذمية على المسلمة، وتزويج المرأة على عمتها، وتزويج الامة من غير إذن مولاها، وتزويج الامة لمن يقدر على تزويج الحرة، والجارية من السبي قبل القسمة، والجارية المشتركة. والجارية المسترابة قبل أن يستبرئها، والمكاتبة التي قد أدب بعض المكاتبة(1).

والمحصنت من النسآء: ذوات الازواج، احصنهن التزويج، أو الازواج.

وقرأ الكسائي في جميع القرآن غير هذا الحرف بكسر الصاد، لانهن أحصن فروجهن.

وفي من لا يحضره الفقيه، وتفسير العياشي: عن الصادق (عليه السام) من ذوات الازواج(2).

إلا ما ملكت أيمانكم: من اللاتي سبين ولهن أزواج كفار، فإنهن حلال

___________________________________

(1) الخصال: ص 532 أبواب الثلاثين وما فوقه (الفروج المحرمة في الكتاب والسنة على أربعة وثلاثين وجها) ح 1.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 276 باب 129 الاحصان قطعة من ح 2، وتفسير العياشي: ج 1 ص 232 ح 81. (*)

[412]

للسابين، والنكاح مرتفع بالسبي كما في مجمع البيان عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)(1)، واللائي اشترين ولهن أزواج، فإن بيعهن طلاقهن، كما في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في عدة روايات(2) واللائي تحت العبيد فيأمرهم مواليهم بالاعتزال، ويستبرئوهن ثم يمسو هن بغير نكاح.

عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانك "، قال: هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته، فيقول له: اعتزل امر أتك ولا تقربها ثم يحبسها عنه حتى تحيض ثم يمسها (فإذا)(3) حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح(4).

كتب الله عليكم: مصدر لفعل محذوف، أي كتب الله عليكم تحريم هؤلاء كتابا.

وقرئ " كتب الله " بالجمع والرفع، أي هذه فرائض الله عليكم، وكتب الله بلفظ الفعل.

وأحل لكم: عطف على الفعل المضمر الذي نصب كتاب الله.

وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم على البناء للمفعون عطفا على " حرمت ".

ما ورآء ذلكم: سوى المحرمات الثمان المذكورة، وخرج عنه بالسنة ما في معنى المذكورات، كسائر محرمات الرضاع، والجمع بين المرأة وعمتها وخالتها بغير إذنها.

في الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن (الحسن)(5) بن

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 31 عند تفسيره لآية 24 من سورة النساء قال: (من سبي من كان له زوج عن علي عليه السلام).

(2) الكافي: ج 5 ص 483 كتاب النكاح باب الرجل يشتري الجارية ولها زوج حر أو عبد، فلا حظ.

(3) في النسخة - أ: (إذا) والصحيح ما أثبتناه.

(4) الكافي: ج 5 ص 481 كتاب النكاح باب الرجل يزوج عبده امته ثم يشتهيها، ح 2.

(5) في النسخة - أ - (الحسين) والصحيح ما أثبتناه من المصدر وكب الرجال. (*)

[413]

علي بن فضال، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا تزوج ابنة الاخ ولا ابنة الاخت على العمة ولا على الخالة إلا بإذنهما. وتزوج العمة والخالة على ابنة الاخت بغير اذنهما(1).

عدة من أصحابنا: عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ابي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) قال: لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها إلا بإذن العمة والخالة(2).

وفي تهذيب الاحكام: محمد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى ابن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سألته عن امرأة تزوجت على عمتها وخالتها؟ قال: لا بأس، وقال: تزوج العمة والخالة على ابنة الاخ وابنة الاخت، ولا تزوج بنت الاخ والاخت على العمة والخالة إلا برضا منهما، فمن فعل فنكاحه باطل(3).

وأما ما رواه في عوالي اللآلئ: عن علي بن جعفر قال: سألت أخي موسى (عليه السلام) عن الرجل يتزوج المرأة على عمتها وخالتها؟ قال: لا بأس، لان الله (عزوجل) يقول: " واحل لكم ما وراء ذلكم "(4).

فمحول على أنه إذا كان التزوج بإذنهما. أن تبتغوا بأمولكم محصنين غير مسفحين. مفعول له.

والمعنى: احل لكم ما رواء ذلكم إرادة أن تبتغوا النساء بأموالكم بالصرف في مهورهن، أو أثما نهن في حال كونكم محصنين غير مسافحين.

ويجوز أن لا يقدر مفعول تبتغوا، وكأنه قيل: إرادة أن تصرفوا أموالكم محصنين غير مسافحين.

أو بدل " من وراء ذلكم " بدل الاشتمال.

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 424 كتاب النكاح باب المرأة تزوج على عمتها أو خالتها، ح 1.

(2) الكافي: ج 5 ص 424 كتاب النكاح باب المرأة تزوج على عمتها أو خالتها، ح 2.

(3) التهذيب: ج 7 ص 333 باب 29 نكاح المرأة وعمتها وخالتها وما يحرم من ذلك وما لا يحرم ح 5.

(4) عوالي اللآلئ: ج 2 ص 328. (*)

[414]

والاحصان، العفة، لانها تحصن النفس عن اللوم والعقاب. والسفاح، الزنا، من السفح، وهو صب المني فإنه الغرض منه.

فما استمتعتم به منهن: فمن تمتعتم به من المنكوحات. أو فما استمتعتم به منهن من جماع أو عقد عليهن.

فاتوهن أجور هن: مهور هن، سمي أجرآ لانه في مقابلة الاستمتاع.

فريضة: حال من الاجور، بمعنى مفروضة، أو صفة مصدر محذوف، اي إيتاء مفروضا.

أو مصدر خذف عامله(2)، أي فرض ذلك الايتاء فريضة، ناب عن فعله.

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن الحسن ابن رباط، عن حريز، عن عبدالرحمان بن أبي عبدالله قال: سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال: أي المتعتين تسأل؟ فقال: سألتك عن متعة الحج، فأنبئني عن متعة النساء هي حق؟ فقال: سبحان الله اما تقرأ كتاب الله؟ " فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجور هن فريضة " فقال أبوحنيفة: والله لكأنها آية أقرأها قط(2).

عدة من أصحابنا: عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال: نزلت في القرآن: " فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة "(3)(4).

___________________________________

(1) من قوله: (مفعول له) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 213، لا حظ تفسيره لآية 24 من سورة النساء.

(2) الكافي: ج 5 ص 449، أبواب المتعة ح 6.

(3) الكافي: ج 5 ص 448، أبواب المتعة ح 1.

(4) قال في المسالك: اتفق المسلمون على أن هذا النكاح كان سائغا في صدر الاسلام، وفعله الصحابة في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وزمن أبي بكر وبرهة من ولاية عمر، ثم نهى عنه وادعى أنه منسوخ، وخالفه جماعة من الصحابة، ووافقه قوم وسكت آخرون، وأطبق أهل البيت (عليهم (*)

[415]

___________________________________

السلام) على بقاء مشروعيته، وأخبارهم فيه بالغة حد التواتر لاتختلف فيه مع كثرة اختلافها في غيره، سيما فيما خالف فيه الجمهور، والقرآن ناطق بشرعيته.

وقد اضطربت رواياتهم في نسخة فروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: كنا نغزوا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس معنا نساء، فقلنا: ألانستخصي، فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، قرأ عبدالله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " " لا حظ صحيح مسلم: ج 2 ص 1022 كتاب النكاح باب 3 نكاح المتعة ح 11 وفيه: (ألانستخصي) " وروى الترمذي عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: إنما كانت المتعة في أول الاسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما ترى أنه يقيم فيحفظ له متاعه وتصلح له شيئه حتى نزلت هذه الآية: " إلا على أزواجهم أو ماملكت ايمانهم " " لا حظ صحيح الترمذي: ج 3 ص 430 كتاب النكاح باب 29 ماجاء في تحريم نكاح المتعة، ح 1122 " ورووا في الصحيحين عن علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الاهلية زمن خيبر " لاحظ صحيح مسلم: ج 2 ص 1027 كتاب النكاح باب 3 نكاح المتعة، ح 29 و 30 و 31 32، ورووا عن سلمة بن الاكوع (رضي الله عنه) قال: رخص لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام، ثم نهى عنها (لا حظ صحيح مسلم: ج 2 ص 1023 كتاب النكاح باب 3 نكاح المتعة، ح 18) ورووا عن سبرة الجهني أنه غزا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتح مكة قال: فأقمنا بها خمسة عشر، فأذن لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في متعة النساء ثم لم يخرج حتى نهانا عنا (لا حظ صحيح مسلم: ج 2 ص 1024 كتاب النكاح باب 3 نكاح المتعة ح 20 و 21 و 22 و 23 وغيرها).

رواه مسلم ورواه أبوداود وأحمد عنه: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع نهى عنها (لا حظ سنن أبي داود: ج 2 ص 226، كتاب النكاح، باب في نكاح المتعة، ح 2072).

فتأمل هذا الاختلاف العظيم في رواية نسخها.

وأين النهي عنها في خيبر، والاذن فيها في الاوطاس، ثم النهي عنها بعد ثلاثة أيام، مع الحكم بأنها كانت سائغة في أول الاسلام إلى آخر ذلك الحديث المقتضي لطول مدة شرعيتها، ثم الاذن فيها في فتح مكة وهي متأخرة عن الجمع، فلزم على هذا أن تكون شرعت مرارا ونسخت كذلك.

ثم لو كان نسخها حقا لما اشتبه ذلك على الصحابة في زمن خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم شاع النهي عنها. وما أحسن ما وجدته في بعض كتب الجمهور: أن رجلا كان يفعلها، فقيل له: عمن أخذت حلها؟ فقال: عن عمر، فقالوا له: وكيف ذلك وعمر هو الذي نهى عنها وعاقب على فعلها؟ ! فقال: لقوله: متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا وأنا احرمهما واعاقب عليهما، متعة الحج ومتعة النساء، فأنا أقبل روايته في شرعيتهما على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا أقبل نهيه من قبل نفسه.

(مرآة العقول: ج 3 ط حجري ص 481).

[416]

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنما نزلت فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى(1) فاتوهن اجورهن فريضة(2).

عدة من أصحابنا: عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة " فقال: ما تراضوا به من بعد النكاح فهو جائز، وما كان قبل النكاح فلا يجوز إلا برضاها وبشئ يعطيها فترضى به(3).

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان يقرأ: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فاتوهن اجورهن فريضة. فقال هو أن تزوجها إلى أجل ثم يحدث شيئا بعد الاجل(4).

عن عبدالله بن سلام، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له: ما تقول في المتعة؟ قال: قول الله: " فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة " إلى اجل مسمى " ولا جناح عليكم فيما ترضيتم به من بعد الفريضة " قال: قلت: جعلت فداك هي من الاربع: قال: ليست من الاربع إنما هي الاجارة(5).

وفيه: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال جابر بن عبدالله، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنهم غزوا معه، فأحل لهم المتعة

___________________________________

(1) هذه زيادة تفسيرية، قرأ بها ابن مسعود أيضا. وليس بمعنى اسقاطها من الكتاب. راجع وصفنا لمصحف ابن مسعود في التمهيد ج 1 ص 257.

(2) الكافي: ج 5 ص 449 كتاب النكاح، أبواب المتعة، ح 3.

(3) الكافي: ج 5 ص 456، كتاب النكاح، ابواب المتعة، ح 3.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 234 ح 87.

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 234 قطعة من ح 88.سس (*)

[417]

ولم يحرمها، وكان علي (عليه السلام) يقول: لولا ما سبقني به ابن الخطاب، يعني عمر، مازنى إلا شفي.

وكان ابن عباس يقول " فما استمتعتم به منهن " إلى اجل مسمى يقول: إذا آتيتموهن اجورهن وهؤلاء يكفرون بها ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحلها ولم بحرمها(1).

ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة: من زيادة في المهر، أو الاجل، أو نتصان فيهما أو غير ذلك مما لا يخالف الشرع.

وفي تفسير العياشي عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في المتعة قال: نزلت هذه " فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة " قال: لا بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الاجل فيما بينكما، تقول: استحللتك بأجل آخر برضا منها، ولا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، وعدتها حيضتان(2).

إن الله كان عليما: بالمصالح. حكيما: فيما شرع من الاحكام.

في الكافي: عن الصادق (عليه السلام): المتعة نزل بها القرآن، وجرت بها السنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)(3).

وفي من لا يحضره الفقيه: عنه (عليه السلام): ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ويستحل متعتنا(4).

واعلم أن عمر عليه ما عليه حرم المتعة، متعة النساء ومتعة الحج بقوله: متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا محرمهما، ومعاقب عليهما، متعة الحج ومتعة النساء(5).

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 233 ح 85 وفي كنز العمال للمتقي الهندي: ج 16 ص 522 ح 45728 وفيه مازنى إلا شقى، بالقاف.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 233 ح 86.

(3) الكافي: ج 5 ص 449 كتاب النكاح، أبواب المتعة ح 5.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 291 باب 143 المتعة ح 1.

(5) كنز العمال: ج 16 ص 519 ح 45715 وص 521 ح 45722. (*)

[418]

وبقوله: ثلاث كن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا محرمهن ومعاقب عليهن، متعة الحج ومتعة النساء، وحي على خير العمل في الاذان(1).

وفي الكافي: جاء عمير الليثي(2) إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال له: ما تقول: في متعة النساء؟ فقال: أحلها الله في كتابه وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهي حلال إلى يوم القيامة، فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا وقد حرمها عمر ونهى عنها؟ فقال: وإن كان فعل، قال: قال: فإني أعيذك بالله من ذلك أن تحل شيئا حرمه عمر، فقال له: فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهلم الا عنك، أن القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن الباطل ماقال صاحبك، قال: فأقبل عبدالله بن عمير فقال: يسرك أن نساء‌ك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن ذلك؟ ! فقال: أعرض عنه أبوجعفر (عليه السلام) حين ذكر نساء‌ه وبنات عمه(3).

وفيه: سأل أبوحنيفة أبا جعفر محمد بن النعمان صاحب الطاق(4) فقال له: يا

___________________________________

(1) رواه المحدث العلامة في الوافي: ص 53 (أبواب وجوه النكاح، باب 54 إثبات المتعة وثوابها) في ضمن بيان حديث (مازنى الاشقي).

(2) هكذا في النسخ، والصحيح (عبدالله بن عمير اليثي) لا حظ كتب الاحاديث والرجال، قال في تنقيح المقال: ج 2 ص 201 تحت رقم 6999 ما لفظه: (عبدالله بن عمير الليثي، كذا في نسخة مصححة، وفي نسخة اخرى.

عبدالله بن عمر مكبرا مضموم العين، وليس له ذكر في كتب رجالنا، نعم عده أبوموسى من الصحابة.

ويدل على ضعفه جدا، وكونه من العامة المعاندين للحق ما رواه الشيخ في باب المتعة من التهذيب، بسند صحيح على المختار، حسن بإراهيم على المشهور، عن محمد ابن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة قال: جاء عبدالله بن عمير الليثي إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال هل: ما تقوله: في المتعة، إلى آخر الحديث كما في المتن).

(3) الكافي: ج 5 ص 449 كتاب النكاح، أبواب المتعة ح 4.

(4) محمد بن علي بن النعمان الاحوال، أبوجعفر، الملقب ب‍ (مؤمن الطاق) قال في الفهرست: محمد بن النعمان الاحول (رحمه الله) يلقب عندنا ب‍ (مؤمن الطاق) ويلقبه المخالفون ب‍ (شيطان الطاق) من أصحاب أبي عبدالله، جعفر بن محمد، وكان ثقة متكلما حاذقا حاضر الجواب له كتب. وفي فهرست ابن النيدم روى عن علي بن الحسين، وأبي جعفر، وأبي عبدالله (عليهم السلام)، وكانت له مع أبي حنيفة حكايات كثيرة، وعن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: أربعة أحب الناس إلي أحياء وأمواتا، بريد بن معاوية العجلي، وزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم، وأبوجعفر الاحول. (تلخيص من تنقيح المقال: ج 3 ص 160 تحت رقم 11147).

[419]

أبا جعفر ما تقول في المتعة، أتزعم أنها حلال؟ قال: نعم، قال: فما يمنعك أن تأمر نساء‌ك يستمتعن ويكسبن عليك(1)؟ فقال له أبوجعفر: ليس كل الصناعات يرغب فيها وإن كانت حلالا، وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم.

ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ، أتزعم أنه حلال؟ قال: نعم، قال: فما يمنعك أن تقعد نساء‌ك في الحوانيت نباذات فيكسبن عليك؟ فقال أبوحنيفة: واحدة بواحدة وسهمك أنفذ، ثم قال: يا أبا جعفر إن الآية التي في (سأل سائل) تنطق بتحريم المتعة(2)، والرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء‌ت بنسخها، فقال له أبوجعفر: يا أبا حنيفة، إن سورة (سأل سائل) مكية وآية المتعة مدنية، وروايتك شاذة ردية.

فقال أبوحنيفة: وآية الميراث أيضا تنطق بنسخ المتعة، فقال له أبو جعفر: قد ثبت النكاح بغير ميراث، فقال أبوحنيفة: من أين قلت ذلك؟ فقال أبو جعفر: لو أن رجلا من المسلمين تزوج با مرأة من أهل الكتاب ثم توفي عنها ما تقول فيها؟ قال: لا ترث منه، فقال: فقد ثبت النكاح بغير ميراث، ثم افترقا(3).

* * *

___________________________________

(1 و 2) وتعدية الكسب ب‍ (على) لعله لتضمين معنى الانفاق ونحوه، والآية التي في " سأل سائل " هي قوله سبحانه: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم ".

وكأنه لم يعرف أن التمتع بها من جملة الازواج، ولما تحدس منه الطاقي أنه لا يقبل منه هذا، عدل إلى جواب آخر، وهو تأخر نزول آية الاباحة عن آية التحريم.

والعائد في (بنسخها) راجع إلى المتعد لا الآية (الوافي: ص 54، أبواب وجوه النكاح، باب إثبات المتعة).

(3) الكافي: ج 5 ص 450 كتاب النكاح، أبواب المتعة ح 8. (*)

[420]

[ ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنت المؤمنت فمن ما ملكت أيمنكم من فتيتكم المؤمنت والله أعلم بإيمنكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وء‌اتو هن أجورهن بالمعروف محصنت غير مسفحت ولا متخذت أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفحشة فعليهن نصف ما على المحصنت من العذاب ذلك لمن خشى العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم(25) ]

ومن لم يستطع منكم طولا: غنى، كذا في مجمع البيان عن الباقر (عليه السلام)(1). وأصله الفضل والزيادة.

أن ينكح المحصنت المؤمنت: في موضع النصب بفعل مقدر، صفة ل‍ " طولا " أي من لم يستطع غنى يبلغ به نكاح المحصنات، أو تطولا.

وجعله بمعنى اعتلاء، أي من لم يستطع منكم أن يعتلي نكاح المحصنات أي الحرائر، أحصنتهن الحرية عن الوطئ بغير عقد، أو عن الزنا.

فمن ما ملكت أيمنكم من فتيتكم المؤمنت: يعني الاماء المؤمنات.

في الكافي: أبان، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 33 في تفسيره لآية 25 من سورة النساء قال: أي لم يجد منكم غنى، عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والسدي، وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام). (*)

[421]

سألته عن الرجل يتزوج الامة؟ قال: لا إلا أن يضطر إلى ذلك(1).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا ينبغي أن يتزوج الرجل الحر، المملوكة اليوم، إنما كان ذلك حيث قال الله (عزوجل): " ومن لم يستطع منكم طولا " والطول المهر، ومهر الحرة اليوم مهر الامة أو أقل(2).

والله أعلم بإيمنكم: فاكتفوا بظاهر الايمان، فإنه العالم بالسرائر، أو بتفاضل ما بينكم من الايمان فرب أمة تفضل الحرة فيه، ومن حقكم أن تعتبروا فضل الايمان لا فضل النسب، والمقصود تأنيسهم بنكاح الاماء ومنعهم عن الاستنكاف منه.

بعضكم من بعض: أنتم ومما ليككم متناسبون، نسبكم من آدم ودينكم الاسلام.

فانكحوهن بإذن أهلهن: أي أربابهن.

وفي من لا يحضره الفقيه: روى داود بن الحصين، عن أبي العباس البقباق قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): يتزوج الرجل بالامة بغير علم أهلها؟ قال: هوزنا، إن الله يقول: " فانكحوهن بإذن أهلهن "(3).

وأما مارواه في تهذيب الاحكام: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يتزوج بأمة بغير إذن مواليها؟ فقال: إن كان لامرأة فنعم، وإن كانت لرجل فلا(4). فمحول على ما إذا كان التزوج بالمتعة.

يدل عليه ما رواه فيه: عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 360، كتاب النكاح، باب الحر يتزوج الامة ح 6.

(2) الكافي: ج 5 ص 360 كتاب النكاح، باب الحر يتزوج الامة ح 7.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 286 باب 141 أحكام المماليك والاماء ح 5.

(4) التهذيب: ج 7 ص 258 باب 24 تفصيل أحكام النكاح ح 40. (*)

[422]

الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا بأس أن يتمتع الرجل بأمة المرأة، فأما الرجل فلا يتمتع بها إلا بأمره(1).

وما رواه في الاستبصار: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا (عليه السلام) أيتمتع بالامة بإذن أهلها؟ قال: نعم، إن الله تعالى يقول: " فانكحوهن بإذن أهلهن "(2).

محمول على ما إذا كان أهلها رجلا.

وء‌اتوهن أجورهن: بإذن أهلهن، فحذف لتقدم ذكره.

أو إلى مواليهن، فحذف للعم بأن المهر للسيد، لانه عوض حقه، فيجب أن يؤدى إليه.

ويحتمل أن يكون الاذن في التزوج كافيا في إيتاء المهور إليهن، فلا يلزم ارتكاب حذف.

بالمعروف: من غير مطل وضرار ونقصان. محصنت: عفائف.

غير مسفحت: غير مجاهرات بالسفاح.

ولا متخذت أخدان: أخلاء في السر.

فإذا أحصن: بالتزويج.

وقرأ أبوبكر وحمزة والكسائي بفتح الهمزة والصاد، والباقون بضم الهمزة وكسر الصاد.

فإن أتين بفحشة: زنا.

فعليهن نصف ما على المحصنت: يعني الحرائر. وقد سبق بهذا المعنى أيضا.

من العذاب: يعني الحد، كما قال تعالى: " وليشهد عذابهما طائفة "(3).

وفي الآية دلالة: على أن الامة لا ترجم، لان الرجم لا ينتصف.

في تفسير علي بن إبراهيم: يعني به الاماء والعبيد إذا زنيا ضربا نصف الحد، فإن عادا فمثل ذلك حتى يفعلوا ذلك ثماني مارت، ففي الثامنة يقتلون. (*)

___________________________________

(1) التهذيب: ج 7 ص 258 باب 24 تفصيل أحكام النكاح ح 41.

(2) الاستبصار: ج 3 ص 146 باب 95 جواز التمتع بالاماء ح 1.

(3) النور: 2. (*)

[423]

قال الصادق (عليه السلام): وإنما صار يقتل في الثامنة، لان الله رحمه أن يجمع عليه ربق الرق وحد الحر(1). وفي الكافي ما في معناه عن الصادق (عليه السلام)(2).

وعن الباقر (عليه السلام): في الامة تزني؟ قال: تجلد نصف حد الحرة كان لها زوج أولم يكن لها زوج(3).

وفي رواية: لا ترجم ولا تنفى(4).

وفي تفسير العياشي: عن القاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله: " فإذا احضن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب " قال: يعني نكاحهن إذا أتين بفاحشة(5).

عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله في الاماء: " إذا احصن " نهن أن يدخل بهن، قلت: فإن لم يدخل بهن فأحدثن حدثا هل عليهن حد؟ قال: نعم، نصف الحر، فإن زنت وهي محصنة فالرجم(6).

عن محمد بن مسلم، عن أحد هما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله (عزوجل) في الاماء: " إذا أحصن "، ما إحصانهن؟ قال: يدخل بهن، قلت: وان لم يدخل بهن ما عليهن حد؟ قال: بلى(7).

عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن المحصنات من الاماء؟ قال هن المسلمات(8).

عن حريز قال: سألته عن المحصن؟ فقال: الذي عنده ما يغنيه(9).

ذالك: أي نكاح الاماء.

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 136 عند تفسيره لآية 25 من سورة النساء.

(2) الكافي: ج 7 ص 235 كتاب الحدود، باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحد ح 7.

(3) الكافي: ج 7 ص 234 كتاب الحدود، باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحد ح 4.

(4) الكافي: ج 7 ص 234 كتاب الحدود، باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحد قطعة من ح 23.

(5 و 6 و 7 و 8 و 9) تفسر العياشي: ج 1 ص 235 ح 96 و 94 و 93 و 92 و 95. (*)

[424]

[ يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم(26) ]

لمن خشى العنت منكم: لمن خاف الوقوع في الزنا. وهو في الاصل انكسار العظم بعد الجبر، مستعار لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة الاثم بأفحش القبائح.

وقيل: المراد به الحد وهدا شرط آخر لنكاح الاماء.

وفي تفسير العياشي: عن عباد بن صهيب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للرجل المسلم أن يتزوج من الاماء إلا من خشي العنت ولا يحل له من الاماء إلا واحدة(1).

وأن تصبروا: أي وصبركم عن نكاح الاماء متعففين.

خير لكم: من نكاح الاماء، لما فيه من المهانة ونقصان حق الزوج.

والله غفور: لمن يصر. رحيم: بأن رخص لهم.

يريدالله ليبين لكم: ما تعبدكم به من الحلال والحرام، أو ما خفي عنكم من مصالحكم ومحاسن أعمالكم، وأن يبين مفعول " يريد "، واللام مزيدة لاكيد معنى الاستقبال اللازم للارادة.

وقيل: المفعول محذوف، و " ليبين " مفعول له، أي يريد الحق لاجله.

ويهديكم سنن الذين من قبلكم: منا هج من تقدمكم من أهل الرشد، لتسلكوا طريقتهم.

وفي اصول الكافي: محمد، عن أحمد، عن علي بن النعمان رفعه، عن أبي جعفر

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 235 ح 97. (*)

[425]

قال: قال أبوجعفر (عليه السلام): يمصون الثماد(1) ويدعون النهر العظيم، قيل له: وما النهر العظيم؟ قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله).

والعلم الذي أعطاه الله (عزوجل) جمع لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) سنن النبيين من آدم وهلم جرا إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قيل له: وما تلك السنن؟ قال: علم النبيين بأسره، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صير ذلك كله عند أميرالمؤمنين (عليه السلام)، فقال له رجل: يابن رسول الله فأميرالمؤمنين أعلم ام بعض النبيين؟ فقال أبوجعفر (عليه السلام): اسمعوا، إن الله يفتح مسامع من يشاء، إني حدثت أن الله جمع لمحمد (صلى الله عليه وآله) علم النبيين وأنه جمع ذلك كله عند أميرالمؤمنين (عليه السلام) وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيين(2).

ويتوب عليكم: ويغفر لكم ذنوبكم، أو يرشد كم إلى ما يمنعكم عن المعاصي ويحثكم على التوبة، أو إلى ما يكون كفارة لسيئاتكم. والله عليم: بها. حكيم: في وضعها.

___________________________________

(1) قوله: (يمصون الثماد) الثمد، ويحرك، وككتاب، الماء القليل الذي لا مادة له، أو ما يبقى في الجلد، وهو الارض الصلبة، أو ما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف.

وفيه تمثيل حيث شبه الحق في تركهم العلم الكثير الصافي والاخذ بالعلم القليل الذي لا مادة له، وهو ينجر بالاخرة إلى الخلط بالشبهات والمفتريات بالعطاش الذين تركوا الماء الكثير الصافي والنهر العظيم الذي له مادة ومصوا الماء القليل الذي لا مادة له، ولا محالة ينتهي. مصهم إلى شرب الماء المختلط بالطين البالغ إلى حد لا يسمى ماء.

وقوله: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صير ذلك كله عند أميرالمؤمنين (عليه السلام) بعضه في حال حياته وبعضه عند موته لما ثبت أنه علمه عند تغسيله علوما كثيرة، أو كله في حياته، وما علمه بعد موته كان من العلوم المختصة به (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكن لسائر الانبياء.

وقوله: (إن الله يفتح مسامع من يشاء)، في الفائق: المسامع جمع مسمع، وهو آلة السمع، أو جمع المسع على غير قياس كمشابه وملامح في جمع شبه ولمحة (شرح اصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 5 ص 347).

(2) الكافي: ج 1 ص 222 كتاب الحجة، باب أن الائمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم، ح 6. (*)

[426]

[ والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوت أن تميلوا ميلا عظيما(27) يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسن ضعيفا(28) يأيها الذين ء‌امنوا لا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل إلآ أن تكون تجرة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما(29) ]

والله يريد أن يتوب عليكم: كرره للتأكيد والمبالغة.

ويريد الذين يتبعون الشهوت: يعني الفجرة، فإن اتباع الشهوات الائتمار لها.

وأما المتعاطي لما سوغه الشرع منها دون غيره فهو متبع له في الحقيقة، لالها.

وقيل: المجوس، وقيل: اليهود فإنهم يحلون الاخوات من الاب، وبنات الاخ والاخت.

أن تميلوا: عن الحق ميلا: بموافقتهم على اتباع الشهوات واستحلال المحرمات.

عظيما: بالاضافة إلى من اقترف خطيئة على ندور غير مستحل لها.

يريد الله أن يخفف عنكم: فلذلك شرع لكم الشريعة الحنيفية السمحة السهلة، ورخص لكم في المضايق كإحلال نكاح الامة عند الاضطرار.

وخلق الانسن ضعيفا: لا يصبر عن الشهوات ولا يتحمل مشاق الطاعات.

يأيها الذين ء‌امنوا لا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل: بما لم يبيحه الشرع(1).

___________________________________

(1) من قوله: (ويغفر لكم ذنوبكم أو يرشدكم) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 215 لا حظ تفسيره الآية(26 و 27 و 28 و 29) من سورة النساء.

[427]

في تفسير العياشي: عن الصادق (عليه السلام) عنى بها القمار، وكانت قريش نقامر الرجل بأهله وماله، فناهم الله عن ذلك(1).

وفي مجمع البيان: عن الباقر (عليه السلام) الربا والقمار والبخس والظلم(2).

إلآ أن تكون تجرة عن تراض منكم: استثناء منقطع، أي ولكن كون تجارة عن تراض غير منهي عنه، أو اقصدوا كون تجارة.

وتخصيص التجارة من الوجوه التي بها يحل تناول مال الغير، لانها أغلب وأوفق لذوي المروآت.

ويجوز أن يراد بها الانتقال مطلقا.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: يعني بها الشراء، والبيع الحلال(3).

وقيل: المقصود بالنهي، المنع عن صرف المال فيما لا يرضاه الله، وبالتجارة صرفه فيما يرضاه.

وفي الكافي: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن سماعة قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): الرجل منا يكون عنده الشئ يتبلغ به وعليه دين، أيطعمه عياله(4) حتى يأتي الله (عزوجل) بميسرة فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان وشدة المكاسب، أو يقبل الصدقة؟ قال: يقضي بما عنده دينه ولا يأكل من أموال الناس إلا وعنده ما يؤدي إليهم حقوقهم، إن الله (عزوجل) يقول: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " ولا يستقرض على ظهره إلا

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 236 ح 103.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 37 عند تفسيره لاية 29 من سورة النساء.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 136 عند تفسيره لآية 29 من سورة النساء.

(4) قوله: (أيطعمه عياله) أي لا يؤدي الدين ويطعم ما في يده عياله، أو يؤديه مما في يده، فإذا أدى فإما أن يستقرض على ظهره، أي بلاعين مال يكون الدين عليه، أو يأخذ الصدقة؟ فأمره (عليه السلام) برد الدين وقبول الصدقة (مرآة العقول ط حجري: ج 3 ص 388). (*)

[428]

وعنده وفاء، ولو طاف على أبواب الناس، فردوه باللقمة واللقمتين والتمرة والتمرتين، إلا أن يكون له ولي بقضي دينه من بعده، ليس منا من ميت إلا جعل الله له وليا يقوم في عدته ودينه، فيقضي عدته ودينه(1).

وقرأ الكوفيون " تجارة " بالنصب على كان الناقصة وإضمار الاسم، أي إلا أن تكون التجارة، أو الجهة تجارة(2).

ولا تقتلوا أنفسكم: قيل: بالنخع(3) كما يفعله أهل الهند أو بالقاء النفس إلى التهلكة.

أو بارتكاب ما يؤدي إلى قتلها، أو باقتراف ما يذللها ويرديها، فإنه القتل الحقيقي للنفس.

وقيل: المراد بالانفس من كان على دينهم، فإن المؤمنين كنفس واحدة(4).

في تفسير علي بن إبراهيم: كان الرجل إذا خرج مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغزو، يحمل على العدو وحده من غير أن يأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنهى الله أن يقتل نفسه من غير أمره(5).

في مجمع البيان: عن الصادق (عليه السلام): إن معناه لا تخاطروا بنفوسكم في القتال، فتقاتلوا من لا تطيقونه(6).

وفي تفسير العياشي: عنه (عليه السلام) كان المسلمون يدخلون على عدوهم في

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 95 كتاب المعيشة، باب قضاء الدين ح 2.

(2) قرئ، تجارة بالرفع والنصب، فالرفع على أنها فاعل (تكون) وهي التامة ولا تفتقر إلى خبر، والنصب على أنها خبر (تكون) وهي الناقصة، وهي تفتقر إلى اسم وخبر، واسمها مضمر فيها، والتقدير فيه، إلا أن تكون التجارة، تجارة. وأن في قوله (إلا أن) في موضع نصب على الاستثناء المنقطع (البيان) لابن الانباري: ج 1 ص 251).

(3) النخع أشد القتل، حتى يبلغ الذبح النخاع وهو الخيط الابيض الذي في فقار الظهر، ويقال له خيط الرقبة (النهاية: ج 5 ص 33 لغة نخع).

(4) قاله البيضاوي: ج 1 ص 216 في تفسيره للآية 29 من سورة النساء.

(5) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 136 في تفسيره لآية 29 من سورة النساء.

(6) مجمع البيان: ج 3 ص 37 عند تفسيره لآية 29 من سورة النساء، قال: (ورابعها) ماروي عن أبي عبدالله (عليه السلام)، أن معناه إلخ. (*)

[429]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335913

  • التاريخ : 28/03/2024 - 18:56

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net