00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (176 - 185) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 176 - 185

[ ولا يحزنك الذين يسرعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الاخرة ولهم عذاب عظيم(176) ]

وفي كتاب التوحيد: بإسناده إلى علي بن الحسين (عليهما السلام)، حديث طويل، وفيه قال: خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكيت عليه، فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في وجهي، ثم قال: يا علي بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا، أعلى الدنيا حزنك؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر، إلى أن قال: قلت: أنا أتخوف فتنة ابن الزبير، فضحك، ثم قال لي: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا خاف الله فلم ينجه؟ قلت: لا، إلى قوله: ثم نظرت فإذا ليس قدامي أحد(1).

ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر: يقعون فيه سريعا، حرصا عليه، خوف أن يضروك ويعينوا عليك، وهم المنافقون من المتخلفين، أو قوم ارتدوا عن الاسلام.

___________________________________

(1) كتاب التوحيد: ص 373 باب القضاء والقدر والفتنة والارزاق والاسعار والآجال ح 17 وتمام الحديث بعد قوله: " للبر والفاجر " فقلت: ما على هذا أحزن، وإنه لكما تقول، قال: أفعلى الآخرة حزنك؟ فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر، قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول، فعلى ما حزنك؟ قلت: أنا أتخوف من فتنة ابن الزبير. وبعد قوله: (قلت: لا) قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا سأل الله (عزوجل) فلم يعطه؟ قلت: لا، ثم نظرت إلخ. (*)

[292]

[ إن الذين اشتروا الكفر بالايمن لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم(177) ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم خير لانفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين(178) ]

إنهم لن يضروا الله شيئا: أي أولياء‌ه، و " شيئا " يحتمل المفعول والمصدر.

وقرأ نافع " يحزنك " بضم الياء وكسر الزاي حيث ما وقع، ما خلا قوله في الانبياء: " لا يحزنهم الفزع الاكبر " فإنه فتح الياء وضم الزاي فيه، والباقون كذلك في الكل.

يريد الله ألا يجعل لهم حظافى الاخرة: نصيبا من الثواب فيها.

وهو يدل على تمادي طغيانهم وموتهم على الكفر، وأن كفرهم بلغ الغاية حتى أراد أرحم الراحيمن أن لا يكون لهم حظ من رحمته.

ولهم عذاب عظيم: مع الحرمان عن الثواب.

إن الذين اشتروا الكفر بالايمن لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم: تكرير للتأكيد، أو تعميم للكفرة بعد تخصيص ما نافق من المتخلفين، أو ممن ارتد عن الاعراب.

ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم خير لانفسهم: خطاب للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

أو لكل من يحسب، و " الذين كفروا " مفعول، و " إن " مع اسمه وخبره بدل منه.

وإنما اقتصر على مفعول واحد، لان التعويل على البدل، وهو مما ينوب على المفعولين، أو مفعول ثان على تقدير مضاف، أي ولا تحسبن الذين كفروا أصحاب، إن الاملاء خير لانفسهم.

أو ولا تحسبن حال الذين كفروا إن الاملاء خير لانفسهم.

و " ما " مصدرية، ويحتمل الموصولة بحذف العائد. (*)

[293]

وكان حقها أن يفصل في الخط، لكنها وقعت متصلة في قرآن عثمان، فاتبع على عمى.

وقرأ ابن كثير وأبوعمرو وعاصم والكسائي ويعقوب بالياء، على أن " الذين " فاعل، و " ان ما " في حيزه مفعول، وفتح سينه في جميع القرآن ابن عامر وعاصم وحمزة.

والاملاء، الامهال وإطالة العمر، وقيل: تخليتهم وشأنهم من أملى لفرسه، إذا أرخى له الطول(1) ليرعى كيف شاء.

إنما نملى لهم ليزداد وإثما: استئناف بما هو العلة للحكم قبلها، و " ما " كافة، واللام للعاقبة، أي يكون عاقبة أمرهم ازدياد الاثم.

وقرئ " إنما " بالفتح وبكسر الاولى(2)، و " لا يحسبن " بالياء على معنى: ولا يحسبن الذين كفروا أن إملاء‌نا لهم لازدياد الاثم، بل للتوبة والدخول في الايمان.

و " إنما نملي لهم " اعتراض، ومعناه أن إملاء‌نا لهم خير إن انتبهوا وتداركوا فيه ما فرط منهم.

ولهم عذاب مهين: على هذا يجوز أن يكون حالا من الواو، أي ليزداد وا إثما معدا لهم عذاب مهين(3).

وفي تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: أخبرني عن الكافر الموت خير له أم الحياة؟ فقال: الموت خير للمؤمن والكافر، قلت: ولم؟ قال: لان الله يقول: " وما عندالله خير للابرار "(4) ويقول:

___________________________________

(1) الطول حبل طويل تشد به قائمة الدابة، وقيل: هو الحبل الذي تشد به ويمسك صاحبه بطرفه ويرسلها ترعى، وكانت العرب تتكلم به يقال: طول لفرسك يا فلان أي ارخ له حبله في مرعاه (لسان العرب: ج 11 ص 413 لغة طول).

(2) قوله: (وبكسر الاولى) أي بكسر (إن) في " إنما نملي لهم خير لانفسهم " نقلا عن حاشية الكازروني لتفسير البيضاوي.

(3) من قوله: (خطاب للرسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هنا مأخوذ من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 194 مع تصرف يسير في بعض الكلمات).

(4) آل عمران: 197. (*)

[294]

[ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء فئامنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم(179) ]

" ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لانفسهم إنما نملي لهم ليزداد وا إثما ولهم عذاب مهين "(1).

وعن يونس رفعه قال: قلت له: زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنته فلانا؟ قال: نعم، قلت: فكيف زوجه الاخرى؟ قال: قد فعل، فأنزل الله: " ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لانفسهم " إلى " عذاب مهين "(2).

وفي هاتين الروايتين دلالة على صحة القراء‌ة الاولى، دون الثانية وفي الثانية لالة على كفر الثالث.

ما كان الله ليذر المؤمنين على مآ أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب: قيل: الخطاب لعامة المخلصين والمنافقين في عصره، والمعنى: لا يترككم مختلطين لا يعرف مخلصكم من منافقكم، حتى يميز المنافقين من المخلصين بالوحي إلى نبيه بأحوالكم، أو بالتكاليف الشاقة التي لا يصبر عليها ولا يذعن لها إلا الخلص المخلصون منكم، كبذل الانفس والاموال في سبيل الله، ليختبر بواطنكم، وليستدل به على عقائد كم.

وفي تفسير العياشي: عن عجلان بن صالح قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: لا تمضي الايام والليالي حتى ينادي مناد من السماء: يا أهل الحق اعتزلوا، يا أهل الباطل اعتزلوا، فيعزل هؤلاء عن هؤلاء، قلت: أصلحك الله

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 206 ح 155.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 207 ح 156. (*)

[295]

يخالط هؤلاء هؤلاء بعد ذلك النداء؟ قال: كلا، يقول في الكتاب " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب "(1).

وفي كتاب مقتل الحسين (عليه السلام) لابي مخنف قال الضحاك بن عبدالله: مرت بنا خيل ابن سعد (لعنه الله) تحرسنا، وكان الحسين (عليه السلام) يقرأ: " لا تحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لانفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين.

ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب "(2).

وقرأ حمزة والكسائي " حتى يميز " من التفعيل هنا وفي الانفال.

وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشآء: ما كان الله ليؤتي أحدكم علم الغيب فيطلع على مافي القلوب من كفرو إيمان، ولكنه يجتبى لرسالته من يشاء، فيوحي ويخبره ببعض المغيبات أو ينصب ما يدل عليها.

فئامنوا بالله ورسله: بصفة الاخلاص، أو بأن تعلموه وحده مطلعا على الغيب، وتعلموهم عبادا مجتبين لا يعلمون إلا ما علمهم الله، ولا يقولون إلا ما اوحي إليهم.

نقل: إن الكفرة قالوا: إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر، فنزلت.

وعن السدي: إنه (عليه السلام) قال: عرضت علي امتي واعلمت من يؤمن ومن يكفر، فقال المنافقون: إنه يزعم أنه يعرف من يؤمن به ومن يكفر، ونحن معه ولا يعرفنا، فنزلت. وإن تؤمنوا: حق الايمان.

وتتقوا: النفاق.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 207 ح 157.

(2) مقتل أبي مخنف ط قم: ص 112 الحسين وأصحابه ليلة العاشوراء. (*)

[296]

[ ولا يحسبن الذين يبخلون بمآء‌اتهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة ولله ميرث السموت والارض والله بما تعملون خبير(180) ]

فلكم أجر عظيم: لايقادر قدره.

ولا يحسبن الذين يبخلون بمآء‌اتهم الله من فضله هو خيرا لهم: من قرأ بالتاء، قدر مضافا، أي لا تحسبن بخل الذين يبخلون هو خيرا لهم، وكذا من قرأ بالياء ان جعل الفاعل ضمير الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من يحسب.

وإن جعله الموصول كان المفعول الاول محذوفا، أي لا يحسبن البخلاء بخلهم هو خيرا لهم.

بل هو: أي البخل. شر لهم: لاستجلاب العقاب عليهم.

سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة: بيان لذلك، أي سيلزمون وبال ما بخلوا به، إلزام الطوق(1)، أو يطوقون بما بخلوا به يوم القيامة.

في الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن مسكان، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة "، فقال: يا محمد ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله (عزوجل) ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، ثم قال: هو قول الله (عزوجل): " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة "، يعني ما بخلوا به من الزكاة(2).

___________________________________

(1) من قوله (ما كان الله ليؤتي أحدكم) إلى هنا مقتبس من أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 195 لا حظ تفسيره لآية 179 إلى 180 من سورة آل عمران.

(2) الكافي: ج 3 ص 502 كتاب الزكاة، باب منع الزكاة ح 1. (*)

[297]

يونس، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من ذي زكاة مال نخل أو زرع أو كرم يمنع زكاة ماله إلا قلده الله تربة أرضه يطوق بها من سبع أرضين إلى يوم القيامة(1).

علي إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام): يقول: ما من عبد يمنع در هما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه، وما رجل يمنع حقا من ماله إلا طوقه الله (عزوجل) به حية من نار يوم القيامة(2).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن مهران، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة "، قال: ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله له ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار يطوق في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله (عزوجل): " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة "، قال: ما بخلوا به من الزكاة(3).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن راشد قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: مانع الزكاة يطوق بحية قرعا(4) تأكل من دماغه، وذلك قوله (عزوجل): " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة "(5).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عن خلف بن حماد، عن حريز قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله (عزوجل) يوم القيامة بقاع قرقر(6)، وسلط عليه شجاعا أقرع يريده

___________________________________

(1 و 2 و 3) الكافي: ج 3 ص 503 و 504 كتاب الزكاة باب منع الزكاة، ح 4 و 7 و 10.

(4) الاقرع من الحيات، التي قرع السم في رأسه أي جمعه فذهب شعره (مجمع البحرين: ج 4 ص 377 لغة قرع).

(5) الكافي: ج 3 ص 505 كتاب الزكاة، باب منع الزكاة ح 16.

(6) القيعة بالكسر والقاع بمعنى واحد، وهو المستوى من الارض، وقاع قرقر، قيل: قرقر أيضا في معنى القاع وهو المستوى من الارض وإنما عبر بلفظين مختلفين للمبالغة في استواء ذلك المكان، وقد روى (*)

[298]

[ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنيآء سنكتب ما قالوا وقتلهم الانبيآء بغير حق ونقول ذو قوا عذاب الحريق(181) ]

وهو يحيد(1) عنه، فإذا رأى أنه لا مخلص له منه أمكنه من يده فقضمها(2) كما يقضم الفجل ثم يصير طوقا في عنقه، وذلك قول الله (عزوجل): " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " وما من ذي مال إبل أو غنم أو بقر يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر يطأه كل ذات ظلف بظلفها، وتنهشه كل ذات ناب بنابها، وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاتها إلا طوقه الله ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة(3).

ولله ميراث السموت والارض: وله ما فيها مما يتوارث، فما لهؤلاء يبخلون بماله ولا ينفقون في سبيله؟ أو أنه يرث منهم ما يمسكونه ولا ينفقون في سبيله، بهلاكهم ويبقى عليهم الحسرة والعقوبة.

والله بما تعملون: من المنع والاعطاء. خبير: فيجازيكم.

وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي بالتاء على الالتفات، وهو أبلغ في الوعيد.

لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنيآء: قيل: قالت

___________________________________

(1) بقاع قرق وهو مثله في المعنى (مجمع البحرين: ج 4 ص 385 لغة قوع).

(1) أي تنفر وتهرب يقال حاد عن الشئ يحيد مال عنه وعدل ويحيد عنه يهزم عنه (مجمع البحرين: ج 3 ص 41 لغة حيد).

(2) القضم الاكل بأطراف الاسنان (مجمع البحرين: ج 6 ص 140 الغة قضم).

(3) الكافي: ج 3 ص 505 كتاب الزكاة، باب منع الزكاة ح 19. (*)

[299]

اليهود لما سمعوا " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا "(1)(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قال: والله ما رأوا الله فيعلمون أنه فقير، ولكنهم رأوا أولياء الله فقراء، فقالوا: لو كان الله غنيا لاغنى أولياء‌ه، ففخروا على الله في الغناء(3).

وفي كتاب المناقب لابن شهراشوب: عن الباقر (عليه السلام) في قوله: " لقد سمع الله قول الذين قالوا " الآية قال: هم الذين يزعمون أن الامام يحتاج إلى ما يحملونه إليه(4).

سنكتب ما قالوا وقتلهم الانبيآء بغير حق: أي سنكتبه في صحائف الكتبة، أو سنحفظه في علمنا لا نهمله، فأنه كلمة عظيمة، إذ هو كفر بالله، أو استهزاء بالقرآن والرسول، ولذلك نظمه مع قتل الانبياء.

وفيه تنبيه على أنه ليس أول جريمة ارتكبوها، وأن من اجترأ على قتل الانبياء لم يستبعد منه أمثال هذا القول.

وفي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " ويقتلون الانبياء بغير حق " فقال: أما والله ما قتلوهم بأسيافهم، ولكن كانوا أذاعوا أمرهم وأفشوا عليهم، فقتلوا(5).

وقرأ حمزة " سيكتب " بالياء وضمها وفتح التاء، وقتلهم بالرفع، و " يقول " بالياء.

ونقول ذوقوا عذاب الحريق: أي وننتقم منهم، بأن نقول: ذو قوا العذاب المحرق.

___________________________________

(1) البقرة: 245.

(2) نقله في أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 195 عند تفسيره لقوله تعالى: " إن الله فقير ونحن أغنياء ".

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 127 عند تفسيره لقوله تعالى: " قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ".

(4) لم أنظفر عليه في مناقب ابن شهراشوب ولكن رواه في تفسير الصافي: ج 1 ص 373 عند تفسيره لآية 181 من سورة آل عمران.

(5) الكافي: ج 2 ص 371 كتاب الايمان والكفر (باب الاذاعة) ح 7. (*)

[300]

[ ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد(182) الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جآء كم رسل من قبلى بالبينت وبالذى قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صدقين(183) ]

وفيه مبالغات في الوعيد. والذوق إدراك الطعوم، وعلى الاتساع يستعمل لادراك سائر المحسوسات والحالات.

وذكره ههنا: لان العذاب مرتب على قولهم الناشئ عن البخل والتهالك على المال، و غالب حاجة الانسان إليه لتحصيل المطاعم، ومعظم بخله للخوف من فقدانه، و لذلك كثر ذكر الاكل مع المال.

ذلك: إشارة إلى العذاب.

بما قدمت أيديكم: من قتل الانبياء، وقولهم هذا، وسائر معاصيهم.

عبر بالايدي عن الانفس، لان أكثر أعمالها بهن.

وأن الله ليس بظلام للعبيد: عطف على " ما قدمت " وسببيته للعذاب، من حيث أن نفي الظلم يستلزم العدل المقتضي إثابة المحسن ومعاقبة المسئ.

وفي نهج البلاغة قال (عليه السلام): وأيم الله ما كان قوم قط في غض(1) نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها(2)، لان الله ليس بظلام للعبيد(3).

___________________________________

(1) وفيه من سره أن يقرأ القرآن غضا كما انزل فليسمعه من ابن أم عبد: الغض الطري الذي لم يتغير (النهاية: ج 3 ص 371 لغة غضض).

(2) الاجتراح الاكتساب (مجمع البحرين: ج 2 ص 345 لغة جرح).

(3) نهج البلاغة: ص 257 ومن خطبة له (عليه السلام) في الشهادة والتقوى. وقيل: إنه خطبها بعد مقتل عثمان في أول خلافته صبحي الصالح. (*)

[301]

[ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاء وبالبينت [ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاء وبالبينت والزبر والكتب المنير(184) ]

وفيه إشكال مشهور: وهو أن نفي الظلام عن الله تعالى، لا يستلزم نفي كونه ظالما، يشعر بكونه كذلك، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

والجواب: أن جواز اتصافة تعالى بكل صفة يستلزم اتصافه بها على الكمال، خصوصا صفة الظلم، فإنه لو اتصف بها اتصف بما هو في الرتبة الاعلى منها، لكمال قدرته وعدم المانع، فللاشعار بهذا المعنى أورد الظلام مكان الظالم، والمراد نفي الظلم مطلقا، فتأمل.

الذين قالوا: هم كعب بن الاشرف ومالك وحيي وفنحاص ووهب بن يهوذا.

إن الله عهد إلينا: أمرنا في التوراة وأوصانا.

ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار: بان لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بهذه المعجزة الخاصة التي كانت لانبياء بني إسرائيل، وهو أن يقرب بقربان فيقوم النبي (صلى الله عليه وآله) فيدعو، فتنزل نار سماوية تأكله، أي تحيله إلى طبعها بالاحراق.

وهذا من مفتر ياتهم وأبا طيلهم، لان أكل النار القربان لا يوجب الايمان إلا لكونه معجزة، فهو وسائر المعجزات شرع في ذلك.

قل قد جاء‌كم رسل من قبلى بالبينت وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صدقين فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاء‌و بالبينت والزبر والكتب المنير: تكذيب وإلزام بأن رسلا قد جاؤوهم قبله

[302]

كزكريا ويحيى بمعجزات اخر موجبة للتصديق وبما اقتر حوه، فقتلوهم، فلو كان الموجب للتصديق هو الاتيان، وكان توقفهم وامتناعهم عن الايمان لاجله، فمالهم لم يؤمنوا بمن جاء به في معجزات اخر واجترؤوا عليه(1).

وفي اصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد(2)، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لعن الله القدرية(3)، لعن الله

___________________________________

(1) من قوله (هم كعب بن الاشرف) إلى هنا من كلام البيضاوي: ج 1 ص 196، لا حظ تفسيره لآية 184 من سورة آل عمران.

(2) مروك بن عبيد بن أبي حفصة مولى بني عجل: الضبط مروك بفتح الميم وسكون الراء المهملة وفتح الواو وبعدها كاف، واسم مروك صالح، واسم أبي حفصة زياد (تنقيح المقال: ج 3 ص 210 تحت رقم 11665).

(3) إن القدرية تطلق على الجبرية وعلى التفويضية، وكان المراد هنا الثاني.

قال علي بن إبراهيم في تفسيره: القدرية المتعزلة، والرد عليهم من القرآن كثير، لان المعتزلة قالوا: نحن نخلق أفعالنا وليس لله فيه صنع ولا ميشئة ولا إرادة، فيكون ماشاء إبليس ولا يكون ماشاء‌الله، انتهى.

والمراد بالمرجئة: الذين يقولون: الايمان محض العقائد وليس للاعمال فيها مدخل أصلا، ولا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، ولا تفاوت في إيمان الناس.

قال صاحب الملل والنحل: الارجاء على معنيين، أحد هما التأخير (قالوا ارجه وأخاه) أي أمهله وأخره، والثاني إعطاء الرجاء.

أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الاول صحيح، لانهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد.

وأما المعنى الثانى فظاهر، فإنهم كانوا يقولون: لا يضرمع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقيل: الارجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى الآخرة، فلا يقضى عليه بحكم في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار، فعلى هذا المرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان.

وقيل: الارجاء تأخير علي (عليه السلام) عن الدرجة الاولى إلى الدرجة الرابعة، فعلى هذا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان.

والمرجئة أربعة أصناف، مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة، انتهى وقد مر بعض القول فيهم سابقا، والمراد هنا ماذكرنا أولا، فإنهم يحكمون بإيمان من آمن بالله ورسوله وإن قتلوا الائمة وخيار المؤمنين، فهم راضون بذلك ولا يبالون به ويحكمون بأن الله لا يعذب هؤلاء بفعلهم، ولذا سموا مرجئة لارجاء تعذيبهم على المعاصي.

ويمكن أن يكون المراد هنا جميع المخالفين، فإنهم على اصولهم الفاسدة يصوبون قتل من خرج على خلفاء الجور ولو كانوا أئمة الدين وذرية سيد المرسلين، فهم راضون بذلك. وذكر الآية استشهاد بأن الراضي بالقتل والمصوب له حكمه حكم القاتل في الشقاوة والعقوبة. ثم اعلم أن ذكر الآية نقل بالمعنى، والآية في آل عمران هكذا " الذين قالوا إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول ".

وقال البيضاوي: هم كعب الاشرف، إلى آخر ما نقلناه آنفا. (مرآة العقول: ج 11 ص 217 كتاب الايمان والكفر).

[303]

الخوارج، لعن الله المرجئة، لعن الله المرجئة، قلت: لعنت هؤلاء مرة مرة ولعنت هؤلاء مرتين؟ قال: إن هؤلاء يقولون: إن قتلتنا مؤمنون فدماؤنا متلطخة بثيابهم إلى يوم القيامة، إن الله حكى عن قوم في كتابه " لن نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاء كم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين " قال: كان بين القاتلين والقائلين خمسمائة عام فألزمهم الله القتل برضاهم ما فعلوا(1).

وفي تفسير العياشي مثل ما في اصول الكافي إلا أن بعد " إن كنتم صادقين " قال: فكان بين الذين خوطبوا بهذا القول وبين القائلين خمسمائة عام، فسماهم القائلين برضاهم بما صنع اولئك(2).

عن محمد بن هاشم، عمن حدثه، عن أبي عبدالله (عليه السلام): قال، لما نزلت هذه الآية: " قل قد جاء‌كم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين " وقد علم أن قالوا: والله ما قتلنا ولا شهدنا، قال وإنما قيل لهم: ابرؤوا من قتلتهم فأبوا(3).

عن محمد بن الارقط، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال لي: تنزل الكوفة؟ قلت: نعم، قال: فترون قتلة الحسين (عليه السلام) بين أظهركم؟ قال: قلت: جعلت فداك ما بقي منهم أحد قال: فإذن أنت لا ترى القائل إلا من قتل أو من ولى القتل، ألم تسمع إلى قول الله: " قل قدجاء كم رسل من قبلي بالبينات

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 409، باب في صنوف أهل الخلاف وذكر القدرية والخوارج والمرجئة وأهل البلدان، ح 1.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 208 ح 163.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 209 ح 164. (*)

[304]

[ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيمة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحيوة الدنيا إلا متع الغرور(185) ]

وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين " فأي رسول قبل الذين كان محمد (صلى الله عليه وآله) بين أظهرهم، ولم يكن بينه وبين عيسى رسول، إنما رضوا قتل اولئك فسموا قاتلين(1).

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن ابي المعزا، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كانت بنو إسرائيل إذا قربت القربان تخرج نار تأكل قربان من قبل منه، وإن الله جعل الاحرام مكان القربان(2).

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله): عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أميرالمؤمنين (عليهم السلام) حديث طويل، وفيه قال (عزوجل) لنبيه (صلى الله عليه وآله) لما اسرى به: وكانت الامم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت منه ارسلت إليه نارا فأكلته، فرجع مسرورا، ومن لم اقبل ذلك منه رجع مثبورا، وقد جعلت قربان امتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه اضعفت ذلك أضعافا مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا، وقد رفعت ذلك عن امتك، وهي من الآصار التي كانت على الامم قبلك(3).

كل نفس ذآئقة الموت: وعد ووعيد للمصدق والمكذب.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 209 ح 165.

(2) الكافي: ج 4 ص 335 باب صلاة الاحرام وعقده والاشتراط فيه، ح 16.

(3) الاحتجاج للطبرسي: ج 1 ص 221، احتجاجه (عليه السلام) على اليهود من أحبارهم ممن قرأ الصحف والكتب في معجزات النبي (صلى الله عليه وآله) وكثير من فضائله س 19.

[305]

وقرئ ذائقة الموت بالنصب مع التنوين وعدمه.

وفي تفسير العياشي: عن زرارة، عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: قلت: فإن الله يقول: " كل نفس ذائقة الموت " من قتل لم يذق الموت؟ قال: لا بد أن يرجع حتى يذوق الموت(1).

عن محمد بن يونس، عن بعض أصحابنا قال: قال لي أبوجعفر (عليه السلام): " كل نفس ذائقة الموت " أو منشورة نزل لها على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): إنه ليس أحد من هذه الامة إلا وينشرون، فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة عين، وأما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم(2).

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المعزا قال: حدثني يعقوب الاحمر قال: دخلنا على أبي عبدالله نعزيه بإسماعيل فترحم عليه، ثم قال: إن الله (عزوجل) نعى إلى نبيه نفسه، فقال: " إنك ميت وإنهم ميتون "(3) وقال " كل نفس ذائقة الموت " فقال: إنه يموت أهل الارض حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل (عليهم السلام)، قال: فيجئ ملك الموت حتى يقوم بين يدي الله (عزوجل)، فيقال له: من بقي؟ وهو أعلم، فيقول: يا رب لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل، فيقال له: قل لجبرئيل وميكائيل: فليموتا، فيقول الملائكة عند ذلك: يارب رسولاك وأميناك فيقول: إني قد قضيت على كل نفس فيها الروح الموت، ثم يجئ ملك الموت حتى يقف بين يدي الله (عزوجل) فيقال له: من بقي؟ وهو أعلم، فيقول: يا رب لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش، فيقول: قل لحملة العرش: فليموتوا، قال: ثم يجئ كئيبا حزينا لا يرفع طرفه، فيقال: من بقي؟ وهو أعلم، فيقول: يا رب لم يبق إلا ملك الموت، فيقال له: مت

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 210 ح 170 بأدنى تفاوت في الكلام.

(2 تفسير العياشي: ج 1 ص 210 ح 169.

(3) الزمر: 30. (*)

[306]

يا ملك الموت، ثم يأخذ الارض بيمينه(1) والسماوات بيمينه ويقول: أين الذين كانوا يدعون معي شريكا، أين الذين كانوا يجعلون معي إلها آخر(2).

وإنما توفون أجوركم: تعطون جزاء أعمالكم خيرا كان أو شرا تاما وافيا.

يوم القيمة: يوم قيامكم عن القبور.

ولفظ التوفية يشعر بأنه قد يكون قبلها بعض الاجور، كما يدل عليه أخبار ثواب القبر وعذابه.

فمن زحزح عن النار: بعد عنها. والزحزحة في الاصل تكرير الزح، وهو الجذب بعجلة.

وأدخل الجنة فقد فاز: بالنجاة ونيل المراد. والفوز، الظفر بالبغية.

في أمالي الصدوق: بإسناده إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال حاكيا عن الله (جل جلاله): فبعزتي حلفت، وبجلالي أقسمت أنه لا يتولى عليا عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار وأدخلته الجنة، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلا أبغضته وأدخلته النار وبئس المصير. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(3).

وفي الكافي: سهل بن زياد، عمن حدثه، عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا

___________________________________

(1) قوله: (ثم يأخذ الارض) أقول: هو إشارة إلى قوله سبحانه: " والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه " قال الطبرسي (قدس الله روحه): القبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك، أخبرالله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الارض كلها مع عظمها في مقدوره كالشئ الذي يقبض عليها القابض بكفه، فيكون في قبضته، وهذا تفهيم لنا في عادة التخاطب فيما بيننا.

وكذا قوله: " والسماوات مطويات بيمينه " أي يطوبها بقدرته كما يطوي أحد من الشئ المقدور له طيه، بيمينه، وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار، والتحقيق للملك كما قال: " وما ملكت ايمانكم " وقيل معناه: إنها محفوظات مصونات بقوته.

واليمين، القوة، فالمراد أنه تعالى يحفظ الارض والسماوات بقدرته الكاملة بعد ما كانت محفوظة بالملائكة وسائر الخلق، وقد جعل لكل شئ حفظة منها، والله يعلم حقائق كلامه (مرآة العقول: ج 14 ص 253 كتاب الجنائز باب النوادر.

(2) الكافي: ج 3 ص 256 كتاب الجنائز، باب النوادر ح 25.

(3) الامالي للصدوق: ص 185 المجلس التاسع والثلاثون س 9 قطعة من ح 10. (*)

[307]

عبدالله (عليه السلام) يقول: خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم، وأن البار بالاخوان ليحبه الرحمان وفي ذلك مرغمة(1) للشيطان وتزحزح عن النيران ودخول الجنان. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(2).

وفيه: علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لما مات النبي (صلى الله عليه وآله) سمعوا صوتا ولم يروا شخصا يقول: " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز "، وقال إن في الله خلفا من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودركا مما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا وإنما المحروم من حرم الثواب(3).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة يدعى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيكسى حلة وردية ثم يقام عن يمين العرش، ثم يدعى بإبراهيم فيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار العرش، ثم يدعى بعلي (عليه السلام) فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين النبي، ثم يدعى بإسماعيل فيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار إبراهيم، ثم يدعى بالحسن (عليه السلام) فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين أميرالمؤمنين (عليه السلام)، ثم يدعى بالحسين (عليه السلام) فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين الحسن، ثم يدعى بالائمة فيكسون حللا وردية فيقام كل واحد عن

___________________________________

(1) الرغم والرغم والرغم: الكره والمرغمة مثله، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): بعثت مرغمة، المرغمة الرغم، أي بعثت هوانا وذلا للمشركين (لسان العرب: ج 12 ص 245).

(2) الكافي: ج 4 ص 41 كتاب الزكاة باب معرفة الجود والسخاء قطعة من ح 15 وتمام الحديث (يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله (عزوجل) في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه: " يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ".

(3) الكافي: ج 3 ص 221 باب التعزي ح 4. (*)

[308]

يمين صاحبه، ثم يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم، ثم يدعى بفاطمة (صلوات الله عليها) ونسائها من ذرياتها وشيعتها فيدخلون الجنة بغير حساب، ينادي مناد من بطنان العرش، من قبل رب العزة والافق الاعلى: نعم الاب أبوك يا محمد، وهو إبراهيم: ونعم الاخ أخوك، وهو علي بن أبي طالب، ونعم السبطان سبطاك، وهما الحسن والحسين، ونعم الجنين جنينك، وهو محسن، ونعم الائمة الراشدون ذريتك، وهم فلان وفلان، ونعم الشيعة شيعتك، الا أن محمدا ووصية وسبطيه والائمة من ذريته هم الفائزون، ثم يؤمر بهم إلى الجنة، وذلك قوله: " فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز "(1).

وما الحيوة الدنيا: أي لذاتها وزخارفها.

إلا متع الغرور: مصدر أو جمع غار. شبهها بالمتاع الذي يدل به على المستام ويغر حتى يشتريه.

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاء‌هم جبرئيل (عليه السلام) والنبي مسجى وفي البيت فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " إن في الله (عزوجل) عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا لما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب هذا آخرو طي من الدنيا، قالوا فسمعنا الصوت ولم نر الشخص(2).

عنه: عن سلمة، عن علي بن سيف، عن أبيه، عن أبي اسامة زيد الشحام، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاء‌ت التعزية، أتاهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم أهل

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 128 عند تفسير لآية 185 من سورة آل عمران.

(2) الكافي: ج 3 ص 221 باب التعزي ح 5. (*)

[309]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336508

  • التاريخ : 28/03/2024 - 23:00

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net