00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة يس 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة يس

(36) سورة يس اثنتان أو ثلاث وثمانون آية (82 - 83) مكية

وقيل إلا آية وإذا قيل لهم أنفقوا.

بسم الله الرحمن الرحيم

(يس) اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل يا إنسان وقيل يا سيد .

(والقرءان الحكيم) المحكم أو الجامع للحكم .

(إنك لمن المرسلين).

(على صراط مستقيم) هو التوحيد .

(تنزيل العزيز الرحيم) بالرفع خبر محذوف والنصب بتقدير أعني .

(لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم) لم ينذرهم في الفترة رسول بشريعة وإن كان فيها أوصياء لامتناع خلو الزمان من حجة أو الذي أو شيئا أنذر به آباؤهم (فهم غافلون) ولذا أرسلت إليهم .

(لقد حق القول) بالعذاب (على أكثرهم فهم لا يؤمنون) باختيارهم .

(إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا) مثلوا في تصميمهم على الكفر وإعراضهم عن الإيمان بمن غلت أعناقهم (فهي) أي فالأيدي المدلول عليها بالغل مجموعة (إلى الأذقان) جمع ذقن مجمع اللحيين (فهم مقمحون) مرفوعة رءوسهم لا يستطيعون حفظها .

(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) مثلوا في تعاميهم عن الدلائل الواضحة بمن منعهم سدان أن يبصروا قدامهم وخلفهم .

(وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) فسر في البقرة .

(إنما تنذر) ينفع إنذارك (من اتبع الذكر) القرآن تدبره وعمل به (وخشي الرحمن بالغيب) من أمر الآخرة (فبشره بمغفرة وأجر كريم).

(إنا نحن نحيي الموتى) للبعث (ونكتب ما قدموا) من الطاعات والمعاصي (وءاثارهم) ما اقتدي بهم فيه بعدهم من حسنة وسيئة (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) هو علي (عليه السلام) أو اللوح المحفوظ .

(واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) أنطاكية (إذ جاءها المرسلون) رسل عيسى .

(إذ أرسلنا إليهم اثنين) صادق ومصدق (فكذبوهما فعززنا بثالث) قوينا (فقالوا) أي الرسل للكفرة (إنا إليكم مرسلون).

(قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء) رسالة (إن أنتم

[417]

إلا تكذبون) في دعواكم .

(قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون) زيد تأكيدا لزيادة إنكارهم .

(وما علينا إلى البلاغ المبين) البين بالحجج الواضحة .

(قالوا إنا تطيرنا) تشاء منا (بكم) إذا دعيتم كذبا وحلفتم عليه (لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم).

(قالوا طائركم) شؤمكم (معكم) بكفركم (أإن ذكرتم) وعظتم وجواب إن مقدر كتطيرتم (بل أنتم قوم مسرفون) متجاوزون الحد في الكفر .

(وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) يعدو وهو حبيب النجار (قال يا قوم اتبعوا المرسلين).

(اتبعوا) تأكيد للأول بوصف يوجب اتباعه وهو (من لا يسئلكم أجرا) على النصح (وهم مهتدون) إلى الحق .

(وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون).

(أأتخذ من دونه ءالهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم) التي زعموها (شيئا ولا ينقذون) من ذلك الضر .

(إني إذا) إن عبدت غيره (لفي ضلال مبين) بين .

(إني ءامنت بربكم) الذي خلقكم (فاسمعون) اسمعوا قولي .

(قيل ادخل الجنة) وذلك بعد موته أو قتله، بشره الرسل به أو حين هموا بقتله فرفع إلى الجنة حيا وحذف المقول للعلم به كأنه قيل ما قال في الجنة (قال يا ليت قومي يعلمون).

(بما غفر لي ربي) بغفرانه أو بالذي غفره (وجعلني من المكرمين) تمنى علمهم بحاله ليرغبوا في مثله .

(وما أنزلنا على قومه من بعده) بعد موته أو رفعه (من جند من السماء) ملائكة لإهلاكهم كما أنزلناهم لنصرك (وما كنا منزلين) ما صح في حكمنا إنزالهم أو ما أنزلناهم لإهلاك أحد .

(إن) ما (كانت) العقوبة (إلا صيحة واحدة) صاح بهم جبرائيل (فإذا هم خامدون) ميتون كأنهم كانوا نارا فصاروا رمادا .

(يا حسرة على العباد) احضري فهذا وقتك (ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون) بيان أنهم أحقاء بأن تتحسر عليهم الملائكة والثقلان بسبب استهزائهم الموجب لإهلاكهم .

(ألم يروا) ألم يعلم أهل مكة (كم أهلكنا قبلهم) كثيرا (من القرون) الأمم (أنهم إليهم لا يرجعون).

(وإن كل لما) إن المخففة واللام فارقة وما زائدة وقرىء بالتشديد بمعنى إلا، وإن نافية (جميع) خبر كل أي مجموع (لدينا محضرون) للحساب .

(وءاية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا) جنسه (فمنه يأكلون) قدم الجار إيذانا بأنه معظم القوت.

[418]

(و جعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب) من أنواعهما وخصا بالذكر لكثرة منافعهما (وفجرنا فيها من العيون) بعضهما .

(ليأكلوا من ثمره) ثمر المذكور من الجنات (وما عملته أيديهم) منه كالدبس ونحوه أو ولم تعمله أيديهم وإنما هو بخلق الله (أفلا يشكرون) إنكار لترك الشكر أي فليشكروا نعمه .

(سبحان الذي خلق الأزواج) الأصناف (كلها مما تنبت الأرض) من أزواج النبات (ومن أنفسهم) من الذكور والإناث (ومما لا يعلمون) من أزواج لم يروها ولم يسمعوا بها .

(وءاية لهم الليل نسلخ منه) نزيل ونفصل عن مكانه (النهار) استعير من سلخ الجلد (فإذا هم مظلمون) داخلون في الظلام .

(والشمس تجري لمستقر لها) لمنتهى دورها (ذلك تقدير العزيز العليم).

(والقمر قدرناه) من حيث سيره (منازل) ثمانية وعشرين ينزل كل ليلة منزلا منها (حتى) يتم الدور في ثماني وعشرين ليلة من كل شهر حتى (عاد) في آخر منازله للرائي (كالعرجون القديم) كالعذق العتيق في الدقة والتقوس والاصفرار وفي الأخبار ما كان لستة أشهر .

(لا الشمس ينبغي) يتأتى (لها أن تدرك القمر) في سرعة سيره لإخلال ذلك بالنظام (ولا الليل سابق النهار) لا يدخل في وقته بل يتعاقبان، وفي الرضوي: النهار قبل الليل واستدل بالآية (وكل) من الشمس والقمر والسيارات (في فلك يسبحون) يسيرون نزلت منزلة من تعقل أو لها أنفس تعقل .

(وءاية لهم أنا حملنا ذريتهم) وقرىء ذرياتهم أي صبيانهم ونسائهم (في الفلك المشحون) المملوء .

(وخلقنا لهم من مثله) مثل الفلك (ما يركبون) من الإبل فإنها سفن البر أو من السفن الصغار والكبار المعمولة بتعليمنا .

(وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ) مغيث (لهم ولا هم ينقذون) من الغرق .

(إلا رحمة منا ومتاعا) أي لا نخلصهم إلا لرحمتنا لهم وتمتيعنا إياهم (إلى حين) آجالهم .

(وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم) وقائع الأمم الماضية وأمر الساعة أو ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر أو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أو عكسه (لعلكم ترحمون) لتكونوا راجين رحمة الله وجواب إذا أعرضوا بدلالة .

(وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) لا يتفكرون فيها .

(وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله) من ماله على خلقه (قال الذين كفروا) مشركو قريش وقد استطعمهم فقراء المؤمنين أو منكرو الصانع (للذين ءامنوا) استهزاء بهم (أنطعم من لو يشاء الله أطعمه) في زعمكم (إن أنتم إلا في ضلال مبين) إذ أمرتمونا بما ينافي معتقدكم .

(ويقولون متى هذا الوعد) بالبعث (إن كنتم صادقين) فيه فأجابهم تعالى .

(ما ينظرون) ينتظرون (إلا صيحة واحدة) وهي النفخة الأولى.

[419]

(تأخذهم وهم يخصمون) يختصمون في أمورهم ومعاملاتهم في غفلة عنها .

(فلا يستطيعون توصية) بشيء (ولا إلى أهلهم يرجعون) من أسواقهم بل يموتون حيث تأخذهم .

(ونفخ في الصور) نفخة ثانية للبعث (فإذا هم من الأجداث) القبور (إلى ربهم ينسلون) يسرعون .

(قالوا) أي الكفار منهم (يا ويلنا) هلاكنا (من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون).

(إن) ما (كانت إلا صيحة واحدة) قيل يدل على أنها نفخة ثالثة (فإذا هم جميع لدينا محضرون) في موقف الحساب ويقال لهم حينئذ .

(فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) إلا جزاءه .

(إن أصحاب الجنة اليوم في شغل) سرور وملاذ (فاكهون) أي ناعمون .

(هم وأزواجهم في ظلال) لا تصيبهم الشمس جمع ظل أو ظلة (على الأرائك) السرر في الحجال (متكئون).

(لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون) لأنفسهم افتعال من الدعاء أو يتداعونه أو يتمنونه .

(سلام) بدل من ما أو خبر محذوف أو مبتدأ حذف خبره أي ولهم سلام (قولا) يقال لهم (من رب رحيم).

(وامتازوا اليوم أيها المجرمون) انفردوا عن المؤمنين وذلك عند اختلاطهم بهم في المحشر أو اعتزلوا عن كل خير أو تفرقوا في النار .

(ألم أعهد إليكم يا بني آدم) آمركم على ألسنة رسلي (أن لا تعبدوا الشيطان) لا تطيعوه (إنه لكم عدو مبين).

(وأن اعبدوني) وحدي (هذا) أي ما عهدت إليكم أو عبادتي وحدي (صراط مستقيم) نكر تعظيما .

(ولقد أضل منكم جبلا) أي خلقا (كثيرا أفلم تكونوا تعقلون) عداوته وإضلاله .

(هذه جهنم التي كنتم توعدون).

(اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون) بسبب كفركم .

(اليوم نختم على أفواههم) نمنعها النطق (وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) بإنطاق الله إياها .

(ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) لأعميناهم طمسا (فاستبقوا الصراط) أي الطريق المعتاد لهم (فأنى) فكيف (يبصرون) أي لا يبصرون .

(ولو نشاء لمسخناهم) قردة وخنازير أو حجارة (على

[420]

مكانتهم) مكانهم لا يبرحونه (فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون) لا يقدرون على ذهاب ولا مجيء .

(ومن نعمره) نطل عمره (ننكسه) نقلبه من النكس وشدد من التنكيس (في الخلق) بانتقاض بنيته وضعف قوته (أفلا يعقلون) أن من قدر على ذلك قادر على البعث .

(وما علمناه) أي النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (الشعر) بتعليم القرآن المباين له لفظا ومعنا رد لقولهم إنه شاعر (وما ينبغي) يتأتى (له إن هو إلا ذكر) عظة (وقرآن مبين) للأحكام والدلائل .

(لينذر) القرآن أو النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (من كان حيا) متعقلا لا غافلا كالميت أو مؤمنا فإنه المنتفع بالإنذار (ويحق القول) بالعذاب (على الكافرين) قوبل بهم الحي لأنهم في عداد الموتى .

(أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا) استعير عمل الأيدي للتفرد بالعمل (أنعاما) إبلا وبقرا وغنما (فهم لها مالكون) متملكون أو ضابطون قاهرون .

(وذللناها) سخرناها لهم (فمنها ركوبهم ومنها يأكلون) اللحم والجبن .

(ولهم فيها منافع) كالجلود وما نبت عليها (ومشارب) من لبنها (أفلا يشكرون) الله المنعم بذلك .

(واتخذوا من دون الله ءالهة) فوضعوا الشرك مكان الشكر (لعلهم ينصرون) رجاء أن يعضدوهم أو يمنعوهم من العذاب .

(لا يستطيعون نصرهم وهم لهم) لآلهتهم (جند محضرون) معدون لحفظهم وخدمتهم أو محضرون معهم في النار .

(فلا يحزنك قولهم) الباطل في الله أو فيك (إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون) فنجازيهم به .

(أولم ير الإنسان) يعلم المنكر للبعث (أنا خلقناه من نطفة) ثم نقلناه حالا فحالا حتى أكملنا عقله (فإذا هو خصيم مبين) ومن قدر على ذلك كيف لا يقدر على الإعادة .

(وضرب لنا مثلا) أمرا عجيبا وهو نفي قدرته تعالى على إحياء الموتى (ونسي خلقه) من النطفة (قال من يحيي العظام وهي رميم) بالية .

(قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) فإنه على إعادتها أقدر (وهو بكل خلق) مخلوق (عليم) فيعلم تفاصيله وأجزاءه المتفرقة في البقاع والسبأع وغيرها فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل والمأكول .

(الذي جعل لكم من الشجر الأخضر) المرخ والعفار أو كل شجر إلا العناب (نارا) يحك بعضه ببعض غصنين رطبين فتنقدح النار (فإذا أنتم منه توقدون) متى شئتم فمن قدر أن يودع النار في جسم رطب يقطر منه الماء المضاد لها فتستخرج منه عند الحاجة قادر على البعث .

(أوليس الذي خلق السموات والأرض) مع عظمهما (بقادر على أن يخلق مثلهم) في الصغر أي يعيدهم (بلى وهو الخلاق العليم) بكل شيء .

(إنما أمره) شأنه (إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).

(فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء) بقدرته عليه (وإليه ترجعون) في الآخرة فيجازي كلا بعمله.

[421]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335593

  • التاريخ : 28/03/2024 - 16:19

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net