00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة النمل 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة النمل

 (27) سورة النمل ثلاث أو أربع وتسعون آية (93 - 94) مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

(طس تلك) إشارة إلى آي السورة (ءايات القرآن وكتاب مبين) للحق من الباطل والكتاب اللوح أو القرآن .

(هدى وبشرى للمؤمنين) بالجنة .

(الذين يقيمون الصلاة) بحدودها (ويؤتون الزكاة) بتمامها (وهم بالآخرة هم يوقنون) من تتمة الصلة والواو للحال أو للعطف وغير النظم إيذانا بكمال إيقانهم .

(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم) القبيحة بتخلية الشيطان حتى زينها لهم (فهم يعمهون) يتحيرون فيها كمن ضل الطريق .

(أولئك الذين لهم سوء العذاب) أشده كالقتل والأسر ببدر (وهم في الآخرة هم الأخسرون) أشد الناس خسرانا لاستبدالهم النار بالجنة .

(وإنك لتلقى القرآن) تلقنه (من لدن حكيم عليم.

[363]

إذ قال موسى لأهله) لامرأته في مسيره من مدين إلى مصر (إني ءانست) أبصرت (نارا سآتيكم منها بخبر) عن الطريق وكان قد ضله وخوطبت بلفظ الجمع لما كنى عنها بالأهل (أو ءاتيكم بشهاب قبس) بشعلة نار مقبوسة (لعلكم تصطلون) رجاء أن تستدفئوا بها .

(فلما جاءها نودي أن) أي (بورك من في النار) من في مكانها وهو البقعة المباركة يعني الملائكة والشجر أو النور المتقد بها (ومن حولها) أي موسى أو الملائكة (وسبحان الله رب العالمين) مما نودي به تنزيه له تعالى عن التشبيه .

(يا موسى إنه) أي الشأن (أنا الله العزيز الحكيم).

(وألق عصاك) فألقاها (فلما رءاها تهتز) تتحرك (كأنها جان) حية خفيفة (ولى مدبرا ولم يعقب) ولم يرجع فقال تعالى (يا موسى لا تخف) منها أو مطلقا بدليل (إني لا يخاف لدي المرسلون) لعصمتهم عما يوجب عقوبة يخافونها وإن كانوا أخوف الناس هيبة لعظمته تعالى .

(إلا) لكن (من ظلم) نفسه من غيرهم بذنب أو منهم بترك الأولى وعلى هذا يجوز جعله متصلا (ثم بدل حسنا بعد سوء) توبة بعد ذنب أو ترك أولى (فإني غفور رحيم) أقبل توبته وأثيبه .

(وأدخل يدك في جيبك) طرف مدرعتك (تخرج بيضاء) ذات شعاع (من غير سوء) برص آيتان (في تسع ءايات) أي معها وهي الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس والجدب ونقص الثمرات (إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين) علة الإرسال .

(فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرة) واضحة كأنها تبصر وتهدي وأريد إبصار متأمليها للملابسة وعن السجاد (عليه السلام) مبصرة بفتحهما (قالوا هذا سحر مبين) بين .

(وجحدوا) وكذبوا (بها واستيقنتها أنفسهم) الواو للحال بإضمار قد (ظلما) لأنفسهم (وعلوا) ترفعا عن الإيمان (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) من الغرق عاجلا والنار آجلا .

(ولقد ءاتينا داود وسليمان علما) أي علم أي نوع من العلم (وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) ممن لم يؤت مثل علمها ودل على شرف العلم وأهله .

(وورث سليمان داود) ماله وملكه وقيل نبوته وعلمه بأن قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه وهم تسعة عشر الأول مروي (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير) أصواته وفهم معانيها وضمير علمنا له ولأبيه أو له على عادة الملوك وكذا (وأوتينا من كل شيء) يريد كثرة ما أوتي به (إن هذا لهو الفضل المبين) البين الظاهر .

(وحشر) وجمع (لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون) بحبس أولهم على آخرهم ليلاحقوا .

(حتى إذا أتوا على وادي النمل) واد بالشام أو الطائف كثير النمل والتعدي بعلى لأنهم أتوا من فوق أو لقطعهم الوادي من أتى على الشيء بلغ آخره (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا

[364]

مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) بحطمكم كأنها عرفت عصمته عن الظلم .

(فتبسم ضاحكا من قولها) تعجبا من حذرها أو تحذيرها (وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي) أدرج ذكرهما لأن النعمة عليهما وبالعكس (وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) في جملتهم الجنة .

(وتفقد الطير) وكانت تظله عن الشمس فوقعت نفحة منها على رأسه فنظر فإذا موضع الهدهد خال أو احتاج إليه لأنه يرود له الماء لأنه يراه من بطن الأرض (فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) فلم أره لغيبة .

(لأعذبنه عذابا شديدا) بنتف ريشه وتشميسه أو حبسه مع ضده في قفص (أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) لعذره .

(فمكث) بالضم أو الفتح (غير بعيد) زمانا يسيرا (فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ) منونا اسم للحي أو أبيهم سبأ بن يشحب بن يعرب (بنبإ يقين) بخبر متيقن .

(إني وجدت امرأة تملكهم) أي ملكة لسبأ أو أهلها وهي بلقيس (وأوتيت من كل شيء) يحتاج إليه الملوك (ولها عرش) سرير (عظيم) بالنسبة إليها أو لأنه لم يكن لسليمان مثله وإن عظم ملكه وكان ثلاثين أو ثمانين ذراعا في مثلها عرضا وسمكا من ذهب وفضة مكللا بالجوهر .

(وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله) كانوا مجوسا يعبدونها (وزين لهم الشيطان أعمالهم) القبيحة (فصدهم عن السبيل) سبيل الحق (فهم لا يهتدون) إليه .

(ألا يسجدوا) فصدهم أن لا يسجدوا أو زين لهم أن لا يسجدوا بإبداله من (أعمالهم) أو لا يهتدون لأن يسجدوا (لله الذي يخرج الخبء) مصدر بمعنى المخبوء وهو ما خفي (في السموات والأرض) كالنبات والمطر بل كلما يخرجه من العدم إلى الوجود (ويعلم ما تخفون وما تعلنون) ما يسرونه وما يظهرونه .

(الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) لإحاطته بالعلم .

(قال سننظر) سنتأمل في أمرك (أصدقت أم كنت من الكاذبين) عدل عن أم كذبت مبالغة وللفاصلة ثم كتب كتابا وقال له .

(اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم) إلى الذين دينهم ما ذكرت واهتم بأمر الدين فلم يقل إليها (ثم تول) تنح (عنهم) متواريا قريبا منهم (فانظر ماذا يرجعون) أي بعضهم إلى بعض من القول فألقاه في حجرها فلما قرأته .

(قالت) لأشراف قومها (يا أيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم) لكرم مرسله أو مضمونه أو لأنه كان مختوما .

(إنه) أي الكتاب أو عنوانه (من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم).

(ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) منقادين أو مؤمنين وقد اشتمل مع إيجازه على تمام المقصود من إثبات الصانع وصفاته بالبسملة والنهي عن التكبر والأمر بالانقياد كل ذلك مع إظهار المعجز برسالة هدهد .

[365]

(قالت يا أيها الملؤا أفتوني في أمري) أجيبوني بما عندكم من الرأي (ما كنت قاطعة) قاضية (أمرا حتى تشهدون) تحضرون ملاطفة لهم ليقوموا معها .

(قالوا نحن أولوا قوة) بأجنادنا وعددنا (وأولوا بأس شديد) شجاعة ونجدة (والأمر إليك) مفوض (فانظري ماذا تأمرين) من حرب أو صلح .

(قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية) عنوة وقهرا (أفسدوها) خربوها (وجعلوا أعزة أهلها أذلة) أهانوهم بالقتل والأسر ونهب الأموال (وكذلك يفعلون) تقرير لما وصفتهم به أو تصديقا لها من الله تعالى .

(وإني مرسلة إليهم) رسلا (بهدية) أصانعه بها عن ملكي (فناظرة بم يرجع المرسلون) من حالة فأعمل بحسبه .

(فلما جاء) الرسول بما معه (سليمان قال) إنكارا (أتمدونن بمال فما ءاتاني الله) من النبوة والكمالات والقراءة (خير مما ءاتاكم) من حظ الدنيا (بل أنتم بهديتكم) بما يهدى إليكم (تفرحون) حبا لزيادة المال لقصر هممكم عليه .

(ارجع إليهم) بما جئت من الهدية (فلنأتينهم بجنود لا قبل) لا طاقة (لهم بها ولنخرجنهم منها) من سبأ (أذلة) بذهاب عزهم (وهم صاغرون) بأسر وإهانة إن لم يأتوا مسلمين إذ لا يحل له أخذهم إذا أسلموا .

(قال يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين).

(قال عفريت) مارد قوي (من الجن أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك) مجلسك للحكم ومدته نصف النهار (وإني عليه) على حمله (لقوي أمين) على ما فيه من جوهر وغيره .

(قال الذي عنده علم من الكتاب) الكتب المنزلة آصف بن برخيا وزيره كان صديقا يعلم اسم الله الأعظم أو الخضر أو جبرئيل أو سليمان (أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) الطرف تحريك الأجفان للنظر (فلما رءاه مستقرا) ساكنا (عنده قال) شكرا (هذا من فضل ربي ليبلوني) ليختبرني (أأشكر) نعمته (أم أكفر) بها (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) لاستدامته لها به واستزادتها (ومن كفر فإن ربي غني) عن شكره وغيره (كريم) يعطيه مع كفره .

(قال نكروا لها عرشها) بتغيير هيئته اختبارا لعقلها (ننظر أتهتدي) لمعرفته أو للجواب الصائب أو للإيمان (أم تكون من الذين لا يهتدون).

(فلما جاءت قيل أهكذا عرشك) تشبيها عليها (قالت كأنه هو) كانت حكيمة لم تقل هو لجواز كونه مثله (وأوتينا العلم من قبلها

[366]

وكنا مسلمين) قول سليمان أي أوتينا العلم بالله وقدرته قبلها وكنا مخلصين له أو من كلامها أي أوتينا العلم بقدرة الله وصحة نبوة سليمان من قبل هذه المعجزة أو الحالة بما سبق من المعجزات .

(وصدها) قبل ذلك عن الإسلام (ما كانت تعبد من دون الله) أي عبادة الشمس أو صدها الله أو سليمان عن عبادتها (إنها كانت من قوم كافرين) نشأت بين أظهرهم .

(قيل لها ادخلي الصرح) القصر أو صحن الدار وكان من زجاج أبيض وأجري تحته ماء فيه سمك فجلس في صدره على سريره قصد به تهويل مجلسه (فلما رأته حسبته لجة) ماء غامرا (وكشفت عن ساقيها) لتخوضه فوجدها أحسن الناس ساقا وقدما إلا أنها شعراء فأمر الجن فعملت لها النورة (قال) لها (إنه صرح ممرد) مملس (من قوارير) من زجاج (قالت رب إني ظلمت نفسي) بعبادة الشمس (وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) فتزوجها وأقرها على ملكها وكان يزورها كل شهر مرة فيقيم عندها ثلاثة أيام .

(ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن) بأن (اعبدوا الله) وحده (فإذا هم فريقان) مؤمن وكافر (يختصمون) في الدين .

(قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة) بالعذاب بقولكم ائتنا بما تعدنا (قبل الحسنة) قبل الثواب وقد مكنتم التوصل إليها بأن تؤمنوا (لو لا) هلا (تستغفرون الله) بأن تتوبوا فلا تعذبون (لعلكم ترحمون).

(قالوا اطيرنا) تطيرنا أدغمت التاء في الطاء ووصل بهمزة أي تشاء منا (بك وبمن معك) وباتباعك وكانوا قد قحطوا (قال طائركم) سبب شؤمكم (عند الله) وهو قدره أو عملكم المثبت عنده (بل أنتم قوم تفتنون) تختبرون بالرخاء والشدة أو تعذبون .

(وكان في المدينة تسعة رهط) ميز به التسعة لأنه بمعنى الجمع وهو من الثلاثة إلى العشرة أي تسعة رجال (يفسدون في الأرض ولا يصلحون) ولا يخلطون إفسادهم بصلاح .

(قالوا) فيما بينهم (تقاسموا بالله) أمر أو خبر بدل أو حال بتقدير قد (لنبيتنه) بالنون على التكلم أي لنقتلن صالحا وقرىء بالتاء على خطاب بعضهم بعضا (وأهله) ليلا (ثم لنقولن) بالقراءتين (لوليه) لولي دمه (ما شهدنا مهلك أهله) بضم الميم مصدر أو زمان أو مكان من أهلك (و) الحال (إنا لصادقون) إذ الشاهد غير المباشر بزعمهم .

(ومكروا مكرا) بهذا التدبير (ومكرنا مكرا) بمجازاتهم بإهلاكهم (وهم لا يشعرون) بذلك .

(فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين).

(فتلك بيوتهم خاوية) خالية أو ساقطة حال عاملها الإشارة (بما ظلموا) بظلمهم (إن في ذلك لآية) لعبرة (لقوم يعلمون) فيعتبرون .

(وأنجينا الذين ءامنوا) صالحا ومن معه (وكانوا يتقون) الشرك والمعاصي .

(ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة) اللواط (وأنتم تبصرون) تعلمون فحشها من بصر القلب والقبيح من العالم به أقبح .

(أئنكم لتأتون الرجال) بيان الفاحشة (شهوة) علة تقرر قبحه.

[367]

(من دون النساء) اللاتي خلقهن لكم (بل أنتم قوم تجهلون) عاقبتها أو تفعلون فعل من يجهل فحشها .

(فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) يتنزهون عن أفعالنا .

(فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين) الباقين في العذاب .

(وأمطرنا عليهم مطرا) هو الحجارة (فساء مطر المنذرين) مطرهم .

(قل) يا محمد (الحمد لله) على إهلاك كفرة الأمم الماضية ونصر رسله عليهم (وسلام على عباده الذين اصطفى) اختارهم حججا على خلقه (ءالله خير) لمن يعبده (أما يشركون) به يا أهل مكة من الأصنام لعبدتها إلزام لهم وتهكم بهم إذ لا خير فيما أشركوه أصلا .

(أمن) بل من (خلق السموات والأرض) التي هي أظهر الحسيات ومنشأ المنافع (وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به) التفت إلى التكلم تأكيدا لاختصاص الإثبات به (حدائق) بساتين محوطة (ذات بهجة) حسن ونضارة (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) أي لم تقدروا عليه (أءله مع الله) يقدر على مثل ذلك أي لا إله معه (بل هم قوم يعدلون) به غيره أو عن الحق .

(أمن جعل) وما بعده بدل أمن خلق (الأرض قرارا) يستقر عليها الناس والدواب بثبوتها (وجعل خلالها) وسطها (أنهارا) جارية (وجعل لها رواسي) جبالا تثبتها لئلا تميد (وجعل بين البحرين) العذب والمالح (حاجزا) لهما أن يختلطا (أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون) الحق لعدم تدبرهم .

(أمن يجيب المضطر إذا دعاه) المكروب الذي ألجأه الضر إلى الله بشرائط الدعاء (ويكشف السوء) يزيل من عباده ما يسوؤهم (ويجعلكم خلفاء الأرض) أي فيها بتوارثكم سكناهم والتصرف فيها قرنا بعد قرن (أءله مع الله قليلا ما تذكرون) أي تتذكرون نعمه تذكرا قليلا .

(أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر) بالنجوم وعلامات الأرض وظلماتهما ظلمات الليل فيهما أو مبهما أو مبهمات طرقهما (ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته) قدام المطر (أءله مع الله) الخالق (تعالى الله عما يشركون) به من المخلوق .

(أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض) بالمطر والنبات (أءله مع الله) يفعل شيئا مما ذكر (قل هاتوا برهانكم) حجتكم على أن مع الله إلها (إن كنتم صادقين) في ذلك .

(قل لا يعلم من في السموات والأرض) من الملائكة والثقلين (الغيب

[368]

إلا الله) متصل وأريد بمن فيهما من تعلق علمه بهما ولو إجمالا لا من فيهما حقيقة ليعلم الله وأولو العلم من خلقه بالتشكيك كالعالم والرحيم فليس فيه سوء أدب بإبهام التسوية بينه تعالى وبينهم أو منقطع ورفع مستثناه على لغة تميم والمعنى إن كان الله ممن فيهما ففيهما من يعلم الغيب لكنه ليس منهم فلا يعلمونه وفيه أن استثناء نقيض المقدم لا ينتج فلا يلزم من امتناع كونه تعالى ممن فيهما عدم علمه الغيب (وما يشعرون أيان) متى (يبعثون).

(بل ادارك) تدارك وقرىء أدرك كأكرم أي انتهى وتكامل (علمهم في الآخرة) في شأنها أي حصل لهم بالحجج أسبأب استحكام العلم وتكامله بأن القيامة كائنة وهم ينكرونه وقيل وصفوا بالعلم تهكما بهم (بل هم في شك منها) مع تمكنهم من اليقين بتدبر حججها (بل هم منها عمون) عن إدراك حججها لعدم التدبر .

(وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وءاباؤنا أإنا لمخرجون) من القبور تقدير لعماهم .

(لقد وعدنا هذا نحن وءاباؤنا من قبل) قبل وعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (إن هذا إلا أساطير الأولين) أكاذيبهم التي سطروها .

(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين) تهديد لهم على الكفر بأن يصيبهم ما أصاب الكفرة قبلهم .

(ولا تحزن عليهم) حرصا على إيمانهم (ولا تكن في ضيق مما يمكرون) في ضيق صدر من مكرهم فأنا عاصمك منهم .

(ويقولون متى هذا الوعد) العذاب الموعود (إن كنتم صادقين) فيه .

(قل عسى أن يكون ردف لكم) لحقكم واللام زائدة أو ضمن ردف معنى أزف ودنا (بعض الذي تستعجلون) وقوعه وهو عذاب بدر .

(وإن ربك لذو فضل على الناس) ومنه تأخير عذاب الكفرة (ولكن أكثرهم لا يشكرون) فضله عليهم .

(وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم) تخفيه (وما يعلنون) يظهرونه فيجازيهم به .

(وما من غائبة في السماء والأرض) خافية فيهما وهما اسمان لما يغيب ويخفى كالذبيحة أو صفتان والتاء للمبالغة كالراوية (إلا في كتاب مبين) وهو اللوح .

(إن هذا القرءان يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون) كأمر عزير وعيسى وغيرهما .

(وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين) لمن آمن منهم ومن غيرهم .

(إن ربك يقضي بينهم) بين من آمن ومن كفر (بحكمه) بما يحكم به وهو عدله (وهو العزيز) فلا يغلب (العليم) بالقضاء بالحق .

(فتوكل على الله) ولا تكترث بهم (إنك على الحق المبين) البين والمحق أحق بأن يثق بنصر الله .

(إنك لا تسمع الموتى) شبهوا بالموتى لعدم تدبرهم ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في (ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) فهم حينئذ بعيد عن الأسماع .

(وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) مخلصون بالتوحيد .

(وإذا وقع القول عليهم) أي قرب وقوع المقول وهو ما وعدوه من البعث والعذاب

[369]

(أخرجنا لهم دابة من الأرض) تضافرت الأخبار أن الدابة أمير المؤمنين ومعه عصا موسى وخاتم سليمان يسم المؤمن والكافر (تكلمهم) فيقول حاكية لقول الله (أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) أي بالقرآن أو بخروجها .

(ويوم نحشر من كل أمة) من للتبعيض (فوجا) جماعة (ممن يكذب بآياتنا) بيان للفوج وهم رؤساؤهم وقادتهم (فهم يوزعون) يحبس أولهم على آخرهم ليجتمعوا وفسرت في الأخبار بالرجعة وأما الحشر الأكبر فقوله وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا .

(حتى إذا جاءوا) الموقف (قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما) أي كذبتم بها بادىء الرأي غير متأمليها (أما ذا) أم أي شيء (كنتم تعملون) به وهو تبكيت إذ لم تعملوا سوى التكذيب .

(ووقع القول عليهم) غشيهم العذاب الموعود وهو النار بعد ذلك (بما ظلموا) بظلمهم بالتكذيب (فهم لا ينطقون) بعذر لعدمه وشغلهم بالنار .

(ألم يروا أنا جعلنا الليل) خلقناه (ليسكنوا فيه) بالنوم والدعة (والنهار مبصرا) أي ليتبصروا فيه (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) دلالات لهم على التوحيد والبعث والنبوة إذ تعاقب النور والظلمة إنما يتم بقدرة قاهر ويشبه النوم بالموت والانتباه بالبعث ولأن من جعل ذلك لبعض مصالحهم كيف يهمل ما هو مناط جميعها من بعث رسول إليهم .

(ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض) عند النفخة الأولى وعبر بالماضي لتحقق وقوعه (إلا من شاء الله) ممن ثبت قلبه وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وقيل الشهداء (وكل أتوه داخرين) صاغرين .

(وترى الجبال تحسبها جامدة) واقعة مكانها (وهي تمر مر السحاب) في السرعة وكذا الأجرام العظام إذا تحركت لا تكاد تظهر حركتها (صنع الله) أي صنع الله ذلك صنعا (الذي أتقن) أحكم (كل شيء) صنعه (إنه خبير بما تفعلون) فيجازيكم .

(من جاء بالحسنة فله خير منها) بالأضعاف وبأن العمل منقض والثواب دائم وخير منها الجنة (وهم من فزع يومئذ ءامنون).

(ومن جاء بالسيئة) قيل بالشرك (فكبت وجوههم في النار) ألقوا فيها منكوسين وعبر بالوجوه عن ذواتهم ويقال لهم (هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) وعن علي (عليه السلام) في الآية الحسنة حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا قل لهم .

(إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة) أي مكة (الذي حرمها) أي جعلها حرما ءامنا (وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين) المخلصين بالتوحيد .

(وأن أتلو القرآن) عليكم أدعوكم إلى ما فيه أو أتبعه (فمن اهتدى) بإجابته لي في ذلك (فإنما يهتدي لنفسه) لعود نفعه إليه (ومن ضل) بترك الإجابة (فقل إنما أنا من المنذرين) فما علي إلا الإنذار .

(وقل الحمد لله) على نعمة الرسالة وغيرها (سيريكم ءاياته) في الآخرة (فتعرفونها) يقينا أنها آية (وما ربك بغافل عما تعملون) بالياء والتاء وإنما يمهلهم لوقتهم.

[370]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 22215887

  • التاريخ : 3/02/2025 - 22:36

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net