00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة التوبة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة التوبة

(9) سورة التوبة مائة وتسع وعشرون آية (129) مدنية

وقيل إلا آيتين آخرها لم تصدر بالبسملة

روي عن علي (عليه السلام) أن البسملة أمان وهي نزلت لرفع الأمن بالسيف وروي أنها آخر سورة نزلت.

 (أعوذ بالله من النار ومن شر الكفار العزة لله ولجميع المؤمنين) (براءة) واصلة (من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) الناكثين أي خروج من عهودهم .

(فسيحوا) أيها المشركون أي سيروا (في الأرض أربعة أشهر) أجلهم الله من يوم النهر إلى تمام أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث وجدوا (واعلموا أنكم غير معجزي الله) لا تفوتونه وإن أمهلكم (وأن الله مخزي الكافرين) مذلهم في الدارين .

(وأذان) إيذان إعلام (من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) سمي الأكبر لأنها كانت سنة تحج فيها المسلمون والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة (أن) بأن (الله بريء من المشركين ورسوله) عطف على المستكن في برىء وقرىء بالنصب عطفا على اسم أن أو بواو المعية (فإن تبتم) من الشرك (فهو) فتوبتكم (خير لكم وإن توليتم) عن الإيمان (فاعلموا أنكم غير معجزي الله) غير فائتيه في الدنيا (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) في الآخرة .

(إلا الذين عاهدتم من المشركين) استثناء من المشركين أو استدراك أي ولكن من عاهدتم منهم (ثم لم ينقصوكم شيئا) من شروط العهد (ولم يظاهروا) يعاونوا (عليكم أحدا) من عدوكم (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) إلى انقضاء مدتهم التي عاهدتم عليها (إن الله يحب المتقين) بإتمام العهد .

(فإذا انسلخ) انقضى (الأشهر الحرم) التي هي مدة الأمان للناكثين (فاقتلوا المشركين) الناكثين (حيث وجدتموهم) في حل وحرم (وخذوهم) وأسروهم (واحصروهم) امنعوهم دخول مكة أو من الخروج إن تحصنوا (واقعدوا لهم كل مرصد) طريق يسلكونه (فإن تابوا) من الشرك (وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة) أي التزموا فعلهما وقبلوه (فخلوا سبيلهم) دعوهم ولا تعرضوا لهم (إن الله غفور رحيم).

(وإن أحد من المشركين) المأمور بقتلهم رفع بما يفسره (استجارك) استأمنك (فأجره) آمنه (حتى يسمع كلام الله) ويتدبره (ثم أبلغه مأمنه) موضع أمنه أي وطنه إن لم يؤمن (ذلك) الأمن (بأنهم قوم لا يعلمون) الإيمان فآمنهم حتى يستمعوا فيعلموا .

(كيف) إنكار أي لا (يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) يفون به لهما مع إضمارهم الغدر (إلا

[200 ]

الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) هم المستثنون قبل (فما استقاموا لكم) على العهد (فاستقيموا لهم) على الوفاء به (إن الله يحب المتقين) فسر .

(كيف) يكون لهم عهد وحذف للعلم به كرر إنكار وفائهم بالعهد أو بقاء حكمه مع ما بينهم العلة (وإن يظهروا) بكم يظفروا (عليكم) والواو للحال (لا يرقبوا) لا يرعوا (فيكم إلا) قرابة أو حلفا (ولا ذمة) عهدا أي لا يبقون عليكم بجهدهم (يرضونكم بأفواههم) يظهرون لكم الموالاة بكلامهم (وتأبى قلوبهم) إلا العداوة والغدر (وأكثرهم فاسقون) متمردون لا وفاء لهم .

(اشتروا بآيات الله) القرآن أي استبدلوا باتباعه (ثمنا قليلا) عرضا يسيرا من اتباع الشهوات (فصدوا) الناس أو أعرضوا (عن سبيله) دينه (إنهم ساء ما كانوا يعملون).

(لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) لا تكرار إذ الأول عام (و) هذا يخص المشترين (أولئك هم المعتدون) في الطغيان .

(فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم) فهم إخوانكم (في الدين) كسائر المؤمنين (ونفصل الآيات) نبينها (لقوم يعلمون) يتأملونها .

(وإن نكثوا أيمانهم) مواثيقهم (من بعد عهدهم) عقدهم (وطعنوا في دينكم) عابوه (فقاتلوا أئمة الكفر) وضعوا موضع المضمر لصيرورتهم بذلك (إنهم لا أيمان لهم) أي لا يحفظون أيمانهم وقرىء بالكسر كما عن الباقر (عليه السلام) أي الإيمان أو لا إسلام (لعلهم ينتهون).

(ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم) التي عقدوها معكم (وهموا بإخراج الرسول) من مكة حين تشاوروا في أمره في دار الندوة (وهم بدءوكم) بالمعاداة أو المقاتلة (أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه) في أمره (إن كنتم مؤمنين) فإن المؤمن لا يخشى إلا الله .

(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم) يذلهم بالأسر والقهر (وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين).

(ويذهب غيظ قلوبهم) حنقها لما فعل بهم وقد وفى بما وعدهم ففيه إعجاز (ويتوب الله على من يشاء) ممن يتوب مخلصا منهم (والله عليم) بمن يتوب (حكيم) في أحكامه .

(أم) بل (حسبتم) إنكار خطاب للمؤمنين حين كره بعضهم القتال وقيل للمنافقين (أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا) ولم يظهر المجاهدون (منكم) بإخلاص من غيرهم وأريد بنفي العلم نفي المعلوم مبالغة فإنه مهما كان شيء علمه الله (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) بطانة يناجونهم (والله خبير بما تعملون).

[201 ]

(ما كان) ما صح (للمشركين أن يعمروا مساجد الله) شيئا منها أو المسجد الحرام وجمع لأنه قبلة المساجد فكأنه الجميع (شاهدين) حال من الواو (على أنفسهم بالكفر) أي يدل قولهم وفعلهم على كفرهم (أولئك حبطت) بطلت (أعمالهم) التي هي من جنس الطاعة لفقد شرطها (وفي النار هم خالدون.

إنما يعمر مساجد الله من ءامن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة) لا يعمرها إلا من جمع فيه هذه الخصال وعمارتها رمها وكنسها وفرشها والإسراج فيها وزيارتها وشغلها بالعبادة والذكر (ولم يخش) في أمر الدين (إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) إلى طريق الجنة أي هم منهم لأن عسى من الله واجب وفيها ردع للمؤمنين أن يغتروا بحالهم .

(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام) أي أهل السقاية والعمارة (كمن ءامن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) كإيمان من آمن نزلت حين افتخر العباس وشيبة بالسقاية والحجابة وعلي وحمزة وجعفر بالإيمان والجهاد في سبيل الله (لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) الكافرين بل يتركهم وما اختاروا من الضلال وهو بيان لعدم استوائهم .

(الذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) أعلى رتبة وأكثر فضلا من غيرهم (وأولئك هم الفائزون) الظافرون بالبغية .

(يبشرهم) بالتشديد والتخفيف (ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم) دائم .

(خالدين فيها أبدا) زمانا لا نهاية له (إن الله عنده أجر عظيم).

(يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء) يصدونكم عن الدين قيل لما أمر الناس بالهجرة فمنهم من تعلق به أبواه وأهله وولده فترك الهجرة لأجلهم فنزلت (إن استحبوا الكفر) اختاروه (على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) بوضع التولي في غير محله .

(قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وأزواجكم وعشيرتكم) أقرباؤكم وقرىء عشيراتكم (وأموال اقترفتموها) اكتسبتموها (وتجارة تخشون كسادها) عدم نفاقها (ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله) فأثرتموه على الهجرة والجهاد (فتربصوا) فانتظروا (حتى يأتي الله بأمره) بعقوبته أو بحكمه تهديد لهم (والله لا يهدي

[202 ]

القوم الفاسقين) إلى ثوابه .

(لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) عنهم (عليهم السلام) أنها ثمانون (ويوم حنين) واد بين مكة والطائف (إذ أعجبتكم كثرتكم) حتى قال أبو بكر وغيره لن نغلب اليوم من قلة وكانوا اثنى عشر ألفا والعدو أربعة آلاف (فلم تغن) تدفع (عنكم) كثرتكم (شيئا) من السوء (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) برحبها أي مع سعتها فلم تطمئنوا إلى موضع تفرون إليه لشدة خوفكم (ثم وليتم) العدو ظهوركم (مدبرين) منهزمين .

(ثم أنزل الله) بعد الهزيمة (سكينته) طمأنينته ورحمته (على رسوله وعلى المؤمنين) حين رجعوا أو الثابتين منهم (وأنزل جنودا لم تروها) من الملائكة والتقى الجمعان (وعذب الذين كفروا) بالقتل والأسر (وذلك) التعذيب (جزاء الكافرين) في الدنيا .

(ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء) ممن يتوب منهم مخلصا (والله غفور رحيم).

(يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجس) قذر مصدر نجس ولذا لم يجمع وقيل أريد نجاستهم عينا وقيل حكما لشركهم فإنه بمنزلة النجس أو لأنهم لا يتطهرون (فلا يقربوا المسجد الحرام) النهي عن القرب مبالغة أو للمنع من دخول الحرم (بعد عامهم هذا) عام براءة تسع (وإن خفتم عيلة) فقرا بانقطاع متاجرهم منكم (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم) بالصالح (حكيم) في التدبير .

(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر) إيمانا صحيحا فإيمانهم كلا إيمان (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق) الثابت الناسخ لغيره (من) بيانية (الذين أوتوا الكتاب) اليهود والنصارى وألحقوا بهم المجوس، وروي أن لهم نبيا قتلوه وكتابا حرفوه (حتى يعطوا الجزية) ما ضرب عليهم من المال (عن يد) حال من الجزية أي نقدا مسلمة عن يد إلى يد أو من الواو أي منقادين مسلمين بأيديهم لا بنائب أو عن قهر عليهم أي مقهورين (وهم صاغرون) أذلاء .

(وقالت اليهود) أي بعض أسلافهم أو من بالمدينة (عزير ابن الله وقالت النصارى) أي بعضهم (المسيح ابن الله) إنكار لحصول ولد بلا أب (ذلك قولهم بأفواههم) لا حجة لهم عليه (يضاهئون) يضاهي قولهم (قول الذين كفروا من قبل) من قبلهم أي أسلافهم أو المشركون القائلون الملائكة بنات الله (قاتلهم الله) أهلكهم أو لعنهم (أنى يؤفكون) كيف يصرفون عن الحق مع قيام الحجة .

(اتخذوا أحبارهم) علماء اليهود (ورهبانهم) عباد النصارى (أربابا من دون الله) حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم وتحريم ما أحل (والمسيح ابن مريم) إذ جعلوه ابنه وعبدوه (وما أمروا) في كتابهم (إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه) تنزيها له (عما يشركون) عن إشراكهم به .

(يريدون أن يطفئوا نور الله) يبطلوا برهانه ودينه والقرآن.

[203 ]

(بأفواههم) بتكذيبهم (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) بإظهار حججه وإعزاز دينه (ولو كره الكافرون) إتمامه .

(هو الذي أرسل رسوله) محمدا (بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) على جميع الأديان بالحجة والغلبة فينسخها أو على أهلها فيقهرهم، وعن الباقر (عليه السلام) أن ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد (ولو كره المشركون) ذلك .

(يا أيها الذين ءامنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل) كالرشاء في الحكم وسمي الأخذ أكلا لأن معظمه له (ويصدون عن سبيل الله) دينه (والذين يكنزون الذهب والفضة) من المسلمين وغيرهم (ولا ينفقونها في سبيل الله) لا يؤدون زكاتها قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما أدى زكاته فليس بكنز (فبشرهم بعذاب أليم) مؤلم .

(يوم يحمى) يوقد (عليها في نار جهنم) حتى تصير نارا (فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم) لأنها أصول الجهات الأربع من مقاديم البدن ومؤخره وجنبه فيستوعبه الكي (هذا ما كنزتم) بتقدير القول (لأنفسكم) لنفعها صار ضررا لها (فذوقوا ما كنتم تكنزون) أي وباله .

(إن عدة الشهور) المعتبرة للسنة (عند الله اثنا عشر شهرا) ثابتة (في كتاب الله) اللوح أو حكمه (يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم) ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب (ذلك) أي تحريمها (الدين القيم) القويم دين إبراهيم ومنه ورثه العرب (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) بالمعاصي فإن الوزر فيهن أعظم، قيل نسخ تحريم القتال فيها لأن غزاة حنين والطائف في شوال وذي القعدة وقيل الضمير لكل الشهور (وقاتلوا المشركين كافة) جميعا مصدر وقع حالا (كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين) بالنصر والحفظ ‌.

(إنما النسيء) مصدر نسأه أخره أي تأخير حرمة شهر إلى آخر كانوا إذا أهل المحرم وهم في حرب أحلوه وحرموا مكانه صفرا وعن الصادق (عليه السلام) تخفيف الياء بلا همز (زيادة في الكفر) إذ تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل كفر (يضل به الذين كفروا ويحلونه) أي الشهر المنسي (عاما ويحرمونه) يتركونه على حرمته (عاما ليواطئوا) ليوافقوا بتحليل أشهر وتحريم آخر بدله (عدة ما حرم الله) أي الأربعة الحرم (فيحلوا ما حرم الله) إذ لم يراعوا وقت العدة (زين لهم سوء أعمالهم) قبيحها فحسبوه حسنا والمزين الشيطان (والله لا يهدي القوم الكافرين) لا يلطف بهم بل يتركهم وما اختاروا من الضلال .

(يا أيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم) تثاقلتم (إلى الأرض) والمقام فيها حين أمروا بغزاة تبوك في وقت عسر وحر مع بعد شقه فشق عليهم (أرضيتم بالحياة الدنيا) ودعتها بدلا (من الآخرة) ونعيمها

[204 ]

(فما متاع الحياة الدنيا) أي فوائدها (في الآخرة) في جنب متاع الآخرة (إلا قليل) حقير .

(إلا تنفروا) إلى ما دعيتم إليه (يعذبكم عذابا أليما) في الدنيا والآخرة (ويستبدل) بكم (قوما غيركم) مطيعين كأهل اليمن أو أبناء فارس (ولا تضروه) أي الله (شيئا) بترك نصرة دينه (والله على كل شيء قدير) ومنه نصر دينه ورسوله ببلدكم وبلا مدد .

(إلا تنصروه) أي الرسول (فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا) ألجئوه إلى الخروج من مكة لما هموا بنفيه أو حبسه أو قتله (ثاني اثنين) حال أي معه واحد لا غير (إذ هما في الغار) نقب في ثور وهو جبل بقرب مكة (إذ) بدل ثان (يقول لصاحبه) ولا مدح فيه إذ قد يصحب المؤمن الكافر كما قال له صاحبه وهو يحاوره (لا تحزن) فإنه خاف على نفسه وقبض واضطرب حتى كاد أن يدل عليهما فنهاه عن ذلك (إن الله معنا) عالم بنا ما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم - إلى قوله - إلا هو معهم أي عالم بهم (فأنزل الله سكينته) طمأنينته (عليه) على الرسول وفي إفراده (صلى الله عليه وآله وسلّم) بها هاهنا مع اشتراك المؤمنين معه حيث ذكرت ما لا يخفى وجعل الهاء لصاحبه ينفيه كونها للرسول قبل وبعد (وأيده بجنود لم تروها) بالملائكة في الغار وفي حروبه (وجعل) بنصره لرسوله (كلمة الذين كفروا السفلى) أي الشرك أو دعوته (وكلمة الله هي العليا) أي التوحيد أو دعوة الإسلام (والله عزيز) في أمره (حكيم) في صنعه .

(انفروا خفافا وثقالا) نشاطا وغير نشاط أو ركبانا ومشاتا أو أغنياء وفقراء أو صحاحا ومرضى ونسخ بآية ليس على الأعمى وليس على الضعفاء (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) بما أمكن منهما (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) والخير علمتم أنه خير .

(لو كان) ما دعوا إليه (عرضا قريبا) غنيمة سهلة المأخذ (وسفرا قاصدا) وسطا (لاتبعوك) طمعا في المال (ولكن بعدت عليهم الشقة) المسافة التي يشق قطعها (وسيحلفون بالله) قائلين اعتذارا (لو استطعنا) الخروج (لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم) بالحلف الكاذب حال من الواو (والله يعلم إنهم لكاذبون) في حلفهم .

(عفا الله عنك) كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) أذن لجماعة في التخلف عنه وكان الأولى ترك الإذن فعوتب عليه (لم أذنت لهم) في التخلف (حتى يتبين لك الذين صدقوا) في عذرهم (وتعلم الكاذبين) فيه .

(لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) بإخلاص في (أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم) أو بالتخلف عن أن يجاهدوا (والله عليم بالمتقين) ما ينافي الإخلاص .

(إنما يستأذنك) في التخلف (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم) شكت (فهم في ريبهم يترددون) يتحيرون .

(ولو أرادوا الخروج) معك (لأعدوا له

[205 ]

عدة) أهبة من سلاح وزاد (ولكن كره الله انبعاثهم) خروجهم لعلمه بما يكون فيه الفساد (فثبطهم) فكسلهم عنه لذلك (وقيل اقعدوا مع القاعدين) المرضى والنساء والصبيان أي ألقى الله في قلوبهم ذلك .

(لو خرجوا فيكم ما زادوكم) شيئا (إلا خبالا) فسادا أو شرا (ولأوضعوا خلالكم) أسرعوا بإبلهم في الدخول بينكم بالنميمة والتخذيل من وضعت الناقة أي أسرعت (يبغونكم) حال يطلبون لكم (الفتنة) بتخويفكم (وفيكم سماعون لهم) أي قابلون لقولهم أو عيون ينقلون حديثكم إليهم (والله عليم بالظالمين) وما أضمروا لكم .

(لقد ابتغوا الفتنة) توهين أمرك وتخذيل أصحابك (من قبل) أي يوم أحد (وقلبوا لك الأمور) إجالة الرأي في كيدك وإبطال أمرك (حتى جاء الحق) نصر الله (وظهر أمر الله) علا دينه (وهم كارهون) ذلك .

(ومنهم من يقول ائذن لي) في التخلف قاله جد بن قيس (ولا تفتني) توقعني في الفتنة أي الإثم بمخالفتك بأن لا تأذن لي أو الفتنة ببنات الروم قال إني مولع بالنساء وأخاف أن أفتتن ببنات الأصفر (ألا في الفتنة سقطوا) بتخلفهم وحذرهم (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) لا خلاص لهم .

(إن تصبك حسنة) فتح وغنيمة (تسؤهم) لحسدهم (وإن تصبك مصيبة) نكبة (يقولوا قد أخذنا أمرنا) حذرنا بتخلفنا (من قبل) قبل المصيبة (ويتولوا) عنك وعن ناديهم (وهم فرحون) بما أصابك .

(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) في اللوح من رخاء أو شدة أو في القرآن من نصر أو شهادة (هو مولانا) متولي أمرنا وناصرنا (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) لا على غيره .

(قل هل تربصون) بحذف إحدى التاءين أي تنتظرون (بنا إلا إحدى) العاقبتين (الحسنيين) النصر أو الشهادة تثنية حسني مؤنثة أحسن (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده) من السماء فيهلككم (أو بأيدينا) بأن يأمرنا بقتلكم (فتربصوا) عاقبتنا (إنا معكم متربصون) عاقبتكم .

(قل أنفقوا طوعا أو كرها) معناه الخبر أي (لن يتقبل منكم) ما أنفقتم طوعا أو كرها (إنكم كنتم قوما فاسقين) علة ما سبق .

(وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله) فاعل (ولا يأتون الصلوة إلا وهم كسالى) متثاقلون (ولا ينفقون إلا وهم كارهون) إذ لا يرجون نفعا ولا يخشون بتركهما ضرا .

(فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) لأنها استدراج لهم (وإنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا) بمشقة جمعها وحفظها والمصائب فيها (وتزهق

[206 ]

أنفسهم) تخرج (وهم كافرون).

(ويحلفون بالله إنهم لمنكم) أي مؤمنون (وما هم منكم) لكفرهم باطنا (ولكنهم قوم يفرقون) يخافون القتل والأسر فيظهرون الإيمان .

(لو يجدون ملجأ) حرزا يلجئون إليه (أو مغارات) غيرانا (أو مدخلا) سربا يدخلونه (لولوا) عنكم (إليه وهم يجمحون) يسرعون لا يردهم شيء كالفرس الجموح .

(ومنهم من يلمزك) يعيبك (في الصدقات) في قسمتها (فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) قال الصادق (عليه السلام) أهل هذه الآية أكثر من ثلثي الناس .

(ولو أنهم رضوا ما ءاتاهم الله ورسوله) من الصدقة أو الغنيمة (وقالوا حسبنا الله) كافينا (سيؤتينا الله من فضله) صدقة أو غنيمة أخرى (ورسوله) فيوفر حظنا (إنا إلى الله راغبون) أن يغنينا، وجواب لو مقدر أي لكان خيرا لهم .

(إنما الصدقات للفقراء والمساكين) أي الزكاة للمذكورين لا غير واللام لبيان المصرف فلا يجب البسط على الأصناف كما عليه الأصحاب وأكثر الجمهور وقيل للملك فيجب البسط عليهم والفقير والمسكين العاجزان عن قوت السنة لهما ولواجبي نفقتهما (والعاملين عليها) السعاة في جمعها (والمؤلفة قلوبهم) من الكفار ليسلموا أو ليذبوا عن المسلمين أو قوم أسلموا يعطون لتقوى نياتهم وليرغب نظائرهم في الإسلام (وفي الرقاب) في فكها بإعانة المكاتبين وابتياع المماليك وعتقهم إذا كانوا في شدة أو عدم المستحق، وقيل مطلقا وعدل عن اللام إلى في إيذانا بأن الصرف في الجهة لا إلى الرقاب (والغارمين) المديونين في غير معصية أو تابوا وليس لهم وفاء أو في إصلاح ذات البين ولو أغنياء (وفي سبيل الله) الجهاد وجميع سبل الخير والمصالح (وابن السبيل) المنقطع في السفر ولو غنيا في بلده (فريضة من الله) أي فرضها لهم فريضة (والله عليم) بخلقه (حكيم) في تدبيره.

(ومنهم الذين يؤذون النبي) باغتيابه ونم حديثه (ويقولون) لمن ينهاهم منهم عن ذلك لئلا يبلغه (هو أذن) يسمع كل قول ويقبله فإذا قلنا له لم نقل صدقنا، سمي بالجارحة مبالغة كالعين للربيئة أو من أذن أذنا استمع (قل أذن خير) مستمع خير (لكم) لا مستمع شر (يؤمن بالله) يصدق به لدلائله (ويؤمن للمؤمنين) يصدقهم لخلوصهم واللام زائدة للفرق بين إيمان الإذعان وغيره (و) هو (رحمة للذين ءامنوا منكم) ظاهرا إذ يقنع ذلك ولا يكشف سركم (والذين يؤذون رسول الله) في نفسه أو في أهل بيته لقوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا علي سلمك سلمي وحربك حربي وقوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني (لهم عذاب أليم).

(يحلفون بالله لكم) أيها المؤمنون أنهم لم يقولوا ما بلغكم عنهم (ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه) بالطاعة وأفرد الضمير لتلازم الرضاءين أو يقدر الآخر (إن كانوا مؤمنين) حقا .

(ألم يعلموا أنه) الشأن (من يحادد) يشاقق (الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم).

(يحذر المنافقون) يخافون خبر أو أمر (أن تنزل

[207 ]

عليهم) على المؤمنين (سورة تنبئهم بما في قلوبهم) من الشرك فتفضحهم وقيل أظهروا الحذر فيما بينهم استهزاء (قل استهزءوا) تهديد (إن الله مخرج) مظهر (ما تحذرون) إظهاره من نفاقكم .

(ولئن سألتهم) عن استهزائهم بك وبالقرآن (ليقولن إنما كنا نخوض) في أمرنا لا في أمرك (ونلعب) نمزح (قل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون).

(لا تعتذروا) بالأكاذيب (قد كفرتم بعد إيمانكم) إظهاركم الإيمان (إن نعف عن طائفة منكم) لتوبتهم وإخلاصهم (نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) مصرين على نفاقهم .

(المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) في الدين أي النفاق (يأمرون بالمنكر) بالشرك وبالمعصية (وينهون عن المعروف) الإيمان والطاعة (ويقبضون أيديهم) عن الإنفاق في الخير (نسوا الله فنسيهم) تركوا طاعته فتركهم من لطفه (إن المنافقين هم الفاسقون) المتمردون في الكفر .

(وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها) حال مقدرة (هي حسبهم) عقوبة (ولعنهم الله) أبعدهم من رحمته (ولهم عذاب مقيم) دائم .

(كالذين) أي أنتم أيها المنافقون مثل الذين (من قبلكم) وفيه التفات (وكانوا أشد منكم قوة) بطشا ومنعة (وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم) بنصيبهم من شهوات الدنيا الفانية وآثروها على نعم الآخرة الباقية (فاستمتعتم) أنتم (بخلاقكم) وآثرتم الحقير الفاني على الجليل الباقي (كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم) في الباطل (كالذي) كالذين (خاضوا) أو كخوضهم (أولئك حبطت أعمالهم) فلا يثابون عليها (في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون) للدارين .

(ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح) أهلكوا بالغرق (وعاد) وقوم هود بالريح (وثمود) وقوم صالح بالرجفة (وقوم إبراهيم) بسلب النعم ونمرود ببعوض (وأصحاب مدين) قوم شعيب بعذاب يوم الظلمة (والمؤتفكات) قرى قوم لوط ائتكفت بهم أي انقلبت (أتتهم رسلهم بالبينات) بالمعجزات الواضحة فكذبوهم فأهلكوا (فما كان الله ليظلمهم) بإهلاكهم (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) إذ عرضوها للهلاك بكفرهم .

(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) ذكروا في مقابلة أضدادهم المنافقين (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر

[208 ]

ويقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز) لا يمنع عما يريد (حكيم) يضع كل شيء موضعه .

(وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة) يطيب فيها العيش قصور من لؤلؤ وزبرجد (في جنات عدن) إقامة وخلدا واسم إحدى الجنان عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النبيين والصديقين والشهداء (ورضوان من الله أكبر ذلك) المذكور (هو الفوز العظيم).

(يا أيها النبي جاهد الكفار) بالسيف (والمنافقين) بالوعظ والحجة (وأغلظ عليهم) بالقول والفعل (ومأواهم جهنم وبئس المصير) المرجع هي .

(يحلفون بالله ما قالوا) شيئا يسوؤك (وقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) أظهروا الكفر بعد إظهار كلمة الإسلام (وهموا بما لم ينالوا) من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة في عوده من تبوك وهم اثنا عشر فأخبره الله بذلك فأمر حذيفة فضرب وجوه رواحلهم فردوا أو إخراجه من المدينة (وما نقموا) ما أنكروا (إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) بالغنائم بعد فقرهم وحاجتهم أي لم يصبهم منه إلا هذا وليس مما ينقم (فإن يتوبوا) عن النفاق ويخلصوا (يك) أي التوب (خيرا لهم وإن يتولوا) عن الخير (يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا) بالقتل (والآخرة) بالنار (وما لهم في الأرض من ولي) يمنعه منهم (ولا نصير) يدفعه عنهم .

(ومنهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما ءاتاهم من فضله بخلوا به) منعوا حق الله منه (وتولوا) عن إعطائه (وهم معرضون) عن الدين هو ثعلبة بن خاطب كان محتاجا فعاهد الله فلما آتاه بخل به.

(فأعقبهم) أورثهم البخل (نفاقا) متمكنا (في قلوبهم إلى يوم يلقونه) يوم البعث (بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) بسبب إخلافهم الوعد وكذبهم .

(ألم يعلموا) أي المنافقون (أن الله يعلم سرهم) ما يضمرون في أنفسهم (ونجواهم) ما يتناجون به بينهم (وأن الله علام الغيوب) بما غاب عن خلقه .

(الذين) بدل من الضمير في سرهم أو ذم مرفوع أو منصوب (يلمزون المطوعين) يعيبون المتطوعين (من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون

[209 ]

إلا جهدهم) طاقتهم فيتصدقون به قيل لما نزلت آية الصدقة أتى رجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بمائة وسق تمر فقالوا إنما أعطى رياء وأتاه آخر بصاع تمر فقالوا: إن الله غني عن صاعه (فيسخرون منهم) فيستهزءون بهم (سخر الله منهم) جازاهم على سخريتهم (ولهم عذاب أليم).

(استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) أي الأمران سواء في عدم نفعهم (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) قيل أريد بالسبعين المبالغة في الكثرة وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفرت لزدت (ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) لا يلطف بهم لإصرارهم على كفرهم .

(فرح المخلفون) عن تبوك (بمقعدهم خلاف رسول الله) بقعودهم خلفه أي بعده (وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) إيثارا للراحة على طاعة الله (وقالوا) للمؤمنين تثبيطا أو بعضهم لبعض (لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا) وقد آثرتموها بهذه المخالفة (لو كانوا يفقهون) ما اختاروها .

(فليضحكوا قليلا) في الدنيا (وليبكوا كثيرا) في النار أو في الآخرة إخبار عن حالهم بصيغة الأمر ليؤذن بتحتمه (جزاء بما كانوا يكسبون).

(فإن رجعك الله) ردك في تبوك (إلى طائفة منهم) ممن تخلف بالمدينة (فاستأذنوك للخروج) معك إلى غزوة أخرى (فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) إخبار في معنى النهي معلل بقوله (إنكم رضيتم بالقعود أول مرة) أي في غزوة تبوك (فاقعدوا مع الخالفين) المتخلفين لعذر كالنساء والصبيان أو المخالفين .

(ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) قيل ذهب (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليصلي على ابن أبي حين مات فنزلت وقيل صلى عليه فنزلت (ولا تقم على قبره) لدفن أو دعاء (إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) علة للنهي .

(ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم) الله (بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) فسرت وكررت تأكيدا أو في فريق آخر .

(وإذا أنزلت سورة أن) أي بأن (ءامنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول) ذو السعة (منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) المتخلفين لعذر .

(رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) النساء جمع خالفة أي متخلفة أو السفلة

[210 ]

(وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) ما هو خير لهم .

(لكن الرسول والذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات) حسنات الدارين الغنائم والثواب أو الحور (وأولئك هم المفلحون).

(أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم) لدوامه بالإجلال والإكرام (وجاء المعذرون من الأعراب) المقصرون من عذر أي قصر معتذرا لا عذر له أو المعتذرون أدغمت التاء في الذال ونقلت فتحتها إلى العين قيل هم من لهم عذر وهم نفر من بني غفار (ليؤذن لهم) في القعود لعذر باطل أو حق (وقعد) لا لعذر أو لعذر باطل (الذين كذبوا الله ورسوله) بادعاء الإيمان أو بعذرهم (سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم) القتل والنار .

(ليس على الضعفاء) كالشيوخ (ولا على المرضى) كالزمنى (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج) إثم في التخلف (إذا نصحوا لله ورسوله) في حال قعودهم بالطاعة وما فيه صلاح الدين (ما على المحسنين) بذلك أو الأعم منه (من سبيل) طريق بالعقوبة أو حجة (والله غفور) لهم (رحيم) بهم .

(ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) على مركب للغزو معك وقيل على الخفاف والبغال وهم سبعة من الأنصار أو من قبائل شتى (قلت لا أجد ما أحملكم عليه) حال بتقدير قد (تولوا) انصرفوا جواب إذا (وأعينهم تفيض) تسيل (من الدمع) نصب محلا تمييزا ومن بيانية (حزنا) مفعول له أو حال أو مصدر (ألا) لئلا (يجدوا ما ينفقون) في الجهاد .

(إنما السبيل) بالعقوبة (على الذين يستأذنوك وهم أغنياء) بالمال (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون) مر تفسيره .

(يعتذرون إليكم) في التخلف (إذا رجعتم إليهم).

من تبوك (قل لا تعتذروا) بالكذب (لن نؤمن لكم) لن نصدقكم إذ (قد نبأنا الله) أعلمنا (من أخباركم) بعضها وهو ما أضمرتم من النفاق (وسيرى الله عملكم ورسوله) هل تتوبون أو تصرون على كفركم (ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة) أي إلى الله (فينبئكم بما كنتم تعملون) بالجزاء عليه .

(سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم) رجعتم من تبوك أنهم تخلفوا لعذر (لتعرضوا عنهم) فلا توبخوهم

[211 ]

(فأعرضوا عنهم إنهم رجس) قذر خبيث الباطن لا ينفع فيهم التوبيخ (ومأواهم جهنم جزاء) مصدر أو علة (بما كانوا يكسبون).

(يحلفون لكم لترضوا عنهم) بالحلف (فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) أي رضاكم لا ينفعهم مع سخط الله والمراد النهي عن الرضا عنهم .

(الأعراب) أهل البدو (أشد كفرا ونفاقا) من أهل المدن لغلظ طباعهم وبعدهم عن سماع القرآن ومخالطة العلماء (وأجدر أن) وأحق بأن (لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) من الفرائض والسنن (والله عليم) بأحوال خلقه (حكيم) في حكمه فيهم .

(ومن الأعراب من يتخذ) يعد (ما ينفق) في سبيل الله (مغرما) غرما وخسرانا إذ لا يرجو ثوابا بل ينفقه خوفا ورياء وهم أسد وغطفان (ويتربص) ينتظر (بكم الدوائر) صروف الزمان وانقلابه عليكم ليخلصوا منكم (عليهم دائرة) منقلبة (السوء) بالفتح الرد إنه مصدر وبالضم المكروه أي ينقلب عليهم البلاء والضرر لا عليكم (والله سميع) لمقالهم (عليم) بحالهم .

(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) قيل هم جهينة ومزينة (ويتخذ ما ينفق قربات) سبب تقرب (عند الله وصلوات الرسول) وسبب دعائه له إذ من السنة الدعاء للمصدقين ولو بلفظ الصلاة ومعها على غيره الأمنة لأنها منصبه فله التفضل به على غيره (ألا إنها) أي نفقتهم (قربة لهم) عند الله (سيدخلهم الله في رحمته) جنته (إن الله غفور) لمن أطاعه (رحيم) به .

(والسابقون الأولون من المهاجرين) أهل بدر أو من صلوا القبلتين أو من أسلموا قبل الهجرة (والأنصار) أهل بيعة العقبة الأولى (الذين اتبعوهم بإحسان) في العقائد والأعمال إلى يوم القيامة (رضي الله عنهم) بطاعتهم (ورضوا عنه) بثوابه (وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).

(وممن حولكم) حول مدينتكم (من الأعراب منافقون) غفار وأسلم وغيرهم (ومن أهل المدينة) منافقون أيضا (مردوا) مرنوا ونبتوا (على النفاق لا تعلمهم) بأعيانهم (نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين) بالفضيحة أو القتل وعذاب القبر (ثم يردون إلى عذاب عظيم) النار .

(وآخرون) مبتدأ صفته (اعترفوا بذنوبهم) بتخلفهم وخبره (خلطوا عملا صالحا) اعترافهم بالذنب أو غيره (وءاخر سيئا) تخلفهم أو غيره (عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور) لمن تاب (رحيم) به .

(خذ من أموالهم صدقة) هي الزكاة المفروضة

[212 ]

(تطهرهم) الصدقة أو أنت (وتزكيهم بها) تنمي حسناتهم (وصل عليهم) ترحم عليهم بالدعاء لهم (إن صلوتك سكن) طمأنينة (لهم والله سميع) لدعائك (عليم) بخلقه .

(ألم يعلموا) تقرير وحث على التوبة والصدقة (أن الله هو يقبل التوبة عن عباده) ضمن معنى التجاوز فعدي بعن (ويأخذ الصدقات) يقبلها (وأن الله هو التواب) يقبل توبة التائبين (الرحيم) بهم .

(وقل اعملوا) ما شئتم (فسيرى الله عملكم) من خير وشر ولا يخفى عليه (ورسوله والمؤمنون) أئمة الهدى فروي أن أعمال الأمة تعرض عليهم وفي قراءتهم والمأمونون (وستردون) بالبعث (إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) بالمجازاة عليه .

(وءاخرون) من المتخلفين (مرجون) بالهمزة وبدونها أي مؤخرون وموقوفون (لأمر الله) فيهم (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) والترديد باعتبار عدم علم العباد بحالهم (والله عليم) بحالهم (حكيم) فيما فعل بهم .

(والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) مضارة لأهل مسجد قبا إذ بنوه وسألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يأتيهم فأتاهم وصلى فيهم فحسدهم منافقو بني غنم وبنوا مسجدا وسألوه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يصلي فيه وكان متجهزا إلى تبوك فقال أنا على جناح سفر ولو قدمنا صلينا فيه إن شاء الله فلما رجع نزلت (وكفرا) وتقوية لما يضمرونه من الكفر (وتفريقا بين المؤمنين) الذين كانوا يجتمعون للصلاة في مسجد قبا (وإرصادا) ترقبا (لمن حارب الله ورسوله من قبل) قبل بنائه (وليحلفن إن أردنا) ببنائه (إلا) الخصلة (الحسنى) من الصلاة والتوسعة على الضعفاء (والله يشهد إنهم لكاذبون) في حلفهم .

(لا تقم فيه أبدا) فبعث (صلى الله عليه وآله وسلّم) نفرا أحرقوه وهدموه وصار محلا للجيف (لمسجد أسس) بني أصله (على التقوى من أول يوم) بني حين قدمت دار الهجرة وهي مسجد قبا وقيل مسجده (صلى الله عليه وآله وسلّم) (أحق أن تقوم) أولى بأن تصلي (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) بالماء عن الغائط والبول أو من الذنوب وهم الأنصار (والله يحب المطهرين) أصله بتاء أدغمت في الطاء قيل لما نزلت أتاهم (صلى الله عليه وآله وسلّم) مسجد قبا فقال ماذا تفعلون في طهركم فإن الله تعالى قد أحسن الثناء عليكم فقالوا نغسل أثر الغائط بالماء وفي رواية نتبع الغائط بالأحجار ثم نتبع الأحجار بالماء فتلا (رجال) إلخ .

(أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا) غير (جرف) جانب وهو ما يجرفه السيل أي يقلع أصله (هار) مستداع إلى السقوط (فانهار به) فسقط (في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) بل يتركهم وما اختاروا .

(لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة) شكا (في قلوبهم) لازديادهم نفاقا ببنائه وهدمه (إلا أن تقطع قلوبهم) تنقطع بأن يموتوا (والله عليم) بضمائرهم (حكيم) في حكمه فيهم .

(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) أي جازاهم على بذلها (بأن لهم الجنة يقاتلون

[213 ]

في سبيل الله فيقتلون) بالبناء للفاعل (ويقتلون) بالبناء للمفعول وقرىء بالعكس (وعدا عليه حقا) مصدران حذف فعلهما (في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله) أي لا أحد أوفى منه (فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به) التفات (وذلك هو الفوز العظيم التائبون) خبر محذوف للمدح أو مبتدأ خبره ما بعده أي التائبون عن الكفر الجامعون لهذه الصفات (العابدون) لله مخلصين له الدين (الحامدون) له على السراء والضراء (السائحون) الصائمون فعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) سياحة أمتي الصوم (الراكعون الساجدون) أي المصلون (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر) خصا بالعطف تنبيها على أنها خصلة واحدة وفي (والحافظون لحدود الله) بامتثال أوامره ونواهيه على أنه مجمل ما فصل (وبشر المؤمنين) وضع موضع بشرهم إشعار بأن إيمانهم دعاهم إلى ذلك وحذف المبشر به تعظيما .

(ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى) ذوي قرابة (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) بأن ماتوا على الشرك .

(وما كان استغفار إبراهيم لأبيه) أي عمه أو جده لأمه آزر (إلا عن موعدة وعدها إياه) وعده أن يسلم فاستغفر له أو قال لأبيه إن لم تعبد الأصنام أستغفر لك .

(فلما تبين له أنه عدو لله) بالوحي أنه لن يؤمن أو بموته مشركا (تبرأ منه) ولم يستغفر له (إن إبراهيم لأواه) كثير الدعاء والبكاء أو رحيم بعباد الله (حليم) صبور على الأذى (وما كان الله ليضل قوما) يحكم بضلالهم (بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه (إن الله بكل شيء عليم) فيعلم حالهم .

(إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي) حافظ (ولا نصير) دافع .

(لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار) افتتح به لأنه سبب توبتهم وفي قراءتهم (عليهم السلام) لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار (الذين اتبعوه في ساعة) في وقت (العسرة) في الخروج إلى غزوة تبوك مع قلة الظهر والماء والزاد وشدة الحر (من بعد ما كاد) أي الشأن أو القوم (يزيغ) بالياء والتاء (قلوب فريق منهم) إلى الانصراف عنه لشدة ما هم فيه (ثم تاب عليهم) بثباتهم (إنه رءوف رحيم) قدم الأبلغ إذ الرأفة شدة الرحمة للفاصلة .

(وعلى الثلاثة) وتاب على الثلاثة مرار بن الربيع، وهلال بن أمية، وكعب بن مالك (الذين خلفوا) عن الغزو، وفي قراءتهم خالفوا (حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) برحبها لهجر الناس لهم وهو مثل لحيرتهم (وضاقت

[214 ]

عليهم أنفسهم) غار وحشة (وظنوا) أيقنوا (أن) المخففة (لا ملجأ من الله) من عقابه (إلا إليه ثم تاب عليهم) وفقهم للتوبة (ليتوبوا) أو قبل توبتهم ليثبتوا على التوبة (إن الله هو التواب) كثير التوبة (الرحيم) بعباده .

(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله) في معاصيه (وكونوا مع الصادقين) في الإيمان والقول والعمل، وعن ابن عباس مع علي وأصحابه، وعنهم (عليهم السلام) مع آل محمد .

(ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) إذا غزا، نفي معناه النهي (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) بأن يطلبوا لها الدعة وهو يكابد المشاق (ذلك) النهي عن التخلف (بأنهم) بسبب أنهم (لا يصيبهم ظمأ) عطش (ولا نصب) تعب (ولا مخمصة) جوع (في سبيل الله ولا يطئون موطئا بغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا) قتلا أو قهرا (إلا كتب لهم به عمل صالح) يستحقون عليه الثواب (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) أي أجرهم، وفيه حث على الجهاد وأعمال الخير .

(ولا ينفقون) في سبيل الله (نفقة صغيرة) قليلة (ولا كبيرة) كثيرة (ولا يقطعون واديا) بسيرهم (إلا كتب) أثبت ذلك (لهم ليجزيهم الله) به (أحسن ما كانوا يعملون) جزاء أحسنه.

(وما كان المؤمنون لينفروا كافة) ما ساغ لهم أن ينفروا جميعا عن بلدانهم لغزو أو طلب علم (فلو لا) فهلا (نفر من كل فرقة) قبيلة (منهم طائفة) جماعة وبقيت جماعة أخرى (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) ما ينذرونه أمرهم الله أن ينفروا إلى رسوله ويختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلمونهم، وقيل بل أمر طائفة أن ينفروا للغزو ويقيم طائفة مع النبي للتفقه وإنذار النافرة وتعليمها بعد رجوعهم .

(يا أيها الذين ءامنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) أي الأقرب منهم فالأقرب دارا ونسبأ (وليجدوا فيكم غلظة) شدة أي اغلظوا عليهم (واعلموا أن الله مع المتقين) بعونه ونصره .

(وإذا ما أنزلت سورة فمنهم) فمن المنافقين (من يقول) لباقيهم استهزاء (أيكم زادته هذه) السورة (إيمانا) تصديقا (فأما الذين ءامنوا فزادتهم إيمانا) بانضمام تصديقهم بها إلى إيمانهم (وهم يستبشرون) فرحا بها .

(وأما الذين في قلوبهم مرض) شك (فزادتهم رجسا)

[215 ]

(إلى رجسهم) كفرا بها ضموه إلى كفرهم (وماتوا وهم كافرون) رسخوا في الكفر حتى ماتوا عليه .

(أولا يرون) أي المنافقون وقرىء بالتاء (أنهم يفتنون) أي يبتلون (في كل عام مرة أو مرتين) بالتشديد أو الغزو مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيعاينوا آيات نصره (ثم لا يتوبون) من نفاقهم (ولا هم يذكرون) يتعظون .

(وإذا ما أنزلت سورة) فيها ذكرهم (نظر بعضهم إلى بعض) تغامزا يريدون الهرب يقولون إشارة (هل يراكم من أحد) إن قمتم فإن لم يرهم أحد قاموا (ثم انصرفوا) عن المجلس خوف الفضيحة (صرف الله قلوبهم) عن رحمته خيرا ودعاء (بأنهم قوم لا يفقهون) بسبب عدم تدبرهم .

(لقد جاءكم رسول من أنفسكم) عربي من ولد إسماعيل وقرىء بفتح الفاء أي أشرفكم (عزيز) شديد (عليه ما عنتم) عنتكم أي مشقتكم (حريص عليكم) أن تؤمنوا (بالمؤمنين رءوف رحيم).

(فإن تولوا) عن الإيمان بك (فقل حسبي الله) كافي (لا إله إلا هو عليه توكلت) به وثقت، لا بغيره (وهو رب العرش) الملك (العظيم) أو الجسم الأعظم المحيط قيل هاتان الآيتان آخر ما نزل.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 22216663

  • التاريخ : 3/02/2025 - 22:55

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net