00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الانسان 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ـ ج 2   ||   تأليف : السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي

"76 "

 " سورة الانسان " " الدهر " " وما فيها من الآيات في الائمة الهداة "

 منها: قوله تعالى: إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا (5) عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا (6) يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا (7) ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (9) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا (10) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا (11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12) متكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا (13) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا (14) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا (15) قواريرا من فضة قدروها تقديرا (16) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا (17) عينا فيها تسمى سلسبيلا (18) ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا (19) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (20) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة و سقاهم ربهم شرابا طهورا (21) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا (22) بيان المعنى واللغة: فقوله " الابرار " جمع بر: وهو المطيع لله في أقواله وأفعاله، والكأس: الاناء والكافور: إسم عين ماء في الجنة. وعباد الله - هنا هم -: الابرار المذكورون وخصهم بأنهم عباده تشريفا لهم وتبجيلا " يفجرونها تفجيرا " أي يجرونها إلى حيث شاءوا من الجنة " يوفون بالنذر " في الدنيا، وهم مع ذلك " يخافون يوما كان شره مستطيرا " أي فاشيا منتشرا في الآفاق. " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " أي على حب الطعام

[ 742 ]

وشهوته، وأشد ما يكون حاجتهم إليه " إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " لنا على فعلنا. " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا " أي مكفهرا تعبس فيه الوجوه، " قمطريرا " أي صعبا شديدا تقلص فيه الوجوه وتقبض الجباه، وما بين الاعين من شدته. " فوقاهم الله شر ذلك اليوم " أي كفاهم ومنعهم " ولقاهم نضرة وسرورا " أي إستقبلهم. " وجزاهم بما صبروا " على طاعته، وعلى محن الدنيا وشدائدها " جنة " يسكنونها " وحريرا " يلبسونه " متكئين " أي جالسين جلوس الملوك " فيها على الارائك " وهي الاسرة " لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " أي لا يتأذون بحر ولا برد. " ودانية عليهم ظلالها " أي ظلال تلك الاشجار قريبة لا تنسخها (1) الشمس دائما أبدا " وذللت قطوفها " أي سخرت وسهلت ثمارها حتى أن الانسان إذا قام ارتفعت بقدرة الله وإذا قعد نزلت عليه حتى يتناولها، وإذا اضطجع نزلت عليه حتى ينالها بيده. " ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب " وهي أواني الشرب التي ليس لها عرى " قواريرا " أي يشبه صفاء تلك الاواني صفاء قوارير الزجاج " قدروها تقديرا " أي أن السقاة والخدم قدروا تلك الاواني على قدر ما يكفي الشارب، لا يزيد ولا ينقص. " وكان مزاجها زنجبيلا " وليس هو الزنجبيل المعهود، وإنما سمي باسمه تقريبا للفهم " عينا فيها تسمى سلسبيلا " والسلسبيل: السلس في الحلق. وقيل: إنها عين تنبع من أصل العرش في (2) جنة عدن وتسيل إلى أهل الجنة. " ويطوف عليهم ولدان " أي وصفاء، وغلمان للخدمة. " مخلدون " أي باقون دائمون لا يهرمون، ولا يتغيرون، ولا يموتون (3). 1 - وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: الولدان: أولاد أهل الدنيا لم يكن

___________________________

(1) كذا في المجمع، وفي نسخة " ج " لا تنسخه، وفي نسخة " ب " لا يسخنه.

 (2) في نسخة " ج " و.

 (3) من قوله " المعنى " إلى هنا خلاصة ما في مجمع البيان: 10 / 407 - 411.

 

[ 743 ]

لهم حسنات فيثابون عليها، ولا سيئات فيعاقبون عليها، فأنزلوا هذه المنزلة (1). 2 - وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن أطفال المشركين فقال: خدم أهل الجنة على صورة الولدان خلقوا لخدمة أهل (2) الجنة (3). " حسبتهم لؤلؤا منثورا " لصفاء ألوانهم وحسن منظرهم " منثورا " لانتشارهم في الخدمة، ولو (4) كانوا صفا لشبهوا باللؤلؤ المنظوم. " وإذا رأيت ثم رأيت - يعني في الجنة وما أعد لهم فيها رأيت - نعيما - خطيرا - وملكا كبيرا ". والملك الكبير: إستئذان الملائكة إياهم في الدخول عليهم وتحيتهم بالسلام. وقيل: إن الملك الكبير: إنهم لا يريدون (5) شيئا إلا قدروا عليه. وقيل: إن أدناهم منزلة ينظر في ملكه من مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه. وقيل: إنه الملك الدائم الابدي (6) في نفاذ الامر (7) وحصول الاماني. " عاليهم ثياب سندس خضر - هي ما رق من الثياب - واستبرق - وهي ما ثخن منها - وحلوا أساور من فضة " شفافة يرى ما وراءها مثل البلور، والفضة أفضل من الذهب والدر والياقوت في الجنة. " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " أي طاهرا من الاقذار والاكدار. وقيل: لا يصير بولا ولا نجسا، بل ترشح أبدانهم عرقا كرائحة المسك. وإن الرجل من أهل الجنة يعطى شهوة مائة رجل من أهل الدنيا، فإذا أكل

___________________________

(1) مجمع البيان: 9 / 216 وعنه البرهان: 4 / 277 ح 2 وفي البحار: 5 / 391 ح 5 عن كنز.

 (2) في نسخة " ج " للخدمة لاهل.

 (3) مجمع البيان: 9 / 216 وعنه البرهان: 4 / 277 ح 3 ونور الثقلين: 5 / 221 ملحق ح 29، وفي البحار: 5 / 291 ملحق ح 5 عن كنز.

 (4) في نسختي " ب، م " فلو.

 (5) في نسخة " ب " لا يرون.

 (6) في نسخة " ج " الذي.

 (7) في نسخة " ب " الامور.

 

[ 744 ]

سقى (1) شرابا فتطهر بطنه وترشح عرقا كالمسك الاذفر، ثم تضمر بطنه وتعود شهوته. ثم قال سبحانه مخاطبا للابرار: إن هذا الذي وصفناه في الجنة من النعيم (كان لكم جزءا - أي مكافأة على أعمالكم وطاعاتكم في الدنيا - وكان سعيكم مشكورا) فيها مقبولا مبرورا (2). ومما ورد في هذا المعنى ما أعد الله سبحانه للابرار: الائمة الاطهار وشيعتهم الاخيار وهو: 3 - ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رحمه الله)، عن علي بن إبراهيم (، عن أبيه،) (3) عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر عليه السلام إن عليا عليه السلام قال: يا رسول الله أخبرنا عن قول الله عزوجل (غرف من فوقها غرف مبنية) (4) بماذا بنيت يا رسول الله ؟ فقال: يا علي [ تلك غرف ] (5) بناها الله لاوليائه بالدر والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة، وحشوها المسك والعنبر والكافور، وذلك قول الله عزوجل (وفرش مرفوعة) (6). إذا أدخل (7) المؤمن إلى منازله في الجنة ووضع على رأسه تاج الملك

___________________________

(1) في نسخة " ج " يسقى.

 (2) من قوله تعالى " حسبتهم " إلى هنا خلاصة ما في مجمع البيان: 10 / 411، 412.

 (3) سقط من نسختي " ب، م ".

 (4) سورة الزمر: 20.

 (5) من البحار.

 (6) سورة الواقعة: 34.

 (7) كذا في المصدر، وفي نسخة " م " وإذا، وفي نسخة " ج " إذا دخل، وفي نسخة " ب " فإذا.

 

[ 745 ]

والكرامة (و) (1) البس حلل الذهب والفضة والدر المنظوم في الاكليل تحت التاج والبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة وضروب مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الاحمر، فذلك قوله تعالى: (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) (2). فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا. فإذا استقر لولي (3) الله عزوجل منازله في الجنان إستأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له الخدام من الوصفاء والوصائف: مكانك فان ولي الله قد اتكى على أريكته وزوجته الحوراء تهيأت له فاصبر لولي الله. قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة وحولها وصائفها (ووصفائها) (4) وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد وهي من مسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفي قدميها نعلان من الذهب (5) مكللتان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر. فإذا دنت من ولي الله فهم أن يقوم إليها شوقا، فتقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم، أنا لك، وأنت لي. قال: فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها فإذا عليها قلائد من قصب [ من ] (6) ياقوت أحمر وسطها لوح صفحته درة مكتوب فيها: أنت يا ولي (الله) (7) حبيبي، وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي، وإلي تناهت نفسك.

___________________________

(1) ساقط في الكافي.

 (2) سورة الحج: 23، وفاطر 33.

 (3) كذا في الكافي، وفي نسخ الاصل: بولي.

 (4) ليس في الكافي.

 (5) في الكافي: ذهب.

 (6) من الكافي.

 (7) ليس في نسخة " م ".

 

[ 746 ]

ثم يبعث (1) الله [ إليه ] (2) ألف ملك يهنئونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء (3). قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه، فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه: إستأذن لنا على ولي الله فان الله بعثنا إليه نهنئه. فيقول لهم الملك: حتى أقول للحاجب، فيعلمه بمكانهم (4). قال: فيدخل الملك [ إلى ] (5) الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين تبارك وتعالى، ليهنئوا ولي الله وقد سألوني أن آذن لهم عليه، فيقول الحاجب: (إنه ليعظم علي [ أن ] (6) أستأذن لاحد على ولي الله وهو مع زوجته الحوراء. قال:) (7) وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان. قال: فيدخل الحاجب إلى القيم فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العزة يهنئون ولي الله، فاستاذن لهم، فيتقدم القيم إلى الخدام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة، وهم ألف ملك أرسلهم يهنئون ولي الله فأعلموه بمكانهم. قال: فيعلمونه فيؤذن للملائكة فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة، ولها ألف باب، وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الموكل به، فيدخل القيم كل ملك من باب من أبواب الغرفة. قال: فيبلغونه رسالة الجبار جل جلاله، وذلك قول الله عزوجل (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) (8). * (هامش 746) (1) في نسخة " ج " قال فيبعث. (2) من البحار. (3) كذا في الكافي، وفي نسخ الاصل: بزوجته الحوراء. (4) في نسخة " م " والكافي: بمكانكم. (5) من نسخة " م " والكافي. (6) من البحار. (7) ليس في نسخة " ج "، وفيها " بينه " بدل " بين الحاجب ". (8) سورة الرعد: 23، 24. (*)

[ 747 ]

[ قال ] (1) وذلك قوله عزوجل (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) يعني بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم. والملك العظيم الكبير: أن الملائكة من رسل الله عز ذكره يستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، فذلك الملك العظيم الكبير. قال: والانهار تجري من تحت مساكنهم، وذلك قول الله عزوجل (تجري من تحتهم الانهار) والاثمار (2) دانية منهم وهو قوله عزوجل (ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ، وإن الانواع من الفاكهة ليقلن لولي الله: يا ولي الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي. قال: وليس من مؤمن في الجنة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات وأنهار من خمر، وأنهار من ماء، وأنهار من لبن، وأنهار من عسل. فإذا دعا ولي الله بغذائه أتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمي شهوته، ثم يتخلى مع إخوانه ويزور بعضهم بعضا، ويتنعمون في جناتهم (3) في ظل ممدود مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وأطيب من ذلك. (و) (4) لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء وأربع نسوة من الآدميين، وللمؤمن ساعة مع (5) الحوراء، وساعة مع (6) الآدمية، وساعة يخلو بنفسه على الارائك متكئا ينظر بعضهم إلى بعض. وإن المؤمن ليغشاه نور وهو على أريكته.

___________________________

(1) من الكافي.

 (2) في الكافي ونسخة " ب ": الثمار.

 (3) في نسخة " ج " جنانهم، وفي البحار: جنات.

 (4) ليس في الكافي.

 (5) في نسختي " ب، ج " من.

 (6) في الكافي ونسخة " ج " من.

 

[ 748 ]

فيقول (1) لخدامه: ما هذا الشعاع اللامع لعل الجبار لحظني ؟ فيقول (2) له خدامه: قدوس قدوس جل جلاله بل هذه حوراء من أزواجك ممن لم تدخل بها بعد، أشرفت عليك من خيمتها شوقا إليك وقد تعرضت (3) لك وأحبت لقاءك، فلما رأتك متكئا على سريرك تبسمت نحوك شوقا إليك، فالشعاع الذي رأيت والنور الذي غشيك هو من بياض ثغرها وصفائه ونقائه ورقته. قال: فيقول ولي الله [ لخدمه ] (4): إئذنوا لها فتنزل إلي. فيبتدر (5) إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشرونها بذلك، فتنزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلة منسوجة بالذهب والفضة مكللة بالياقوت والدر والزبرجد صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة مضمومة سوقاء (6) يرى مخ ساقيها (7) من وراء سبعين حلة، طولها سبعون ذراعا، وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع. فإذا دنت من ولي الله أقبل الخدام بصحائف الذهب والفضة فيها الدر والياقوت والزبرجد، فينثرونها عليها، ثم يعانقها وتعانقه لا تمل ولا يمل (8). وأما التأويل وسبب التنزيل: فهو ما ذكره أبو علي الطبرسي (رحمه الله) في تفسيره مختصرا قال: 4 - وروى العام والخاص أن هذه الآيات من قوله عزوجل (إن الابرار

___________________________

(1) في الكافي: ويقول.

 (2) في نسخة " ج " فيقولون.

 (3) في نسخة " ج " فتعرضت.

 (4) من نسخة " ج ".

 (5) في نسخة " ج " إليه يبدر.

 (6) في نسختي " أ، ج " شوقا، وفي نسخة " م " سوقا على وزن مولى، الا أن الكاتب رسم فوق الفها علامة المد بمعنى أنها ممدودة، فعلى هذا تقرأ سوقاء وهي: امرأة حسنة الساق وقوله " يرى مخ ساقيها " يشير إليها.

 (7) في نسخة " ج " والمصدر: ساقها.

 (8) الكافي: 8 / 97 وعنه البحار: 8 / 157 ح 98 والبرهان: 3 / 22 ح 1 وصدره في البرهان: 4 / 73 ح 1 وص 279 ح 1 ورواه القمى في تفسيره: 575 وعنه البحار: 8 / 128 ح 29 والبرهان: 4 / 73 ح 2.

 

[ 749 ]

يشربون - الى قوله - إن هذا كان لكم جزءا وكان سعيكم مشكورا) نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وفي جارية لهم تسمى: فضة. وهو المروي عن ابن عباس وغيره. والقصة طويلة مجملها: أنهم قالوا: مرض الحسن والحسين عليهما السلام فعادهما جدهما صلى الله عليه وآله ووجوه العرب، وقالوا لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا. فنذر صوم ثلاثة أيام إن شفاهم الله سبحانه ونذرت فاطمة عليها السلام مثله، وكذلك فضة فبرءا، وليس عندهما شئ فاستقرض علي عليه السلام ثلاثة أصوع من شعير وجاء بها إلى فاطمة عليها السلام فطحنت (فضة) (1) صاعا منها فاختبزته. فلما صلى علي عليه السلام المغرب قربته إليه فأتاهم مسكين ودعا لهم وسألهم فأعطوه إياه، ولم يذوقوا إلا الماء. فلما كان اليوم الثاني أخذت صاعا وطحنته واختبزته وقدمته إلى علي عليه السلام فأتاهم يتيم بالباب يستطعم فأطعموه إياه ولم يذوقوا إلا الماء. فلما كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته واختبزته وقدمته إلى علي عليه السلام فأتاهم أسير يستطعم فأعطوه إياه ولم يذوقوا إلا الماء. فلما كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى علي ومعه الحسن والحسين إلى النبي (صلى الله عليه وعليهم) وبهما ضعف، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله بكى، فنزل جبرئيل عليه السلام بسورة " هل أتى " (2). [ الصدوق (قدس سره) في أماليه بطريقين يتصل أحدهما بالصادق عليه السلام والآخر بابن عباس (رحمه الله) مثل ذلك وبمعناه مع زيادات اخر شعرا ونثرا بين علي

___________________________

(1) ليس في نسخة " م ".

 (2) مجمع البيان: 1 / 404 مع اختلاف وعنه وسائل الشيعة: 16 / 190 ح 6 ونور الثقلين: 5 / 469 ح 18، وأخرجه في البحار: 35 / 246 ح 2 من مناقب ابن شهر اشوب: 3 / 146.

 

[ 750 ]

وفاطمة عليهما السلام ومعظم محدثي العامة ومفسريهم ومنهم الخطيب الخوارزمي بطرق ثلاثة عن ابن عباس (رحمه الله) كسابقته بالطريقين الاولين. وبالطريق الثالث ما يقارب مضمون الاولى ويناسبه ] (1): 5 - عن ابن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام: وفيها إيثارهم بثلث القوت أولا، ثم بثانيه، ثم بثالثه (2). 6 - وقال محمد بن العباس (رحمه الله): حدثنا محمد بن أحمد الكاتب عن الحسن بن بهرام، عن عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث المكتب، عن أبي كثير الزبيدي (3) عن عبد الله ابن العباس (رضي الله عنه) قال: مرض الحسن والحسين فنذر علي وفاطمة عليهما السلام والجارية نذرا " إن برءا صاموا ثلاثة أيام شكرا لله " فبرءا فوفوا بالنذر وصاموا. فلما كان أول يوم قامت الجارية [ و ] (4) جرشت شعيرا لها (5) فخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، فلما كان وقت الفطور جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها بين أيديهم، فلما مدوا أيديهم ليأكلوا، وإذا مسكين بالباب وهو يقول: يا أهل بيت محمد ! مسكين (من) (6) آل فلان بالباب. فقال علي عليه السلام: لا تأكلوا. وآثروا المسكين. فلما كان اليوم الثاني فعلت الجارية ما فعلت في اليوم الاول، فلما وضعت المائدة بين أيديهم ليأكلوا، فإذا يتيم بالباب وهو يقول: يا أهل بيت النبوة ومعدن

___________________________

(1) أم إلى الصدوق: 212 ح 11 وعنه البحار: 35 / 237 ح 1 والبرهان: 4 / 412 ح 6 والمستدر: 1 / 96 ح 25، مناقب الخوارزمي: 188 وعنه احقاق الحق: 9 / 114 وأورده الحموينى في فرائد السمطين: 2 / 53 وفرات في تفسيره: 196 والفارسي في روضة الواعظين: 192، وما بين المعقوفين من نسخة " أ ".

 (2) تفسير القمى: 707 وعنه البحار: 35 / 243 ح 2 والبرهان: 4 / 411 ح 2، والرواية من نسخة " أ ".

 (3) في نسخة " م " والبرهان: الزبيري.

 (4) من نسخة " م ".

 (5) في نسخه " ج " لهما.

 (6) ليس في نسخة " م ".

 

[ 751 ]

الرسالة ! يتيم آل فلان بالباب. فقال علي عليه السلام: لا تأكلوا شيئا وأطعموه اليتيم. قال: ففعلوا. فلما كان اليوم الثالث وفعلت الجارية كما فعلت في اليومين. جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها، فلما مدوا أيديهم ليأكلوا، وإذا شيخ كبير يصيح بالباب: يا أهل بيت محمد تأسرونا ولا تطعمونا ؟ قال: فبكى علي عليه السلام بكاء شديدا وقال: يا بنت محمد ! إني أحب أن يراك الله وقد آثرت هذا الاسير على نفسك وأشبالك. فقالت: سبحانه الله ما أعجب ما نحن فيه معك، ألا ترجع إلى الله في هؤلاء الصبية الذين صنعت بهم ما صنعت، وهؤلاء إلى متى يصبرون صبرنا. فقال لها علي عليه السلام: فان الله (1) يصبرك ويصبرهم ويأجرنا إن شاء الله وبه نستعين وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل، اللهم بدلنا بما (2) فاتنا من طعامنا هذا ما هو خير منه، واشكر لنا صبرنا ولا تنسه لنا، إنك رحيم كريم. فأعطوه الطعام. وبكر إليهم النبي صلى الله عليه وآله في اليوم الرابع فقال: ما كان من خبركم في أيامكم هذه ؟ فأخبرته فاطمة عليها السلام بما كان، فحمد الله وشكره وأثنى عليه وضحك إليهم، وقال: خذوا هناكم الله وبارك لكم وبارك عليكم، قد هبط علي جبرئيل من عند ربي وهو يقرأ عليكم السلام، وقد شكر ما كان منكم وأعطى فاطمة سؤلها، وأجاب دعوتها وتلا عليهم (إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا - إلى قوله - إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا). قال: وضحك النبي صلى الله عليه وآله وقال إن الله قد أعطاكم نعيما لا ينفد، وقرة عين أبد الآبدين، هنيئا لكم يا بيت النبي بالقرب من الرحمن، يسكنكم (3) معه في دار

___________________________

(1) في نسخة " م " فالله.

 (2) في نسخة " ج " بمائدة ما.

 (3) في نسختي " ب، ج " مسكنكم.

 

[ 752 ]

الجلال والجمال، ويكسوكم من السندس والاستبرق والارجوان، ويسقيكم الرحيق المختوم من الولدان، فأنتم أقرب الخلق من الرحمن، تأمنون إذا فزع الناس وتفرحون إذا حزن الناس، وتسعدون إذا شقي الناس، فأنتم في روح وريحان وفي جوار الرب العزيز الجبار (و) (1) هو راض عنكم غير غضبان، قد أمنتم العقاب ورضيتم الثواب، تسألون فتعطون، وتخفون فترضون، وتشفعون فتشفعون. طوبى لمن كان معكم، وطوبى لمن أعزكم إذا خذلكم الناس، وأعانكم إذا جفاكم الناس، وآواكم إذا طردكم الناس، ونصركم إذا قتلكم الناس، الويل لكم من أمتي، والويل لامتي من الله. ثم قبل فاطمة وبكى، وقبل جبهة علي وبكى، وضم الحسن والحسين إلى صدره وبكى وقال: الله خليفتي عليكم في المحيا والممات، وأستودعكم الله وهو خير مستودع، حفظ الله من حفظكم، ووصل الله من وصلكم، وأعان الله من أعانكم، وخذل الله من خذلكم وأخافكم (و) (2) أنا لكم سلف وأنتم عن قليل بي لاحقون، والمصير إلى الله والوقوف بين يدي الله، والحساب على الله " ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " (3). نكتة: 7 - ذكر الشيخ أبو جعفر بن بابويه (رحمة الله عليه) في أماليه قال: قال ابن عباس: فبينا أهل الجنة في الجنة إذ (4) رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان. فيقول أهل الجنة: يا رب إنك قلت في كتابك (لا يرون فيها شمسا). (قال) (5): فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل فيقول: ليس هذه بشمس، ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، ونزلت فيهم (هل أتى

___________________________

(1، 2) ليس في نسخة " م ".

 (3) عنه البرهان: 4 / 414 ح 9، والاية الاخيرة من سورة النجم: 31.

 (4) في نسخة " م " إذا.

 (5) ليس في الامالى.

 

[ 753 ]

- إلى قوله - كان سعيكم مشكورا) (1) 8 - وذكر الشيخ محمد بن يعقوب (رحمه الله) تأويل هذه الآيات وهو قوله تعالى (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا) إلى آخر السورة، وهو ما رواه: علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: قلت له: قوله تعالى (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا) قال " نزلنا عليك القرآن - بولاية علي - تنزيلا ". قلت: هذا تنزيل ؟ قال: لا، تأويل. قلت " إن هذه تذكرة " قال: الولاية. قلت " يدخل من يشاء في رحمته " قال: في ولايتنا. ثم قال: " والظالمين أعد لهم عذابا اليما " [ قال ] (2): أي الظالمين لاهل البيت عليهم السلام (3).




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21330386

  • التاريخ : 28/03/2024 - 09:06

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net