00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الفيل 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر)   ||   تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي

105 - سورة الفيل

مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي خمس آيات بلا خلاف

بسم الله الرحمن الرحيم

(ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل(1) ألم يجعل كيدهم في تضليل(2) وأرسل عليهم طيرا أبابيل(3) ترميهم بحجارة من سجيل(4) فجعلهم كعصف مأكول(5))

خمس آيات

هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله ويتوجه إلى جميع المكلفين من قومه، يقول لهم على وجه التنبيه على عظم الاية التي اظهرها والمعجزة التي فعلها، منبها بذلك على توحيده ووجوب إخلاص العبادة له، فقال (ألم تر) ومعناه ألم تعلم، فالرؤية - ههنا - بمعنى العلم، لان رؤية البصر لا تتعلق بما قد تقضى وعدم، كأنه قال: ألم تعلم (كيف فعل ربك باصحاب الفيل) الذين قصدوا هدم البيت وهلاك أهله، فاهلكهم الله تعالى، وكان الذي قصد لهدم البيت ابرهة ابن الصباح. وهو المعروف بابرهة الاشرم، ويكنى أبا يكسوم.

وقيل: إنه لم يسلم من قومه غيره، فولى إلى أهله فكل ما نزل منزلا تساقط منه عضو فلما وصل اليهم أخبرهم الخبر ثم هلك، وكان ابرهة رجلا من اليمن ملكته الحبشة عليهم، وكان سبب قصده إياها لتخريبها أنه بنى كنيسة عظيمة أراد ان يحج اليها بدل الكعبة.

[410]

وقال الحسن: كان السبب في ذلك أن العرب هدمت كنيسة للحبشة، وهم نصارى، فأراد تخريب الكعبة في مقابلة ذلك، فاقبل في جمع كثيف معه أفيلة، فجعل الله كيدهم في تضليل عما قصدوا له من تخريب الكعبة (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) فمعنى أبابيل جماعات في تفرقة زمرة وزمرة لا واحد لها - في قول ابي عبيدة والفراء - كما لا واحد للعباديد والشماطيط. وزعم ابوجعفر الرواسي أنه يسمع في واحدها أبالة.

وقال الكسائي: سمعت النحويين يقولون واحده (ابول) مثل (عجول) وقال بعضهم: (ابيل) وقال ابن عباس معنى أبابيل يتبع بعضها بعضا.

وقال قتادة: معنى أبابيل كثيرة متتابعة.

وقيل: إنها كانت سود الجرية تحمل في مناقيرها واكفها الحجارة - في قول عبيد بن عمير - وقيل: كان مع كل طائر ثلاثة أحجار إثنان في رجليه وواحد في منقاره، وقال موسى بن أبي عائشة: كانت الحجارة اكبر من العدسة وأصغر من الحمصة وقيل كان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره.

وقيل: إن المعروف بأبرهة الاشرم الذي ملكته الحبشة كان يكنى أبا يكسوم وقيل: إنه لم يسلم من قومه غيره فولى إلى أهله وكلما نزل منزلا تساقط منه عضو فلما وصل اليهم اخبرهم الخبر ثم هلك. وقيل كان الفيل إذا وجهوه نحو مكة وقف ولم يسر، وإذا وجهوه إلى جهة غيرها سار إنذارا من الله لهم وموعظة، وكان هذا من أعظم المعجزات في ذلك الوقت أظهره الله تعالى ليدل به على وجوب معرفته وإخلاص عبادته.

وقال قوم: إنه كان معجزة لنبي كان في ذلك الزمان، ويجوز أن يكون ذلك خالد بن سنان. وقيل انه كان ذلك توطيئا لنبوة نبينا صلى الله عليه واله، لانه كان ولد في عام الفيل.

وقوله (ترميهم بحجارة) أى تقذفهم بحجارة (من سجيل) قال ابوعبيدة كل شديد سجيل.

[411]

قال ابن مقبل: ضربا تواصى به الابطال سجيلا(1) وقيل هي حجارة من الجحيم وهي (سجين) ثم ابدلت النون لاما، كما قالوا في أصيلان اصيلال.

وقيل: معنى من (سجيل) أي من طين مطبوخ كالاجر.

وقيل: هو (سنل وكل) بلغة الفرس.

فأعرب، وكذلك روي عن ابن عباس وقوله (فجعلهم كعصف مأكول) العصف ورق الزرع - في قول ابي عبيدة - وهو عصيفة، لان الريح تعصفه أي تذهب به يمينا وشمالا، وقيل: معنى (كعصف مأكول) أي مأكول الثمرة كما يقال: فلان حسن أي حسن الوجه، فاجري مأكول على العصف من أجل اكل ثمرته، لان المعنى معلوم للايجاز.

وقال قتادة: العصف التبن، ومعنى مأكول قد أكلت بعضه المواشي وكسرت بعضه.

وقال الزجاج: معنى مأكول وقع فيه الاكال.

وقيل العصف التبن بلغة بني حنيفة، وبلسان قريش النحالة.

وقصة أصحاب الفيل من الادلة الواضحة والحجج اللائحة على الملحدين، ومن أنكر الصانع، لانه لا يمكن نسب ذلك إلى طبيعة ولا موجب كما تأولوا الزلازل والرياح والخسوف وغير ذلك مما أهلك الله به الامم، لانه ليس في الطبيعة إقبال طير بأحجار وتقصد اقواما دون غيرهم حتى تهلكهم بما ترميهم به، ولا تعدى إلى غيرهم، بل ذلك من أوضح الادلة على انه من فعل الله تعالى، وليس لاحد أن يضعف ذلك وينكر الخبر به، لان النبي صلى الله عليه واله لما قرأ على أهل مكة هذه السورة، كانوا قرببي عهد بالفيل، فلو لم يكن كذلك ولم يكن له اصل لانكروه، فكيف وهم ارخوا به كما أرخوا بنيان الكعبة وموت قصي وغيره، وقد نظم الشعراء في قصة الفيل الشعر ونقلته الرواة، فلا يمكن جحد ذلك، لانه مكابرة.

___________________________________

(1) مر في 6 / 45

[412]

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336057

  • التاريخ : 28/03/2024 - 19:58

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net