00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة يس 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الرابع)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 244 ]

سورة يس

مكية عند الجميع قال ابن عباس الا آية منها وهي قوله وإذا قيل لهم انفقوا نزلت بالمدينة عدد آيها ثلاث وثمانون آية كوفي اثنتان في الباقين بسم الله الرحمن الرحيم (1) يس قد مضى نظائره وقيل معناه يا انسان بلغة طي. وفي المعاني عن الصادق عليه السلام واما يس فاسم من اسماء النبي صلى الله عليه وآله ومعناه يا ايها السامع الوحي وفي الخصال عن الباقر عليه السلام قال ان لرسول الله صلى الله عليه وآله عشرة اسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن فأما التي في القرآن فمحمد واحمد وعبد الله ويس ون. وفي الكافي عنهما عليهما السلام هذا محمد اذن لهم في التسمية به فمن أذن لهم في يس يعني التسمية وهو اسم النبي صلى الله عليه وآله. وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث له في مجلس المأمون قال أخبروني عن قول الله تعالى يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم من عنى بقوله يس قالت العلماء يس محمد لم يشك فيه احد الحديث وقد سبق تمامه في سورة الاحزاب عند قوله تعالى صلوا عليه وسلموا تسليما ويأتي أيضا في سورة الصافات مع حديث آخر من الاحتجاج في ذلك انشاء الله. وفي المجالس عن امير المؤمنين عليه السلام في قوله عز وجل سلام على آل باسين قال يس محمد ونحن آل محمد.

[ 245 ]

(2) والقرآن الحكيم الواو للقسم (3) انك لم المرسلمين. (4) على صراط مستقيم، وهو التوحيد والاستقامة في الامور. والقمي قال الصادق عليه السلام يس اسم رسول الله صلى الله عليه وآله والدليل على ذلك قوله تعالى انك لمن المرسلين على صراط مستقيم قال على الطريق الواضح. (5) تنزيل العزيز الرحيم قال القرآن وقرئ بالرفع (6) لتنذر قوما ما انذر اباؤهم فهم غافلون (1). في الكافي عن الصادق عليه السلام قال لتنذر القوم الذين انت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله وعن رسوله وعن وعيده. (7) لقد حق القول على اكثرهم قال ممن لا يقرون بولاية علي أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام من بعده فهم لا يؤمنون قال بإمامة أمير المؤمنين والاوصياء عليهم السلام من بعده فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله. (8) انا جعلنا في اعناقهم اغلالا فهي الى الاذقان فهم مقمون القمي قد رفعوا رؤوسهم. (9) وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم فهم لا يبصرون القمي عن الباقر عليه السلام يقول فأعميناهم فهم لا يبصرون الهدي اخذ الله سمعهم وابصارهم وقولوبهم فأعماهم عن الهدى. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال هذا في الدنيا وفي الاخرة في نار جهنم مقمحون. القمي. القمي نزلت في ابي جهل بن هشام ونفر من اهل بيته وذلك ان النبي صلى الله

______________________________ـــ

(1) عما تضمنه القرآن وعما أنذر الله به من نزول العذاب والغفلة مثل السهور وهو ذهاب المعنى عن النفس. (*)

[ 246 ]

عليه وآله قام يصلي وقد حلف أبو جهل لعنه الله لئن رآه يصلي ليدمغنه فجاءه ومعه حجر والنبي صلى الله عليه وآله قائم يصلي فجعل كلما رفع الحجر ليرميه اثبت الله عز وجل يده الى عنقه ولا يدور الحجر بيده فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده ثم قام رجل آخر وهو من رهطه أيضا فقال: أنا أقتله فلما دنا منه جعل يستمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله فأرعب فرجع الى اصحابه فقال حال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه فخفت ان اتقدم. (10) وسواء عليهم ءأنذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون بالله ولا بولاية على عليه السلام ومن بعده قيل انه جعلنا في اعناقهم اغلالا فهم مقمحون قد رفعوا رؤوسهم وجعلنا من بين ايديهم سدا الايتين تقرير لتصميمهم على الكفر والطبع على قلوبهم بحيث لا تغني الايات والنذر بتمثيلهم بالذين غلت اعناقهم والاغلال واصلة الى اذقانهم فلا يخليهم يطأطئون فهم مقموحون رافعون رؤوسهم غاضون ابصارهم في انهم لا يلتفتون لفت الحق ولا يعطفون اعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤوسهم له وبمن احاط بهم سدان فغطى ابصارهم بحيث لا يبصرون قدامهم ووراءهم في انهم محبوسون في مطمورة الجهالة ممنوعون عن النظر في الايات والدلائل وقرئ سدا بالضم وهو لغة فيه. (11) انما تنذر من اتبع الذكر في الكافي في الحديث السابق يعني امير المؤمنين عليه السلام وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة واجر كريم. (12) انا نحن نحيي الموتي الاموات بالبعث والجهال بالهداية ونكتب ما قدموا ما اسلفوا من الاعمال الصالحة والطالحة واثارهم كعلم علموه وخطوة مشوا بها الى المساجد وكإشاعة باطل وتأسيس ظلم. في المجمع ان بني سلمة كانوا في ناحية من المدينة فشكوا الى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد منازلهم من المسجد والصلاة معه فنزلت الاية وكل شئ

[ 247 ]

احصيناه في امام مبين قيل يعني اللوح المحفوظ والقمي يعني في كتاب مبين وعن امير المؤمنين عليه السلام انه قال انا والله الامام المبين ابين الحق من الباطل ورثته من رسول الله صلى الله عليه وآله. وفي المعاني عن الباقر عن ابيه عن جده عليهم السلام قال لما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى الله عليه وآله وكل شئ احصيناه في امام مبين قام أبو بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وآله. وفي المعاني عن الباقر عن ابيه عن جده عليهم السلام قال لما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى الله عليه وآله وكل شئ احصيناه في امام مبين قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا يا رسول الله هو التوراة قال لا قالا فهو الانجيل قالا لا قالا فهو القرآن قال لا قال فأقبل امير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هو هذا انه الامام الذي احصي الله فيه علم كل شئ وفي الاحتجاج عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث قال معاشر الناس ما من علم الا علمنيه ربي وانا علمته عليا وقد احصاه الله في وكل علم علمت فقد احصيته في إمام المتقين وما من علم الا علمته عليا. (13) واضرب لهم مثلا اصحاب القرية قرية انطاكية إذ جائها المرسلون قيل ارسلهم الله أو ارسلهم عيسى على نبينا واله وعليه السلام بأمر الله. (14) إذ ارسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا فقوينا بثالث هو شمعون فقالوا انا اليكم مرسلمون القمي عن الباقر عليه السلام انه سئل عن تفسير هذه الاية فقال بعث الله رجلين الى اهل مدينة انطاكية فجاءاهم بما لا يعرفون فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الاصنام فبعث الله الثالث فدخل المدينة فقال ارشدوني الى باب الملك قال فلما وقف على الباب قال انا رجل كنت اتعبد في فلاة من الارض وقد احببت ان اعبد اله الملك فأبلغوا كلامه الملك فقال ادخلوه الى بيت الالهة فأدخلوه فمكث سنة مع صاحببه فقال لهما بهذا ينقل قوم من دين الى دين بالخرق افلا رفقتما ثم قال لهما الا تقران بمعرفتي ثم ادخل على الملك فقال له الملك بلغني انك كنت تعبد الهي فلم ازل وانت اخي فسلني حاجتك فقال ما لي من حاجة ايها الملك ولكن رأيت رجلين في بيت الالهة فما حالهما قال الملك هذان رجلان أتياني ببطلان ديني ويدعواني الى إله سماوي فقال ايها الملك فمناظرة جميلة فان يكن الحق لهما اتبعناهما وان يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا وكان لهما ما لنا وعليهما ما علينا قال فبعث الملك اليهما

[ 248 ]

فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما ما الذي جئتماني به قالا جئنا ندعوه الى عبادة الله الذي خلق السموات والارض ويخلق في الارحام ما يشاء ويصور كيف يشاء وانبت الاشجار والثمار وانزل القطر من السماء قال فقال لهما الهكما هذا الذي تدعوان إليه وإلى عبادته ان جئنا بأعمي أيقدر أن يرده صحيحا قالا ان سألناه أن يفعل فعل ان شاء قال: أيها الملك علي بأعمي لم يبصر شيئا قط قال فاتي به فقال لهما ادعوا الهكما ان يرد بصر هذا فقاما وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر الى السماء فقال ايها الملك على بأعمي آخر فأتي به قال فسجد سجدة ثم رفع رأسه فإذا الاعمي يبصر فقال ايها الملك حجة بحجة علي بمقعد فاتي به فقال لهما مثل ذلك فصلينا ودعوا الله فإذا المقعد قد اطلقت رجلاه وقام يمشي فقال ايها الملك علي بمقعد آخر فأتى به فصنع به كما صنع اول مرة فاطنلق المقعد فقال ايها الملك قد اتيا بحجتين واتينا بمثلهما ولكن بقي شئ واحد فان كان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما ثم قال ايها الملك بلغني انه كان للملك ابن واحد ومات فان احياه الههما دخلت معهما في دينهما فقال له الملك وانا ايضا معك ثم قال لهما قد بقيت هذا الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا الهلكما ان يحييه قال فخرا ساجدين لله عز وجل وأطالا السجود ثم رفع رؤسهما وقالا للملك ابعث الى قبر ابنك تجده قد قام من قبره ان شاء الله قال فخرج الناس ينظرون فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب قال فاتي به الملك فعرف انه ابنه فقال ما حالك يا بني قال كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدتين يسألانه ان يحييني فأحياني قال يا بني تعرفهما إذا رأيتهما قال نعم قال فخرج الناس جملة الى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له ابوه انظر فيقول لا ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال هذا احدهما واشار بيده إليه ثم مروا ايضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الاخر فقال وهذا الاخر قال فقال النبي عليه السلام صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بالهكما وعلمت ان ما جئتما به هو الحق قال فقال الملك وانا ايضا آمنت بالهكما وآمن اهل مملكته كلهم. وفي المجمع قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسلين الى انطاكية فأتياها

[ 249 ]

ولم يصلا الى ملكها وطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكرا الله فغضب وامر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى عليه السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما فدخل شمعون البلدة منكرأ فجعل يعاشر حاشية الملك حتى انسوا به فرفعوا خبره الى الملك فدعاه ورضي عشرته وأنس به واكرمه ثم قال له ذات يوم ايها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك الى غير دينك فهل سمعت قولهما قال الملك حال الغضب بيني وبين ذلك قال فان رأى الملك دعاهما حتى يتطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون من ارسلكما الى ههنا قالا الله الذي خلق كل شئ لا شريك له قال وما اتاكما قالا ما تتمناه فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه فصارا مقلتين (1) يبصر بهما فتعجب الملك فقال شمعون للملك ليس لي عنك سر ان إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع ثم قال الملك للرسولين ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبمكما قالا إلهنا قادر على كل شئ فقال الملك ان هيهنا ميتا مات منذ سبعة ايام لم ندفنه حتى يرجع ابوه وكان غائبا فجاؤا بالميت وقد تغير وأروح فجعلا يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا فقام الميت وقال لهم اني قد مت منذ سبعة ايام وادخلت في سبعة اودية من النار وانا احذركم ما انتم فيه فآمنوا بالله فتعجب الملك فلما علم شمعون ان قوله اثر في الملك دعاه الى الله فآمن وآمن من اهل مملكته قوم وكفر آخرون وقد روى مثل ذلك العياشي بأسناده عن الثمالي وغيره عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهم السلام الا ان في بعض الروايات بعث الله الرسولين الى انطاكية ثم بعث الثالث وفي بعضها ان عيسى عليه السلام اوحى الله إليه ان يبعثهما ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما وان الميت الذي احياه الله بدعائهما كان ابن الملك وانه قد خرج من قبره ينفض التراب من رأسه فقال له يا بني ما حالك قال كنت ميتا فرأيت رجلين

______________________________ـــ

(1) المقلة شمعة العين التي تجمع السواد والبياض. (*)

[ 250 ]

ساجدين يسألان الله اين يحييني قال يا بني فهما إذا رأيتهما قال نعم فأخرج الناس الى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر احدهما بعد جمع كثير فقال هذا احدهما ثم مر الاخر فعرفهما واشار بيده اليهما فآمن الملك وأهل مملكته الى هنا كلام صاحب المجمع. (15) قالوا ما أنتم الا بشر مثلنا لا مزية لكم علينا تقتضي اختصاصكم بما تدعون وما انزل الرحمن من شئ وحي ورسالته ان أنتم الا تكذبون في دعوى رسالته. (16) قالوا يعلم انا اليكم لمرسلون الاستشهاد بعلم الله يجري مجري القسم. (17) وما علينا الا البلاغ المبنى. (18) قالوا انا تطيرنا بكم تشاءمنا بكم قيل ذلك لاستغرابهم ما ادعوه به وتنفرهم عنه. والقمي تطيرنا بكم قال بأسمائكم لئن لم تنتهو عن مقالتكم هذه نرجمنكم وليمسنكم منا عذاب اليم. (19) قالوا طائركم معكم سبب شؤمكم معكم وهو سوء عقيدتكم واعمالكم ائن ذكرتم إئن وعظتم به تطيرتم أو توعدتم بالرجم والتعذيب فحذف الجواب بل انتم قوم مسرفون عادتكم الاسراف. (20) وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين. القمي قال نزلت في حبيب النجار الى قوله وجعلني من المكرمين قيل انه ممن امن بمحمد صلى الله عليه وآله وبينهما ست مأة سنة وقيل كان في غار يعبد الله فلما بلغه خبر الرسل اظهر دينه. وفي المجالس عن النبي صلى الله عليه وآله قال الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول اتبعوا المرسلين الاية وحزقيل مؤمن آل فرعون وعلي بن

[ 251 ]

ابي طالب عليه السلام وهو افضلهم. وفي الجوامع عنع صلى الله عليه وآله قال سباق الامم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين علي بن ابي عليه السلام وصاحب يس ومؤمن آل فرعون فهم الصديقون وعلي افضلهم. وفي الخصال عنه عليه السلام قال ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين مؤمن آل يس وعلي بن ابي طالب عليه السلام وآسية امرأة فرعون. (21) اتبعوا من لا يسئلكم اجرا على النصح وتبليغ الرسالة وهم مهتدون الى خير الدارين. (2) وما لي لا اعبد الذي فطرني تلطف في الارشاد بإيراده في معرض. المناصحة لنفسه وامحاض النصح حيث اراد لهم ما اراد لنفسه والمراد تقريعهم على تركهم عبادة خالقهم الى عبادة غيره قال واليه ترجعون مبالغة في التهديد ثم عاد الى المساق الاول فقال. (23) ءاتخذ من دونه الهة ان يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا لا تنفعني شفاعتهم ولا ينقذون بالنصر والمظاهرة. (24) اني إذا لفي ضلال مبين بين لا يخفي على عاقل. (25) اني آمنت بربكم الذي خلقكم أو هو خطاب للرسول بعد ما اراد القوم ان يقتلوه فاسمعون فاسمعوا ايماني. (26). قيل ادخل الجنة قيل له ذلك لما قتلوه بشرى بانه من اهل الجنة أو اكراما واذنا له في دخولها قال يا ليت قومي يعلمون. (27) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين في الجوامع ورد في حديث مرفوعا انه نصح قومه حيا وميتا. (28) وما انزلنا على قومه من بعده من جند من السماء لاهلاكهم كما ارسلنا

[ 252 ]

يوم بدر والخندق بل كفينا امرهم بصيحة وما كنا منزلين وما صح في حكمتنا ان ننزل إذ قدرنا لكل شئ سببا وجعلنا ذلك سببا لانتصارك من قومك وقيل ما موصولة معطوفة على جند اي وما كنا منزلين على من قبلهم من حجارة وريح وامطار شديدة. (29) ان كانت ما كانت الاخذة الا صيحة واحدة صاح بها جبرئيل عليه السلام فإذا هم خامدون ميتون شبهوا بالنار رمزا الى ان الحي كالنار الساطع والميت كرمادها. (30) يا حسرة على العباد تعالى فهذا أوانك. وفي الجوامع عن السجاد عليه السلام يا حسرة العباد على الاضافة إليهم لاختصاصها بهم من حيث انها موجهة إليهم ما ياتيهم من رسول الا كانوا به يستهزؤن فان المستهزئين بالناصحين المخلصين الموط بنصحهم خير الدارين احقاء بأن يتحسروا ويتحصر عليهم وقد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين. (31) الم يروا كم اهلكنا قبلهم من القرون انهم إليهم لا يرجعون. (32) وان كل لما جميع لدينا محضرون ان مخففة من الثقيلة وما مزيدة للتأكيد وقرئ لما بالتشديد بمعني الا فيكون ان نافية. (33) وآية لهم الارض الميتة وقرئ بالتشديد احييناها واخرجنا منها حبا فمنه يأكلون قيل قدم الصلة للدلالة على ان الحب معظم ما يؤكل ويعاش به. (34) وجعلنا فيها جنات من نخيل واعناب وفجرنا فهيا من العيون. (35) ليكلوا من ثمره ثمر ما ذكر وقرئ بضمتين وما عملته ايديهم مما يتخذ منه كالعصير والدبس ونحوهما وقرئ بلا هاء وقيل ما نفية افلا يشكرون. (36) سبحان الذي خلق الازواج كلها الانواع والاصناف مما تنبت الارض من النبات والشجر ومن انفسهم الذكر والانثى ومما لا يعلمون وازواجا مما لايطلعهم الله عليه

[ 253 ]

القمي عن الصادق عليه السلام ان النطفة تقع من السماء الى الارض على النبات والثمر والشجر فيأكل الناس منه والبهائم فيجري فيهم. (3 7) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار نزيله ونكشف عن مكانه مستعار من سلخ الشاة فإذا هم مظلمون داخلون في الظلام. في الكافي عن الباقر عليه السلام يعني قبض محمد صلى الله عليه وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل اهل بيته. (38) والشمس تجري لمستقر لها لحد معين ينتهي إليه دورها. وفي المجمع عنهما عليهما السلام لا مستقر لها بنصب الراء اي لا سكون لها فانها متحركة دائما ذلك تقدير العزيز العليم. (39) والقمر وقرئ بالنصب قدرناه قدرنا مسيرة منازل وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه حتى عاد كالعرجون القديم كالشمراخ المعجون العتيق. (40) لا الشمس ينبغي لها يصح لها ويتسهل ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون يسيرون فيه بانبساط. القمي عن الباقر عليه السلام يقول الشمس سلطان النهار والقمر سلطان الليل لا ينبغي للشمس ان يكون مع ضوء القمر في الليل ولا يسبق الليل النهار يقول لا يذهب الليل حتى يدركه النهار وكل في فلك يسبحون يقول يجئ وراء الفلك الاستدارة. أقول: يعني يجئ تابعا لسير الفلك على الاستدارة. وفي المجمع عن العياشي عن الرضا عليه السلام ان النهار خلق قبل الليل وفي قول تعالى ولا الليل سابق النهار قال اي سبقه النهار. وفي الاحتجاج عن الصادق عليه السلام خلق النهار قبل الليل والشمس قبل

[ 254 ]

القمر والارض قبل السماء. وزاد في الكافي وخلق النور قبل الظلمة. (41) وآية لهم انا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون الممو أي فلك نوح عليه السلام كما في قوله ذرية من حملنا مع نوح وحمل الله ذريتهمه فيها حمله آبائهم الاقدمين وفي اصلابهم ذرياتهم وتخصيص الذرية لانه ابلغ في الامتنان وادخل في التعجب مع الايجاز. في الخصال عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث انه سئل فما التسعون فقال الفلك المشحون اتخذ نوح فيه تسعين بيتا للبهائم وقيل ذريتهم اولادهم الذين يبعثون الى تجاراتهم أو صبيانهم ونسائهم الذين يستصحبونهم فان الذرية تقع عليهم لانهن مزارعها وتخصيصهم لان استقرارهم فيها اشق وتماسكهم فيها اعجب. والقمي قال السفن الممتلية وكأنه ناظر الى المعنى الاخير لتعميمه الفلك. (42) وخلقنا لهم من مثله من مثل الفلك ما يركبون من الانعام والدواب ولا سيما الابل فأنها سفائن البر أو من السفن والزوارق. (43) وان نشأ (1) نغرقهم فلا صريخ لهم فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق ولا هم ينقذون ينجون به من الموت. (44) الا رحمة منا ومتاعا الا لرحمة وليتمتع بالحياة الى حين زمان قدر لاجالهم. (45) وإذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم وما خلفكم في المجمع عن الصادق عليه السلام معناه اتقوا ما بين ايديكم من الذنوب وما خلفكم من العقوبة لعلكم ترحمون لتكونوا راجين رحمة الله وجواب إذا محذوف دل عليه ما بعده كأنه قيل اعرضوا. (46) وما تأتيهم من آية من آيات ربهم الا كانوا عنها معرضين لانهم اعتادوه وتمرنوا عليه. (47) وإذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله على محاويجكم قال الذين كفروا

______________________________ـــ

(1) أي وان نشأ إذا حملناهم في السفن نغرقهم بتهييج الريحاج والامواج. (*)

[ 255 ]

للذين آمنوا انطعم من لو يشاء الله اطعمه اما تهكم به من اقرارهم بالله وتعليقهم الامور بمشيئة الله واما ايهام بأن الله لما كان قادرا على ان يطعمهم فلم يطعمهم فنحن احق بذلك وهذا من فرطا جهالتهم فان الله يطعم بأسباب منها حث الاغنياء على اطعام الفقراء وتوفيقهم له ان انتم الا في ضلال مبين. (48) ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين يعنو ان وعد البعث. (49). ما ينظرون الا صيحة واحدة هي النفخة الاولى تأخذوهم وهم يخصمون يعني يتخاصمون في متاجرهم ومعاملاتهم لا يخطر ببالهم امرها كقوله فأخذتهم الساعة بغتة. (50) فلا يستطيعون توصية ولا الى اهلهم يرجعون. القمي قال ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في اسواقهم يتخاصمون فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع اجد الى منزله ولا يوصي بوصية وفي المجمع في الحديث تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان فيما يطويانه حت يتقوم الساعة والرجل يرفع اكلته الى فيه فما تصل الى فيه حتى تقوم والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم. (51) ونفخ في الصور اي مرة ثانية كما يأتي في سورة الزمر فإذا هم من الاجدات من القبور الى ربهم (1) ينسلون يسرعون. (52) قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا. في الجوامع عن علي عليه السلام انه قرئ من بعثنا على من الجارة والمصدر هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون. القمي عن الباقر عليه السلام قال فان القوم كانوا في القبور فلما قاموا حسبوا انهم كانوا نياما قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا قالت الملائكة هذا ما وهد الرحمن وصدق المرسلون.

______________________________ـــ

(1) أي إلى الموضع الذي يحكم الله فيه ولا حكم فيه لغيره هناك.

[ 256 ]

(53) ان كانت الا صحية واحدة هي النفخة الاخيرة فإذا هم جميع لدينا محضرون بمجرد الصيحة وفي ذلك تهوين امر البعث والحشر واستغناؤه عن الاسباب التي ينوط بها فيما يشاهدون. في الكافي عن الصادق عليه السلام قال كان ابو ذر رحمه الله يقول في خطبته وما بين الموت والبعث الا كنومة نمتها ثم استيقظت منها الحديث. والقمي عنه عليه السلام قال إذا امامت الله أهل الارض لبث كمثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أماتهم واضعاف ذلك ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات اهل الارض وأهل سماء الدنيا واضاف ذلك ثم امات اهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما امات اهل الارض واهل السماء الدنيا والسماء الثانية واضعاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثالثة ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الارض وأهل اسماء الدنيا والسماء الثانية والثالثة وأضعاف ذلك في كل سماء مثل ذلك واضعاف ذلك ثم امات ميكائيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم امات جبرئيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلم ثم امات اسرافيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق وثمل ذلك كله واضعاف ذلك ثم امات ملك الموت ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم يقول الله عز وجل لمن الملك اليوم فيرد على نفسه لله الواحد القهار اين الجبارون اين الذين ادعوا معي الها آخر اين المتكبرون ونخوتهم ثم يبعث الخلق قال الراوي فقلت ان هذا الامر كائن طول ذلك فقال أرأيت ما كان هل علمت به فقلت لا قال فكذلك هذا. (54) فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم تعلمون. (55) ان اصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون متلذذون في النعمة وابهامه العظيم مات هم فيه. القمي قال في افتضاض العذاري فاكهون قال يفاكهون النساء ويلاعبونهن.

[ 257 ]

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام شغلوا بافتضاض العذارى قال وحواجبهن كالأهلة وأشفار أعينهن كقوادم النسور (56) هم وأزواجهم في ظلال على الارائك السرر المزينة متكؤن القمي عن الباقر عليه السلام قال الأرائك السرر عليها الحجال وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا في حديث قد سبق بعضه في أواخر سورة فاطر (57) لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون قيل افتعال من الدعاء وقيل أي يتمنون من قولهم ادع علي ما شئت أي تمنه وقيل ما يدعونه في الدنيا من الجنة ودرجاتها (58) سلام قولا من رب رحيم يقال لهم قولا كائنا من جهته يعني أن الله يسلم عليهم القمي قال السلام منه هو الأمان (59) وامتازوا اليوم أيها المجرمون وانفردوا عن المؤمنين وذلك حين يسار بالمؤمنين إلى الجنة كقوله تعالى ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون القمي قال إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق فينادوا يا رب حاسبنا ولو إلى النار قال فيبعث الله عز وجل رياحا فتضرب بينهم وينادي مناد وامتازوا اليوم أيها المجرمون فيميز بينهم فصار المجرمون في النار ومن كان في قلبه الأيمان صار الى الجنة (60) ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان جعلها عبادة الشيطان لأنه الامر بها المزين لها وقد ثبت أن كل من أطاع المخلوق في معصية الخالق فقد عبده كما قال الله عز وجل اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله حيث أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فأطاعوهم ومن عبد غير الخالق فقد عبد هواه كما قال الله تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هويه ومن عبد هواه فقد عبد الشيطان

[ 258 ]

في الكافي عن الصادق عليه السلام من أطاع رجلا في معصيته فقد عبده وعن الباقر عليه السلام من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق يروي عن الله فقد عبد الله عز وجل وإن كان الناطق يروي عن الشيطان فقد عبد الشيطان إنه لكم عدو مبين (61) وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم إشارة إلى ما عهد إليهم أو إلى عبادة الله (62) ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أي خلقا كثيرا وفيه لغات متعددة وقرئ بها أفلم تكونوا تعقلون (63) هذه جهنم التى كنتم توعدون (64) اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون ذوقوا حرها اليوم بكفركم في الدنيا (65) اليوم نختم على أفواههم نمنعها عن الكلام وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون القمي قال إذا جمع الله عز وجل الخلق يوم القيامة دفع إلى كل إنسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا فتشهد عليهم الملائكة فيقولون يا رب ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا وهو قول الله عز وجل يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم فإذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون وفي الكافي عن الباقر عليه السلام وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل فأما من أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا (66) ولو نشاء لطمسنا على أعينهم لمسحنا أعينهم حتى تصير ممسوحة فاستبقوا الصراط فاستبقوا إلى الطريق الذي اعتادوا سلوكه فأنى يبصرون الطريق وجهة السلوك فضلا عن غيره

[ 259 ]

(67) ولو نشاء لمسخناهم بتغيير صورهم وإبطال قواهم على مكانتهم مكانهم بحيث يخمدون فيه القمي يعني في الدنيا وقرئ مكاناتهم فما استطاعوا مضيا ذهابا ولا يرجعون ولا رجوعا أو لا يرجعون عن تكذيبهم (68) ومن نعمره نطل عمره ننكسه في الخلق نقلبه فيه فلا يزال يتزايد ضعفه وانتقاص بنيته وقواه عكس ما كان عليه بدو أمره وقرئ بالتخفيف أفلا يعقلون إن من قدر على ذلك قدر على الطمس والمسخ فإنه مشتمل عليهما وزيادة غير أنه على تدرج وقرئ بالتاء (69) وما علمناه الشعر بتعليم القرآن يعني ليس ما أنزلنا عليه من صناعة الشعر في شئ أي مما يتوخاه الشعراء من التخيلات المرغبة والمنفرة ونحوهما مما لا حقيقة له ولا أصل وإنما هو تمويه محض موزونا كان أو غير موزون وما ينبغى له يعني هذه الصناعة القمي قال كانت قريش تقول إن هذا الذي يقوله محمد شعر فرد الله عز وجل عليهم قال ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله شعرا قط أقول: كأن المراد أنه لم يقل كلاما شعريا لا أنه لم يقل كلاما موزونا فإن الشعر يطلق على المعنيين جميعا ولهذا عدوا القرآن شعرا مع أنه ليس بمقفى ولا موزون وقد ورد في الحديث أن من الشعر لحكمة يعني من الكلام الموزون وقد نقل عنه صلى الله عليه وآله كلمات موزونة كقوله أنا النبي صلى الله عليه وآله لا كذب أنا ابن عبد المطلب وقوله هل أنت إلا اصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت وغير ذلك وما روته العامة أنه كان يتمثل بالأبيات على غير وجهها لتصير غير موزونة لم يثبت فإن صح فلعله إنما فعل ذلك لئلا يتوهموا أنه شاعر وأن كلامه كلام شعري فإن الوزن والقافية ليسا بنقص في الكلام ولو كانا نقصا ما أتى بهما أمير المؤمنين عليه السلام وقد استفاض عنه الأبيات وكذا عن ساير الأئمة وإنما النقص في الكلام الشعري

[ 260 ]

قال في المجمع وقد صح أنه صلى الله عليه وآله كان يسمع الشعر ويحث عليه وقال لحسان بن ثابت لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك إن هو إلا ذكر عظة وقرآن مبين كتاب سماوي يتلى في المعابد (70) لينذر وقرئ بالتاء من كان حيا في المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام أي عاقلا والقمي يعني مؤمنا حي القلب وفي معناه خبر آخر مر في سورة الأنعام عند قوله أو من كان ميتا فأحييناه والمعنيان متقاربان ويحق القول وتجب كلمة العذاب على الكافرين المصرين على الكفر (71) أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا قيل يعني مما تولينا إحداثه ولم يقدر على إحداثه غيرنا وذكر الأيدي وإسناد العمل إليها إستعارة تفيد مبالغة في الأختصاص والتفرد بالأحداث والقمي أي بقوتنا خلقناها أنعاما خصها بالذكر لما فيها من بدايع الفطرة وكثرة المنافع فهم لها مالكون يتصرفون فيها بتسخيرنا إياها لهم (72) وذللناها لهم فصيرناها منقادة لهم فإن الأبل مع قوتها وعظمتها يسوقها الطفل فمنها ركوبهم مركوبهم ومنها يأكلون أي يأكلون لحمه (73) ولهم فيها منافع بما يكسبون بها ومن الجلود والأصواف والأوبار ومشارب من ألبانها أفلا يشكرون نعم الله في ذلك (74) واتخذوا من دون الله آلهة أشركوهابه في العبادة لعلهم ينصرون رجاء أن ينصروهم (75) لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون القمي عن الباقر عليه السلام يقول لايستطيع الالهة لهم نصرا وهم للالهة جند محضرون قيل أي معدون لحفظهم والذب عنهم أومحضرون أثرهم في النار (76) فلا يحزنك قولهم في الله بالشرك والألحاد أو فيك بالتكذيب والتهجين إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون فنجازيهم عليه وكفى بذلك تسلية لك

[ 261 ]

(77) أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين القمي أي ناطق عالم بليغ قيل تسلية ثانية بتهوين ما يقولونه في إنكارهم الحشر (78) وضرب لنا مثلا أمرا عجيبا وهو نفي القدرة على إحياء الموتى ونسى خلقه خلقنا إياه قال من يحيى العظام وهى رميم منكرا إياه مستبعدا له والرميم ما بلى من العظام (79) قل يحييها الذى أنشأها أول مرة فإن قدرته كما كانت وهو بكل خلق عليم يعلم تفاصيل المخلوقات وكيفية خلقها وأجزائها المتفتتة المتبددة أصولها وفصولها ومواقعها وطريق تميزها وضم بعضها إلى بعض العياشي عن الصادق عليه السلام قال جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففته ثم قال يا محمد إذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا فنزلت وفي الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله وعن الصادق عليه السلام أن الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة وروح المسئ في ضيق وظلمة والبدن يصير ترابا كما منه خلق وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض وبعلم عدد الأشياء ووزنها وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور فتربو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء والزبد من اللبن إذا مخض فتجمع تراب كل قالب إلى قالبه فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا (80) الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارا قيل بأن يسحق المرخ (1) على العفار وهما خضرا وان يقطر منهما الماء فتنقدح النار القمي وهو المرخ والعفار يكون في ناحية من بلاد العرب فإذا أرادوا أن

______________________________ـــ

(1) المرخ شجر سريع الوري. (*)

[ 262 ]

يستوقدوا أخذوا من ذلك الشجر ثم أخذوا عودا فحركوه فيه فيستوقدون منه النار فإذا أنتم منه توقدون لا تشكون في أنها نار تخرج منه (81) أو ليس الذى خلق السموات والارض مع كبر جرمهما وعظم شأنهما بقادر على أن يخلق مثلهم في الصغر والحقارة وقرئ يقدر بلى جواب من الله وهو الخلاق العليم كثير المخلوقات والمعلومات في الأحتجاج عن الصادق عليه السلام وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله به نبيه صلى الله عليه وآله أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحيائه له فقال حاكيا عنه وضرب لنا مثلا ونسى خلقه الاية فأراد من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم قال قل يحييها الذى أنشأها أول مرة أفيعجز من ابتدأه لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلي بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته ثم قال الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارا أي إذا أكمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم أنه على إعادة من بلى أقدر ثم قال أو ليس الذى خلق السموات والارض بقادر الاية أي إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي (82) إنما أمره إنما شأنه إذا أراد شيئا أن يقول له كن تكون فيكون فهو يكون أي يحدث وقرئ بالنصب وهو تمثيل لتأثير قدرته في مراده بأمر المطاع للمطيع في حصول المأمور من غير امتناع وتوقف وافتقار إلى مزاولة عمل واستعمال آلة قطعا لمادة الشبهة في العيون عن الرضا عليه السلام كن منه صنع وما يكون به المصنوع وفي نهج البلاغة إنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه قال يقول ولا يلفظ ويريد ولا يضمر وقال يريد بلا همة وقد سبق أخبار اخر في هذا المعني في سورة البقرة وغيرها

[ 263 ]

والقمي قال خزائنه في الكاف والنون (83) فسبحان الذى بيده ملكوت كل شئ تنزيه له عما ضربوا له وتعجيب عما قالوا فيه وملكوت كل شئ ما يقوم به ذلك الشئ من عالم الأرواح والملائكة وإليه ترجعون وعد ووعيد للمقرين والمنكرين وقرئ بفتح التاء في ثواب الأعمال عن الباقر عليه السلام من قرأ يس في عمره مرة واحدة كتب الله له بكل خلق في الدنيا وبكل خلق في الاخرة وفي السماء بكل واحد ألفي ألف حسنة ومحى عنه مثل ذلك ولم يصبه فقر ولا غرم ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضره وخفف الله عنه سكرات الموت وأهواله وولي قبض روحه وكان ممن يضمن الله له السعة في معيشته والفرج عند لقائه والرضا بالثواب في آخرته وقال الله للملائكة أجمعين من في السموات ومن في الأرض قد رضيت عن فلان فاستغفروا له وفيه وفي المجمع عن الصادق عليه السلام أن لكل شئ قلبا وان قلب القرآن يس الحديث وذكر فيه ثوابا كثيرا لقراءتها




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21401072

  • التاريخ : 19/04/2024 - 04:26

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net