00989338131045
 
 
 
 
 
 

 المقدمة الحادية عشرة : في نبذ مما جاء في كيفية التلاوة وآدابها  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الأول)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

المقدمة الحادية عشرة

في نبذ مما جاء في كيفية التلاوة وآدابها

روى في الكافي بإسناده عن اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له جعلت فداك إني احفظ القرآن عن ظهر قلبي فأقرأه عن ظهر قلبي أفضل أو انظر في المصحف ؟ فقال لي : لا بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة . وبإسناده عن محمد بن عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أقرأ القرآن في ليلة ؟ قال : لا يعجبني أن تقرأ في أقل من شهر .
وبإسناده عن أبي بصير أنه قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة ؟ فقال : لا قال ففي ليلتين قال : لا قال ففي ثلاث ؟ قال : ها واشار بيده . ثم قال : يا أبا محمد إن لرمضان حقا وحرمة ولا يشبهه شيء من الشهور وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل . إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلا وإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها واسئل الله تعالى الجنة وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار .
أقول : ها كلمة إجابة يعني بها نعم . ثم علل جواز الختم في ثلاث ليال في شهر رمضان بحق الشهر وحرمته (1) واختصاصه من بين الشهور .
والهذرمة السرعة في القرآن .
____________
(1) أريد به مطلق الاختصاص لا اختصاصه بزيادة القراءة ولذا لم يقل اختصاصه بذلك . منه قدس سره .

( 71 )

وبإسناده عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى : ورتل القران ترتيلا . قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : بيّنه تبييناً ولا تهذه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن فزّعوا قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة .
أقول : الهذّ السرعة في القرأة أي لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر ولا تفرق كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كذرات الرمل ، والمراد به الاقتصاد بين السرعة المفرطة والبطؤ المفرط .
وفي رواية اخرى : أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن ترتيل القرآن فقال : هو حفظ الوقوف وبيان الحروف ، وفسر الأول بالوقف التام والحسن والثاني بالإتيان بصفاتها المعتبرة من الجهر والهمس والاطباق والاستعلاء وغيرها . وعن أبي عبد الله عليه السلام هو أن تمكث وتحسّن به صوتك .
وبإسناده عنه عليه السلام : قال القرآن نزل بالحزن .
وبإسناده عنه عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لكل شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن . وعنه عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليهما السلام أحسن الناس صوتا بالقرآن . وكان السقاؤون يمرون فيقفون ببابه يستمعون قرأته . وكان أبو جعفر عليه السلام أحسن الناس صوتا .
وبإسناده عن علي بن محمد النوفلي عن أبي الحسن عليه السلام قال : ذكرت الصوت عنده فقال إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يقرأ القرآن فربما مر به المار فصعق من حسن صوته ، وإن الإمام عليه السلام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه . قلت : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن فقال : إن رسول الله « ص » كان يحمل الناس من خلفه (1) ما يطيقون .
____________
(1) يحتمل كلمة من أن تكون إسما موصولا بدلا من الناس ، يعني كان يحمل من كان يصلي خلفه من الناس على ما يطيقون معه إتمام الصلاة من غير أن يخرجوا عن حدود التكليف وذلك لمصالح تقتضيه فإنه عليه السلام كان مأمورا بالإقبال والإدبار جميعا . ويحتمل أن يكون حرفا قيدا للناس أو متعلقا بيحمل فتدبر .

( 72 )

وبإسناده عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جائني الشيطان . فقال : إنما ترائي بهذا أهلك والناس . قال : يا أبا محمد اقرأ قراءة بين القراءتين تسمع أهلك ورجَّع بالقرآن صوتك فان الله تعالى يحب الصوت الحسن يرجّع به ترجيعا .
وبإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اقرؤا القرآن بألحان العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر فانه سيجيء بعدي أقوام يرجعون القرآن بترجيع الغناء والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم وقلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم . وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زينوا القرآن بأصواتكم . وعنه عليه السلام : إن القرآن نزل بالحزن فإذا قرأتموه فابكوا فان لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به فمن لم يتغن بالقرآن فليس منا ، قال في مجمع البيان تأول بعضهم تغنوا به بمعنى استغنوا به وأكثر العلما على أنه تزيين الصوت وتحزينه .
أقول : المستفاد من هذه الأخبار جواز التغني بالقرآن والترجيع به بل استحبابهما فما ورد من النهي عن الغناء كما يأتي في محله إنشاء الله ينبغي حمله على لحون أهل الفسق والكبائر وعلى ما كان معهودا في زمانهم عليهم السلام في فساق الناس وسلاطين بني أمية وبني العباس من تغني المغنيات بين الرجال وتكلمهن بالأباطيل ولعبهن بالملاهي من العيدان والقضيب ونحوها .
قال في الفقيه : سأل رجل علي بن الحسين عليهما السلام عن شراء جارية لها صوت ؟ فقال : ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة . قال : يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء فأما الغناء فمحظور .
وفي الكافي والتهذيب : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس ليست بالتي تدخل عليها الرجال .
وفي معناه أخبار أُخر وكلام الفقيه يعطي أن بناء الحل والحرمة على ما يتغنى به .

( 73 )

والحديث الأخير يعطي أن لسماع صوت الأجنبية مدخلا في الحرمة فليتأمل .
وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام أنه قال : من قرأ القرآن ولم يخضع له ولم يرق عليه ولم ينشيء حزنا ووجلا في سره فقد استهان بعظم شأن الله وخسر خسرانا مبينا فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء قلب خاشع ، وبدن فارغ ، وموضع خال . فإذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان الرجيم وإذا تفرغ نفسه من الأسباب تجرد قلبه للقراءة فلا يعترضه عارض فيحرمه نور القرآن وفوائده وإذا اتخذ مجلسا خاليا واعتزل من الخلق بعد أن أتى بالخصلتين الأوليين استأنس روحه وسره بالله ووجد حلاوة مخاطبات الله عباده الصالحين وعلم لطفه بهم ومقام اختصاصه لهم بقبول كراماته وبدائع إشاراته فإذا شرب كأسا من هذا المشرب فحينئذ لا يختار على ذلك الحال حالا ولا على ذلك الوقت وقتا بل يؤثره على كل طاعة وعبادة لأن فيه المناجاة مع الرب بلا واسطة فانظر كيف تقرأ كتاب ربك ومنشور ولايتك وكيف تجيب أوامره ونواهيه وكيف تمتثل حدوده فانه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فرتله ترتيلا ، وقف عند وعده ووعيده وتفكر في أمثاله ومواعظه واحذر أن تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده .
وروي عنه عليه السلام أنه قال : والله لقد تجلى الله لخلقه في كلامه ولكن لا يبصرون .
قال : أيضا وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشيا عليه فلما سرى ( سوى خ ل ) عنه قيل له في ذلك فقال : ما زلت اردد الآية على قلبي وعلى سمعي حتى سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته .
أقول : وللتلاوة آداب أُخر منها ظاهرة كالطهارة والاستعاذة وتعظيم المصحف والدعاء أولا وآخرا وغير ذلك ومنها باطنة كحضور القلب والتدبر والتفهم والتخلي عن موانع الفهم وتخصيص نفسه بكل خطاب وتأثر قلبه بآثار مختلفة والترقي بقلبه إلى أن يسمع الكلام من الله لا من نفسه والتبري من حوله وقوته ومن الالتفات إلى نفسه بعين

( 74 )

الرضا واحضار عظمة الكلام والمتكلم بقلبه إلى غير ذلك كما مرت الإشارة إلى بعضها وقد أوردناها جميعا وبيناها في كتابنا المسمى بالمحجة البيضاء من أرادها فليراجع إليه .




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337824

  • التاريخ : 29/03/2024 - 06:21

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net