00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الحديد  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1263 ]

سورة الحديد [ مدنية، وهي تسع وعسرون آية ] 1

بسم الله الرحمن الرحيم * (سبح لله ما في السموات والأرض) * أتى بصيغة الماضي في بعض السور، وبصيغة المستقبل في آخر وفي آخر بصيغة المصدر، إشعارا بأن من شأن ما أسند إليه أن يسبحه في جميع الأوقات، لأنه دلالة جبلية لا تختلف باختلاف الحالات. وإنما عدي باللام وهو معدى بنفسه، إشعارا بأن إيقاع الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه. * (وهو العزيز الحكيم) * فيه إشعار بما هو المبدأ للتسبيح. * (له ملك السموات والأرض) * فإنه الخالق لها والمتصرف فيها يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير) *. هو الأول) *: قبل كل شئ * (والاخر) *: بعد كل شئ * (والظاهر) * على كل شئ، بالقهر له * (والباطن) *: الخبير بباطن كل شئ، وأيضا: هو الأول يبتدأ منه الأسباب، والآخر ينتهي إليه المسببات: (والظاهر وجوده من كل شئ بما يرى في خلقه من علامات التدبير، والباطن الذي بطن من خفيات الأمور، فلا يكتنه حقيقة ذاته العقول). كذا ورد، أو

__________________________

1 - ما بين المعقوفتين من(ب).(*)

[ 1264 ]

ما يقرب منه 1. * (وهو بكل شئ عليم) *: يستوي عنده الظاهر والخفي. * (هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) * قد مر تفسيره في الأعراف 2. يعلم ما يلج في الأرض) * كالبذور * (وما يخرج منها) * كالزروع * (وما ينزل من السماء) * كالأمطار * (وما يعرج فيها) * كالأبخرة * (وهو معكم أين ما كنتم) * فلا ينفك علمه وقدرته عنكم بحال * (والله بما تعملون بصير) * فيجازيكم عليه. * (له ملك السموات والأرض) * ذكره مع الإعادة، كما ذكره مع الإبداء، لأنه كالمقدمة لهما * (وإلى الله ترجع الأمور) *. * (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور) *: بمكنو ناتها. * (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) * من الأموال التي جعلكم الله خلفاء في التصرف فيها، فهي في الحقيقة له لا لكم، أو التي استخلفكم عمن قبلكم في تملكها والتصرف فيها، وفيه توهين للإنفاق على النفس. * (فالذين امنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) * وعد فيه مبالغات. * (وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم) *: وقد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان قبل ذلك * (إن كنتم مؤمنين) *. * (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور) *: من ظلمات الكفر إلى نور الأيمان * (وإن الله بكم لرءوف رحيم) *. * (وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله) *: فيما يكون قربة إليه * (ولله ميراث السموات والأرض) *: يرث كل شئ فيهما ولا يبقى لأحد مال، وإذا كان كذلك فإنفاقه بحيث يستخلف عوضا يبقى، وهو الثواب، كان أولى. * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) * بيان لتفاوت المنفقين والمقاتلين،

__________________________

1 - الكافي 1: 141، قطعة من حديث: 7، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وانظر نهج البلاغة: 87، الخطبة: 49. 2 - ذيل الآية: 54.(*)

[ 1265 ]

باختلاف أحوالهم من السبق وقوة اليقين، وتحري الحاجة. وقسيمه محذوف لوضوحه ودلالة ما بعده عليه. والفتح فتح مكة، إذ عز الأسلام به وكثر أهله، وقلت الحاجة إلى المقاتلة والإنفاق. * (أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير) *. * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) *: ينفق ماله في سبيله رجاء أن يعوضه، وحسنه بالإخلاص، وتحرى الحلال، وأفضل الجهات، ومحبة المال، ورجاء الحياة * (فيضاعفه له) *: فيعطي أجره أضعافا * (وله أجر كريم) *: وذلك الأجر كريم في نفسه وإن لم يضاعف. قال: (نزلت في صلة الإمام في دولة الفساق) 1. وورد: (إن الله لم يسأل خلقه مما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك، وما كان لله من حق فإنما هو لوليه) 2. * (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم) *: ما يهتدون به إلى الجنة * (بين أيديهم وبأيمانهم) * من حيث يؤتون صحائف أعمالهم. * (بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) *. * (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا) *: انتظرونا، أو انظروا إلينا. وعلى قراءة فتح الهمزة: أمهلونا * (نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم) *: إلى الدنيا * (فالتمسوا نورا) * بتحصيل المعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، فإن النور يتولد منها. * (فضرب بينهم بسور) *: بحائط * (له باب باطنه فيه الرحمة) * لأنه يلي الجنة * (وظاهره من قبله) *: من جهته * (العذاب) * لأنه يلي النار. * (ينادونهم ألم نكن معكم) * يريدون موافقتهم في الظاهر. * (قالوا بلى ولكنكم

__________________________

1 - الكافي 8: 302، الحديث: 461، عن الكاظم عليه السلام. 2 - الكافي 1: 537، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1266 ]

فتنتم أنفسكم) * بالنفاق. والقمي: بالمعاصي 1. * (وتربصتم) * بالمؤمنين الدوائر * (وارتبتم) *: وشككتم في الدين * (وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله) * وهو الموت * (وغركم بالله الغرور) *: الشيطان أو الدنيا. * (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا) * ظاهرا وباطنا * (مأواكم النار هي مولاكم) * القمي: هي أولى بكم 2. * (وبئس المصير) * النار. القمي: يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم: يقسم للمنافق فيكون نوره بين إبهام رجله اليسرى، فينظر نوره ثم يقول للمؤمنين: مكانكم حتى أقتبس من نوركم، فيقول المؤمنون لهم:) ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا (، فيرجعون، فيضرب بينهم بسور. ثم قال: والله ما عنى بذلك اليهود ولا النصارى، وما عنى به إلا أهل القبلة 3. * (ألم يأن) *: ألم يأت وقته * (للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أو توا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) *: خارجون عن دينهم. قال: (نزلت هذه الآية في القائم عليه السلام) ولا يكونوا (، الآية) 4. أقول: لعل المراد: إنها نزلت في شأن غيبة القائم عليه السلام وأهلها المؤمنين. * (إعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها) * قال: (يحييها الله بالقائم بعد موتها. قال: يعني بموتها كفر أهلها، والكافر ميت) 5. وفي رواية: (العدل بعد الجور) 6. وقيل: تمثيل لإحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة 7. * (قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون) *.

__________________________

1 - القمي 2: 351. 2 و 3 - القمي 2: 351. 4 - كمال الدين 2: 668، الباب: 58، الحديث: 12، عن أبي عبد الله عليه السلام. 5 - كمال الدين 2: 668، الباب: 58، الحديث: 13، عن أبي جعفر عليه السلام. 6 - الكافي 8: 267، الحديث: 390، عن أبي عبد الله عليه السلام. 7 - البيضاوي 5: 118.(*)

[ 1267 ]

* (إن المصدقين) * أي: المتصدقين، إن شدد الصاد، والذين صدقوا الله ورسوله، إن خفف. * (والمصد قات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم) *. * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم) * قال: (إن هذه لنا ولشيعتنا) 1. وقال: (ما من شيعتنا إلا صديق، شهيد. قيل: أنى يكون ذلك وعامتهم يموتون على فرشهم 2 ؟ ! فقال: أما تتلو كتاب الله في الحديد) والذين آمنوا بالله ورسله (الآية. قال: لو كان الشهداء كما يقولون، كان الشهداء قليلا) 3. * (لهم أجرهم ونورهم) *: أجر الصديقين والشهداء ونورهم * (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) *. * (إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) *. لما ذكر حال الفريقين، حقر أمور الدنيا، اعني ما لا يتوصل به منها إلى سعادة الآخرة، بأن بين أنها أمور وهمية، عديمة النفع، سريعة الزوال، وإنما هي لعب يتعب الناس فيه أنفسهم جدا، إتعاب الصبيان في الملاعب من غير فائدة، ولهو يلهون به أنفسهم عما يهمهم، وزينة من ملابس شهية ومراكب بهية ومنازل رفيعة ونحو ذلك، وتفاخر بالأنساب والأحساب، وتكاثر بالعدد والعدد، وهذه ستة أمور جامعة لمشتهيات الدنيا مما لا يتعلق منها بالآخرة، مترتبة في الذكر ترتب مرورها على الإنسان غالبا. * (كمثل غيث أعجب الكفار نباته) *. ثم قرر تحقير الدنيا، ومثل لها في سرعة تقضيها وقلة جدواها بحال نبات أنبته الغيث واستوى، فأعجب به الحراث أو الكافرون بالله،

__________________________

1 - التهذيب 6: 167، الحديث: 318، عن علي بن الحسين عليهما السلام. 2 - في المصدر:(فراشهم). 3 - المحاسن: 163، الباب: 32، الحديث: 115، عن الحسين بن علي عليهما السلام.(*)

[ 1268 ]

لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا، ولأن المؤمن إذا رأى معجبا انتقل فكره إلى قدرة صانعه فأعجب بها، والكافر لا يتخطى فكره عما أحس به، فيستغرق فيه إعجابا. * (ثم يهيج) * أي: ييبس بعاهة * (فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) *: هشيما * (وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان) *. ثم عظم أمور الآخرة، وأكد ذلك تنفيرا عن الانهماك في الدنيا، وحثا على ما يوجب كرامة العقبى * (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) * أي: لمن أقبل عليها ولم يطلب الآخرة بها. * (سابقوا) *: سارعوا مسارعة السابقين في المضمار * (إلى مغفرة من ربكم) *: إلى موجباتها * (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) *: كعرض مجموعهما إذا بسطتا. ورد: (إن أدنى أهل الجنة منز لا من لو نزل به الثقلان - الجن والإنس - لوسعهم طعاما وشرابا) 1. * (أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) *. * (ما أصاب من مصيبة في الأرض) * كجدب وعاهة * (ولا في أنفسكم) * كمرض وآفة * (إلا في كتاب) *: إلا مكتوبة * (من قبل أن نبرأها) *: نخلقها. قال: (كتابه في السماء: علمه بها، وكتابه في الأرض: علومنا في ليلة القدر، وفي غيرها) 2. ورد: (إن ملك الأرحام يكتب كل ما يصيب الإنسان في الدنيا بين عينيه، فذلك قوله عزوجل:) ما أصاب من مصيبة (الآية) 3. * (إن ذلك) *: إن ثبته في كتاب * (على الله يسير) *.

__________________________

1 - القمي 2: 82، ذيل الآية: 23 من سورة الحج، عن أبي عبد الله عليه السلام. 2 - القمي 2: 351، عن أبي عبد الله عليه السلام. 3 - علل الشرائع 1: 95، الباب: 85، الحديث: 4، عن أمير المؤمنين عليه السلام.(*)

[ 1269 ]

* (لكيلا تأسوا) * أي: أثبت وكتب لئلا تحزنوا * (على ما فاتكم) * من نعم الدنيا * (ولا تفرحوا بما آتاكم) *: بما أعطاكم الله منها، فإن من علم أن الكل مقدر هان عليه الأمر. قال: (الزهد كله بين كلمتين من القرآن. قال الله تعالى:) لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم (ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي، فقد أخذ الزهد بطرفيه) 1. * (والله لا يحب كل مختال فخور) *. فيه إشعار بأن المراد بالأسى: الأسى المانع عن التسليم لأمر الله، وبالفرح: الفرح الموجب للبطر والاختيال، إذ قل من يثبت نفسه حال الضراء والسراء. * (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول) * أي: ومن يعرض عن الإنفاق * (فإن الله هو الغني الحميد) *: غني عنه وعن إنفاقه، محمود في ذاته، لا يضره الأعراض عن شكره، ولا ينتفع بالتقرب إليه بشئ من نعمه. فيه تهديد وإشعار بأن الأمر بالأنفاق لمصلحة المنفق. * (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب) *. قال: (الكتاب: الاسم الأكبر الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الأنبياء عليهم السلام) 2. * (والميزان) *. روي: (إن جبرئيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح، وقال: مر قومك يزنوا به) 3. والقمي: الميزان: الأمام 4. * (ليقوم الناس بالقسط) *: بالعدل. * (وأنزلنا الحديد) * قال: (إنزاله ذلك خلقه له) 5. فيه بأس شديد) * فإن آلات

__________________________

1 - نهج البلاغة: 553، الحكمة: 439. 2 - الكافي 1: 293، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. 3 - جوامع الجامع: 482. 4 - القمي 2: 352. 5 - الاحتجاج 1: 372، عن أمير المؤمنين عليه السلام.(*)

[ 1270 ]

الحروب متخذة منه. قال: (يعني السلاح) 1. * (ومنافع للناس) * إذ ما من صنعة إلا والحديد آلتها. ورد: (إن الله عزوجل أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض، أنزل الحديد والنار والماء والملح) 2. * (وليعلم الله) *. عطف على محذوف دل عليه ما قبله، فإنه يتضمن تعليلا. * (من ينصره ورسله بالغيب) * باستعمال الأسلحة في مجاهدة الكفار * (إن الله قوي) * على إهلاك من أراد إهلاكه * (عزيز) * لا يفتقر إلى نصرة، وإنما أمرهم بالجهاد لينتفعوا به، ويستوجبوا ثواب الامتثال فيه. * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) *. * (ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم) * أي: أرسلنا رسولا بعد رسول حتى انتهى إلى عيسى * (وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها) *. قيل: هي المبالغة في العبادة والرياضة والانقطاع عن الناس، منسوبة إلى الرهبان وهو المبالغ في الخوف، من رهب 3. قال: (صلاة الليل) 4. * (ما كتبناها عليهم) *: ما فرضناها عليهم * (إلا ابتغاء رضوان الله) * ولكنهم ابتدعوها، ابتغاء رضوان الله * (فما رعوها) * أي: فما رعوا جميعا * (حق رعايتها) * قال: (لتكذ يبهم بمحمد صلى الله عليه وآله) 5. * (فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون) *:

__________________________

1 - التوحيد: 266، الباب: 36، قطعة من حديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 2 - مجمع البيان 9 - 10: 243، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 3 - البيضاوي 5: 120. 4 - الكافي 3: 488، الحديث: 12، من لا يحضره الفقيه 1: 299، الحديث: 1365، التهذيب 2: 120، الحديث: 4520، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 220، الباب: 28، الحديث: 9، عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام. 5 - مجمع البيان 9 - 10: 243، عن النبي صلى الله عليه وآله.(*)

[ 1271 ]

خارجون عن الاتباع. ورد: (اختلف من كان قبلكم على ثنتين 1 وسبعين فرقة، نجا منها ثنتان 2 وهلك سائرهن، فرقة قاتلوا الملوك، على دين عيسى عليه السلام فقتلوهم، وفرقة لم يكن لهم طاقة لموازاة الملوك، ولا أن يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم إلى دين الله ودين عيسى عليه السلام، فساحوا في البلاد وترهبوا، وهم الذين قال الله عزوجل:) ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم (ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: من آمن بي وصدقني واتبعني فقد رعاها حق رعايتها، ومن لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون) 3. وفي رواية: (قال: ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى عليه السلام يعملون بمعاصي الله، فغضب أهل الإيمان فقاتلوهم، فهزم أهل الإيمان ثلاث مرات فلم يبق منهم إلا القليل، فقالوا: إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو إليه، فتعالوا نتفرق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا عيسى عليه السلام، يعنون محمدا صلى الله عليه وآله، فتفرقوا في غيران الجبال وأحدثوا رهبانية، فمنهم من تمسك بدينه، ومنهم من كفر، ثم تلا هذه الآية) 4. * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته) * القمي: نصيبين من رحمته: أحدهما، أن لا يدخله النار، وثانيهما: أن يدخله الجنة 5. * (ويجعل لكم نورا تمشون به) * يعني الإيمان، وفي رواية: (يعني إماما تأتمون به) 6. * (ويغفر لكم والله غفور رحيم) *. روي: (لما نزل قوله تعالى:) أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا (في أهل الكتاب

__________________________

1 - في المصدر:(اثنتين). 2 - في المصدر:(اثنتان). 3 - مجمع البيان 9 - 10: 243، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 4 - مجمع البيان 9 - 10: 243، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 5 - القمي 2: 352. 6 - الكافي 1: 195، ذيل الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام، وص 430، ذيل الحديث: 86، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1272 ]

الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وآله، وسمع ذلك الذين لم يؤمنوا به، فخروا على المسلمين وقالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم وكتابنا فله أجران، ومن آمن منا بكتابنا فله أجر كأجوركم، فما فضلكم علينا ؟ فنزل:) يا أيها الذين آمنوا (الآية) 1. * (لئلا يعلم أهل الكتاب) * أي: ليعلموا. و (لا) مزيدة. * (أن لا يقدرون على شئ من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) *. روي: (فخر الذين آمنوا منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم على أصحابه، وقالوا: نحن أفضل منكم، لنا أجران ولكم أجر واحد، فنزل:) لئلا يعلم (الآية) 2.

__________________________

1 - مجمع البيان 9 - 10: 244، وفي الدر المنثور 8: 67 مع تفاوت. والآية في سورة القصص(28): 54. 2 - المصدر، الدر المنثور 8: 67.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21402174

  • التاريخ : 19/04/2024 - 13:38

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net