في معنى التأويل

السؤال :

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة آل عمران: 7]

س: ما معنى التأويل المذكور في الآية؟ ولماذا جعل الله التأويل غير معلن وحصر العلم به له وحده؟ ألا يمكن أن يكون نافعاً لنا لو علمناه؟



الجواب :

بشكل عام التأويل له ثلاثة استعمالات في لسان المفسّرين:

1- تأويل المتشابه وبيان الوجه فيه والمعنى المراد منه وهو مختصّ بالآيات المتشابهة.

2- بمعنى التفسير سواء كان اعتماداً على مداليل الألفاظ أو غيرها من الوسائل والطرق، وهذا أعم من الاستعمال السابق.

3- بيان المعاني الباطنة للقرآن الكريم، فإن القرآن على ما ورد في الأثر له ظهر وبطن، بل بطون متعدّدة. فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما من حرف إلا وله تأويل، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم" [العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج33، ص155]. وسئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن هذه الرواية فقال: "ظهر وبطن هو تأويلها، منه ما قد مضى ومنه ما لم يجئ... ونحن نعلمه" [بحار الأنوار، ج23، ص197].

والقرآن الكريم تبيان كل شيء، ولا يمكن بيان كل شيء لكل أحد، نظراً لاختلاف مستويات الناس من حيث القدرة على الإدراك. فمن الناس من لا يدرك حتى الظاهر منه. ومن العلماء من يقتصر على إدراك الظاهر, لأنّه يعجز عن خوض غمار الباطن، ومنهم من ينكشف أمامه بعض مراتب الباطن وطبقاته. ومنهم الراسخون في العلم الذين أَوغلوا فيه وسبروا أعماقه.

وهذا الأسلوب القرآني يعدّ من وجوه الإعجاز فيه حيث يخاطب الناس كلهم على اختلاف مداركهم بكلام واحد يتضمّن مستويات من العلم والحكمة والمعارف.

فالقرآن كله نور وبيان وهدى، والخفاء الحاصل من بطونه ناشئ من قصور في مداركنا وعقولنا المحدودة، وليس من قبل القرآن نفسه.

وأما الآية {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ ...} [سورة آل عمران، الآية:7] فتشير إلى اختصاص معرفة التأويل بالله والراسخين في العلم. [ينظر: الوجيز في علوم القرآن، مركز نون،  ص137 وما بعدها، بتصرّف]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=995