المراد من قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}

السؤال :

ما المراد من قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [سورة الحجر: 99]؟

 


الجواب :

المعروف والمشهور بين المفسّرين أنّ المقصود من «اليقين» هنا الموت، وسمّي باليقين لحتميته، فربما يشك الإنسان في كل شيء، إلا الموت فلا يشك فيه أحد قط.

أو لأنّ الحجب تزال عن عين الإنسان عند الموت فتتّضح الحقائق أمامه ويحصل له اليقين.

وفي الآيتين السادسة والأربعين والسابعة والأربعين من سورة المدّثر نقرأ عن لسان أهل جهنم: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} أي: الموت.

ومن هنا يتّضح خطأ ما نقل عن بعض الصوفية من أنّ الآية أعلاه دليل على ترك العبادة. فقالوا: أعبد الله حتى تحصل على درجة اليقين، فإذا حصلت عليها فلا حاجة للعبادة بعدها! ونقول:

أوّلاً: اليقين هنا بمعنى الموت بشهادة الآيات القرآنية المشار إليها، وهو ما يحصل للمؤمن والكافر سواء.

ثانياً: المخاطب بهذه الآية هو النبي (صلّى الله عليه وآله)، ومقام اليقين للنّبي من المسلمات، وهل يجرأ أحد أن يدّعي أنّ النّبي (صلّى الله عليه وآله) لم يصل لدرجة اليقين، حتى يخاطب بالآية المذكورة؟!!

ثالثًا: المقطوع به أنّ النّبي (صلّى الله عليه وآله) لم يترك العبادة حتى آخر لحظات عمره الشريف، وكذا الحال بالنسبة لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) وهو المستشهد في المحراب، وهو ما سار عليه بقية الأئمّة (عليهم السلام) [انظر: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏8، ص: 119، تفسير الميزان، ج‏12، ص 195-196، و...].

من هنا يكون معنى المراد من الآية المباركة الحثّ على العبادة حتى آخر لحظات الحياة والتي ينتقل فيها الإنسان من عالم الى عالم آخر، {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [سورة مريم: 31]، وقد ورد في الحديث عن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: "ما أوحي إليّ أن اجمع المال وكن من التاجرين ولكن أوحي إلي أن ْ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين‏‏". [المجلسي، بحار الأنوار، ج 69، ص 47]

كذلك روي عن الأمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "ما خلق الله عز وجل يقينًا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت" [من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 194].

ومن المفسرين من ذهب الى تفسير اليقين بالنصر حيث قال: هو النصر الذي وعده الله به. [ابن عاشور محمد بن طاهر، التحرير والتنوير، ج13، ص74]

 

- المصدر: موقع http://www.islamquest.net، بتصرّف يسير.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=990