هل رحمة للعالمين تشمل كما لرب العالمين أي تشمل السموات والأرضين؟

السؤال :

‏{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياء، ١٠٧]‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الفاتحة، ٢]
هل رحمة للعالمين تشمل كما لرب العالمين أي تشمل السموات والأرضين؟



الجواب :

لو استعرضنا مواضع استعمال كلمة (العالَمين) في القرآن، لرأينا أنها وردت في كثير من الآيات بمعنى بني الإنسان، بينما وردت في مواضع أخرى بمعنى أوسع يشمل البشر وسائر موجودات الكون الأخرى، كقوله تعالى: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [الجاثية، 36] وكقوله سبحانه: {قالَ فِرْعَوْنُ: وَما رَبُّ الْعالَمِينَ؟ قالَ: رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا} [الشعراء، 23 و 24].
وعن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في تفسير (ربّ العالمين) قال: «ربّ العالمين هم الجماعات من كلّ مخلوق من الجمادات والحيوانات» [تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 17].
ويمكن فهم كلمة (العالَمين) في إطارها الكوني الأوسع، ويمكن فهمها في إطار عالم (الإنسان)- كما ورد في رواية الإمام زين العابدين عليه السّلام، لأن الكائن البشري أشرف المخلوقات، و لأنّ الإنسان هو الهدف الأساس من هذه المجموعة الكبرى وليس بين الفهمين أي تناقض.
والذي يدعو إلى التوسّع في مفهوم كلمة (العالم) هو أن عبارة «ربّ العالمين» جاءت وكأنّها دليل على عبارة (الحمد للّه)، أي أننا نقول في سورة الفاتحة: إن الحمد مختص بالله تعالى لأنه صاحب كل كمال ونعمة وموهبة في العالم.
وأما الآية الكريمة ‏{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} فيمكن القول أنها تُشير إلى رحمة وجود النبي (صلّى الله عليه وآله) العامة للبشر في الدنيا، سواء الكافر منهم والمؤمن، فهم مشمولون لرحمته، لأنه تكفّل بنشر الدين الذي ينقذ الجميع. والدليل عليه الجمع المحلّى باللام، وذلك مقتضى عموم الرسالة. فإذا كان جماعة قد انتفعوا به وآخرون لم ينتفعوا، فإن ذلك يتعلق بهم أنفسهم، ولا يخدش في عمومية الرحمة.
فهو (صلّى الله عليه وآله) رحمة لأهل الدنيا من جهة إتيانه بدين يتكفّل بسعادة أهل الدنيا في دنياهم وأخراهم، والآثار الحسنة التي سرت من قيامه بالدعوة الحقة في مجتمعاتهم مما يظهر ظهوراً بالغاً بقياس الحياة العامة البشرية اليوم إلى ما قبل بعثته (صلّى الله عليه وآله) وتطبيق إحدى الحياتين على الأخرى. [انظر: الميزان، ج‏14، 331؛ الأمثل، ج‏1، 39-40،  ج10، ص265]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=837