معطيات الآية الكريمة {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ...}

السؤال :

ما هي المعطيات التي يمكن استفادتها من قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة البقرة :213]



الجواب :

للآية الكريمة عدّة معطيات وإشارات، نذكر منها:
1- إشارة إلى حالة المجموعة البشرية الأولى الصغيرة من أسرة آدم وحواء وذراريهم، قبل اختلاف التصوّرات والاعتقادات. فالقرآن يقرر أن الناس من أصل واحد، حتى نمت وتعددت وكثر أفرادهم, وتفرقوا في المكان, وتطوّرت معايشهم; وبرزت فيهم الاستعدادات المكنونة، فصاروا من حيث الطبيعة التكوينية ألواناً وأشكالاً مختلفة يعيشون في بيئات مختلفة.
2- إن من طبيعة الناس أن يختلفوا; لأن هذا الاختلاف أصل من أصول خلقتهم; يحقق حكمة عليا من استخلاف هذا الكائن في الأرض. إن هذه الخلافة تحتاج إلى وظائف متنوّعة, واستعدادات شتى من ألوان متعدّدة; كي تتكامل جميعها وتتناسق, وتؤدّي دورها الكلّي في الخلافة والعمارة, وفق التصميم الكلّي المقدر في علم الله. فلا بد ـ إذاً ـ من التنوّع في المواهب يقابل تنوّع تلك الوظائف; ولا بد من الاختلاف في الاستعدادات، يقابل ذلك الاختلاف في الحاجات.. {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ - إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ - وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}.
3- لم يكن الدين سبب الاختلاف ولا الكتب السماوية ولا الأنبياء، فإن الكل كامل ومعصوم عن الزلل والخطأ، والكل يحمل القيم الإنسانية العالية. بل إن الاختلاف كان نتيجة أيدي العلماء الذين حملوا الكتب بعد الرسل، وتعصباتهم  الجاهلية ومصالحهم  وأهواؤهم الدنيوية، وغيرها من الأسباب المرضية التي أدت إلى صنع هذا النوع من الاختلاف بين الناس.
4- من أجل هذه الاختلافات الاجتماعية الطبيعية أنزل الله نظام الحياة المدوّن في الكتب السماوية عن طريق الانبياء والرسل، وكان عالم التكليف هو المسؤول عن رفع الاختلاف وتوحيد المجتمعات.
5- إن من اللطف والرحمة الإلهية أن جعل كتبه بين متناول أيدي الناس، فإن الإنسان  لو تُرك، لم يهتدِ إلى حل مشاكله واستئصالها من الجذور، فرجوع الإنسان إلى الكتاب وإلى الرحمة الإلهية في حل مشاكله هو الضمان الوحيد والأفضل لذلك.
6- إن البحث عن الحق والهداية إليه والوصول إلى السير اليقيني  عليه لم يكن متروكاً  لمشتهيات  الإنسان ورغباته،  بل إنه مسؤولية شرعية تقع على عاتق كل إنسان، وسيُسأل عنه يوم القيامة.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=831