فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٢٩) سورة الحجر

السؤال :

فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٢٩) سورة الحجر
اذا كانت روح الانسان قد نُفخت من الله عز وجل.. فما هي أرواح الملائكة والجن؟ وهي ارواح بدون جسم، كما في تفسير الميزان (خصوصية خلق الانسان, لهذه الخصوصية اهمية كبيرة, كون الانسان جمع العقل والغريزة , الروح والجسد , فاختلف عن الملائكة لانهم مخلوقات عقل محض, ارواح فقط , وتميز عن المخلوقات العاقلة الاخرى كالجن (الجان) كونها مخلوقات روح ولا جسد , اما الانسان جسد وروح)؟



الجواب :

عليكم السلام ورحمة الله، أعظم الله أجورنا وأجوركم
إنّ معرفة الروح وأسرارها أمر بعيد المنال، وللمفسرين الكبار كلام كثير عن الروح ومعناها، ولا يستثنى من هذا الجن والملائكة، إلا ما بيّنه الله تعالى ورسوله والأئمة المعصومون من آله (صلى الله عليه وآله) في هذا الخصوص، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء، 85]؛ أي: ما عندكم من العلم بالروح الذي آتاكم الله ذلك قليل من كثير فإن له موقعاً من الوجود وخواص وآثاراً في الكون عجيبة بديعة أنتم عنها في حجاب. [تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 13 - ص 195 - 199]
فنقول: استخدمت كلمة (الروح) في القرآن الكريم في موارد ومعان متعددة، فهي في بعض الأحيان تعني الروح المقدسة التي تساعد الأنبياء على أداء رسالتهم كما في الآية (253) من سورة البقرة والتي تقول: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}. وفي بعض الأحيان تطلق على القوة الإلهية المعنوية التي تقوي المؤمنين وتدفعهم، كما في قوله تعالى في الآية (22) من سورة المجادلة: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}. وفي موارد أخرى تأتي للدلالة على (الملك الخاص بالوحي) ويوصف ب‍ (الأمين)، كما في الآية (193) من سورة الشعراء: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ}. وفي مكان آخر وردت بمعنى (الملك الكبير) من ملائكة الله الخاصين، أو مخلوق أفضل من الملائكة كما في الآية (4) من سورة القدر: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}. وفي الآية (38) من سورة النبأ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا}. ووردت أيضاً بمعنى القرآن أو الوحي السماوي، كما في الآية (52) من سورة الشورى في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}.
وأخيراً وردت الروح في القرآن الكريم بمعنى الروح الإنسانية، كما في آيات خلق آدم: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السجدة، 9]. [انظر: تفسير الأمثل، ج9، ص110-111]
وفي تفسير العياشي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) عن قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} قال: >إن الله تبارك وتعالى أحد صمد والصمد الشيء الذي ليس له جوف فإنما الروح خلق من خلقه له بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب الرسل والمؤمنين<.
ويظهر أن الرواية الشريفة دفع لما يتوهّم من مثل قوله تعالى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} أن هناك جوفاً ونفساً منفوخاً. وفيه عن أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ما الروح؟ قال: >التي في الدواب والناس< قلت: وما هي؟ قال: >من الملكوت من القدرة<. أقول: وهذه الروايات تؤيد ما تقدم في بيان الآية أن الروح المسؤول عنه حقيقة وسيعة ذات مراتب مختلفة، وأيضاً ظاهر هذه الرواية كون الروح الحيواني مجرداً من الملكوت. [انظر: تفسير الميزان، ج13، ص 213].


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=800