مواجهة مشاكل المجتمع

السؤال :

إني أواجه بعض المشاكل في المجتمع المحيط بي، وقد يشتبه علي الأمر في بعض المواقف ولا أعرف ما تكليفي الشرعي. إني أرى في مجتمعي الكثير من المنكرات منه الغيبة وحتى من أقرب الناس لي، وإني لأخاف عليه من الحساب ولا أعرف ما هو التصرف الحكيم لإنكار عمله هذا؟
نعم صدق قول الرسول (صلى الله عليه وآله): >يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر< فكيف نطبق قول الأمام (عليه السلام): >كونوا دعاة لنا صامتين<؟ وكيف نكون وسطاً ونطبق قوله تعالى في كتابه: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}؟
وفي الختام
كيف يوفق المؤمن إلى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة بحيث لا يكون فظاً غليظاً وليقوم بواجبه الشرعي وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وما نصائحكم وتوجيهاتكم لنا في التعامل مع الناس والأهل في هذا المجتمع
 



الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم
الأمر الأول: أنَّ المراد بقوله عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، وما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): >وكُونُوا دُعَاةً إِلَى أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ وكُونُوا زَيْناً ولَا تَكُونُوا شَيْناً< [الكافي، ج2، ص77]، أنَّ الأخلاق الفاضلة هي بنفسها دعوة للدين، فمن عامل الناس بالتواضع والإخلاص والبشاشة والاحترام وقضاء حوائج المحتاجين منهم، فإنَّ نفس هذا الخلق دعوة للدين، وهو المُعَبَّر عنه بـ «الموعظة الحسنة» و«الموعظة الصامتة».
الأمر الثاني: إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى عنصر الحكمة كما في الآية {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ}، والحكمة هي عبارة عن التخطيط السليم، فلا بد أن يدرس الإنسان وضع الشخص الذي بين يديه، وأنَّه كيف ينفذ إلى شخصيته؟ وكيف يعبر إلى قلبه بحيث يؤثر فيه؟ وإلا فإذا لم يدرس شخصيته فإنَّه سيعتذر عن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بذريعة أنَّني لا أحتمل تأثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مثل هذا الشخص المصرِّ على المنكرات.
ولكن إذا درس شخصيته، وعرف مداخله ومخارجه، استطاع أن ينفذ إلى قلبه بالأسلوب المهذب الجذاب.
الأمر الثالث: ما ورد في قول الإمام علي >أَمَرَنَا رَسُولُ الله  أَنْ نَلْقَى أَهْلَ الْمَعَاصِي بِوُجُوه مُكْفَهِرَّةٍ< [الكافي، ج5، ص59]، فإنَّ المقصود به هو خصوص المصرّ على المعصية حتى بعد تذكيره وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، بحيث لا جدوى في تذكيره وفي نهيه، ولذلك عبِّر عنه بـ «أهل المعاصي» وليس كل عاصٍ ـ ولو كان عصيانه عن غلبة الشهوة أو غلبة الهوى ـ من أهل المعاصي، فإنَّ أهل المعاصي هم المصرُّون الذين لا يأتمرون بأمر ولا يرتدعون برادع.

السيد منير الخباز
المصدر: موقع (www.almoneer.org) على الانترنت، بتصرّف يسير.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=797