التفسير بالرأي والتدبر بالقرآن مسلكان متغايران

السؤال : إني عندما اقرأ آية من آيات القرآن الكريم ينطبع في ذهني معنى معين للاية فأحاول أن أتدبر فيها فهل هذا هو التفسير بالرأي المنهي عنه في الروايات الشريفة أم اعتبار هذا المعنى كرأي شخصي و نقله للأخرين خلال النقاشات هو المنهي عنه. و السلام .

الجواب :

التفسير بالرأي هو أمر راجع إلى طريق الكشف دون المكشوف، أي إنّ التفسير بالرأي مقولة في المنهج وفي طبيعة الطريق الذي يُسلك في تفسير القرآن، فإذا ما سلك الإنسان الطريق الخاطئ وقع في محذور التفسير بالرأي ، وترتّب على ذلك ـ منطقياً وطبيعياً ـ خطأ النتائج، وإن كان يمكن أن يصيب الواقع أحياناً.

بعبارة أُخرى: أن النهي منصب على تفهّم كلامه تعالى على نحو ما يتفهّم به كلام غيره، وإن كان هذا النحو من التفهّم ربما صادف الواقع، والدليل ذم هذا اللون من التفسير هو قول النبي صلى الله عليه وآله في الرواية: (من تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)، فإنّ الحكم بالخطأ مع فرض الإصابة ليس إلاّ لكون الخطأ في الطريق، وكذا قوله عليه السلام: إن أصاب لم يؤجر.

وليس اختلاف كلامه تعالى مع كلام غيره في نحو استعمال الألفاظ وسرد الجمل وإعمال الصناعات اللفظية، فهو كلام عربيّ روعي فيه جميع ما يراعى في كلام عربيّ، وقد قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ وقال تعالى: (وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبينٌ وقال تعالى: (إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وإنّما الاختلاف من جهة المراد والمصداق الذي ينطبق عليه مفهوم الكلام.

تأسيساً على ما تقدم يتضح: بأن المراد من التفسير بالرأي أي التفسير بما يرغبه الإنسان وما يوافق مصلحته، لا ما يقتضيه الموضوع في نفسه، وهذا من أشنع الأعمال وجدير أن يُعبَّر عنه بالكفر والهوى؛ إذ هو مساوق لتحريف الحقائق والدلائل وبالتالي عدم الإيمان بمرجعية القرآن الكريم.

وأما التدبر في القرآن الكريم فهو مما ورد الحثّ عليه من قبل القرآن نفسه، قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن) ومن الواضح أن التدبر في القرآن غير مرتبط بجماعة خاصة، أو طبقة معينة، وإنما هو مرتبط بالجميع.

ومن هنا يظهر: بأن استعمال الإنسان للطريق والمنهج الصحيح المستدل المبرهن لاقتناص مقاصد القرآن لا يعد من التفسير المذموم، وإنما هو تفسير محمود، ويدخل في قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)، أما إذا لم يستعمل المنهج والطريق المعرفي الصحيح لتفسير القرآن الكريم فهذا الانسان وقع مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وآله: (من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر وإن أخطأ خرّ أبعد من السماء).

ويمكن مراجعة الجزء الأول من كتاب أصول التفسير والتأويل.


 المجيب: موقع السيد كمال الحيدري



  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=656