ما هي فلسفة الإختبار الإلهي؟

السؤال :

ما هي فلسفة الإختبار الإلهي؟



الجواب :

أنّ مفهوم الاختبار الإلهي يختلف عن الاختبار البشري.

اختباراتنا البشرية ـ هي كما ذكرت آنفاً ـ تستهدف رفع الإبهام والجهل، والاختبار الإلهي قصده «التربية».

في أكثر من عشرين موضعاً تحدث القرآن عن الاختبار الإلهي، باعتباره سنّة كونية لا تنقض من أجل تفجير الطاقات الكامنة، ونقلها من القوّة إلى الفعل، وبالتالي فالاختبار الإلهي من أجل تربية العباد، فكما أنّ الفولاذ يتخلص من شوائبه عند صهره في الفرن، كذلك الإنسان يخلص وينقى في خضمّ الحوادث، ويصبح أكثر قدرة على مواجهة الصعاب والتحديات.

الاختبار الإلهي يشبه عمل زارع خبير، ينثر البذور الصالحة في الأرض الصالحة، كي تستفيد هذه البذور من مواهب الطبيعة وتبدأ بالنمو، ثمّ تصارع هذه البذرة كل المشاكل والصعاب بالتدريج، وتقاوم الحوادث المختلفة كالرّياح العاتية والبرد الشديد والحر اللافح، لتخرج بعد ذلك نبتة مزهرة أو شجرة مثمرة، تستطيع أن تواصل حياتها أمام الصعاب.

ومن أجل تصعيد معنويات القوّات المسلحة، يؤخذ الجنود إلى مناورات وحرب إصطناعية، يعانون فيها من مشاكل العطش والجوع والحر والبرد والظروف الصعبة والحواجز المنيعة.

وهذا هو سرُّ الاختبارات الإلهيّة.

يقول سبحانه في موضع آخر من كتابه العزيز: (وليبتلي الله ما في صدوركم ولِيمحِّص ما فِي قلوبكم والله عليمٌ بذات الصُّدور)(1).

ويقول أمير المؤمنين علي(عليه السلام) في بيان سبب الاختبارات الإلهيّة: «... وَإنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَكِنْ لِتَظْهَرَ الأَفْعَالُ الَّتي بِهَا يُسْتَحَقُّ الثَّوابُ وَالْعِقَابُ»(2).

أي أنّ الصفات الكامنة لا يمكن أن تكون وحدها معياراً للثواب والعقاب، فلابدّ أن تظهر من خلال أعمال الإنسان، والله يختبر عباده ليتجلّى ما يضمرونه في أعمالهم، ولكي تنتقل قابليّاتهم من القوّة إلى الفعل، وبذلك يستحقون الثواب أو العقاب.

لو لم يكن الاختبار الإلهي لما تفجرت هذه القابليات، ولما أثمرت الكفاءات، وهذه هي فلسفة الاختبار الإلهي في منطق الإسلام.(3)

المصادر :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ  آل عمران، 154.

2.  نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 93.

3. الأمثل، ج 1 ،ص 365.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=442