هل كانت الشرائع السالفة ناقصةً؟

السؤال : نعلم أنّ الاسلام أكمل الأديان التي أرسلت الى البشر، و لازم ذلك الكلام أنّ جميع الأديان السابقة ناقصة، و في هذه الحالة يتبادر السؤال التالي الى الأذهان، و هو كيف أرسل الله تعالى أدياناً ناقصةً لهداية البشر سابقاً في الوقت الذي ينزه الله تعالى عن إرسال دين ناقص؟!

الجواب :

 تثبت البوادر العالمية و ختم الأديان بالاسلام أنّه ـ و بعد بزوغ الاسلام ـ لامجال للتكامل المادي و المعنوي للبشر و معرفته بالواجبات الالهية سوى اتباع هذا الدين.

طبعاً كان كل واحد من الأديان الماضية في وقته طريقاً صحيحاً لتكامل البشر و إلفاته الى الله، و قد تقدم البشر في ضوء هذه الأديان نحو التكامل الروحي و المعنوي; لكن و بعد تبليغ الدين الاسلامي ـ و هو الدين العالمي و خاتم الأديان ـ أضحى السير في الطرق الأخرى خطأً، ولا يستطيع دين غير الدين الاسلامي إيصال الانسان الى الأهداف السامية و الكاملة التي تلائم «الأمة المتكاملة».

في الوقت نفسه كان كل من تلك الأديان أكمل دين في عصره أنزله الله لهداية الناس. للتوضيح يمكن القول: إنّ مجموع الأديان السماوية كالصفوف المختلفة في إحدى الكليات التي يدرس فيها الجامعي، ما يتعلمه الطالب في السنوات الأولى بالاضافة الى كونه صحيحاً و ثابتاً يشكل أساساً للمراحل اللاحقة، و ما يدرسه في المراحل الأخيرة يكون مكملا للمبادي التي تلقاها في السنوات الأولى. بناءاً على هذا، يعتبر البرنامج الذي يتلقاه الطالب في كل مرحلة أفضل برنامج بالنسبة له، و ان حصل خلاف ذلك (كأن يعطى للجاميين في السنة الأولى برنامج السنوات اللاحقة) لاتكون الثمرة سوى إتلاف الوقت، كما لو طبق برنامج المرحلة الأولى على طلاب المراحل العليا، فسوف لن يصل أولئك الى الهدف الذي يربون من أجله.

هل يحق لأحد في هذه الحالة أن يقول: إنّ برامج المراحل السفلى ناقصة و المواضيع التي يدرسها الجامعيون في تلك المراحل قاصرة، أو يجب القول: برامج كل مرحلة من أفضل البرامج المنظمة بالنسبة لطلاب تلك المرحلة، و ما يتعلمه الطالب في تلك المرحلة يكون أصلا و أساساً لارتقائه الى المراحل الأعلى. كما كان حكمنا على مراحل الكلية بهذه الصورة و لم نعتبر برامج كل مرحلة ناقصةً و قاصرةً بالنسبة لطلاب تلك المرحلة، يكون حكمنا كذلك بالنسبة الى الأديان السالفة التي أنزلت لهداية و تكميل المجتمع الانساني.

و ليس معنى كون الدين الاسلامي ناسخاً لبقية الأديان و كونه أكمل و أشمل منها أنّ تلك الأديان باطلة و غير صحيحة من أساسها أو ناقصة و قاصرة، بل كان كل واحد من تلك الأديان صحيحاً و لائقاً جداً في عصره و زمانه، و كان كافياً في إيصال البشر في ذلك العصر الى هدفه المنشود والجدير به.

لكن يجب التفكير بصورة مختلفة للبشر المتكامل، ذلك البشر الذي يمكنه الهيمنة على القمم الرفيعة من الكمالات المادية و المعنوية، و يجب منحه طريقاً آخر لنيل تلك القمم بعد طىّ الطريق، لئلا يحرم من نيل الكمالات السامية الجديرة به، لأجل ذلك أنزلت الأديان السماوية تترى لتربية الانسان في المراحل المختلفة حتى وصلت الى الدين الاسلامي أكمل الاديان.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=415