• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : الإمام الباقر (عليه السلام) من ألمع المفسّرين للقرآن .

الإمام الباقر (عليه السلام) من ألمع المفسّرين للقرآن

سماحة الشيخ عبدالجليل أحمد المكراني

مارس أهل البيت (عليهم السلام) تطبيق ثقافة القرآن الكريم بوصفه مصدر الإلهام الفكري والمعرفي للمسلمين.

وإنّ من أهمّ أولويّات الإمام المعصوم (عليه السلام) تثبيت محوريّة القرآن ومرجعيّته في الفكر والسلوك العامّين للمسلمين، فالقرآن هو المصدر الذي يستقي منه المسلمون الأصول الفكريّة والتشريعيّة في العقيدة والسلوك.

لذا كان الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) يدعو أصحابه إلى أن يسألوه، وكان يطلب منهم أنّه إذا حدّثهم عن أيّ شيء من شؤون الثّقافة الإسلاميّة، أن يطالبوه بالدَّليل على ذلك من القرآن، ومن هنا خصّص الإمام الباقر (عليه السلام) للتفسير وقتاً من أوقاته، وتناول فيه جميع شؤونه، وقد أخذ عنه علماء التفسير ـ على اختلاف آرائهم وميولهم ـ الشيء الكثير، فكان من ألمع المفسّرين للقرآن الكريم في دنيا الإسلام، فيذكر أنّه (عليه السلام) قد ألّف كتاباً في تفسير القرآن الكريم، نصّ عليه النديم في (الفهرست) عند عرضه للكتب المصنّفة في تفسير القرآن الكريم، فقد قال: (كتاب الباقر محمّد بن علي بن الحسين عليه السلام، رواه عنه أبو الجارود زياد بن المنذر رئيس الجاروديّة)[فهرست النديم 1: 50].

وقال السيّد حسن الصدر: وقد رواه عنه أيّام استقامته جماعة من ثقات الشيعة منهم أبو بصير يحيى بن القاسم الأسدي، وقد أخرجه علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي في تفسيره من طريق أبي بصير [تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 327].

ومن نماذج تفسيره لآيات الذكر الحكيم جوابه (عليه السلام) لِزُرارة الذي سأله: كيف يستفاد من الآية الشريفة: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ.......﴾ [النساء - ١٠١] حكم وجوب القصر في صلاة المسافر مع أنّ لسان الآية ليس لسانَ إلزام؟

قال(عليه السلام): إنّ تعبير (لا جناح) في هذه الآية مثل تعبير:(لا جناح) في الآية الكريمة: ﴿...فَمَنْ حَجَّ الْبَيتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِ أَن يطَّوَّفَ بِهِمَا...﴾ [البقرة- ١٥٨]، حيث المقصود منها هو حكم الوجوب لا الرجحان الصِرف.

وإنّ من اهتمام الإمام الباقر (عليه السلام) وعنايته بالقرآن الكريم صيانته له عن أيدي العابثين والمحرّفين، فكانت له مواقف كثيرة في الدفاع عن تحريف القرآن، منها صدّه مَن يستعمل المجاز في غير ما هو له في تفسير الآيات الشريفة، فإنّه قد شاع الاستعارات والكنايات واستعمال المجازات في لغة العرب، وهذا قد استخدمه القرآن الكريم أيضاً، لكنّ البعض يفسّر ما جاء به القرآن حسب ذوقه وفهمه القاصر عن إدراك معنى الآية الحقيقي وما المراد من ألفاظها، ومن ذلك الآية الكريمة: ﴿... يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ...﴾ [ص 75]، فإنّ المنصرف من اليد هو العضو المخصوص المعروف، وهذا يستحيل على الله تعالى، فسأل محمّد بن مسلم الإمام الباقر (عليه السلام)عن ذلك فأجابه: اليد في كلام العرب القوّة والنعمة، قال: ﴿...وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ...﴾ [ص 17]، وقال: ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ....﴾

[الذاريات 47]، أي بقوّة. وقال: ﴿.....وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ.....﴾ [المجادلة 22]، أي قوّاهم. ويقال لفلان: عندي أيادي كثيرة أي فواضل وإحسان. وله عندي يد بيضاء: أي نعمة. [توحيد الصدوق: 153، ح 1].

وقد وقف (عليه السلام) بوجه الذين يفسّرون القرآن بالاعتبارات العقليّة والظنّيّة الراجعة إلى الاستحسان أو ما يعرف بالتفسير بالرأي، فإنّه يروى في هذا الصدد أنّ الإمام الباقر(عليه السلام) دخل عليه الفقيه المعروف قتادة، فقال له الإمام: أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون. قال أبو جعفر(عليه السلام): بلغني أنّك تفسّر القرآن. فقال له قتادة: نعم...

فأنكر عليه الإمام ذلك، وقال له: يا قتادة، إن كنت قد فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت. يا قتادة، ويحك! إنّما يعرف القرآن من خوطب به). [وسائل الشيعة 27: 158، ح 25].


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2570
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19