• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : كلماته التوجيهية .
                    • الموضوع : كلمة المشرف العام في مهرجان أبي الفضل (ع) القرآني الدولي الأول .

كلمة المشرف العام في مهرجان أبي الفضل (ع) القرآني الدولي الأول

اختتمت صباح يوم الجمعة 26 ذو الحجة 1434 هـ الموافق 1 تشرين الثاني 2013 م، وعلى قاعة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) في العتبة العباسية المقدسة فعاليات مهرجان أبي الفضل (عليه السلام) القرآني الدولي الأول والذي يقيمه معهد القرآن الكريم التابع لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة المقدسة والذي استمر على مدى ثلاثة أيام.

وأبتدأ حفل الختام بتلاوة آي من الذكر الحكيم للقارئ الناشئ طه خالد محمد والذي فاز بالمرتبة الأولى في التلاوة ضمن المسابقة القرآنية الوطنية للناشئين في الحفظ والتلاوة التي أقيمت ضمن فعاليات المهرجان، ثم جاءت كلمة مدير المعهد المذكور الشيخ محمد جواد السلامي والتي رحب فيها بالحضور الكريم الذي وفدوا من داخل العراق وخارجه.

وبين" يعد هذا المهرجان الأول من نوعه بين العتبات المقدسة في العراق، كما أنه يعد النشاط الأول من هكذا نوع بالنسبة لمعهد القرآن الكريم".

موضحاً" حقق هذا المهرجان وبحمد الله تعالى جملة من الأهداف انفرد بها، وهذه الأهداف هي:

1- المسابقة القرآنية الوطنية للناشئين، والتي شارك فيها أكثر من 35 حافظاً وقارئاً للقرآن، وكانت تحت أشراف لجنة تحكيم دولية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المسابقات القرآنية الأخرى لا يحدد فيها العمر.

2- إجتماع المؤسسات القرآنية والتي أنبثق عنه تأسيس رابطٌ قرآنية عالمية، وستكون بإشراف ودعم من العتبة العباسية المقدسة.

3- مؤتمر البحوث والذي تمحور حول دور أبي الفضل العباس (عليه السلام) في تجلي المفاهيم القرآنية.

4- التقارب بين المؤسسات القرآنية، وطرح وجهات النظر، والوصول إلى صيغ تخدم المشروع القرآني.

وفي ختام كلمة أعتذر الشيخ السلامي عن أي تقصير قد حصل، شاكراً الجهود التي بذلت من أجل إنجاح هذا المهرجان.

ثم جاءت كلمة الوفود المشاركة في هذا المهرجان ألقاها نيابة عنهم الشيخ حسن الخباز من البحرين، والتي وجه في الشكر للعتبة العباسية المقدسة على إقامة من هكذا مهرجانات فريدة من نوعها.

وأشار إلى أن هذا المهرجان كان متميز من جميع الجوانب، مؤكداً على أن تتظافر الجهود من أجل أنجاح ما توصل إليه المشاركون في هذا المؤتمر وخصوصاً في إنشاء الرابطة القرآنية العالمية.

ثم شنف أسماع الحاضرين القارئ عامر الكاظمي ببعض الموشحات الدينية بحق النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام.

بعدها كانت كلمة من السعودية للشيخ عبد الجليل المكراني، شكر فيها الجهود التي بذلت من أجل إقامة هذا المهرجان العالمي الأول، مؤكداً أحدى ثمرات هذا المهرجان هو التعرف على المؤسسات القرآنية العراقية والتي كان عطاءها القرآني جدير بالاحترام.

موضحاً " قد يغيب أسم هذه المؤسسات القرآنية عن بعض المحافل القرآنية ولكن وخلال هذا المهرجان الذي أعطانا فرصة اللقاء بها لسمنا من خلال توجدها أن عطاءها يوفق التصور.

ليكون ختام الكلمات بكلمة الأمين العام لنقابة القرّاء المصريين من الأزهر الشريف الشيخ الدكتور فرج الله الشاذلي، والتي أكد فيها أن هذا اليوم يعد عيداً لأنه وقت جني الثمار لثلاث أيام مضت، وهو عيد لا يقتصر على المؤسسات القرآنية التي شاركت في هذا المهرجان وإنما لكل المؤسسات القرآنية في العالم بالنظر لما تمخض عنه من نتائج.

ليكون مسك الختام إعلان النتائج للمسابقة القرآنية الوطنية للناشئين في الحفظ والتلاوة، وبعدها تم توزيع جوائز وشهادات تقديرية على المشاركين.

نص كلمة المشرف العام في مهرجان ابي الفضل (ع) القرآني الدولي الأول

العمل القرآني في المؤسسات

بسم الله الرحمن الرحيم

السادة الحضور السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته

إنّ القرآن منهل الخير وأصله، وأنّه مصدر سعادة لكل مَن أقبل عليه ونهل من معينه، واقتدى بهديه، وإنّه عصمة لمن تمسّك به، ونجاة لمَن تبعه وسار على تعاليمه وطبّق أحكامه وعمل بها. وعلى العكس من ذلك إذا ما أعرض أهل الإسلام عنه وأقبلوا على التمسّك بغيره.

ولا يخفى أنّ ما حصل للبشرية من انحراف وتخبّط عاد على الأمّة الإسلامية بالويلات والمهالك والشقاء والتعاسة والبؤس وضنك العيش إنّما كان بسبب الإعراض عن ذكر الله والتدبر في آيات كتابه الكريم.

ولأجل ذلك قامت جمعيات ومؤسسات قرآنية في كافة بقاع العالم الإسلامي، وبتظافر جهود الجماعة، على ربط الشباب والناشئة بكتاب الله عزّ وجلّ، وذلك عن طريق الإكثار من فتح الفروع والفصول التابعة لها في كلّ مكان، ومن خلال إقامة الندوات والدورات السريعة وحلقات الثقافة والتحفيظ والتعليم وغيرها؛ بشكل متناوب ومستمر، كل ذلك من أجل تأصيل القيم الإنسانية النبيلة النابعة من القرآن الكريم في نفوسهم وقلوبهم، ولتحصين شباب هذه الأمّة ضدّ الانحراف.

إلاّ أنّه من الواجب على تلك المؤسسات والقائمين عليها التعامل مع هذا العصر بأسلوب يتناسب معه؛ ليكون الطالب المتعلّم على بصيرة من أمره، ويلمس الآثار الإيجابية التي من أجلها أنشأت هذه المؤسسات.

إنّ المؤسسات القرآنية تعدّ خطوة نحو خلق الجاذبية التعليمية، ولكونها مصدراً من مصادر التعليم يجب أن تدار من قبل الأساتذة والنخب المشهورة كي تلعب دوراً مهمّاً في كشف المواهب والطاقات الكامنة والاستفادة من تفريغها في محلّها المناسب. وتحقيق ذلك مكفول بصنع البرامج والجداول ووضع المنهجية الصحيحة التي من خلالها يمكن أن تمارس المسيرة التعليمية بشكل مدروس. مع ضرورة الإشراف المستمر على أنشطة هذه المراكز من قبل الجهات أو الأجهزة المختصّة داخل هذه المراكز وخارجها.

إنّ اختيار المكان المناسب، والمصادر الغنية، والكوادر الإدارية والتعليمية المتميزة التي تمتلك الخبرات، وتكاتف الجهود، وشدّ الساعد بالساعد على العمل من شأنه أن ينهض بالمؤسسات القرآنية على تقديم برامج تعليمية مفيدة ومثمرة.

وفي هذا المضمار فإنّ الجهود التي تبذل لنشر الوعي والثقافة القرآنية رغم تكلّلها بالنجاح في كثير من الأحيان إلاّ أنّ تلك الجهود والمشاريع التوعوية والتثقيفية لا زالت دون الحدّ المطلوب.

وفي هذه المناسبة المباركة، فإنّني أتقدّم بالشكر الجزيل والثناء الجميل على المجهود الكبير الذي قام به الأخوة المسؤولون في الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة في إعداد هذا المهرجان القرآني العالمي المسمّى باسم صاحب هذه العتبة الطاهرة أبي الفضل العباس عليه السلام، لاسيما الأخوة الكرام في معهد القرآن الكريم حفظهم الله.

وأود الإشارة إلى ثلاث نقاط في عمل القرآن المؤسساتي:

النقطة الأولى: نظم الأمور

إنّ نهوض أي مجتمع وتطوّره لا يمكن من دون وجود نظام يؤسّس لجميع حالاته ويعالج مشاكله، فيضع له النظم والقوانين بأدقّ التفاصيل لأجل إنعاشه وتخليصه من الشوائب التي تكدّر عليه صفو عيشه؛ حتى يتدّرج باستمرار نحو الأفضل. لذا جاءت الشريعة الإسلامية لتنظيم حياة الإنسان مؤكّدة على أهميته؛ لأنّه العامل الرئيس لحيوية المجتمع وفاعليته؛ شريطة أن يكون النظام وفق منهاج علمي متقن.

لذا يجب على جميع مؤسسات المجتمع المدني أن تسير وفق النظام المحدد لها وعدم الحيد أو الميول عنه؛ لأنّ السير باتجاهات عشوائية متخبّطة مصيره التيه والهلاك.

والأمر نفسه في المؤسسات التعليمة ـ لا سيما القرآنية منها ـ فإنّ نظم الأمور والانضباط أثناء العمل، وحسن الإدارة وتنظيم الشؤون من استغلال الوقت والاستفادة من الطاقات وصرف الموارد المالية وبذل الجهد، كلّها ترتبط بعملية إنجاح وتحقيق الأهداف المنشودة والمتوخاة من وراء تأسيس هذه المؤسسات والمراكز.

وهذا ما تؤكّده وصية أمير المؤمنين عليه السلام لأولاده وأهل بيته: ((أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ونظم أمركم)).

على أنّ التقوى شرط أساسي في العمل، وهناك علاقة وثيقة بينها وبين نظم الأمور، والاعتماد على أحدهما دون الآخر لا يصل بالعاملين إلى ما هو المطلوب منهم.

كما أنّ من يتمعّن في قراءة سيرة المعصومين عليهم السلام يجد ـ وبوضوح ـ  دقّة التنظيم في كافّة مجالات حياتهم؛ أبرزها تنظيم رسول الله للحياة السياسية والاجتماعية حتى مع اليهود في المدينة.

فالنهوض بالحالة القرآنية في نظم الأمر لابد له من الإحاطة بمستلزماته؛ لكي تصل هذه المؤسسة أو تلك إلى مستوى الطموح، ويتمثّل ذلك في تحديد الهدف أولاً، ووضع الخطّة لتنفيذه ثانياً، وتوفير العناصر اللازم تحققها لإنجاح هذه الخطّة ثالثاً.

النقطة الثانية: إيجابيات العمل الجماعي

إنّ العمل الجماعي ضرورة يفرضها على المؤسّسات بالدرجة الأولى واقعها؛ لكونها متكوّنة من المجموع لا من الفرد؛ إذ الإنسان قليل بنفسه كثير بغيره، وأنّ الجهود التي يبذلها الفرد الواحد أو الأفراد من دون الجماعة لا يمكن الوصول بها وحدها إلى الغاية؛ لأنّها ضعيفة الطاقة ومحدودة المدى، على العكس منه في العمل الجماعي المتكاتف والمتجانس إذا قامت به الأيادي مجتمعة، فإنّه يضمّ الجهود بعضها إلى بعض ويربط حلقة بأخرى حتى تتجه إلى الهدف المقصود، فإنّ العود ـ كما يقال ـ محمي بحزمته لكنّه ضعيف حينما ينفرد.

هذا بالإضافة إلى أنّ الدين يأمرنا بالاتحاد والتعاون على البرّ والتقوى، وليس ما هو أعظم وأفضل برّاً من العمل القرآني فإنّ فيه خير الدنيا والآخرة، فيبارك الله فيه حينما يكون مشتركاً ومتوحداً لا منعزلاً ومتفرقاً.

ومن المؤكد أنّ تأسيس المراكز والمؤسسات القرآنية إذا قام على العمل الجماعي كان له أثره الفاعل في تعزيز مستوى النشاطات القرآنية في الجودة والعدد؛ لأنّه يؤدي إلى إنشاء مناهج حديثة متطورة، وذلك من خلال ممارسات المجموعة الموظفة داخل الدائرة القرآنية في تطبيق البرامج التعليمية والتثقيفية؛ إذ التنافس بين المجموعة أو المجموعات المشكلة لأداء المهام والوظائف يكشف بصورة جلية عن الإمكانات والقدرات والطاقات التي تمتلكها هذه المجموعات.

وتبادل الأفكار وتنقيح الآراء وتلاقحها يعزّز النشاط ويبرز التقنية في الإنتاج في المجال الثقافي للمادة القرآنية.

وهناك حقيقة أخرى تكشف عنها وحدة العمل الجماعي داخل المؤسّسات بصورة عامّة، وهي طمس الأنا وسحقها واضمحلال الإثرة وحبّ الذات والغرور رغم كونها حالة طبيعية موجودة في تركيبة الإنسان، فإنّ حبّ الذات الصحي يختلف عن الأنانية المريضة التي ترتكز على نبذ الآخرين، فهي مرض خطير حين تخرج عن حدودها المألوفة لحبّ الذات، وهي قد تؤدّي إلى نجاح في العمل وسعادة للفرد، لكنّهما نجاح محتمل ربما يؤدي إلى الهلاك وسعادة مؤقتة، إذا ما قيس ذلك بالعمل الجماعي فإنّه قوة يحسب لها حسابها.

ولا شكّ أنّه إذا تفشّت الأنانية في المؤسسات أصبح هدفها الأول والأخير هو الأخذ دون العطاء والاستهلاك دون النتاج، وهذا انحراف عن المسيرة الرائدة التي تطمح جميع المؤسسات القرآنية بلوغها.

لذا كان من أهمّ الإيجابيات في العمل الجماعي هو القضاء على التكتّل الفردي والاستئثار بالمقررات ووضع الخطط والبرامج وجدولة الأعمال التي تصبّ في مصلحة فئة أو جماعة دون غيرهم.

وهنا نؤكّد على الارتباط بين العمل الجماعي ونظم الأمور، فإنّه لابد للعمل المثمر من التنظيم، ولا يكفي أن يكون جماعياً دون أن يكون منظّماً، والتنظيم معناه وجود القيادة والإدارة المسؤولة والقاعدة الميدانية المنفذة والنظام الأساسي الذي ينظم العلاقة بين هذه القيادة وتلك القاعدة، ويحدد لكلٍّ مسؤولياته وجميع ما تحتاج إليه المؤسسة في إدارة أجهزتها.

النقطة الثالثة: تشكيل الهيئات الإدارية والعلمية

تعدّ المؤسّسات القرآنية من أهمّ المصادر الفاعلة في تطوير المعارف العلمية وتحقيق التنمية المجتمعية، لاسيّما وهي تسير في طريق الثقافة القرآنية. ولكي نضمن نجاح هذه المسيرة وامتدادها إلى جميع فئات المجتمع وشرائحه من خلال العمل الجماعي المبتني على النظم الصحيحة، لابدّ من إقرار حقيقة ثالثة مكمّلة لهما؛ مهمتها الأساسية السيطرة على مسيرة هذه الحركة الثقافية وفق ما هو المرسوم لها في المنهج الصحيح.

وذلك من خلال إعداد وتشكيل مجموعة من الهيئات الإدارية والعلمية المتكوّنة من الخبرات المهنية، فإنّ كلَّ مؤسسة تسعى إلى تحقيق أهداف خاصّة بها من خلال تنظيم المهن وتطويرها، ولكي تبلغ هذه الأهداف وتقوم بتقديم الخدمات المرجوة منها المساهمة في عملية بناء الثقافة والمعرفة، لابد لها من استقطاب الموارد البشرية ذات الاختصاصات وردفها بالتجهيزات بكافة أنواعها؛ لأجل تشكيل هيئات داخل المؤسسة تسهم في إنشاء وإعداد الخطط والبرامج الثقافية ومتابعة تنفيذها، والنظر في سياسات التنمية الإدارية في مجالات إعداد وتطوير وترشيد الهياكل التنظيمية والوظيفية وتحديد الاحتياجات اللازمة لها كمّاً ونوعاً؛ حتى يتمّ من خلال ذلك وضع الرجل المناسب في المكان المناسب على مستوى جميع وحدات الجهازين الإداري والعلمي.

كما أنّ مدّ الجسور وأواصر التنمية مع باقي المؤسسات الخدمية والثقافية من أجل تبادل المنافع والتوسع في الساحة لسدّ الثغرات وملأ الفراغات وإشغال الأماكن الشاغرة، هو الآخر أمر تتكفّله مثل هذه الهيئات.

وفقكم الله ورعاكم وسدد في سبيل الإسلام والمسلمين خطاكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                                       

 

                                                              أخوكم

                                                          عبدالجليل المكراني

                                                 دار السيدة رقية عليها السلام للقرآن الكريم

                                                            18  / من ذي الحجة/ 1434))

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1714
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29