• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر) ، تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي .
                    • الموضوع : سورة الفلق .

سورة الفلق

113 - سورة الفلق

مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك هي مدنية، وهي خمس آيات بلا خلاف

بسم الله الرحمن الرحيم

(قلو أعوذ برب الفلق(1) من شر ما خلق(2) ومن شر غاسق إذا وقب(3) ومن شر النفاثات في العقد(4) ومن شر حاسد إذا حسد(5))

خمس آيات.

روى فتيبة إمالة (حاسد) هذا أمر من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه واله ومتوجه إلى جميع الخلق المكلفين بان يستعيذوا من شر ما خلق، فالفلق الصبح - في قول ابن عباس والحسن وسعيد ابن جبير وجابر ومجاهد وقتادة وابن زيد - وفي رواية عن ابن عباس: إن الفلق الخلق.

[433]

وقال قوم من أهل اللغة: الفلق الخلق، لانه مفلوق.

ومنه (فالق الاصباح)(1) و (فالق الحب والنوى)(2) وقيل للداهية فلقة، لانها تفلق الظهر وأصل الفلق الفرق الواسع من قولهم: فلق رأسه بالسيف يفلقه فلقا إذا فرقه فرقا واسعا.

ويقال: أبين من فلق الصبح، لان عموده ينفلق بالضياء عن وفرق الصبح الظلام. وقيل له فجر لا نفجاره بذهاب ظلامه.

وقوله (من شر ما خلق) عام في جميع ما خلقه الله فأنه ينبغي أن يستعاذ من شره ممن يجوز أن يحصل منه الشر، وقيل: المراد من شر الاشياء التي خلقها مثل السباع والهوام والشياطين وغير ذلك.

وقوله (ومن شر غاسق إذا وقب) قال ابن عباس والحسن ومجاهد: من شر الليل إذا دخل بظلامه، وقيل: الغاسق كل هاجم بضرر كائنا ما كان، فالغاسق في اللغة هو الهاجم بضرره، وهو هنا الليل، لانه يخرج السباع من آجامها والهوام من مكامنها، وأصله الجريان بالضرر من قولهم: غسقت القرحة إذا جرى صديدها. والغساق صديد أهل النار لسيلانه بالعذاب، وغسقت عينه غسقانا إذا جرى دمعها بالضرر في الخلق، والليل غاسق لجريانه بالضرر في اخراج السباع وقال كعب: الغسق بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره، ومعنى (وقب) دخل، وقب يقب وقوبا إذا دخل. ومنه الوقبة النقرة، لانه يدخل فيها.

وقوله (ومن شر النفاثات في العقد) قال الحسن وقتادة: يعني السحرة الذين كل ما عقدوا عقدا نفثوا فيه، وهو شبيه بالنفخ، فأما الثفل فنفخ بريق،

___________________________________

(1، 2) سورة 6 الانعام آية 95 - 96

[434]

فهذا الفرق بين النفث والتفل، قال الفرزدق:

هما نفثا في في من فمويهما * على النابح العاوي أشد رجام(1)

وقيل في شر النفاثات قولان: أحدهما - إيهامهم أنهم يمرضون ويعافون، ويجوز ذلك مما يخيل رأي الانسان من غير حقيقة لما يدعون من الحيلة بالاطعمة الضارة والامور المفسدة. الثاني - أنه بضرب من خدمة الجن يمتحن الله تعالى بتخليتهم بعض الناس دون بعض. ولا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه واله سحر على ما رواه القصاص الجهال، لان من يوصف بأنه مسحور، فقد خبل عقله.

وقد أنكر الله تعالى ذلك في قوله (وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا)(2) ولكن قد يجوز أن يكون بعض اليهود اجتهد في ذلك فلم يقدر عليه، فأطلع الله نبيه على ما فعله حتى استخرج ما فعلوه من التمويه، وكان دلالة على صدقه ومعجزة له.

وقوله (ومن شر حاسد إذا حسد) فالحاسد هوالذي يتمنى زوال النعمة عن صاحبها، وإن لم يردها لنفسه. والغبطة أن يريد من النعمة لنفسه مثل ما لصاحبه وأن لم يرد زوالها عنه، فالغبطة محمودة والحسد مذموم. وفي السورة ما يستدفع به الشرور باذن الله على تلاوة ذلك بالاخلاص فيه، والاتباع لامر اله. وكان النبي صلى الله عليه واله كثيرا ما يعوذ به الحسن والحسين وبهاتين السورتين. وقيل إن اللواتي سحرن النبي صلى الله عليه واله بنات لبيد بن أعضم اليهودي، سحر نه في أحدى عشرة عقدة، فأنزل الله تعالى السورتين، وهما أحدى عشرة آية فحل بكل آية عقدة.

___________________________________

(1) ديوانه 771 (نشر الصاوى).

(2) سورة 17 الاسرى آية 47 وسورة 25 الفرقان آية 8

[435]

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1367
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19